يلعب العِلم دورًا هـامًا في بناء الحضارات ونشر الوعي، فكيف لأمة أن يزيع صيتها دون الحاجة إلى تصقيل مهارات أبنائها وشحذ سيوف المعرفة لديهم فما تبقى الآن من صراع حضاري يقوم على النزعة الفكرية دون غيرها.
وهذه الفكرة ليست وليدة اللحظة فالأمم العريقة الأمس كان بناؤها العلم وما يَحوطنا الآن من ناجحات واثرائات فكرية ماهو إلى نتاج الإهتمام بدور العلم وبذره في النفوس القوية.
والحضارة الإسلامية كانت ومازالت من أعرق الحضارات، كانت لبنتها الأولى هي العلم وشعارها الأساسي وبنيتها قوله تعالى ” وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا “، وأول مادُعي إلىه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو اقرأ، فبدون القراءة ونشر العلم بيننا مانحن سوى فُتات.
وكانت المساجد في بدء الأمر هي دُور العلم ومحرابه، إلى مايقارب من القرن الرابع الهجري حين بدأت المدارس في الظهور وذلك لتوفير الدعم الكامل لطالبـي العلم حيث:
كَثُر طلب العلم وبلغت الهمم أقصاها، فكان المرأ منهم يُسافر من أرضه وأهله بِغية الوصول إلى شيخ يريده، يُعلمه ويشفي علته العلمية فلا يتركه إلا وهو أهلٌ لنشر هذا العلم.
وقد توافد راغبي العلم من جميع أنحاء العالم في بداية الحضارة الإسلامية لثقل عقولهم بعلوم الشريعة والطبيعة.
وتزاحمت المساجد وامتلئت بطلاب العلم من جميع جهات الأرض.
وبدأت علوم الكلام بالظهور، وهي علوم تسدعي الجدل والنقاش الحاد وهو مايُخالف الفكر الأساسي التي أُقيمت من أجله المساجد وهو الصلاة والورع.
واستمر الحال على ذلك، حتى بدأت الهمم بالفتور وذلك في القرن الخامس عشر، فبدأت الدولة بالبدأ بانشاء المدارس بشكلها النظامي الحالي.