نوح علي سلمان القضاة (1939 - 19 ديسمبر 2010) عالم وأكاديمي شرعي أردني، كان مفتي عام للمملكة الأردنية الهاشمية «2007-2010» ومفتي للقوات المسلحة «1972-1992» وعمل سفيرًا للمملكة في إيران «1996-2001». ولد 1939م، في بلدة عين جنا بمحافظة عجلون. عرف بفتاويه الجريئة وخاصة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية عندما تبوأ منصب مفتي عام المملكة، وكانت بعض فتاواه متناقضة مع رغبات المسؤولين الحكوميين، مما منحه شعبية كبير في نفوس الأردنيين.
التحصيل العلمي
كان والد الشيخ نوح، الشيخ علي سلمان القضاة فقيهاً شافعياً أجازه في علومه ومعارفه كبار علماء الشام في طليعتهم الشيخ علي الدقر. وقد لقّى أبنائه الأربعة العلوم الشرعية والعربية قبل أن يبعث بهم إلى الشام لتلقي العلوم الشرعية على أيدي علمائها.
سافر الشيخ نوح إلى دمشق عام 1373 هـ الموافق 1954م وقضى هناك سبع سنوات في المدرسة الغراء التي أسسها الشيخ علي الدقر حيث أكمل فيها الدراسة الإسلامية من المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الثانوية. ومن مشايخه في هذه المرحلة في الفقه الشافعي والعقيدة الإسلامية: الشيخ عبد الكريم الرفاعي والشيخ أحمد البصروي والشيخ عبد الرزاق الحمصي والشيخ نايف العباس والشيخ محمود الرنكوسي والشيخ محمد الشماع وفي نفس الوقت كان يحضر مجالس الشيخ المربي محمد الهاشمي التلمساني ومنه أخذ الورد اليومي في الطريقة الشاذلية الصوفية.
بعد إتمام دراسته الثانوية في المدرسة الغراء التحق بكلية الشريعة في جامعة دمشق ومكث فيها أربع سنوات وكان يمضي جلّ وقته في تلقي الفقه الحنفي على أيدي كبار العلماء منهم: الشيخ مصطفى الزرقا والدكتور وهبة الزحيلي والشيخ عبد الرحمن الصابوني والشيخ أمين المصري والشيخ عبد الفتاح أبو غدة والشيخ محمد المبارك والشيخ فوزي فيض الله.
تخرج الشيخ نوح عام 1384 هـ الموافق 1965م ثم رجع إلى الأردن حيث انضم إلى سلك القوات المسلحة وعمل بجانب الشيخ عبد الله العزب الذي خلفه في منصب المفتي العام للمملكة ضمن دائرة الافتاء العام التابعة للقوات المسلحة الأردنية، عام 1392 هـ الموافق 1972م.
عام 1397 هـ الموافق 1977م سافر إلى القاهرة حيث درس أصول الدين وأصول الفقه على يد الشيخ عبد الغني عبد الخالق والفقه المقارن على يد الشيخ حسن الشاذلي واستمع إلى محاضرات في التصوف لرئيس جامعة الأزهر الشيخ عبد الحليم محمود. وحصل على درجة الماجستير في الفقه المقارن، وقدّم عام 1980 رسالة بعنوان «قضاء العبادات والنيابة فيها» بإشراف د. محمد الأنبابي.
عام 1406 هـ الموافق 1986م نال درجة الدكتوراه من جامعة محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وقدٌم رسالته بعنوان «إبراء الذمة من حقوق العباد». وأشرف على رسالته الشيخ صالح العلي الناصر، ثم الشيخ د. صالح الأطرمفي مجال الدعوة والإرشاد
قام منذ تم تعيينه مفتياً في عام 1392 هـ الموافق 1972م بإصدار مئات بل آلاف من الفتاوى لأسئلة تتناول كل جوانب الحياة والدين وتم نشرها في المجلة الإسلامية للقوات المسلحة بعنوان: التذكرة وهي المجلة الأكثر شهرة والتي استمر إصدارها ورقيا حتى عام 2019، بالإضافة إلى محاضرات ومؤلفات ومقالات حول موضوعات متنوعة وفي شتى المجالات، وقد كان يتم إرساله إلى الوحدات العسكرية لإعطاء الدروس الدينية. وأسس كلية خاصة لتأهيل المفتين التابعين للقوات المسلحة.
مدير مديرية الإفتاء العسكري. في عهده تميز الجيش الأردني بوجود إمام راتب في كل وحدة ليؤم أفراد وحدته ويلقي دروساً دينية وكان يرتب لهذا الإمام برامج ودورات إسلامية إضافية في الفقه الشافعي وتفسير القرآن والحديث والعقيدة
أسس في الجيش كلية الأمير الحسن للدراسات الإسلامية ضم جامعة مؤتة الجناح العسكري، حيث يقوم خريجوها بالتوجيه الديني في الجيش وبرتبة عسكرية تبدأ من رتبة ملازم.
في عام 1424 هـ الموافق 2004م عمل في هيئة الإفتاء في دولة الإمارات العربية المتحدة ومستشاراً لوزير العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية حتى عام 1428 هـ الموافق 2007م.
صدر قرار المفتي العام للمملكة في دائرة الإفتاء العام عام 1428 هـ الموافق 2007م، وبقي في منصبه حتى قدّم استقالته في شهر فبراير عام 2010م.
التوجه الفكري
لم يكن الشيخ نوح القضاة ذو توجها فكريا معينا نظراً لانخراطه في السلك العسكري منذ بواكير شبابه، لكنه كان معروفا بانحيازه للقضايا الإسلامية العامة، وله أثر حتى اليوم في تعميم العلاقة بين الدين والعسكرية بالأردن، وأثر في الفتاوى بالمملكة، كما كان له الأثر في توجه أبنائه الأربعة لدراسة الشريعة، والذي منهم الوزير السابق محمد نوح القضاة.