(28 نوفمبر 1908 - 30 أكتوبر 2009)، عالم اجتماع وأنثروبوبوجي
فرنسي
يعد كلود ليفي ستراوس من أهم البنيويين المعاصرين، وأكثرهم شهرة، بل ان البنيوية ترتبط باسمه ارتباطا مباشرا، وهذا ما جعل الباحثين يطلقون عليه عدد من الألقاب التي تشير إلى مدى تأثيره وتأثره بالبنيويين والبنيوية عموما، فلقب بعميد البنائيين، أو شيخ البنيويين، أو البنيوي الأول، أو رائد البنيوية المعاصرة، أو أكبر مهندسي الفكر في العصر الحديث.... الخ. ولعل هذا الاهتمام من قبل الباحثين به يرجع إلى استعماله المنهج البنيوي في كافة المجالات التي تطرق إليها بالبحث وخصوصا في مجال الأنثروبولوجيا. وتمسكه بهذا المنهج، فهو لم يحاول كغيره من البنيويين ان يتجاوز هذا المنهج في دراساته وبحوثه، أو إن يرفض إطلاق صفة البنيوي عليه كما فعل غيره. ان لنشأة ستراوس وتربيته وإعداده العلمي، اثر كبير في اتساع افقه. وتنوع اهتماماته والمصادر التي استلهم منها منهجه البنيوي، فذكرياته عن الطبيعة جعلته قريبا من علم الجيولوجيا، وعشقه للموسيقى والفن كان تأثيره واضحا في بحوثه ودراساته وخصوصا فيما يتعلق بالأساطير فضلا عن دراسته للفلسفة والقانون، واتجاهه الاجتماعي والأنثروبولوجي، كل ذلك جعل منه يبحث عن منهج جديد في البحث قادرا على معالجة كافة المجالات. وهو المنهج البنيوي، ذلك المنهج الذي يبحث عن الحقيقة التي تكمن وراء الوقائع الملاحظة. ولد كلود ليفي شتراوس في بلجيكا بمدينة بروكسل في 28 نوفمبر 1908، وتوفي في فرنسا في مدينة باريس في 30 أكتوبر 2009. ونشا في جو مليء بالفنون والثقافة والأدب، فهو ابن فنان وحفيد حاخام. في عام 1914 وخلال نشوب الحرب العالمية الأولى انتقل مع أبويه إلى الإقامة في فرساي. ويبدو أنه كان طفلا متوحدا، يميل إلى التفكير والتأمل الذاتي والقراءة. حيث اعتاد أن يصرف وقته في السير وحيدا، يتأمل الطبيعة ويلتقط منها أغراضا مختلفة من الأحجار والنباتات التي تفيد في صناعة الفسيفساء، ويرى إن هذه العادات كانت هي الأصل في اهتمامه العميق بالجيولوجيا، مما كان له تأثيره اللاحق في منهجه البنيوي. في الفترة من 1927 – 1932 كان ستراوس طالبا في جامعة باريس حيث حاز على إجازة في القانون والفلسفة، واشتملت قراءاته في هذه المرحلة على أعلام المدرسة الفرنسية في علم الاجتماع. لكنه لم يدرس العلوم إلا في مرحلة متأخرة. وبعد أن درس القانون لفترة قصيرة في جامعة باريس. ابتدأ العمل مدرسا في الليسيه. لكنه سرعان ما تركه ليرتحل إلى البرازيل عام 1934، بعد أن عرض عليه منصب أستاذ لعلم الاجتماع في جامعة ساوباولو، إذ رأى في هذا المنصب فرصة للقيام برحلات للدرس الميداني في أدغال البرازيل. وفي عام 1939 استقال من جامعة ساوباولو وحصل على منحة من الحكومة الفرنسية للقيام ببعثة دراسية أوسع نطاقا إلى وسط البرازيل، حيث قام بدراسة عدد من القبائل البدائية، فكانت هذه الدراسة مهادا لأفكاره التي تطورت فيما بعد. وفي عام 1940 عاد إلى فرنسا للخدمة العسكرية، ولكنه تركها ورحل إلى الولايات المتحدة بعد سقوط باريس عام 1941، حيث تولى في نيويورك منصبا في الكلية الجديدة للبحث الاجتماعي عام 1943، وقد أتاحت له فترة الإقامة هناك الفرصة لكتابة أطروحته في الدكتوراه (البنى الأولية للقرابة). وإقامة علاقة صداقة مع رومان جاكوبسون الذي قاده إلى الاهتمام بعلم اللغة البنيوي، فأسهم بمقال عن (التحليل البنيوي في علم اللغة والأنثروبولوجيا) نشره عام 1945 في مجلة حلقة نيويورك. وفي المدة من 1946 – 1947 عمل في الملحق الثقافي في الولايات المتحدة. إلا أنه عاد إلى فرنسا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، إذ لم تعرض عليه المدرسة الجديدة وظيفة ثابتة. في عام 1950 أصبح مدير الدراسات في المعهد التطبيقي للدراسات العليا في جامعة باريس (مختبر الأنثروبولوجيا الاجتماعية). وفي هذا العام أيضا سافر إلى باكستان الشرقية للقيام برحلة بحث ميداني. وقد تم اختياره لكرسي الأنثروبولوجيا الاجتماعية في الكوليج دي فرانس 1959، وفي 1964 نال وسام جوقة الشرف . في هذه المدة من حياته وما بعدها ألف شتراوس مجموعة من المؤلفات، وكتب العديد من المقالات التي نشرها في المجلات العالمية، والتي ضمها فيما بعد إلى مؤلفاته، حيث تناول فيها دراسة الكثير من الظواهر على وفق المنهج البنيوي.
راهن ليفي ستروس على تجاوز الوعي العنصري القائم على عقل ثبوتي و هووي يشرع للتمركز الثقافي .