تأليف جان جاك روسو (تأليف) عادل زعيتر (ترجمة)
نبذة عن الكتاب
يقول جان جاك روسو في معرض حديثه عن أصل التفاوت بين الناس بأن جميع أسباب رقي الإنسان لا تفتأ تبعده عن حاله الأصلية، وأنه، كلما حشدنا معارف جديدة، زدنا تخلياً عن الوسائل التي بها نكتسب أكثرها أهمية، وأنه قد أصبحنا، هكذا، نبتعد عن الحال التي تمكن من معرفة الإنسان ابتعاداً يقاس بنسبة انصرافنا إلى دراسته من هذا المنطلق كان لا بد لروسو وفي محاولته لاستكناه أصل التفاوت بين الناس، وكان لا بد له من النظر في هذه التغييرات المتتابعة التي طرأت على تكوين الإنسان عند توليه البحث عن الأصل الأول للفروق التي تميز بين الناس، وكان لا بد له من النظر في هذه التغييرات المتتابعة التي طرأت على تكوين الإنسان عند توليه البحث عن الأصل الأول للفروق التي تميز بين الناس، لأنهم، بإجماع آراء البحّاث، كانوا متساوين تساوياً طبيعياً، ما كان عليه كل نوع من أنواع الحيوان، قبل أن تحدث فيه العلل الفيزيوية المختلفة بعض الفروق المميزة التي نراها اليوم. ذلك وبالنسبة لروسو كان لا يمكن القول بأن جميع هذه التحولات الأولى، أياً كانت الأسباب التي سببتها والعوارض عن كل ما يشوهها.وقد بدأ روسو في محاولته هذه أولاً بسوق بعض البراهين مقدماً بعض الافتراضات، لا أملاً بحل المسألة، بل قصد إيضاحها وحصرها في نطاق حالها الراهنة. وهذا الأمر ليس بالسهل إذ أنه يمثل بحوثاً بالغة حد الصعوبة، والتي لم يفكر فيها إلا قليلاً حتى الآن، وهي وحدها مع ذلك ما بقي للإنسان من الوسائل لإزالة الكثير من العقبات التي تحجب عنه معرفة أسس المجتمع الإنساني الحقيقية، وجهل طبيعة الإنسان هو الذي تعريف الحق الطبيعي غير معيّن ومحوطاً بالغموض. ويقول روسو بأن هذه الدراسة نفسها، دراسة الإنسان الأصلي وحاجاته الحقيقية ومبادئ واجباته التي طرأت عليها، قد غيّرت، دفعة واحدة وعلى نمط واحد، جميع أفراد النوع، ولكن ربما أن بعضهم قد كمل أو فسد واكتسب صفات حسنة أو سيئة لم تكن ملازمة لطبيعته قط، فإن الأفراد الآخرين ظلّوا على حالهم الطبيعية زمناً أطول: ذلك كان مصدر التفاوت الأول بين الناس وهو الذي يسهل إثباته هكذا إجمالاً أكثر مما يسهل تعيين علله الحقيقية تعييناً دقيقاً. ذلك يلخص فلسفة روسو في هذا المجال. انها فلسفة بقدر ما تحمل من الوعي والتمرس في طبيعة الأشياء هي تحمل تأملات الإنسان التي تستلهم من فطرته السليمة النظرة المتجردة الأساسية، هي أيضاً الوسيلة الصالحة التي يمكن التذرع بها لإزالة تلك الصعوبات الجمة التي تحيط بأصل التفاوت الخلقي الأدبي، وبالأسس الحقيقية للهيئة السياسية، وبحقوق أعضائها المتبادلة ما بينهم، وآلاف من المسائل الأخرى المماثلة التي لا تقل أهميتها عما يحوطها من غموض.