البشارات المحمدية ( وحي من جهة بلاد العرب )
جاء في سفر أشعياء الإصحاح (21) الأعداد (13 - 16):
"وحيٌ من جهة بلاد العرب: في الوعر في بلاد العرب تبيتِين، يا قوافل الددانيِّين، هاتوا ماءً لملاقاة العطشان، يا سُكَّان أرض تيماء، وافوا الهارب بخبزه، فإنهم من أمام السيوف قد هربوا، من أمام السيف المسلول، ومن أمام القوس المشدودة، ومن أمام شدة الحرب، فإنه هكذا قال لي السيِّد: في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قِيدار".
هذه البشارة واضحة برسالة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - حيث حدَّد النص نزول الوحي بأنه "وحي من جهة بلاد العرب"، ومن المعلوم أن بلاد العرب وموطنهم الأصلي هو جزيرة العرب التي وُلد وعاش وتُوفي فيها النبي محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - فإن لم يكن الوحي الذي جاء من بلاد العرب هو الرسالة التي أُنزلت على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - فمن هو ذلك النبي العربي الذي أوحي إليه في بلاد العرب؟
أما قبائل الددانيِّين، فهم قبائل من نسل ددان، وهو أحد أبناء سيدنا الخليل إبراهيم - عليه السلام.
والدليل على أن ددان هم أبناء إبراهيم ما جاء في سفر التكوين الإصحاح (25) الأعداد (1 - 3): "وعاد إبراهيم فأخذ زوجة اسمها قطورة، فولدت له: زمران وبقشان ومدان ومديان ويشباق وشوحا، وولد يقشان: شَبَا وددان".
ومن المعلوم أن كثيرًا من العرب من نسل إبراهيم - عليه السلام - ومنهم النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي جاء من نسل إسماعيل ولد إبراهيم - عليه السلام.
وددان اسم لمدينة قديمة تقع الآن عند مدينة العُلا بأرض الحجاز على مقربة من المدينة المنورة، ولا تزال آثارها موجودة، ولا يزال اسم "دادان" أو "ديدان" متداولاً بين العرب سكان هذه المنطقة.
أما ما جاء في النص من قوله : "هاتوا ماءً لملاقاة العطشان، يا سكان أرض تيماء، وافوا الهارب بخبزه، فإنهم من أمام السيوف قد هربوا، من أمام السيف المسلول، ومن أمام القوس المشدودة، ومن أمام شدة الحرب"، فهذه إشارة إلى هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة؛ فإن تيماء من أعمال المدينة المنورة[1].
أما قوله: "فإنه هكذا قال لي السيد: في مدة سنة كسنة الأجير يَفنى كل مجد قِيدار"، فهو إشارة إلى غزوة بدر التي وقعَت بعد سنة من الهجرة، وكانت بين النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في مقابل الكفار من أهل مكة، وانتهت بانتصار ساحق للمسلمين على كفار مكة؛ لتكون إرهاصة بزوال مجد العرب الوثنيين من أهل مكة وزوال ملكهم كما هو ثابت في السيرة والتاريخ.
فـ"قيدار" هو أحد أبناء سيدنا إسماعيل - عليه السلام - الذي سكن مكَّة، والدليل على أنه من ولد إسماعيل ما جاء في سفر التكوين الإصحاح (25) الأعداد (13 - 16):
"وهذه أسماء بني إسماعيل بأسمائهم حسب مواليدهم: نبايوت بكر إسماعيل، وقيدار، وأدَبْئيل ومبسام، ومشماع ودومة ومسَّا، وحدار وتيما ويطور ونافيش وقِدمة، هؤلاء هم بنو إسماعيل، وهذه أسماؤهم بديارهم وحصونهم، اثنا عشر رئيسًا حسب قبائلهم".
فقوله: "يفنى كل مجد قيدار" يوضح أن مجد قيدار، وهو المجد المتمثل في القبائل العربية، سوف يفنى بعد غزوة بدر، وقد حدَث هذا بالفعل؛ حيث سقط مجد تلك القبائل العربية على يد الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي حطَّم أصنامهم، وقضى على شركهم، ولم يمت حتى سيطر المسلمون على الجزيرة العربية بأَسرِها.
[1] يُذكَر أن تيماء كان يسكن بها اليهود الذين رحلوا إلى يثرب واستوطَنوا فيها، وعلى هذا فأهل يثرب من اليهود هم أهل تيماء المخاطَبون في هذا النص.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|