قصة مقتل الأسود المخزومي يوم بدر
اعتداء المشركين وبدء القتال:
خرج الأسود بن عبد الأسد المخزومي، وكان رجلاً شرساً سيئ الخلق، فقال: أعاهد الله، لأشربن من حوضهم، أو لأهدمنّه، أو لأموتن دونه، فلما خرج، خرج إليه حمزة بن عبدالمطلب - رضي الله عنه - فلما التقيا ضربه حمزة فأطن[1] قدمه بنصف ساقه، وهو دون الحوض، فوقع على ظهره تشخب[2] رجله دماً، نحو أصحابه، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه، يريد: زعم أن يبر يمينه، واتبعه حمزة، فضربه حتى قتله في الحوض[3].
ثم أقبل نفر من قريش حتى وردوا حوض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيهم حكيم بن حزام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعوهم"، فما شرب منه رجل يومئذ إلا قُتل، إلا ما كان من حكيم بن حزام، فإنه لم يُقتل، ثم أسلم بعد ذلك فحسن إسلامه، فكان إذا اجتهد في يمينه قال: لا والذي نجاني من يوم بدر[4].
وكان قتل الأسود بن عبد الأسد أول قتلٍ أشعل نار المعركة.
توجيهات القائد - صلى الله عليه وسلم - لجنوده:
لقد كانت خطة النبي - صلى الله عليه وسلم - في القتال أن يكسر أصحابه هجمات المشركين، وهم مرابطون في مواقعهم، وقال: "إن اكتنفكم القوم فانضحوهم عنكم بالنبل، ولا تحملوا عليهم حتى تؤذنوا"[5].
روى البخاري في صحيحه من حديث أبي أسيد- رضي الله عنه - قال: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: "إذا أكثبوكم[6] فارموهم، واستبقوا نبلكم"[7]. وفي سنن أبي داود من حديث أبي أسيد الساعدي قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: "إذا أكثبوكم فارموهم بالنبل، ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم"[8].
قال الحافظ في الفتح: قوله: "فارموهم، واستبقوا نبلكم"، بسكون الموحدة، فعل أمر بالاستبقاء، أي طلب الإبقاء، قال الداودي: معنى قوله: "ارموهم"، أي بالحجارة؛ لأنها لا تكاد تخطئ، إذا رمى بها في الجماعة، قال: ومعنى قوله: "استبقوا نبلكم" أي إلى أن تحصل المصادمة، كذا قال، وقال غيره: المعنى: ارموهم ببعض نبلكم لا بجميعها، والذي يظهر لي أن معنى قوله: "واستبقوا نبلكم" لا يتعلق بقوله: "ارموهم"، وإنما هو كالبيان للمراد بالأمر بتأخير الرمي حتى يقربوا منهم، أي إذا كانوا بعيداً لا تصيبهم السهام غالباً، فالمعنى استبقوا نبلكم في الحالة التي إذا رميتم بها لا تصيب غالباً، وإذا صاروا إلى الحالة التي يمكن فيها الإصابة غالباً فارموا[9]. اهـ
قال خفاف بن إيماء: فرأيت أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر، وقد تصاف الناس وتزاحفوا، فرأيت أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يسلون السيوف، وقد أنبضوا القسي[10] وقد ترس بعضهم عن بعض بصفوف متقاربة، لا فرج بينها، والآخرون قد سلوا السيوف حين طلعوا. فعجبت من ذلك، فسألت بعد ذلك رجلاً من المهاجرين فقال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا نسل السيوف حتى يغشونا[11].
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|