السراج الوهاج في لطائف الإسراء والمعراج (2) - منتديات احساس ناي

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 349
عدد  مرات الظهور : 9,609,324
عدد مرات النقر : 329
عدد  مرات الظهور : 9,609,321
عدد مرات النقر : 224
عدد  مرات الظهور : 9,609,360
عدد مرات النقر : 176
عدد  مرات الظهور : 9,609,360
عدد مرات النقر : 324
عدد  مرات الظهور : 9,609,360

عدد مرات النقر : 23
عدد  مرات الظهور : 3,127,479

عدد مرات النقر : 47
عدد  مرات الظهور : 3,122,068

عدد مرات النقر : 20
عدد  مرات الظهور : 3,122,592

العودة   منتديات احساس ناي > ๑۩۞۩๑{ القسم الاسلامي }๑۩۞۩๑ > › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪•

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 12-31-2022, 07:13 PM
حكاية ناي ♔ متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » اليوم (06:32 PM)
آبدآعاتي » 3,719,937
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2253
الاعجابات المُرسلة » 795
مَزآجِي   :  08
?? ??? ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
 آوسِمتي »
 
افتراضي السراج الوهاج في لطائف الإسراء والمعراج (2)

Facebook Twitter




المسألة الرابعة عشرة: رؤيا الإسراء ابتداء توطئة:
وقال الله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ﴾ [الإسراء: 60]، وإنما كان الإسراء رؤيا ابتداءً؛ لأنه حدث، وكان له أثره العظيم في مراحل الدعوة التالية.
وإنما كان الإسراء رؤيا ابتداءً؛ تمهيدًا بتسليته صلى الله عليه وسلم، وأمام من سوف يقول: صدق؛ ولأن هذا يزيد المؤمنين إيمانًا مع إيمانهم، أو من سوف يرميه كذبًا، ولأن هذا داعية تثبيت وتمحيص معًا.
وإنما كان الإسراء رؤيا ابتداءً؛ إعدادًا وتهيئة له صلى الله عليه وسلم، ولربما حصل له مثلما كان أول ابتداء الوحي به صلى الله عليه وسلم، وذلك أخذه خوفه، وما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: ((زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي))، وهو ربط لمراحل الدعوة بعضها مع بعض برباط التذكير، وكأنما هي ملحمة واحدة، يشد أحداثها بعضًا ببعض، تقوية وتسلية وتسرية وتذكرة معًا.
وإنما كان الإسراء رؤيا ابتداءً؛ توطئةً لتحمله، وتمهيدًا لتقبله.
وإنما كان تمهيدًا له صلى الله عليه وسلم، أن يريه ربه إسراءه منامًا! كيما لا يفجأه، حين وقع رأي العين، وبعد إذ قد رآه منامًا! ولأن هذا حدث فوق ملكات التصور، ولأنه أمر أعلى من مقامات التحمل! ولولا إذ ثبته مولاه، ولولا إذ كان صلى الله تعالى عليه وآله وسلم به من الطاقات التي أمكنها تقبل ذلك وتحمُّله، ومن أمر الإسراء، ومرورًا بأحداثه العظام، وكذا أمر المعراج ومرورًا بمراحله الجسام، وإذ كل واحدة من هؤلاء لتمثل فصلًا مستقلًّا من فصول هذه السيرة النبوية المباركة، وبمثلها وفصلًا آخر من فصول هذه الدعوة المباركة أيضًا.
وإنما كان توطئة لتحمله؛ لأنها كانت أحداثًا، ليست كأحداث مرت، وليست كوقائع خلت، ومن ثم كانت مألوفة، أو معهودة، أو معروفة! ولأن الأمر كان ليس كذلك؛ فمنه كان التمهيد، ومنه كانت التوطئة!
المسألة الخامسة عشرة: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ:
وانظر عبرة في قوله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ﴾ [الإسراء: 60]، ولما كانت لاحقة لقوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ﴾ [الإسراء: 60] طمأنةً لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وتحريضًا له "على إبلاغ رسالته، ومخبرًا له بأنه قد عصمه من الناس، فإنه القادر عليهم، وهم في قبضته، وتحت قهره وغلبته"[1]. وفيه من الظن الحسن به تعالى؛ ولأن ما يأتي من عنده تعالى فإنما هو خير، وإن تأبط ظاهرًا ما يحسبه أحدنا دون ذلك!
المسألة السادسة عشرة: ﴿أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ:
وفيه إحاطة ربنا سبحانه بكل شيء، وفتنته للناس، وكل على وجهه اللائق به تعالى، والذي كان منه إنا به نؤمن، وإنا به نمرره، وإنا به لا نكيفه، ولا نمثله، ولا نشبهه، ولا نعطله، ولأن الله تعالى محيط وبكل شيء، وكما قال تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ﴾ [فصلت: 54].
