الخلال النبوية (6)
شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم
الحمدُ لله ربِّ العالمين، ﴿ يَصْطَفِي مِنَ المَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [الحج: 75]، نحمده على ما أعطى، ونشكره على ما أَوْلى، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، خَلَقَ خلقه ليعبدوه، فبلغهم دِينَه، وأقام عليهم حُجته، فمنهم مَن آمن، ومنهم مَن كفر، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اصطفاه ربُّه للناس رسولاً، وأَمَرَهُ بالبلاغ، ولم يكلِّفه بالحساب، فبلَّغ صلى الله عليه وسلم دينَ الله تعالى وأمر أمَّته بالاتِّباع، ونهاهُمْ عن الابتداع؛ طاعةً لربهم، وإقامة لدينهم، وحذرًا من شياطينهم، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، أصدق هذه الأمة محبةً للنبي صلى الله عليه وسلم وأشدها اتِّباعًا له، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعدُ:
فاتَّقوا الله ربكم، وأقيموا له دينكم، واتَّبِعوا هدي نبيِّكم، فلقد كُفِيتم الاصطفاءَ والتشريع، وأُمِرتم بالامتثال والتطبيق؛ ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشُّورى: 13].
أيها الناس:
اختار الله تعالى لتبليغ رسالتِه أكملَ الناس وأحسنَهم، فاصطفاهم لذلك، وجعلهم أمناء على وحْيِه، دعاةً لدِينه، هداةً لخَلْقه؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 33]، حباهُم ربُّهم سبحانه منَ الكمال البشري ما لم ينلْه غيرُهم، وفيهم من الصفات الحسنة ما لم يكن في سواهم؛ فهم - عليهم السلام - أرحم الناس وأشجعهم، وأصبرهم وأحلمهم، وأصدقهم وأكرمهم، وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم كان أحسنَهم خُلقًا، وأكملهم وصفًا، ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم:4]، قالت عائشة - رضي الله عنها -: "كان خُلُقُهُ الْقُرْآن"؛ رواه أحمد.
والشجاعةُ خُلُق عظيم، يدَّعيها أكثرُ الناس لأنفسهم، ولا تَثبُت إلاَّ في القليل منهم، عدَّها الحكماءُ عمادَ الفضائل، ورأسَ المكارم؛ إذ جعلوا أصلَ الخير كلِّه في ثبات القلب، ورباطة الجأش، حتى قال بعض العلماء: إن كل كريهة تُرفع، أو مكرمة تُكتسب، لا تتحقق إلا بالشجاعة.
وأنبياء الله تعالى هم أشجعُ الناس، وإلاَّ فكيف واجهوا أقوامهم فيما أَلِفُوا، وقارعوهم بما أشركوا؟! ولم ينكلوا عن دعوتهم أو يَتَزَحْزَحُوا، مع ما نالهم منَ العذاب والأذى، فمنهم مَن ضُرب، ومنهم مَن جُرح، ومنهم مَن قُتل، وأُخرجوا من ديارهم وأموالهم بسبب دعوتهم.
لقد واجه نوح عليه السلام قومَه ألفَ سنةٍ إلاَّ خمسين عامًا، يأمرهم بالتوحيد، ويَنْهاهُم عن الشِّرك، وكسر الخليل عليه السلام أصنامَ قومه، فأضرموا النار أمامه؛ ليقذفوه فيها، فما وهنتْ عزيمتُه، ولا رجع عنْ دعوته، ولا وافق قومَه، فقذفوه في نارهم، وهو ثابتُ القلب، رابط الجأش، قوي العزيمة.
ووقف موسى عليه السلام أمام أَعْتَى طاغية في البَشَر، فلم يَتَلَجْلَجْ في كلامِه، ولا تَرَدَّدَ في دعوته؛ بل صدع بالحق أمامَه، وقذف إليه برهانَه، وأطال مناظرتَه، وخصمه في محاجته، ومَن يقدر على المثول أمام الطغاة إلا قلائل الرجال، وأفذاذ الشجعان؟!
فصلوات الله تعالى وسلامه على نوح وإبراهيم وموسى، وسائر المرسلين والنبيين، ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ﴾ [الأحزاب: 39].
وأما نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد أوتي من الشجاعة أعلاها، ومن النجدة أوفاها، وكان فيه من ثبات القلب ما لم يكن في غيره، حتى قال صلى الله عليه وسلم: ((لاَ تَجِدُونِي بَخِيلاً، ولا كَذُوبًا، ولا جَبَانًا))؛ رواه البخاري.
صعد صلى الله عليه وسلم على الصفا، ونادى قريشًا بطنًا بطنًا، حتى اجتمعوا، فصدع بما أُمر أمامهم، وقذف بالحق باطلَهم، وكان صلى الله عليه وسلم وحده، وأهل مكة ضده، ومَن آمن معه لا يقدرون على نصرته، فما أشجعَه! وما أشدَّ بأسَه! وما أعظمَ جرأتَه!
