حديث: إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء. رواه أحمد وأبو داود وفي إسناده ضعف.
المفردات:
إذا رميتم: أي جمرة العقبة يوم النحر بعد النزول من مزدلفة.
حل لكم الطيب: أي أبيح لكم أن تتطيبوا بأي نوع من الطيب الذي كان محرمًا عليكم وقت الإحرام.
وكل شيء: أي من لبس القميص والعمامة والخف وسائر المخيط والمحيط وغير ذلك مما كان محرمًا عليكم وقت الإحرام.
إلا النساء: أي إلا قربان الزوجات.
البحث:
هذا الحديث رواه أبو داود من طريق الحجاج عن الزهري عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رمى أحدكم جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء. قال أبو داود: هذا حديث ضعيف، الحجاج لم ير الزهري ولم يسمع منه. اهـ، وأشار الحافظ في تلخيص الحبير إلى أنه قد رواه أحمد وأبو داود والدارقطني والبيهقي لكن قال الحافظ: من حديث الحجاج بن أرطأة عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة مرفوعًا: إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب والثياب وكل شيء إلا النساء. لفظ أحمد، ولأبي داود: إذا رمى أحدكم جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء. وفي رواية للدارقطني إذا رميتم وحلقتم وذبحتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء. ومداره على الحجاج وهو ضعيف ومدلس، وقال البيهقي: إنه من تخليطاته. اهـ، وقد علمت أن سند أبي داود من طريق الحجاج عن الزهري، قال البيهقي: وقد روي هذا في حديث لأم سلمة مع حكم آخر لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال به قال الحافظ في التخليص: وأشار بذلك إلى ما رواه أبو داود والحاكم والبيهقي من طريق محمد بن إسحاق حدثني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه عن أمه زينب عن أم سلمة قالت: كانت الليلة التي يدور إلي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مساء ليلة النحر, فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي فدخل علي وهب بن زمعة ورجل من بني أمية متقمصين فقال لهما: أفضتما؟ قالا: لا، قال: فانزعا قميصكما فنزعاه, فقال وهب: ولم يا رسول الله؟ فقال: هذا يوم رخص فيه لكم إذا رميتم الجمرة ونحرتم الهدي إن كان لكم، فقد حللتم من كل شيء حرمتم منه إلا النساء، حتى تطوفوا بالبيت، فإذا أمسيتم ولم تفيضوا صرتم حرمًا كما كنتم أول مرة حتى تفيضوا بالبيت. قال البيهقي: لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بهذا الحديث. اهـ، قلت: وقد حاول بعض دعاة الشذوذ في عصرنا أن يحملوا الناس على هذا الأمر ويفرضوا على من لم يطف بالبيت يوم النحر أن يعود محرمًا كما كان بعد أن تحلل حتى يطوف بالبيت، وقد تقدم في بحث الحديث رقم (17) من هذا الباب ما رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني عندها. ولا شك أنه لم يثبت أن ليلة أول يوم من أيام التشريق لم تكن لأم سلمة رضي الله عنها ولعل هذا من أهم ما حمل جميع الفقهاء وأهل العلم على عدم العمل به.
هذا وقد نقل الإجماع على أن من رمى جمرة العقبة وحلق فقد حل له كل شيء إلا النساء، وأهل العلم يقولون: إن رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير والطواف بالبيت يحل للمحرم كل شيء كان محرمًا عليه بالإحرام حتى النساء. وأنه إذا فعل اثنين منها فقد حل له كل شيء إلا النساء فلو رمى الجمرة وطاف أو طاف وحلق أو قصر أو رمى الجمرة وحلق أو قصر حل له كل شيء إلا النساء فيجوز له إذا طاف ورمى أن يلبس ثيابه قبل الحلق أو التقصير ويتطيب ثم يفعل النسك الثالث لتحل له زوجته ولو طاف وحلق أو قصر جاز له أن يلبس ثيابه ويتطيب ثم يرمي الجمرة وهو لابس ثيابه من المخيط أو المحيط أو العمامة والخف لكنه لا يقرب زوجته إلا بعد أن يفعل النسك الثالث وهو رمي الجمرة. أما النحر فلا يتعلق به التحلل. وقد تقدم في الحديث الخامس من باب الإحرام وما يتعلق به أن عائشة رضي الله عنها كانت تطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يطوف بالبيت. والله أعلم.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|