بعض الفوائد المنتقاة من مجمع الفوائد (6)
فائدة:
عن أبي عبدالله المغربي، كان يقول لي شيخ أصحبه يشرب في كل أربعة أشهر شربة من ماء - يعني بصاحبه: علي بن رزين - عاش مئة وعشرين سنة.
وكان أبو عبد الله المغربي مات عن مئة وعشرين سنة.
فائدة:
قال أبو عبدالله المغربي: المخصوصون من الله - عز وجل - على منازل ثلاثة: منهم من ضن بهم عن البلاء لكيلا يستغرق الجزع صبرهم فيجدون في صدورهم حرجًا من قضائه أو يكرهون حكمه. ومنهم من يضن بهم عن مجاورة العصاة ومخالطتهم لتسلم قلوبهم وصدورهم للعالم. ومنهم من صب عليهم البلاء صبًّا وأمدهم بالصبر والرضا، فما ازدادوا بالبلاء إلا حبًّا ورضًا بحكمه. ولله عباد أوجدهم نعمًا مجردة عليهم، وأسبغ عليهم ظاهر العلم وباطنه، وأحمل عن الناس ذكرهم[1].
قال حمدون بن أحمد: لا أحد أدون ممن يتزين لدار فانية، ويتحمد إلى من لا يملك ضره، ولا نفعه.
وتسفه رجل عليه فسكت - حمدون - وقال: تسفه رجل على إسحاق الحنظلي فاحتمله وقال: لأي شيءٍ تعلمنا العلم. اهـ
يوسف الرازي:
كان يقول علم القوم بأن الله يراهم فاستحيوا من نظره أن يراعوا شيئًا سواه، ومن ذكر الله بحقيقة ذكره؛ نسي ذكر غيره ومن نسي ذكر كل شيءٍ في ذكره؛ حفظ عليه كل شيء إذ كان الله له عوضًا من كل شيء.
وسئل: فيما يجد العبد الخلاص؟ قال: الخلاص في الإخلاص؛ فإذا أخلص تخلص. قيل: فما علامة الإخلاص؟ قال إذا لم يكن في عملك محبة حمد المخلوقين، ولا مخافة ذمهم؛ فأنت مخلص. اهـ[2].
فائدة:
قال أبو عبد الله: خمسة أدعوا لهم في دبر كل صلاة؛ أبواي، والشافعي، وأبو زرعة، وآخر ذهب عني اسمه.
قال أبو عثمان الحيري: موافقة الإخوان خير من الشفقة عليهم. وكان يقول الخوف من الله يوصلك إلى الله. والكبر والعجب في نفسك؛ يقطعك عن الله، واحتقار الناس في نفسك مرض لا يداوى[3].
فائدة:
قال الجنيد بن محمد: علمنا مضبوط بالكتاب والسنة، من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث ولم يتفقه؛ لا يقتدى به.
وكان يقول: الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر الرسول واتبع سنته، ولزم طريقته.
قال علي بن حبيش: سمعت محمد الجنيد يقول: سألت عن المعرفة. كيف تحيط المعرفة بمن لا تلحقه الفكرة، ولا تحيط به العقول ولا تتوهمه الأذهان، وأعلم خلقه به، أشدهم إقرارًا بالعجز عن إدراك عظمته سبحانه الله وتعالى.
وقال رحمه الله:
إن لله عبادًا صحبوا الدنيا بأبدانهم، وفارقوها بعقود إيمانهم، أشرف بهم على اليقين على ما هم إليه صائرون، وفيه مقيمون وإليه راجعون، فهربوا من مطالبة نفوسهم الأمارة بالسوء، الداعية إلى المهالك، المعينة للأعداء المتبعة للهوى، المنغمسة في البلاء إلى قبول داعي التنزيل، المحكم الذي لا يحتمل التأويل، إذ سمعوه يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [لأنفال: 24]، فأسرعوا إلى حذف العلائق المشغلة قلوبهم، وصدقوا الله في معاملته، وأحسنوا الأدب فيما توجهوا إليه، وهانت عليهم المصائب، وعرفوا قدر ما يطلبون، فاغتنموا سلامة الأوقات وسلامة الجوارح، وأماتوا شهوات النفوس، وسجنوا همومهم عن التلفت إلى مذكور سوى وليهم! وحرسوا قلوبهم عن التطلع في مراقي الغفلة، وأقاموا عليها رقيبًا من علم من لا يخفى عليه مثقال ذرة في بر ولا بحر، فانقادت تلك النفوس بعد اعتياصها، واستبقت منافسة لأبناء جنسها، فصار شغلها بالله متصل وعن غيره منفصل، نظروا بقلوبهم قوله تعال: ﴿ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ﴾ [الأنبياء: 103]، وقوله تعالى﴿ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾ [فصلت: 31][4].
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|