الخليل عليه السلام (10) ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْن - منتديات احساس ناي

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 350
عدد  مرات الظهور : 10,063,509
عدد مرات النقر : 332
عدد  مرات الظهور : 10,063,506
عدد مرات النقر : 227
عدد  مرات الظهور : 10,063,545
عدد مرات النقر : 177
عدد  مرات الظهور : 10,063,545
عدد مرات النقر : 328
عدد  مرات الظهور : 10,063,545

عدد مرات النقر : 26
عدد  مرات الظهور : 3,581,664

عدد مرات النقر : 55
عدد  مرات الظهور : 3,576,253

عدد مرات النقر : 22
عدد  مرات الظهور : 3,576,777

العودة   منتديات احساس ناي > ๑۩۞۩๑{ القسم الاسلامي }๑۩۞۩๑ > › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪•

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 03-19-2024, 11:17 AM
حكاية ناي ♔ متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » يوم أمس (08:00 PM)
آبدآعاتي » 3,720,567
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2265
الاعجابات المُرسلة » 799
مَزآجِي   :  08
?? ??? ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
 آوسِمتي »
 
افتراضي الخليل عليه السلام (10) ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْن

Facebook Twitter


﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً



الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ، الْوَلِيِّ الْحَمِيدِ؛ وَفَّقَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ لِلْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ فَكَانُوا مِنَ الْفَائِزِينَ، وَضَلَّ عَنْ هُدَاهُ مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الشَّقَاءُ فَكَانُوا مِنَ الْخَاسِرِينَ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ دَلَّ خَلْقَهُ بِآيَاتِهِ عَلَيْهِ، وَدَعَاهُمْ بِوَحْيِهِ إِلَيْهِ، وَأَمْهَلَهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ، وَيَجْزِيهِمْ فِي أُخْرَاهُمْ ﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الْكَهْفِ: 49]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ؛ أَمَرَهُ رَبُّهُ بِاتِّبَاعِ مِلَّةِ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ؛ فَدَعَا إِلَيْهَا وَجَدَّدَهَا، وَقَاتَلَ الْمُشْرِكِينَ عَلَيْهَا، وَقَضَى حَيَاتَهُ فِي بَلَاغِهَا وَبَيَانِهَا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَالْزَمُوا دِينَهُ وَلَا تُضَيِّعُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِشَرْعِهِ وَلَا تُفْلِتُوهُ، وَاقْرَؤُوا كِتَابَهُ وَلَا تَهْجُرُوهُ؛ فَإِنَّ الْجَزَاءَ عَظِيمٌ، وَإِنَّ الْحِسَابَ قَرِيبٌ، وَإِنَّ الدُّنْيَا قَلِيلٌ ﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ [النِّسَاءِ: 77]، ﴿ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [التَّوْبَةِ: 38].

أَيُّهَا النَّاسُ: فِي سِيَرِ الصَّالِحِينَ مَوَاضِعُ لِلْعِظَةِ وَالِاعْتِبَارِ، وَمَوَاطِنُ لِلتَّأَسِّي وَالِاقْتِفَاءِ. وَأَعْظَمُ سِيَرِ الْبَشَرِ سِيَرُ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَمِنْ أَغْزَرِهَا ذِكْرًا فِي الْقُرْآنِ سِيرَةُ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَدْ أُمِرْنَا أَنْ نَتَّبِعَ مِلَّتَهُ ﴿ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 95].