ولما أسرى به ربُّه عز وجل وعرج به إلى السموات، لم يستر هذه الحادثةَ العظيمة عن الناس؛ بل قذف بها بينهم غيرَ هيَّابٍ منهم، ولا آبهٍ بتكذيبهم وسخريتهم، فارتدَّ أناس بسببها، ولكن أبا بكر صدَّقها، ومن يومها سُمِّي الصدِّيق رضي الله عنه وأرضاه.
لقد كان أنس بن مالك رضي الله عنه لصيقًا بالنبي صلى الله عليه وسلم ومن أعلم الصحابة بأوصافه وأحواله؛ لأنه لازَمَه في الخدمة عشرَ سنوات، فيصفه أنس رضي الله عنه بأنه صلى الله عليه وسلم أشجعُ الناس، ويَذكُر حادثةً غريبة تدلُّ على ذلك، فيقول رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ الناس، وكان أَجْوَدَ الناس، وكان أَشْجَعَ الناس، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَتَلَقَّاهُمْ رسول الله صلى الله عليه وسلم رَاجِعًا، وقد سَبَقَهُمْ إلى الصَّوْتِ وهو على فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ في عُنُقِهِ السَّيْفُ، وهو يقول: ((لم تُرَاعُوا، لم تُرَاعُوا))، وفي رواية: "فَزِعَ الناس فَرَكِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ بَطِيئًا، ثُمَّ خَرَجَ يَرْكُضُ وَحْدَهُ، فَرَكِبَ الناس يَرْكُضُونَ خَلْفَهُ، فقال: ((لم تُرَاعُوا))؛ رواه الشيخان.
وهذا أبلغ ما يكون شجاعة إذ سبق صلى الله عليه وسلم الناس إلى مصدر الصوت وحده، شاهرًا سيفه، ولم ينتظر أحدًا يُرَافقه، بل لم يصبر حتى يُسرج له الفرس، وركبه عريًا بلا سرج.
يقول القاضي عياض رحمه الله تعالى: "وأمَّا الشجاعة والنجدة، فكان صلى الله عليه وسلم منهما بالمكان الذي لا يُجهل، قد حضر المواقف الصَّعبة، وفرَّ الكماة والأبطال عنه غير مرة، وهو ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر ولا يتزحزح، وما شجاع إلا وقد أحصيت له فرة، وحفظت عنه جولة سواه - صلى الله عليه وسلم". اهـ.
ودَلَّتِ المواقفُ الكثيرة في غزواته على شجاعته صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان الصحابةُ رضي الله عنهم إذا اشتَدَّ البأسُ يلوذون به، وهو تلقاء أعدائه، ثابتٌ في مكانه، قال عَليٌّ رضي الله عنه: "لقد رَأَيْتُنَا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان مِن أشدِّ الناس يومئذٍ بأسًا"، وفي رواية: "كنَّا إذا احمرَّ البأسُ، ولقي القومُ القومَ، اتَّقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون منَّا أحدٌ أدنى منَ القوم منه"؛ رواه أحمد.
وفي أُحُد، لَمَّا انْهَزَم الناسُ ثَبَتَ صلى الله عليه وسلم في نفرٍ قليل من أصحابه رضي الله عنهم يقول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: "لَمَّا جال الناسُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الجولة يوم أحد، تنحيت فقلت: أذود عن نفسي، فإمَّا أن أستشهد، وإما أن أنجوَ حتى ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا أنا كذلك إذا برجل مُخَمِّرٍ وجهَه ما أدري مَن هو، فأقبل المشركون حتى قلت: قد ركبوه، ملأ يده من الحصى، ثم رمى به في وجوههم، فنكبوا على أعقابهم القهقرى، حتى يأتوا الجبل، ففعل ذلك مرارًا، ولا أدري مَن هو، وبيني وبينه المقداد بن الأسود، فبينا أنا أريد أن أسأل المقداد عنه، إذ قال المقداد: يا سعد، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك، فقلت: وأين هو؟ فأشار لي المقداد إليه، فقمت ولكأنه لم يصبني شيء منَ الأذى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أين كنتَ اليوم يا سعد؟))، فقلتُ: حيث رأيت رسول الله، فأجلسني أمامه، فجعلت أرمي، وأقول: اللهم سهمك فارمِ به عدوك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم استجبْ لسعد، اللهم سدد لسعد رميته، إيه سعد، فداك أبي وأمي))، فما من سهم أرمي به إلا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم سدد رميته، وأجب دعوته))، قال الزُّهْري رحمه الله تعالى: "إنَّ السِّهام التي رمى بها سعد يومئذٍ، كانت ألف سهم"؛ رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.
ولما جرح النبي صلى الله عليه وسلم وطمع في قتله أبيُّ بن خلف، وأقبل عليه مقسمًا أنه سيقتله، وأراد بعض الصحابة البروز إليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعوه))، فلما دنا تناوَل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة، قال الراوي: فانتفض بها انتفاضة تطايرنا بها تطاير الشَّعْرَاءِ - والشَّعْرَاءُ ذباب صغير له لدغ - عن ظهر البعير إذا انتفض بها، ثم استقبله فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها، وإنما تطاير الصحابة رضي الله عنهم مِن شدة شجاعته وجرأته - صلى الله عليه وسلم.
