رباعيات العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله (8)
.
أحمد الله بمحامده التي هو لها أهل، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد:
فإن المطالعة والنظر في تراث العلامة الرباني محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - يثري المطَّلع والناظر بجملة كبيرة من الفوائد المتينة، والتقسيمات البديعة، والضوابط العلمية المتينة.
وقد اخترت أن أذكر في هذه السلسلة من المقالات جملة منها، وسوف أخص بالذكر فيها ما كان منها مندرجًا تحت الرقم أربعة؛ ولذلك سميتها: رباعيات العلامة محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله)، وقد وضعت لها عناوين تلخص مضامينها وتوضح مقاصدها، بعضها من وضعه رحمه الله، والأخر من عندي.
وإلى هذه الرباعيات فنقول، منها:
صيغ الأمر:
قال العثيمين - رحمه الله -: " صيغ الأمر أربع:
1 - فعل الأمر، مثل: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ ﴾ [العنكبوت: من الآية45].
2 - اسم فعل الأمر، مثل: حيّ على الصلاة.
3 - المصدر النائب عن فعل الأمر، مثل: ﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَاب ﴾ [محمد: من الآية4].
4 - المضارع المقرون بلام الأمر، مثل: ﴿ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [المجادلة: من الآية4] ". الأصول من علم الأصول (ص:23)، ومجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (11/ 24).
أقسام التعارض:
قال العثيمين - رحمه الله -: " أقسام التعارض أربعة:
الأول: أن يكون بين دليلين عامين وله أربع حالات:
1 - أن يمكن الجمع بينهما بحيث يحمل كل منهما على حال لا يناقض الآخر فيها فيجب الجمع.
2 - فإن لم يمكن الجمع، فالمتأخر ناسخ إن علم التاريخ فيعمل به دون الأول.
3 - فإن لم يعلم التاريخ عمل بالراجح إن كان هناك مرجح.
4 - فإن لم يوجد مرجح وجب التوقف، ولا يوجد له مثال صحيح.
القسم الثاني: أن يكون التعارض بين خاصين، فله أربع حالات أيضاً.
1 - أن يمكن الجمع بينهما فيجب الجمع.
2 - فإن لم يمكن الجمع، فالثاني ناسخ إن علم التاريخ.
3 - فإن لم يمكن النسخ عمل بالراجح إن كان هناك مرجح.
4 - فإن لم يوجد مرجح وجب التوقف، ولا يوجد له مثال صحيح.
القسم الثالث: أن يكون التعارض بين عام وخاص فيخصص العام بالخاص.
القسم الرابع: أن يكون التعارض بين نصين أحدهما أعم من الآخر من وجه وأخص من وجه. فله ثلاث حالات:
1 - أن يقوم دليل على تخصيص عموم أحدهما بالآخر فيخصص به.
2 - وإن لم يقم دليل على تخصيص عموم أحدهما بالآخر عمل بالراجح.
3 - وإن لم يقم دليل ولا مرجح لتخصيص عموم أحدهما بالثاني، وجب العمل بكل منهما فيما لا يتعارضان فيه، والتوقف في الصورة التي يتعارضان فيها ". الأصول من علم الأصول (ص: 75 - 82)، ومجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (11/ 72).
وصايا من الخالق - عز وجل -:
قال العثيمين - رحمه الله -: " قال الله - عز وجل -:﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [الأنعام: 152] هذه الآية الكريمة فيها أربع وصايا من الخالق - عز وجل -:
الأولى: أن لا نقرب مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن.
الثانية: أن نوفي الكيل والميزان بالقسط.
الثالثة: أن نعدل إذا قلنا.
الرابعة: أن نوفي بعهد الله - عز وجل ". القول المفيد على كتاب التوحيد (1/ 42).
بعث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لأمور سامية:
قال العثيمين - رحمه الله -: " قال تعالى: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164]، فهذه منة عظيمة؛ أن بعث فيهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لهذه الأمور السامية:
1 - يتلو عليهم آيات الله.
2 - ويزكيهم; فيطهر أخلاقهم وعبادتهم وينميها.
3 - ويعلمهم الكتاب.
4 - والحكمة.
