السحور فى دين الله
السحور فى المعنى المعروف هو :
وجبة الطعام الأخيرة فى كل ليلة من رمضان وكلمة السحر فى كتب اللغة تطلق إطلاقا خاطئا على أخر الليل أو الثلث الأخير من الليل ويستعملها الفقهاء بنفس المعنى الخاطىء ومعناها الصحيح وقت الصحو من الليل وهو قد يكون فى أى وقت من الليل وطبقا لقوله سبحانه :
"إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ"
وعليه فالمسلمين ينامون فى أخر الليل فى الثلث الأخير إذا قاموا ثلثى الليل وينامون نصفه الأخير إذا قاموا النصف الأول وينامون الثلثين إذا قاموا الثلث الأول وهو الأمر العادى
وقد رويت فى السحور روايات متعددة ليس فيها أى دليل على أن السحور يكون فى ثلث الليل الأخير ومنها :
1-روى أنسٌ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليْه وسلّم قال:
"تسحّروا فإنّ في السّحور بركةً "
فالتسحر هنا معناه الطعام وتناوله ومعنى الرواية صائب فالبركة وهى الفائدة أنه هذا الطعام يعين المسلم فى أداء عمله بالنهار
2-عنْ عمْرو بْن الْعاص رضي اللّه عنْه عن النّبيّ صلّى اللّه عليْه وسلّم أنّه قال: فصْل ما بيْن صيامنا وصيام أهْل الْكتاب أكْلة السّحر "
وأكلة السحر هنا تعنى أكلة الليل والرواية عيبها حيث لم يقلها النبى(ص) هو وجود فارق بين صيام المسلمين فى عهد خاتم النبيين(ص) والعصور قبله وهو ما يكذبه قوله سبحانه :
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"
فأحكام الصوم واحدة فى كل رسالات الوحى
3-قال رسول الله :
اسْتعينوا بطعام السّحر على صيام النّهار وبالْقيْلولة على قيام اللّيْل "
هنا طعام السحر هو طعام الليل والرواية معناها صائب
4-عنْ أبي سعيدٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليْه وسلّم:
السّحور أكْله بركةٌ فلا تدعوه ولوْ أنْ يجْرع أحدكمْ جرْعةً منْ ماءٍ فإنّ اللّه وملائكته يصلّون على الْمتسحّرين "
السحور هنا الطعام والرواية بينة العوار لم يقلها الرسول(ص) فالملائكة لا تصلى على المتسحرين وحدهم وإنما تصلى على كل المؤمنين كما قال سبحانه :
"الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا"
5-روى أبو هريْرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليْه وسلّم قال:
نعْم سحور الْمؤْمن التّمْر "
هنا معنى سحور طعام
والرواية بينة العوار فالمسلمون لا يأكلون التمر وحده ليلا وإنما يأكلون أطعمة مختلفة
6-قال رسول الله صلّى اللّه عليْه وسلّم:
لا تزال أمّتي بخيْرٍ ما أخّروا السّحور وعجّلوا الْفطْر"
وتبدو الرواية فى وضعها الفطر مقابل السحور معيبة لأن مقابل الفطر وهو الأكل ليس الأكل ليلا وإنما الصوم ومن ثم لم يقلها النبى (ص)فلا وجود للتعجيل ولا للتأخير فالواجب هو الارتباط فى الأكل بوقت بداية الظلام فى الفطر وعدمه بوقت بداية النهار
وقد اختلف أهل الفقه فى وقت السحور إلى فرق :
الأول قال :
وقْت السّحور ما بيْن نصْف اللّيْل الأْخير إلى طلوع الْفجْر
الثانى قال :
هو ما بيْن السّدس الأْخير وطلوع الْفجْر.
والسحور كتشريع يعارض كتاب الله فقد أباح الأكل فى كل وقت من الليل دون إسراف حيث قال سبحانه :
"وكلوا واشْربوا حتّى يتبيّن لكم الْخيْط الأْبْيض من الْخيْط الأْسْود من الْفجْر"
ومن ثم لا يوجد ما يحدد موعد للسحور من الليل فمتى جاع المسلم فى الليل أكل
ولكن من أجل نفع المسلم يفضل أن يأكل قبل طلوع النهار وهو الفجر بساعة حيث يكون ذلك مقوى له على العمل الوظيفى فى الصباح للرجال ولعمل البيت للنساء
وفى الروايات لم يكن هناك ما نسميه حاليا بالمسحراتى الذى يلف الشوارع ويدق الطبلة أو يضرب على صفيحة او طبق أو ينفخ فى مزمار أو ينادى على الناس ليصحوا ليلا وإنما كان السحور عن طريق آذان حسب الروايات يقوم به بلال فى وقت معين من الليل قبل طلوع الفجر بساعات قليلة
وهو قول الرواية :
"أنَّ بلالًا يُؤذِّنُ بلَيلٍ؛ لِيَرجِعَ قائِمَكم، ويُوقَظَ نائِمُكم، فكُلوا واشْرَبوا حتى تَسمَعوا أذانَ ابنِ أُمِّ مَكتومٍ.»
ومن ثم يمكن إيقاظ أهل البلدة عن طريق صوت ينطلق من المساجد فى وقت واحد وهو قبل ساعة من طلوع النهار حيث يؤذن المؤذن طالبا من الناس التيقظ للسحور
وحاليا يمكن ضبط الساعة فى المحمولات والجوالات لكى توقظ أهل البيت وكان منبه ساعة البيت يفعل هذه الوظيفة فى العقود والقرون السابقة
والأفضل هو:
وجود تنبيه عام فى بلاد المسلمين بشىء غير مزعج قبل ساعة من الفجر وهو طلوع النهار الذى يكون بانتشار ضوء النهار وهو الخيط الأبيض وذهاب الظلمة وهو الخيط الاسود كما قال سبحانه :
"وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ"
وهناك مسألة تسمى :
تحرى وقت الفجر للسحور وهو كلام غير معقول لأن من ينتظر نور النهار وظلام الليل سيمر وقته فى الانتظار ولا يقدر على الأكل ومن ثم يجب أن يكون هناك شىء يوقظ المسلم للأكل قبل طلوع النهار
والمسألة الأخرى وهى :
السحور وقت الشك تشبه التحرى وهو الأكل فى الفترة بين الليل والنهار وهو ما لا يعقل فلابد ان يكون الأكل ليلا وليس فى وقت يحسب أنه من النهار وهو وقت الشك
وعليه يجب على الكل أن يجعل له موقظ وقد سهل الله للناس وسائلا متعددة منها :
المنبهات الوقتية
المنبهات فى المحمولات
مكبر صوت واحد يؤذن فيه بالسحور قبل ساعة من طلوع النهار وهذا الوقت يعرف من نتائج الوقت التى تسمى التقاويم واستخدام المكبر فى هذا الوقت لن يزعج النائمين لأنهم غالبا يصحون فى تلك الفترة استعدادا لعمل افطار الصباح والذهاب لأعمالهم فى البكور