حديث: لو لا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها
عن أنس رضي الله عنه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بتمرةٍ في الطريق، فقال: ((لو لا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتُها))؛ متفق عليه.
المفردات:
اللُّقَطة: قال الحافظ في الفتح: واللُّقَطة الشيءُ الذي يُلتَقط، وهو بضم اللام وفتح القاف على المشهور عند أهل اللغة والمحدِّثين، وقال عياض: لا يجوز غيره، وقال الزمخشري في الفائق: اللُّقَطة بفتح القاف، والعامَّة تُسكِّنها؛ كذا قال، وقد جزم الخليل بأنها بالسكون، قال: وأمَّا بالفتح، فهو اللاقط، وقال الأزهري: هذا الذي قاله هو القياس، ولكن الذي سُمِع من العرب وأجمع عليه أهل اللغة والحديثِ، الفتحُ؛ اهـ.
بتمرة في الطريق؛ أي: بتمرة ساقطة على الأرض في ممرِّ الناس.
فقال؛ أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخاف؛ أي: أخشى.
أن تكون من الصدقة؛ أي: أن تكون هذه التمرةُ الساقطة على الأرض من تمر الصدقة، والصدقة لا تحلُّ لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، ولا لآل محمد عليه السلام.
البحث:
عَنْوَن البخاري رحمه الله لهذا الحديث بقوله: باب إذا وجد تمرةً في الطريق، وساقه، ثم ساق من حديث أبي هريرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إني لأنقلِب إلى أهلي، فأجد التمرةَ ساقطة على فراشي، فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقةً فأُلقِيها)).
وحديث أنس رضي الله عنه ظاهرٌ في أن التمرة إذا وجدت في الطريق جاز التقاطُها وأكلها، وأنها لا تحتاج إلى تعريفٍ، وكذلك سائر المحقَّرات، وقد أُثِر عن عمر رضي الله عنه أنه وجد رجلًا يُنادي: يا مَن سقطت له لوزة، أو جوزة في الطريق؟ فقال له عمر رضي الله عنه: كُلْها يا صاحبَ الوَرَع الكاذب.
أما حديث أبي هريرة، فقد نصَّ على أنه صلى الله عليه وسلم يجد التمرة ساقطةً على فراشه، ومثل هذه لا تكون مِن باب اللقطة، ولكنها تُشعِر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتكبَّر أن يأكل تمرةً ساقطةً، وإنما يتركها مخافةَ أن تكون من الصدقة، وهي لا تحل له صلى الله عليه وسلم.
وقد روى ابنُ أبي شيبة عن ميمونةَ زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها وجدت تمرةً فأكلتها، وقالت: لا يحبُّ الله الفساد؛ قال الحافظ في الفتح: تعني أنها لو تُركت فلم تُؤخذ فتؤكل فسَدت.
ما يفيده الحديث:
1- جواز التقاط التمرة ونحوها من الطريق وأكلها دون حاجه إلى تعريف.
2- أنه لا عيب على مَن وجد تمرة ونحوها في الطريق فأكلها.
3- أنه لا يجوز تضييعُ المال مهما كان.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|