وإذ كان إمهاله تعالى لأولئك الذين كفروا وكذبوا، وإنما ليريهم من آياته، ومن آفاقه، وحتى يتبين لهم أنه الحق، وكما قال الله تعالى: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ﴾ [فصلت: 53]. وسواء أذعنوا لذلك راضية نفوسهم، أو أنهم استكبروا وعتوا، وبالغوا مناصبة عدائهم لهذا النبي الأمي العربي القرشي الكريم صلى الله عليه وسلم، ومن بعد ما رأوا الآيات!
وهذا بيان لطريق أولئك، وألا يستوحشن نبي طريقًا سلكوه، ولأن أخاه يوسف عليه السلام كان قد بانت براءته، وبالآيات! وإلا أنهم حبسوه وسجنوه وآذوه! وكما قال الله تعالى: ﴿ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِين ﴾ [يوسف: 35].
وهذا شأن كل معاند متكبر جبار، وإذ يرى الآيات ويعمى، وإذ يسمع الآيات ويبكم، وإذ يوقنها وعنها يتغافل، وماذا أنت قائل، وأمام قوله تعالى عنهم: ﴿ وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ﴾ [نوح: 7]؟!
إن قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ﴾ دلالة على أن الله تعالى مانع عبده، كما قد منع نبيه صلى الله عليه وسلم، فليطمئن، وهو دليل قدرة، وبرهان عظمة، لله تعالى ربنا الرحمن!
وإنما كان الإسراء رؤيا ابتداءً؛ اختبارًا لمدى تقبل الناس لما يرد إليهم من ربهم الحق سبحانه! وإنما كان الإسراء رؤيا عين، بعد أن كان رؤيا منام؛ ولأنه في قوله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ﴾ [الإسراء: 60]، قال: هي رؤيا عين، أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى بيت المقدس، قال: ﴿ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ﴾ [الإسراء: 60]، قال: هي شجرة الزقوم"[2].
ومجيء قوله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ﴾لاحقًا لقوله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ﴾ دليل قيومية قاهرة، وقدرة نافذة، وعزة غالبة.
ولكن عموم القول الكريم بفتنة الناس، وإذ يعد في حد ذاته برهانًا على صدق البيان وإعجازه معًا، وإلا فنحن أمام من افتتن، وعند من شك، ولدى من رابه ذلكم الأمر العظيم، وحين وضع عقله حاكمًا ضابطًا!
وأقول مقسمًا: وإن العقل ليس يحيل شيئًا من ذلكم، وحين يرد الأمر كله لله تعالى، ومعلنًا الإسلام، وحائزًا اليقين، وحينها ليجدن نفسه راضيًا مرضيًا، وأمام ثمرة هذا التسليم والإذعان لله تعالى ربنا الرحمن، وفي كل شيء، ومنه كان أمرا الإسراء والمعراج هذين!
المسألة السابعة عشرة: يقين النبي بربه الولي:
وانظر كيف كان منع ربنا الرحمن لنبيه صلى الله عليه وسلم، ومن قبلها تأمل كيف كان يقينه بربه تعالى، ذلكم المعدن النفيس، ولما قد توافر، فلا تسل عن خسار، ولا تسل عن عون ربك العزيز الغفار! وذلك "أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أخبر: أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه، فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاة، فنـزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفرَّق الناس يستظلُّون بالشجر، فنـزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمرة وعلق بها سيفه، ونمنا نومة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا، وإذا عنده أعرابي، فقال: إن هذا اخترط عليَّ سيفي، وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتًا، فقال: من يمنعك مني؟ فقلت: الله، - ثلاثًا - ولم يعاقبه وجلس"[3].
وشاهده قوله: فقال: ((من يمنعك مني؟ فقلت: الله))، فداعية الحق في حصن حصين، وقلعة أسوارها الرعاية الربانية الحافظة الحارسة لثغور دعاة الحق إليه تعالى، وهذا تحقيق لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128].
وحين أعلمهم نبينا صلى الله عليه وسلم بالعير، وكادت الشمس أن تغرب قبل قدومها، فدعا الله فحبسها حتى قدموا كما وصف لهم. وفيه دليل إقحام الخصم بكثرة الأدلة وتضافرها وتتابعها؛ وليكون فعلها فيه كالسيف مضاء، أو أشد فتكًا!
وإخباره صلى الله عليه وسلم بأحداث الرحلة كلها لا حدث واحد، إنما يعد عَلمًا من أعلام نبوته المتكررة المتتالية المتتابعة المتضافرة أبدًا أبدًا.
وأنت خبير بأن أحدهم وحين يقوم برحلة ما أو سفرة ما، ونادرًا ما يمكنه قص ما حدث كله، وعلى وجهه، وبه يبين الفارق، ومنه يستدل على عظمة الخالق، وحين أمكن نبيه ورسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يقصص ما رآه، وحين حكى ما صدقته عيناه، وكأنما هو يرويها بسندها المتصل، وكما قد وقعت تمامًا تمامًا!
