شرح حديث: أنا أول الناس يشفع في الجنة
• عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ يَشْفَعُ فِي الْجَنَّةِ، وَأَنَا أَكْثَرُ الأَنْبِيَاءِ تَبَعاً" رواه مسلم.
• وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ. فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لاَ أَفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ" رواه مسلم.
ترجمة راوي الحديثين:
أنس بن مالك رضي الله عنه، تقدمت ترجمته في الحديث الثالث من كتاب الإيمان.
تخريج الحديثين:
الحديثان رواهما مسلم حديث " 196"، " 197" وانفرد بهما عن البخاري.
شرح ألفاظ الحديثين:
" وَأَنَا أَكْثَرُ الأَنْبِيَاءِ تَبَعاً ": جمع تابع أي أكثرهم أتباعاً يوم القيامة، لأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ثلثا أهل الجنة.
" فَأَسْتَفْتِحُ ": أي أطلب فتح باب الجنة بطرقه وقرعه كما في رواية مسلم الأخرى" أنا أول من يقرع باب الجنة"
من فوائد الحديثين:
• الفائدة الأولى: قول النبي صلى الله عليه وسلم:" أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ يَشْفَعُ فِي الْجَنَّةِ" فيه دلالة على فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الأولية واختلف في المقصود بهذه الشفاعة:
فقيل: أول شافع للناس في دخول الجنة.
وقيل: أول شافع في الجنة لرفع درجات الناس فيها. والقول الأول أرجح ويشهد له حديث أنس رضي الله عنه الذي يليه" آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَأَسْتَفْتِحُ. فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ. فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لاَ أَفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ" واختاره القرطبي [انظر المفهم (1 /453)]، وشفاعته صلى الله عليه وسلم للناس بدخول الجنة هي إحدى الشفاعات الخاصة – وتقدم بيانها- وهي ثلاث شفاعات:
الأولى: الشفاعة العظمى وتقدمت أحاديثها والكلام عليها.
الثانية: شفاعته بدخول أهل الجنة الجنة كما في حديثي الباب.
الثالثة: شفاعته في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب وسيأتي قريباً الكلام عليه.
أما غيرها من الشفاعات كالشفاعة في خروج الموحدين من النار والشفاعة فيمن استحق النار ألا يدخلها، والشفاعة في رفع درجات أقوام من أهل الجنة فهي شفاعات ليست خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم بل لسائر الأنبياء والصديقين والمؤمنين.
• الفائدة الثانية: الحديثان يدلان على أن أول من يدخل الجنة هو محمد صلى الله عليه وسلم، وأول من يدخلها من الأمم أمته صلى الله عليه وسلم ويشهد لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:" نحن الأخرون الأولون يوم القيامة، نحن أول الناس دخولاً الجنة" متفق عليه وفي هذا دليل على فضل هذه الأمة.
• الفائدة الثالثة: قوله صلى الله عليه وسلم:" أَنَا أَكْثَرُ الأَنْبِيَاءِ تَبَعاً "فيه دلالة على كثرة أتباع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على جميع الأنبياء، وكثرة الأتباع يوم القيامة توجب أفضلية المتبوع.
• الفائدة الرابعة: قوله صلى الله عليه وسلم" آتِي بَابَ الْجَنَّةِ " فيه إثبات الجنة، وأن لها أبواباً، وقد دلّ الكتاب على ذلك كما دلت السنة، قال تعالى:﴿ جَنّاتِ عَدنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبوابُ ﴾ [سورة ص: 50، وقال:﴿ وَالمَلائِكَةُ يَدخُلونَ عَلَيهِم مِن كُلِّ بابٍ ﴾ [سورة الرعد: 23]، وسيأتي في كتاب الزكاة حديث " من أنفق زوجين في سبيل الله" وفيه عدد أبواب الجنة وأسمائها.
• الفائدة الخامسة: قوله: " فَأَسْتَفْتِحُ " دليل على أن أبواب الجنة مغلقة.
قال ابن القيم رحمه الله:" وأما الجنة فإنها دار الله ودار كرامته ومحل خواصه وأوليائه، فإذا انتهوا إليها صادفوا أبوابها مغلقة فيرغبون إلى صاحبها ومالكها أن يفتحها لهم ويستشفعون إليه" [حادي الأرواح (1 /52)].
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أبوابها تفتح في رمضان وفي يوم الإثنين والخميس، ففي الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة..." وفي صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم:" تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس".
• الفائدة السادسة: قوله صلى الله عليه وسلم " فَيَقُولُ الْخَازِنُ مَنْ أَنْتَ؟ " فيه دلالة على أن للجنة من الملائكة خازناً، وفيه دلالة على أن الملائكة لا تعلم الغيب، وفيه دلالة على أن من أدب المستأذن إذا قيل له من أنت؟ أن يذكر اسمه.
مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان)
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|