هذه فوائد أربع عظيمة لو وزنت الدنيا بواحدة منها لوزنتها عند من يعرف قدرها ". القول المفيد على كتاب التوحيد (2/ 22).
الناس حال المصيبة:
قال العثيمين - رحمه الله -: " وللإنسان عند المصائب أربع مقامات:
1 - جزع، وهو محرم.
2 - صبر، وهو واجب.
3 - رضا، وهو مستحب.
4 - شكر، وهو أحسن وأطيب.". القول المفيد على كتاب التوحيد (2/ 115) و (2/ 294)، ومجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (2/ 110) و (3/ 204) و (8/ 667) و (10/ 694 - 878) و (17/ 467)..
أفعال العباد:
قال العثيمين - رحمه الله -: " أفعال العباد بحسب السبر والتقسيم لا تخلو من أربع حالات:
1 - نافعة، وهذه مأمور بها.
2 - ضارة، وهذه محذر منها.
3 - فيها نفع وضرر.
4 - لا نفع فيها ولا ضرر، وهذه لا يتعلق بها أمر ولا نهي، لكن الغالب أن لا تقع إلا وسيلة إلى ما فيه أمر أو نهي، فتأخذ حكم الغاية; لأن الوسائل لها أحكام المقاصد ". القول المفيد على كتاب التوحيد (2/ 367)، ومجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (10/ 954).
مراتب القدر:
قال العثيمين - رحمه الله -: مراتب القدر: " وللإيمان بالقدر مراتب أربع:
المرتبة الأولى: الإيمان بأن الله تعالى قد علم بعلمه الأزلي الأبدي ما كان وما يكون من صغير وكبير، وظاهر وباطن مما يكون من أفعاله، أو أفعال مخلوقاته.
المرتبة الثانية: الإيمان بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة، فما من شيء كان أو يكون إلا وهو مكتوب مقدر قبل أن يكون.
ودليل هاتين المرتبتين في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
المرتبة الثالثة: الإيمان بمشيئة الله تعالى وأنها عامة في كل شيء، فما وجد موجود، ولا عدم معدوم من صغير وكبير، وظاهر وباطن في السموات والأرض إلا بمشيئة الله عز وجل سواء كان ذلك من فعله تعالى أم من فعل مخلوقاته.
المرتبة الرابعة: الإيمان بخلق الله تعالى وأنه خالق كل شيء من صغير وكبير، وظاهر وباطن، وأن خلقه شامل لأعيان هذه المخلوقات وصفاتها وما يصدر عنها من أقوال، وأفعال، وآثار". تقريب التدمرية (ص:78 - 79)، والقول المفيد على كتاب التوحيد (2/ 403) (2/ 430)، ومجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (3/ 188 - 255) و (4/ 204) و (5/ 223) و (7/ 265) و (10/ 990 - 1018).
أحوال التعارض بين سبب الجرح أو التعديل:
قال العثيمين - رحمه الله -: " وللتعارض أحوال أربع:
الحال الأولى: أن يكونا مبهمين؛ أي: غير مبين فيهما سبب الجرح أو التعديل، فإن قلنا بعدم قَبول الجرح المبهم أخذ بالتعديل، لأنه لا معارض له في الواقع، وإن قلنا بقَبوله - وهو الراجح - حصل التعارض، فيؤخذ بالأرجح منهما؛ إما في عدالة قائله، أو في معرفته بحال الشخص، أو بأسباب الجرح والتعديل، أو في كثرة العدد.
الحال الثانية: أن يكونا مفسَّرين؛ أي: مبيناً فيهما سبب الجرح والتعديل، فيؤخذ بالجرح؛ لأن مع قائله زيادة علم، إلا أن يقول صاحب التعديل: أنا أعلم أن السبب الذي جرحه به قد زال؛ فيؤخذ حينئذٍ بالتعديل؛ لأن مع قائله زيادة علم.
الحال الثالثة: أن يكون التعديل مبهماً؛ والجرح مفسَّراً فيؤخذ بالجرح لأن مع قائله زيادة علم.
الحال الرابعة: أن يكون الجرح مبهماً، والتعديل مفسَّراً، فيؤخذ بالتعديل لرجحانه ". علم مصطلح الحديث (ص:27).
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|