وإحضار جبريل عليه السلام البراق، وإركاب نبينا صلى الله عليه وسلم عليه، ومن ثم أحضر المعراج، ووضع نبينا صلى الله عليه وسلم فيه، وأصعده إلى السماء! وهذه كلها من كرامات وتواضع الملك جبريل عليه السلام؛ ولأنه من صنف ملائكة كان من وصفهم أنهم ﴿ مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]، وهو أيضًا علامة فارقة في حياة الأمم، حين يكون أحدهم في موضع خدمة لإخوانه، وليُرفَع قدره، وحين يمنح بذلًا لهم من نفسه.
ومنه فإنه ليس يقلل من شأن أحدنا أن يكون خادمًا لإخوانه؛ ولأن هذا وضع جدير ذكره، ولأنه شرف يجب التنويه به؛ استدعاءً لرفعته، واستشرافًا لقيمته!
المسألة الثامنة عشرة: اختلاف الوسائل بتباين المراحل:
ولأنه قد أسري بنبينا صلى الله عليه وسلم بالبراق، وعرج به بالمعراج! فدل على أن لكل مرحلة وسائلها، والتي تميزها كل مرحلة عما سواها، وحسب مقتضيات الوضع الراهن لكلٍّ، وهو أيضًا مما يعد دليلًا آخر مضافًا إلى مرونة هذا الدين في مواجهة الوقائع والأحداث؛ ولأنه ليس جامدًا يقف محله، ولأنه بهذه المرونة قد كتب الله تعالى له البقاء شاهدًا حاكمًا ضابطًا.
وإنما كان التنويع في وسائل تنقله صلى الله عليه وسلم تسلية؛ ولأن الرتابة في كل شيء لتعد من خروج به عن إلفه، ولتعتبر ذهابًا به عن حركته الدائبة، والمفترض أنها من أخص خصائصه.
وإن الأمر كذلك ليعد ومن كونه ولكل مرحلة وسائلها المكافئة وعلاوة على ما أنف أيضًا.
وهذا فن إداري ممتاز، وحين لا تراوح المنشأة مكانها قوالب جامدة، لا حراك فيها، أو قواعد ثابتة لا مرونة لها؛ ولأن ذلك يصيبها، ولأن ذلك يعوقها ويسوؤها.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لما فرغت مما كان في بيت المقدس، أتي المعراج، ولم أرَ شيئًا قط أحسن منه، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حضر، فأصعدني صاحبي فيه، حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء، يقال له: باب الحفظة، عليه ملك من الملائكة، يقال له: إسماعيل، تحت يديه اثنا عشر ألف ملك، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك))[4].
وفيه التنويع في التسلية، كما أن فيه وصفًا للمعراج، علاوة على أنه أيضًا ينقل حركة هادرة للحدث؛ ليكون تأثيرها أعمق في المستقبل، كما كان لها ذلك الأثر الفعال في المرسل، وهو هنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وحين أنبأ الناس بأمره هذا.
ودل أيضًا على مرحلية الحركة، وكونها بالأهم فالمهم، فالأقل أهمية، وهكذا في تدرج يفيد، لا عفوية تضر.
المسألة التاسعة عشرة: عِظَمُ خلقِ المَلَكِ جبريل عليه السلام:
ولئن كان الانبهار الحقيقي أمام قدرة خالق عظيم، كان من خلقه ملك شديد القوى، له ستمائة جناح، كل منها يسد ما بين السماء والأرض! وهو ذلك الملك جبريل عليه السلام، إلا أن الانبهار ليعاود عمله في القلوب والأفئدة؛ حين تتصور أن مَلَكًا واحدًا يعمل تحت إمرته اثنا عشر ألف ملك آخر! ولا ندري من وصفهم إلا أنهم من جملة ما سبق وصفًا لذلك خلق من خلقه تعالى، بأنهم ﴿ مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]، وهذا مؤذن بالإخبات والخشوع والخضوع لرب عظيم، كان هذا خلقًا من خلقه تعالى!
ولئن كان من وصف جبريل عليه السلام أن له ستمائة جناح، ما بين كل جناحين كما بين السماء والأرض! دلالة عظم خلق الله تعالى ربنا الرحمن سبحانه! ويكأنه برهان عظمته سبحانه أيضًا، وإلا أنه يبقى القول: إن خالقًا هذه قدرته، لم يكن إلا ليُعبد وحده، دونما سواه معه أو من دونه؛ إكبارًا وإعظامًا وإفرادًا وإخباتًا أيضًا، وذلك هو حقه تعالى على العبيد، كما أنه أوجب وجوبًا له عليهم أيضًا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما ذلك جبريل، وما رأيته في الصورة التي خلق فيها غير هاتين المرتين رأيته منهبطًا من السماء، سادًّا عظم خلقه ما بين السماء والأرض))[5]!.
وتدلى جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، سادًّا عظم خلقه ما بين السماء والأرض! ليعطي انبهارًا آخر أمام ذلك الرب العزيز القهار، وهذا خلقه، وعلى هذه الصورة التي حكاها نبيه صلى الله عليه وسلم، وعلى ما رأى رأي عينه، لا وصفًا من غيره، وهذا خلق واحد ممن خلق الله تعالى ربنا الرحمن سبحانه!
قال الله تعالى: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ﴾ [النجم: 5 - 9]، هذه خمس صفات للملك جبريل عليه السلام، ولتغمرك رهبةً وإعظامًا، فقوله: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ متضمن لكثرة قواه، وأن كلًّا من قواه العديدة شديدٌ منفصلٌ؛ ليعطي كلًّا مجتمعًا أكثر قوة، وأعظم نفاذًا، وهذا يتضمن أيضًا ثناءً عليه، كما على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه معلَّم من قَوِي؛ ليكون قويًّا تبعًا دينًا وقولًا وعملًا، وهذه كلية قمنة درسًا وعلمًا وإحاطةً.