وَحَيَاةُ الْخَلِيلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَافِلَةٌ بِالْأَحْدَاثِ الْكَثِيرَةِ، مَمْلُوءَةٌ بِالِابْتِلَاءَاتِ الْمُنَوَّعَةِ، وَهِيَ نِبْرَاسٌ لِلثَّابِتِينَ عَلَى الْحَقِّ، الدَّاعِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى بَصِيرَةٍ، الْمُنَاضِلِينَ عَنْ دِينِهِ سُبْحَانَهُ بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ وَالْبُرْهَانِ. وَكَانَ الْخَلِيلُ حَرِيصًا عَلَى هِدَايَةِ أَبِيهِ وَقَوْمِهِ، وَإِنْقَاذِهِمْ مِنَ الشِّرْكِ وَالْعَذَابِ، وَجَادَلَ أَبَاهُ وَقَوْمَهُ فِي ضَلَالِهِمْ وَشِرْكِهِمْ، وَدَعَاهُمْ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْمُشْرِكُونَ فِي زَمَنِهِ كَانَ مِنْهُمْ عُبَّادُ الْأَصْنَامِ، وَعُبَّادُ الْكَوَاكِبِ، فَنَاظَرَهُمْ جَمِيعًا، وَدَحَضَ حُجَجَهُمْ ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 74]، فَعَابَ عَلَيْهِمْ تَعَدُّدَ الْآلِهَةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَعَابَ عَلَيْهِمْ صِنَاعَةَ آلِهَتِهِمْ وَاخْتِيَارَهَا، فَهُمْ يَتَّخِذُونَهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ، وَالْمَصْنُوعُ لَا يَكُونُ إِلَهًا. وَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ لَهُمْ أَنَّ الْكَوَاكِبَ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا لَيْسَتْ آلِهَةً؛ لِأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ مُسَيَّرَةٌ مُسَخَّرَةٌ ﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 75]، «وَالْمُوقِنُ هُوَ الْعَالِمُ عِلْمًا لَا يَقْبَلُ الشَّكَّ. أَيِ: الْيَقِينُ فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ». فَعَرَفَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ بِآيَاتِهِ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَانْتَهَزَ فُرْصَةَ وُجُودِهِمْ مَعَهُ لِيَصْرِفَهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْكَوَاكِبِ فَنَاظَرَهُمْ فِيهَا؛ ﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي «أَيْ: عَلَى وَجْهِ التَّنَزُّلِ مَعَ الْخَصْمِ، أَيْ: هَذَا رَبِّي، فَهَلُمَّ نَنْظُرْ، هَلْ يَسْتَحِقُّ الرُّبُوبِيَّةَ؟ وَهَلْ يَقُومُ لَنَا دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ؟ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِعَاقِلٍ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ، بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَلَا بُرْهَانٍ». ﴿ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 76]، افْتَرَضَ أَنَّ الْكَوْكَبَ رَبٌّ، وَلَكِنَّ الْكَوْكَبَ غَابَ بَعْدَ ظُهُورِهِ، وَكَانُوا يُؤْمِنُونَ أَنَّ الرَّبَّ لَا يَغِيبُ. وَبَزَغَ الْقَمَرُ فَحَجَبَ نُورُهُ ضَوْءَ الْكَوْكَبِ فَافْتَرَضَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ الْقَمَرَ هُوَ الرَّبُّ تَنَزُّلًا مَعَهُمْ، وَلَكِنَّ الْقَمَرَ غَابَ لَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ، وَأَشْرَقَتِ الشَّمْسُ، فَحَجَبَتْ بِشُعَاعِهَا الْقَمَرَ، فَافْتَرَضَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهَا الرَّبُّ حَسَبَ مُعْتَقَدِهِمْ؛ ﴿ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 77-78]، وَلَكِنَّ الشَّمْسَ غَرَبَتْ أَيْضًا وَدَخَلَ اللَّيْلُ، فَأَثْبَتَ لَهُمْ بِمَا يُشَاهِدُونَ أَنَّ الْكَوَاكِبَ لَيْسَتْ أَرْبَابًا؛ وَلِذَا تَبَرَّأَ مِنْ شِرْكِهِمْ بِعِبَادَتِهَا؛ لِيُحَرِّكَ عُقُولَهُمْ وَيُوَجِّهَهَا لِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ﴿ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 78]، « فَتَبَرَّأَ مِنَ الشِّرْكِ، وَأَذْعَنَ بِالتَّوْحِيدِ، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ الْبُرْهَانَ». وَأَعْلَنَ تَوَجُّهَهُ لِلَّهِ تَعَالَى بِالتَّوْحِيدِ وَالطَّاعَةِ، وَمَيْلَهُ عَنِ الشِّرْكِ وَقَالَ: ﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 79]، « وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِوَجْهِهِ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ هُوَ الَّذِي يُوَاجَهُ بِهِ، وَيُتَّجَهُ بِهِ إِلَى مَا يُتَّجَهُ؛ وَلِأَنَّهُ مَظْهَرُ الْخُضُوعِ وَالطَّاعَةِ، وَبِهِ يَكُونُ السُّجُودُ، فَكَانَ الْوَجْهُ لَهُ مَظْهَرٌ يَجْعَلُهُ صَالِحًا لَأَنْ يُعَبَّرَ بِهِ عَنِ الْجِسْمِ كُلِّهِ».