وفي غزوة حُنين، حين انْهَزَمَ الناس وولوا، ثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكانه، وقابل المشركين وحده، سُئِل البراء رضي الله عنه: "أَوَلَّيْتُمْ يوم حُنَيْنٍ؟"، فقال: أَمَّا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُوَلِّ يَوْمَئِذٍ، كان أبو سفيان بن الحارث آخِذًا بعنان بغلته، فلما غَشِيَهُ المشركون نزل فجعل يقول: ((أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب))، قال البراء رضي الله عنه: "فما رُئِيَ من الناس يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ منه"، وفي رواية قال: "كنا والله إذا احْمَرَّ الْبَأْسُ، نتَّقي به وإنَّ الشجاع منا للَّذِي يُحَاذِي بِهِ - يَعْنِي النبي صلى الله عليه وسلم"؛ رواه الشيخان.
وهذه غاية الشَّجاعة والإقدام؛ إذ كان صلى الله عليه وسلم في ساحة الوغى على بغلة لا تصلح للكرِّ ولا للفر، ويسيرها باتجاه المشركين وهو يرتجز، ويفصح عن نفسِه، مع علمه بأنه غاية المشركين وهدفهم، ومن عادة القادة إذا انهزمتْ جُيُوشهم الفرار أو الاختفاء، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه صاح بالناس حتى آبوا إليه، فكَتَبَ الله تعالى لهم النَّصر بعد الهزيمة، وكان صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه رضي الله عنهم من أولى الناس بوصف الله تعالى في قوله سبحانه: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146].
بارك الله لي ولكم....
الخطبة الثانية
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتَّقين، ولا عُدوان إلاَّ على الظالمين، ولا أمن إلا للمؤمنين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له ولِيُّ الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله النبي الأمين، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.
أما بعدُ:
فاتقوا الله عباد الله وراقبوه، والزموا طاعته، ولا تعصوه؛ ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ ﴾ [النور: 52].
أيها المسلمون:
إن هذه الأخلاق الحسنة، والصفات العالية، والشجاعة الفائقة للنبي صلى الله عليه وسلم تدعو إلى محبته وإكباره؛ ولذا أحبَّ أعداؤه صفاته عليه الصلاة والسلام وإن لم يؤمنوا به.
وأما المؤمنون، فإنهم يحبونه صلى الله عليه وسلم أشد مِن مَحَبتهم لأنفسهم وأهلهم وأزواجهم وأموالهم؛ فهو صلى الله عليه وسلم سبب هدايتهم وعبوديتهم لله تعالى، ليس لأحد منَ الفَضْل علينا بعد الله تعالى كما له عليه الصلاة والسلام إذ إنَّ أعظم خير حَصَّلْناه - وهو الإيمان - كان على يديه، وأعظم شرٍّ حذرناه - وهو الكفر - كان بسبب تحذيره، ومن نجا من النار، ودخل الجنة من هذه الأمة فإنما كان ذلك بتوفيق الله تعالى ورحمته، ثم بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم وهدايته، ومن هنا كانت محبته صلى الله عليه وسلم تالية لمحبة الله تعالى، ومقدَّمة على كلِّ شيء سواها.
ومَن قدَّم محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم على كل محبوب مهما كان، نال حلاوة الإيمان؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث مَن كنَّ فيه، وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مِمَّا سِوَاهما، وأن يحبَّ المرء لا يحبُّهُ إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النَّار))؛ رواه الشيخان.
ومِن أعظم البراهين على محبة الله تعالى: مَحَبّة رسوله صلى الله عليه وسلم ودليل هذه المحبَّة مخالفة الهوى؛ طاعة لأمره، واتباعًا لسنَّته؛ كما قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به))، وقد نهانا صلى الله عليه وسلم عن الابتداع في الدين، كما نهانا عن تقليد النصارى في إطرائهم للمسيح عليه السلام فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تطروني كما أطرت النَّصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله))؛ رواه البخاري.
وإن الموالد التي تمالأ عليها المبتدِعة في كل عام، يحيونها بمناسبة ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم لَمِن أعظم المخالفة لهديهِ صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه رضي الله عنهم وهدي التابعين لهم بإحسان؛ إذ أحدثها أهل البدعة منَ العُبيديين الباطنيين في القرن الرابع الهجري، ثم سار على سَنَنِهم أهلُ الجَهَالة والهوى، فأهل الهوى يتأكلون بتلك الموالد، ويحققون بها مكاسب سياسية واقتصادية، وأهل الجهالة يتبعونهم في ضلالهم على غير هدى، وصارت هذه الموالد موسمًا للمبتدعة في كل عام، يظهرون فيه من الشعائر والمراسم في أكثر ديار أهل الإسلام ما لا يظهرونه في العيدين الشرعيين، ويُنقل ذلك عبر وسائل الاتصال الحديثة؛ ليُخدع بزخرفته وبهرجته عامة الناس وجهالهم، فما أشدَّ غربةَ السنَّة بين المسلمين! وما أعظم تمكن البدعة في أوساطهم! وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود كما بدأ غريبًا، فطوبى للغرباء))؛ رواه مسلم.
وصلوا وسلموا على نبيكم....
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|