وقد جاء وصف الملك جبريل عليه السلام بالقوة، وأنه رسول، دلالة على قوته كما سلف، ودلالة على أنه مبلغ، فكان مجيء لفظ رسول قاطعًا على أنه ليس للقول منشئًا؛ وإنما كان دليلًا على كونه عن ربه كان مبلغًا، وهذا أمكن للتصديق، وهو نفي لداعية شك يحوم حول مسألة الوحي عمومًا، وأنه منه تعالى، إلى من كلفه بإيصالها عنه سبحانه إلى رسله، ومن ثم عن رسله عليهم الصلوات والتسليمات والتبريكات أبدًا أبدًا إلى أقوامهم، كما قال تعالى في وصف جبريل عليه السلام: ﴿ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ﴾ [التكوير:20]، وكما قال في شأن جنس الرسل عامة: ﴿ مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴾ [المائدة: 99].
و﴿ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ﴾ [النجم: 6] يحتمل وجوهًا "أحدها: ذو قوة، وثانيها: ذو كمال في العقل والدين جميعًا، ثالثها: ذو منظر وهيبة عظيمة، رابعها: ذو خلق حسن"[6].
المسألة العشرون: ﴿وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ:
وقال تعالى: ﴿ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُور ﴾ [الطور: 4]؛ وإنما سمي البيت المعمور بذلك؛ لأنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، وإذ كان من وصفهم أنهم يتعبدون فيه، صلاة وطوافًا، ثم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة!
إنه يحدونا القرآن العظيم مرة تِلْو أختها، واقفًا بنا أمام خلق كثير من خلقه تعالى؛ لنعتبر، ونتذكر، ونخشع، ونوقن، ونعبد، ونوحِّد، ولا نشرك به شيئًا!
المسألة الحادية والعشرون: ﴿عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ:
قال الله تعالى: ﴿ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ﴾ [النجم: 14]، وهذا هو وصفها أيضًا! وإذ "لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم، انتهي به إلى سدرة المنتهى، وهي في السماء السادسة، إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، قال: ﴿ إِذْ يَغْشَى ﴾ [النجم: 16]، ﴿ السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ﴾ [النجم: 16]، قال: فراش من ذهب، قال: فأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا: أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئًا، المقحمات"[7].
وقلت: ولولا أن خلقها كأعظم، ولولا أن شأنها كأعجز، ولولا أن وصفها كأبهر، ما سميت سدرة المنتهى! لأن نهاية الشيء هي أعلاه!
المسألة الثانية والعشرون: ﴿عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ:
قال الله تعالى: ﴿ عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ﴾ [النجم: 15]، وهذا تعريف بموضع جنة المأوى، وأنها عند سدرة المنتهى، ومما قيل في أوصافها: إنها جنة المبيت، وهي التي يصير إليها المتقون، وإنها الجنة التي يصير إليها أرواح الشهداء; قاله ابن عباس، وهي عن يمين العرش، وقيل: هي الجنة التي آوى إليها آدم عليه الصلاة والسلام إلى أن أخرج منها، وهي في السماء السابعة، وقيل: إن أرواح المؤمنين كلهم في جنة المأوى، وإنما قيل لها: جنة المأوى لأنها تأوي إليها أرواح المؤمنين، وهي تحت العرش، فيتنعمون بنعيمها، ويتنسمون بطيب ريحها، وقيل: لأن جبريل وميكائيل عليهما السلام يأويان إليها"[8].
المسألة الثالثة والعشرون: دراسة القوى المؤثرة
وإن وقفة خاطفة ولو واحدة عند خلق واحد من خلقه تعالى، ومنه فلا عقد لمقارنة أو مشابهة، ولو من باب بيت، أو شباكه، أو حتى مسمار واحد فيه، أمام خلق باهر معجز كهذا!
وسبحان من قال: ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [لقمان: 11].
هذا جناح ملك لا يبلى الدهر أبدًا! وجناح طائرة عمره الافتراضي عدة سنوات! وهذا رب قدير تخر له الجباه خُشعًا سُجدًا!
ليس الإعجاز في أن تخلق طائرة يخفيها الرادار؛ لأنك قاصر عن خلق مادة الطائرة، أو الرادار، أو حتى مسمار واحد فيهما!
إذا عرف امرؤ قدره، لتغير أمره!
عند الوقوف مليًّا أمام دراسة القوى المؤثرة على جسم ككرة! يأخذنا ذهول؛ إذ كيف يمكن دراسة قوى مؤثرة على جناح ملك يسد ما بين السماء والأرض!
إن فرض الصلاة من علٍ علو، وإن تركها سفل ودنو! ولعاقل أن يختار مجدًا، ولغيره أن يختار ضعةً!
المسألة الرابعة والعشرون: وكفى بها فضلًا!:

