شهداء الخندق
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الاوّلين والآخرين وعلى آله وأصحابه الغر الميامين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد استوقفني قول ابن اسحاق: "ولم يقتل من المسلمين يَوْم الخندق إلا ستة نفر: سعد بْن معاذ، وأنس بْن أوس بْن عتيك، وعبد اللَّه بْن سهل، ثلاثة نفر، فهذان جعلاه من بني عبد الأشهل، والله أعلم"[1]، وقول الواقدي رحمهما الله تعالى: في باب ذِكْرُ مَنْ قُتِلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: "مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، رَمَاهُ حِبّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ فَمَاتَ، وَيُقَالُ رَمَاهُ أَبُو أُسَامَةَ الْجُشَمِيّ، وَأَنَسُ بْنُ أَوْسِ بْنِ عَتِيكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَمِ بْنِ زَعُورَاءَ بْنِ جُشَمِ بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ، قَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، رَمَاهُ بِسَهْمٍ، وَعَبْدُاللهِ بْنُ سَهْلٍ الْأَشْهَلِيّ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ بنى عويف فقتله. وَمِنْ بَنِي سَلِمَةَ: الطّفَيْلُ بْنُ النّعْمَانِ. قَتَلَهُ وَحْشِيّ، وَكَانَ وَحْشِيّ يَقُولُ: أَكْرَمَ اللهُ بِحَرْبَتِي حَمْزَةَ وَالطّفَيْلَ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ غَنَمَةَ بْنِ عَدِيّ بْنِ نَابِي، قَتَلَهُ هُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ الْمَخْزُومِيّ. وَمِنْ بَنِي دِينَارٍ: كَعْبُ بْنُ زَيْدٍ، وَكَانَ قَدْ اُرْتُثّ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ فَصَحّ حَتّى قُتِلَ فِي الْخَنْدَقِ، قَتَلَهُ ضِرَارُ بْنُ الْخَطّابِ. فَجَمِيعُ مَنْ اُسْتُشْهِدَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سِتّةُ نَفَرٍ"[2]. مما دعاني للتفتيش عنهم في كتب الحديث والسير والتراجم للتعرف عليهم والتشرف بذكرهم وبعد البحث والتفتيش تحصل لدي أنهم سبعة نفر خلا سيدنا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ لأنه مات بعد رجوعه من غزوة بني قريظة، حيث انفجر الجرح الذي كان أصابه يوم الخندق برمية ابن العرقة، فالمراد من قولهما والله اعلم: أنّه استشهد بسبب تلك الرّمية يوم الخندق. ولم يدفن معهم بل دفن بالبقيع بعد غسله فلو عد من شهداء الخندق لما غُسل وصلى عليه كما فُعل بمن استشهد في مكان الغزوة ودفن فيها، وهم: أَنَسُ بْنُ أَوْسِ بْنِ عَتِيكِ، وَعَبْدُاللهِ بْنُ سَهْلٍ الْأَشْهَلِيّ، والطّفَيْلُ بْنُ النّعْمَانِ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ غَنَمَةَ بْنِ عَدِيّ، وكَعْبُ بْنُ زَيْدٍ، وسِنَانُ بن صَيْفيّ، و عَبْداللَّهِ بْن أَبِي خَالِد.
ومما ينبغي ان يعلم ان بعض العلماء ذكر ممن استشهد منهم بـ "سند فيه من لا يعرف": سليط، وسفيان بن عوف الأسلمي. اذ ساق البزار حديثاً بسنده وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سليطا وسفيان بن عوف الأسلمي طليعة يوم الأحزاب فخرجا حتى إذا كانا بالبيداء التفت عليهم خيل لأبي سفيان فقاتلا حتى قتلا فأتيَ بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدفنا في قبر واحداً فهما الشهيدان القرينان[3]. فآثرت عدم ذكرهما لعدم صحة هذا الحديث.