«وَلَمَّا أَعْلَنَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُعْتَقَدَهُ لِقَوْمِهِ أَخَذُوا فِي مُحَاجَّتِهِ» وَقَصَّ اللَّهُ تَعَالَى خَبَرَ مُحَاجَّتِهِمْ لَهُ فِي سُوَرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالشُّعَرَاءِ وَالصَّافَّاتِ؛ لِيَتَعَلَّمَ مِنْهَا قُرَّاءُ الْقُرْآنِ طَرِيقَةَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي تَقْرِيرِ التَّوْحِيدِ، وَدَحْضِ التَّنْدِيدِ، وَإِبْطَالِ حُجَجِ الْمُشْرِكِينَ؛ وَلِيَعْلَمُوا فَضْلَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْبَشَرِ، وَاجْتِهَادَهُمْ فِي دَعْوَتِهِمْ، وَصَبْرَهُمْ عَلَى أَذَاهُمْ؛ لِيَقْتَدُوا بِهِمْ، وَيَتَعَلَّمُوا مِنْهُمْ ﴿ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ [الْأَنْعَامِ: 80]، «أَيْ: تُجَادِلُونَنِي فِي أَمْرِ اللَّهِ وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَقَدْ بَصَّرَنِي وَهَدَانِي إِلَى الْحَقِّ وَأَنَا عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ؟ فَكَيْفَ أَلْتَفِتُ إِلَى أَقْوَالِكُمُ الْفَاسِدَةِ وَشُبَهِكُمُ الْبَاطِلَةِ؟!».

وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْمَهُ خَوَّفُوهُ بِغَضَبِ آلِهَتِهِمْ عَلَيْهِ حِينَ سَفَّهَ عِبَادَتَهَا، وَأَنْذَرُوهُ عَاقِبَةَ ذَلِكَ، فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ لَا يَخَافُ آلِهَتَهُمْ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ، وَإِنَّمَا يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى وَحْدَهُ ﴿ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا ﴾ «أَيْ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ». فَلِذَا أَخَافُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَا أَخَافُ غَيْرَهُ ﴿ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 80]، «وَمَعْنَاهُ: لَكِنْ إِنْ شَاءَ رَبِّي أَنْ يَأْخُذَنِي بِشَيْءٍ، أَوْ يُعَذِّبَنِي بِجُرْمِي؛ فَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى ذَلِكَ».

ثُمَّ حَرَّكَ عُقُولَهُمْ بِتَعَجُّبٍ آخَرَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ ﴾ «يَعْنِي: الْأَصْنَامَ، وَهِيَ لَا تُبْصِرُ وَلَا تَسْمَعُ، وَلَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ» ﴿ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ﴾ أَيْ: أَشْرَكْتُمْ بِهِ بِلَا حُجَّةٍ وَلَا بُرْهَانٍ، فَكَيْفَ لَا تَخَافُونَ عَذَابَهُ وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ، ثُمَّ تَسَاءَلَ مَنْ هُوَ الْأَحَقُّ بِالْأَمْنِ: فَرِيقُكُمُ الَّذِي أَشْرَكَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَهُ، أَمْ فَرِيقُنَا الَّذِي وَحَّدَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَفْرَدَهُ بِالْعِبَادَةِ ﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 81]، وَأَجَابَ بِأَنَّ فَرِيقَ الْمُوَحِّدِينَ اللَّهَ تَعَالَى هُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلْأَمْنِ ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 82]، وَالْمَقْصُودُ بِالظُّلْمِ هُنَا هُوَ الشِّرْكُ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لُقْمَانَ: 13]» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَخُتِمَتْ هَذِهِ الْمُحَاجَّةُ بَيْنَ الْخَلِيلِ وَقَوْمِهِ بِبَيَانِ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخَلِيلِ إِذْ آتَاهُ الْحِكْمَةَ، وَأَعْطَاهُ الْحُجَّةَ، فَأَلْزَمَ بِهَا قَوْمَهُ، وَهَدَمَ مَذْهَبَهُمْ فِي الشِّرْكِ ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 83].

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَخُذُوا مِنْ سِيرَةِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِبْرَةً وَعِظَةً فِي ثَبَاتِهِ عَلَى الْحَقِّ، وَدَعْوَتِهِ لِلتَّوْحِيدِ، وَانْتِهَازِ الْفُرَصِ لِمُجَادَلَةِ قَوْمِهِ فِي شِرْكِهِمْ، وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ. وَالْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ إِمَامُ الْحُنَفَاءِ، وَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ بِالْحَنِيفِيَّةِ الْمَائِلَةِ عَنِ الشِّرْكِ إِلَى التَّوْحِيدِ.