ولو لم يكن في واقعة الإسراء والمعراج إلا هذه الثلاث لكفى! وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم أعطي فيها: الصلوات الخمس، وخواتيم سورة البقرة، ويغفر لمن مات من أمته لا يشرك بالله شيئًا المقحمات، وجامعها إعطاؤها من فوق السماء السابعة، وقاسمها منحها معًا لتشكل كلًّا فألًا حسنًا، وظنًّا حسنًا بالله تعالى ربنا الرحمن سبحانه، أن وهبنا ذلكم العطاء كله، ومن فوق سمائه السابعة، ومشافهة مع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ولتأطر أحدنا أطرًا نحو آفاق الشكر والعرفان والحمد والتسليم والإذعان والرضا بالله تعالى ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولًا.

وهذا هو الفارق في مسألة التلقي، وحين عبد يمهر فؤاده تسليمًا وانقيادًا، فيرضى ويتابع، وبين آخر يأخذها مادة للثقافة، أو إرهاق العقل فيما لا طائل من ورائه، وسوى أن يبتليه ربه تعالى بالشك والريب، ليتيه ويمرغ، ويزداد مرضًا في قلبه، وحسرة ونكدًا، وحين قال الله تعالى: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [البقرة: 10].



 توقيع : حكاية ناي ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإسراء والمعراج: تسرية وتكليف وريادة حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 1 12-23-2023 11:46 AM
معجزة الإسراء والمعراج: العبر والدلالات حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 1 12-05-2023 04:07 PM
معجزة الإسراء والمعراج: العبر والدلالات حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 2 08-08-2023 08:13 AM
السراج الوهاج في لطائف الإسراء والمعراج (3) حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 2 01-02-2023 07:20 AM
السراج الوهاج في لطائف الإسراء والمعراج (1) حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 2 01-02-2023 07:20 AM


الساعة الآن 06:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.