أسواق النفط تستبعد فرصا إيجابية وسط بيانات مخيبة للآمال في أمريكا وأوروبا
اتسعت الضغوط الهبوطية على أسعار النفط الخام وسط مخاوف بشأن تراجع الطلب. ويستمر خام برنت في الانخفاض مع تزايد المخاوف بشأن توقعات الاقتصاد العالمي في الأسابيع الأخيرة. وسجل الخام بالفعل أدنى مستوى له في شهر أكتوبر الماضي.
وقال لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون، إن الرسالة المتشددة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إضافة إلى سلسلة من البيانات الأساسية المخيبة للآمال من الولايات المتحدة، أثرت في معنويات السوق النفطية مع استبعاد فرص إيجابية في الوقت القريب.
وذكر المحللون أن النمو العالمي استمر أيضا في التباطؤ خاصة في أوروبا، حيث يبدو، كما لو أن الربع الثالث قد أحدث انكماشا، إضافة إلى توقعات الاحتياطي الفيدرالي الخاصة بالربع الرابع، التي تم تعديلها هبوطيا بشكل حاد إلى مستويات تبلغ نحو 1.2 في المائة بانخفاض عن الأرقام التي كانت تبلغ نحو 4 في المائة سابقا. وأشاروا إلى أن أسعار النفط الخام تتلقى دعما مع الخفض الطوعي للسعودية وروسيا حتى نهاية 2023.
وفي هذا الإطار، ذكر سيفين شيميل، مدير شركة "في جي أندستري" الألمانية، أن أسعار النفط الخام تستمر في تذبذباتها الناجمة عن حالة عدم اليقين وقد تلقت دعما أخيرا من احتمال تمديد تخفيضات إنتاج النفط الخام في "أوبك+" حتى 2024، مبينا أن بالنظر إلى علامات الضعف التي ظهرت في الولايات المتحدة وأغلب أوروبا -بيانات مؤشر مديري المشتريات الأخيرة- فإن هناك فرصة حقيقية لتمديد التخفيضات الطوعية حتى الربع الأول من 2024.
ولفت إلى استمرار "أوبك+" في جهودها من أجل تحقيق هدفها وهو الحفاظ على استقرار الأسعار وتوازن السوق النفطية، وبالتالي قد تكون هناك حاجة إلى إجراء مزيد من التخفيضات الإنتاجية في 2024 وتحديدا إذا تباطأ الطلب والنمو العالمي.
من جانبه، قال روبين نوبل، مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، إن الاتجاه إلى تخفيف العقوبات الأمريكية على إنتاج النفط في فنزويلا يتبلور بقوة، حيث تجري الحكومة الفنزويلية مناقشات مع شركات حقول النفط لإنعاش الإنتاج رغم أن رفع العقوبات لن يكون له تأثير مادي في الأسواق.
وأوضح أن نقص صيانة البنية التحتية قد ترك السلطات الفنزويلية في مأزق، مبينا أنه استنادا إلى بيانات عدد منصات الحفر الأخيرة من شركة "بيكر هيوز" تمتلك فنزويلا منصة حفر واحدة نشطة فقط من بين 80 منصة كانت نشطة في 2014، ما يقلل من فرص التوسع السريع في الإنتاج، حيث لن يكون للإنتاج الفنزويلي تأثير كبير في إمدادات النفط.
من ناحيته، ذكر ماركوس كروج، كبير محللي شركة "أيه كنترول"، لأبحاث النفط والغاز، أن هناك عديد من الأخطار المستقبلية المؤثرة في أسعار النفط ومن أبرزها بيانات الاستيراد والتصدير الصينية التي تتم مراقبتها عن كثب لقياس ما إذا كان الاقتصاد يتحرك في الاتجاه الصحيح، كما ستكون الصادرات حاسمة أيضا، وستشير إلى صحة الاقتصاد العالمي، نظرا لأهمية سوق التصدير الصينية من حيث التجارة العالمية.
ولفت إلى أنه رغم طبيعة الاقتصاد الصيني صعودا وهبوطا عام 2023، فقد تجاوزت مشتريات النفط والطلب عليه السقف، حيث يتطلع الصينيون إلى إعادة بناء وتجديد مخزوناتهم، مبينا أن هذا يعني أن أي انخفاض في الطلب لم يتم الشعور به بعد، ولكن ربما يتم الشعور به بمجرد شعور الصينيين بالارتياح تجاه مستويات مخزوناتهم، لافتا إلى أنه في حالة انخفاض الطلب سيؤدي ذلك إلى انخفاض أسعار النفط.
بدورها، قالت نايلا هنجستلر، مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، "رغم أن السفر إلى الخارج في الصين يتعافى تدريجيا إلا أنه لم يتجاوز بعد مستويات ما قبل الوباء، حيث أصبح المسافرون حذرين وسط التباطؤ الاقتصادي، ما دفع دول جنوب شرق آسيا إلى التطلع نحو الهند في محاولة لتنشيط السياحة العالمية".
وأفادت بأن الوضع الراهن في الشرق الأوسط يتسبب في مخاوف من اضطراب وضع الإمدادات النفطية وسط احتمالات باتساع الصراع.
وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط أمس متخليا عن معظم مكاسب اليوم السابق. وخلال التعاملات أمس، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 23 سنتا، بما يعادل 0.3 في المائة، إلى 84.95 دولار للبرميل، في حين نزل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 23 سنتا أو 0.3 في المائة إلى 80.59 دولار للبرميل.
وارتفع الخامان القياسيان نحو 30 سنتا الإثنين بعد أن أكدت السعودية وروسيا، أكبر مصدرين للنفط في العالم، التزامهما بتخفيضات طوعية إضافية في إمدادات النفط حتى نهاية العام. وبحسب "رويترز"، قال توشيتاكا تازاوا، المحلل في فوجيتومي سيكيوريتيز "أسعار النفط تلقت دعما من تمديد السعودية وروسيا خفض الإنتاج في اليوم السابق، لكن اهتمام المستثمرين تحول إلى الطلب، خاصة في الصين"، مشيرا إلى أن كل الأنظار تتجه نحو البيانات الواردة من بكين هذا الأسبوع. ومن المقرر صدور بيانات أسعار المستهلكين الرئيسة غدا الخميس. وقال تازاوا إن الاتجاه قد يتغير بشكل كبير إذا أصبح الوضع في الشرق الأوسط أكثر توترا.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 88.86 دولار للبرميل الإثنين مقابل 89.78 دولارا للبرميل فى اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس أن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول انخفاض عقب ارتفاعات سابقة، وأن السلة خسرت نحو دولارين، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 91.10 دولار للبرميل.