وَالْأُمَمُ الثَّلَاثُ الْعَرَبُ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَنْتَسِبُونَ إِلَى الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْعَرَبِ يَنْتَسِبُونَ لِإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَثِيرًا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى يَنْتَسِبُونَ لِإِسْحَاقَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَالْخَلِيلُ وَابْنَاهُ إِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ بَرِيؤُونَ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَمُشْرِكِي الْيَهُودِ وَمُشْرِكِي النَّصَارَى. وَمَنْ لَمْ يَتَّبِعْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعَرَبِ أَوْ مِنَ الْيَهُودِ أَوْ مِنَ النَّصَارَى فَلَا يَصِحُّ انْتِسَابُهُ لِدِينِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى حَرَّفُوا كُتُبَهُمْ، وَمَالُوا عَنِ التَّوْحِيدِ إِلَى الشِّرْكِ، وَالْخَلِيلُ وَالْأَنْبِيَاءُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ بُرَآءُ مِنَ الشِّرْكِ؛ وَلِذَا نَفَى اللَّهُ تَعَالَى انْتِسَابَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ إِلَى الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 67]. وَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ شِرْكِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 30- 31]. وَكُلُّ ادِّعَاءٍ بِانْتِسَابِ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِلْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهُوَ ادِّعَاءٌ يُكَذِّبُهُ الْقُرْآنُ، وَهُوَ مِنْ لَبْسِ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ، وَمُحَاوَلَةِ خِدَاعِ الْمُسْلِمِينَ بِإِدْخَالِ الْبَاطِلِ عَلَيْهِمْ، وَنَشْرِهِ فِي أَوْسَاطِهِمْ، وَتَسْوِيغِهِ لَهُمْ. فَعَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ مِنْ تِلْكَ الدَّعَوَاتِ الْبَاطِلَةِ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...



 توقيع : حكاية ناي ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
قديم 03-19-2024, 11:20 AM   #2



 
 عضويتي » 25
 جيت فيذا » Oct 2022
 آخر حضور » يوم أمس (05:25 PM)
آبدآعاتي » 293,190
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » صمتى لغتى has a reputation beyond reputeصمتى لغتى has a reputation beyond reputeصمتى لغتى has a reputation beyond reputeصمتى لغتى has a reputation beyond reputeصمتى لغتى has a reputation beyond reputeصمتى لغتى has a reputation beyond reputeصمتى لغتى has a reputation beyond reputeصمتى لغتى has a reputation beyond reputeصمتى لغتى has a reputation beyond reputeصمتى لغتى has a reputation beyond reputeصمتى لغتى has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة » 134
الاعجابات المُرسلة » 133
مَزآجِي   :
 آوسِمتي »

صمتى لغتى متواجد حالياً

افتراضي



جزاك الله خير الجزاء
دمت برضى الله وحفظه ورعايته


 توقيع : صمتى لغتى

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 03-20-2024, 10:05 AM   #3



 
 عضويتي » 128
 جيت فيذا » Jan 2024
 آخر حضور » يوم أمس (11:03 AM)
آبدآعاتي » 6,161
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » ناطق العبيدي has a reputation beyond reputeناطق العبيدي has a reputation beyond reputeناطق العبيدي has a reputation beyond reputeناطق العبيدي has a reputation beyond reputeناطق العبيدي has a reputation beyond reputeناطق العبيدي has a reputation beyond reputeناطق العبيدي has a reputation beyond reputeناطق العبيدي has a reputation beyond reputeناطق العبيدي has a reputation beyond reputeناطق العبيدي has a reputation beyond reputeناطق العبيدي has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة » 42
الاعجابات المُرسلة » 259
مَزآجِي   :  01
 آوسِمتي »

ناطق العبيدي متواجد حالياً

افتراضي



كالعادة الجميل يكون أين ما كنت بحبرك أيها الراقية فكرا ....
ممنون لك على ما قدمت لنا ....وكل ما يحتويه الموضوع ....
دمتي بهذا العطاء المميز الهادف
تقديري وسلامي لك


 توقيع : ناطق العبيدي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:28 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.