فقمت بترجمة من ذكرت في هذا البحث المتواضع ترجمة معرفيه ورتبتهم حسب الحروف الهجائية واحلت ذلك الى المصادر التي ذكرت ذلك والله اعلم بالصواب وهم كالاتي:
1- أَنَسُ بْنُ أَوْسٍ الأنصاري الأوسي وهو ابن أوس بْن عتيك بْن عمرو بْن عبد الأعلم بْن عامر بْن زعوراء بْن جشم بْن الحارث بْن الخزرج بْن عمرو بْن مالك بْن الأوس، وزعوراء هذا أخو عبد الأشهل، كذا نسبه ابن الكلبي، وهو أخو مالك وعمير والحارث ابني أوس. شهد أحدًا، ولم يشهد بدرا، وقتل يَوْم الخندق رماه خالد بن الوليد بسهم فقتله فاستشهد ذكر ذلك الزهري وابن هشام وغيرهما[4].
2- ثَعْلَبة بن غَنَمَة - بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالنُّون وَالْمِيم متحركات - بن عَدِي بن نَابِي بن عَمْرو بن سَوَاد بن غَنْم بن كَعْب بن سَلِمَة الأنصاري الخزرجي السلمي شهد العقبة في البيعتين في السبعين، وشَهِدَ بَدْرًا، وهو أحد الذين كسروا آلهة بني سلمة. وقال ابن إسحاق: وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، قتله هبيرة بن أبي وهب المخزومي. وقيل: إن ثعلبة بن غنمة قتل يوم خيبر شهيدا، قاله إبراهيم بن المنذر عن عبد الله، وذكر ابن الكلبيّ أنه ممن سأل عن الهلال كيف يبدو صغيرا ثم يكبر، فنزل قوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ... ﴾ [البقرة: 189] الآية[5].
3- سِنَانُ بن صَيْفيّ، بن صخر بن خنساء بن سنان بن عُبَيْد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة، أبو سنان، شهد بدرا والعقبة، وقتل يوم الخندق شهيدا، قاله جَعْفَر عن ابن إسحاق[6].
4- الطُّفَيْلُ بْنُ مالك بن النُّعْمَانِ، وَقيل: الطُّفَيْل بن النُّعْمَان بْنِ خَنْسَاءَ بْنِ سِنَانِ بْنِ عُبَيْدٍالأنصاري السلمي، من بني سلمة، بَدْرِيٌّ عَقَبِيٌّ، شهد العقبة، وشهد بدرا، وأحدا، وجرح بأحد ثلاثة عشر جرحا، وعاش حتى شهد الخندق، واسْتُشْهِدَ فيها، قتله وحشي بن حرب[7].
5- عَبْداللَّهِ بْن أَبِي خَالِد بْن قيس بْن مالك بْن كعب بْن عبدالأشهل بْن حارثة بْن دينار بْن النجار، الأنصاري الخزرجي، ثم من بني دينار، قتل يَوْم الخندق. قاله ابن الكلبي. وأورده ابن الأثير وابن حجر [8].
6- عَبْدالله بْن سهل بْن زَيْد بْن عامر بْن عَمْرو بْن جشم بْن الْحَارِث بْن الخزرج بْن عَمْرو بْن مالك بْن الأوس الأَنْصَارِيّ، وأمه الصعبة بِنْت التيهان بْن مالك أخت أبي الهيثم بْن التيهان، قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وهو أخو رافع بْن سهل. وهما اللذان خرجا إلى حمراء الأسد وهما جريحان فحمل أحدهما صاحبه ولم يكن لهما ظهر. شهد بدرا وأحدا وشهد معه أحدا أخوه رافع بْن سهل. وشهد الخندق. وقُتل فيها شهيدًا. رماه رَجُل من بني عويف فقتله. وليس لعبد الله بْن سهل عقب[9].
7- كعب بْن زَيْد بْن قَيْس بْن مَالِك بْن كَعْب بْن حارثة بْن دينار بْن النجار الأَنْصَارِيّ، شهد بدراً وقُتِل يومَ الخندق، قتله ضرار بْن الخطاب فِي قول الْوَاقِدِيّ، وقال ابن عساكر: قتله عامر بن الطفيل، وقال ابْن إِسْحَاق: أصابه سهم فقتله. قال: ويذكرون أن الَّذِي أصابه سهم أُمَيَّة بْن رَبِيعَة بْن صَخْر الدؤلي، وَكَانَ قد نجا يَوْم بئر معونة وحده، تُرِكَ وَبِهِ رَمَقٌ فارتث من بين القتلى فَعَاشَ وقتل سائر أصحابه[10].
هذا ما تحصل لدي ولله الحمد والمنة جمعنا الله وإياهم مع حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى.
وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على سيّدنا مُحمّدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|