إعادة تدوير الملابس تحمي الكوكب بين الحقيقة والخرافة
يعتقد كثر، عن حسن نية في معظم الأحيان، أنهم يخدمون البيئة من خلال شراء ملابس معاد تدويرها... غير أن قلة ربما يدركون أن السواد الأعظم من المواد المستخدمة في هذه المنتجات مصدرها عبوات بلاستيكية، من دون أي حماية فعلية للكوكب.
في متجر رئيس تابع لعلامة "إتش آند إم" التجارية في باريس، يصعب العثور على ملابس لا تحمل مؤشرا إلى أنها مصنوعة من "مواد معاد تدويرها".
وفي العام الماضي، كان 79% من البوليستر المستخدم في مجموعاتها متأتيا من مواد معاد تدويرها، فيما تسعى الشركة إلى أن تعتمد كليا على هذه المواد بدءا من العام المقبل.
وفي حين يمكن إعادة تدوير العبوات البلاستيكية خمس أو ست مرات، فإن القميص المصنوع من البوليستر المعاد تدويره "لا يمكن إعادة تدويره بتاتا" في المستقبل، وفق ترنك.
ويصنع كل البوليستر المعاد تدويره تقريبا من مادة pet (بولي إيثيلين تيريفثاليت) الموجودة في العبوات البلاستيكية، وفقا لمنظمة "تكستايل إكستشينج" غير الربحية.
في أوروبا، يتم التخلص من معظم مخلفات المنسوجات أو حرقها. ويعاد تدوير أو استخدام 22% فقط منها، ثم يحول معظمها إلى مواد عازلة أو تستخدم لحشو المراتب أو كأقمشة للتنظيف.
وقالت المفوضية الأوروبية، إن "أقل من 1% من الأقمشة المستخدمة في إنتاج الملابس يعاد تدويرها وتحويلها إلى ملابس جديدة".
وتعد الملابس المصنوعة من أكثر من نوعين من الألياف غير قابلة لإعادة التدوير. وتفرز الملابس التي يمكن إعادة تدويرها حسب اللون، ثم تزال السحابات والأزرار والمسامير وغيرها من المواد.
وقد تبدو إعادة استخدام القطن حلا بديهيا. ولكن عندما يعاد تدوير القطن، تنخفض جودته كثيرا لدرجة أن عادة ما يتعين نسجه بمواد أخرى، وفق الخبراء، ما يعيدنا إلى مشكلة الأقمشة المختلطة.
ولحل مشكلة إعادة التدوير، استخدمت علامات تجارية للأزياء، البلاستيك المعاد تدويره، ما أثار الغضب والانزعاج لدى قطاع صناعة المواد الغذائية، الذي يدفع تكاليف جمع العبوات المستخدمة المصنوعة من مادة pet.
وكتب قطاع صناعة المشروبات في رسالة مفتوحة إلى البرلمان الأوروبي العام الماضي "فلنكن واضحين: هذه ليست (عملية) دائرية"، منددا بـ"الاتجاه المقلق" لقطاع صناعة الأزياء الذي تجاهر بـ"ادعاءات عن مراعاة البيئة من خلال استخدام المواد المعاد تدويرها".
ولا تشكل إعادة تدوير البوليستر أيضا الحل المناسب، بحسب لوريان فيار، العضو في شبكة "زيرو وايست نتوورك".
وشددت فيار على أن البوليستر عادة ما يكون غير نقي أو ممزوج بمواد أخرى مثل الإيلاستين أو الليكرا، ما "يمنع أي إعادة تدوير".
ولا يختلف جان باتيست سولتان، من منظمة "كربون 4" غير الحكومية، في الموقف من هذه المادة. ويقول "من تصنيعه إلى إعادة تدويره، (البوليستر) يلوث الماء والهواء والتربة".
والسؤال هنا: أين تنتهي كل هذه الجبال من البوليستر غير القابل لإعادة التدوير والأقمشة المختلطة بعد أن يحضرها المستهلكون الغربيون إلى صناديق إعادة التدوير؟
ما يقرب من نصف مخلفات المنسوجات التي تجمع في أوروبا ينتهي بها الأمر في الأسواق الإفريقية للملابس المستعملة، أو في كثير من الأحيان ترمى في "مطامر نفايات في الهواء الطلق"، بحسب أرقام نشرتها وكالة البيئة الأوروبية عام 2019.
إلى ذلك، تذهب 41% من مخلفات النسيج في الاتحاد الأوروبي إلى آسيا، ومعظمها "إلى مناطق اقتصادية مخصصة، حيث تفرز وتعالج".