مسجد حبيب النجار في مدينة إنطاكيا والذي يعدّ الأقدم في تركيا، أصبح أثراً بعد عين ،جراء الزلزال المدمّر الذي ضرب البلاد في السادس من شهر شباط/فبراير الماضي، وخلّف عشرات آلاف الضحايا بين قتيل وجريح، فضلاً عن تدمير آلاف المباني السكنية والخدمية والتجارية.
فمسجد حبيب النجار الذي شُيّد في العام 638 ميلادية، ليست هي المرة المرة الأولى الذي يحيله زلزال إلى كومة من ركام، فقد كان أعيد بناؤه بعد زلزال ضرب إنطاكيا في العام 1853 ودمّر المدينة التي شهدت زلازل كثيرة أبرزها كانت بين العام 147 والعام 37 قبل الميلاد وأيضاً في العام 115 والعام 458 بعد الميلاد، وقد فضى في الزلزال الذي ضرب المدينة في العام 526 ربع مليون شخص، وفي العام 1054 قتل نحو عشرة آلاف شخص.
ركامُ المسجد أصبح مأوى لمحمد عصمت الذي نجا من الزلزال، حاله كحاله ناجٍ آخر يدعى بولنت تشيفسيفلي يقوم بالبحث عن والدته بين ركام المباني المجاورة للمسجد، حيث قضت والدته في منزلها الذي تلاشت معالمها ولم يكن أمراً سهلاً لتشيفسيفلي تمييز موقعه بين الركام المترامي الأطراف.
مدينة إنطاكيا، التي كان يُطلق عليها اسم "أنتيوخيا"، كان أسسها الإسكندر الأكبر في العام 300 قبل الميلاد، ومر عليها الإغريق والرومان والبيزنطيون والفرس والعرب والعثمانيون، وكذلك الفرنسيون لمدة وجيزة بين العقدين الثاني والرابع من القرن الماضي.
تشيفسيفلي الذي عاش معظم حياته بالقرب من موقع مسجد حبيب النجار، يقول: لطالما كانت إنطاكيا مدينة تشرّع أبوابها للجميع، على اختلاف أعراقهم ومشاربهم وعقائدهم، وحالياً يعيش في هذه المدينة السكّان الأصليون وهم من المسيحيين مع أبناء الطائفة العلوية، إلى جانب عدد كبير من اللاجئين السوريين. ويعتقد تشيفسيفلي جازماً على أن المدينة بعد الزلزال المدمر ستنهض من جديد، وقال وهو يبكي: "من هي إنطاكيا، الآن نحن فيها، وغداً هي لهم"، في إشارة منه إلى الأجيال القادمة.