الجيش: ندفع ثمنًا باهظًا لتشكيل البشير «قوات الدعم السريع»
تواصل القتال أمس بين القوتين العسكريتين المتناحرتين في السودان وهما الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي» رغم الاتفاق على تمديد جديد للهدنة التي كان من المقرر أن تنتهي عند منتصف ليل الأحد، لمدة 72 ساعة.
وفي هذه الأثناء قال الجيش السوداني أمس: إن البلاد تدفع «ثمناً باهظاً» بعد قيام النظام السابق بتشكيل قوات الدعم السريع، جاء ذلك في بيان للجيش، نشره على صفحته بفيسبوك قائلاً: «ورثت البلاد عبئاً ثقيلاً لخطأ النظام البائد الإستراتيجي بتكوين مليشيا الدعم السريع، تدفع الدولة السودانية الآن ثمنه الباهظ تخريباً للبلاد وترويعاً ونهباً للمواطنين»، وأضاف البيان: إن الجيش لن يسمح بأن تقوم بالسودان مجدداً أي «تشوهات في بنيتها العسكرية»، ميدانياً استمرت الاشتباكات دون ظهور بادرة حقيقية للتهدئة.
ووسط تحذيرات الأمم المتحدة من بلوغ الوضع الإنساني «نقطة اللاعودة»، أعلنت إرسال مبعوث إلى المنطقة لمحاولة الوقوف على ظروف ملايين الأشخاص العالقين وسط القتال.
وكان الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قد أعلنا الأحد تمديد الهدنة التي تنتهي منتصف الليل لمدة 3 أيام، على الرغم من خرقها باستمرار منذ بدئها، فيما قرر الأمين العام للأمم المتحدة إيفاد مسؤول كبير إلى المنطقة في ظل الوضع «غير المسبوق» في السودان.
وقال الجيش في بيان: إنه بناء على المساعي السعودية والأمريكية «وافقت القوات المسلحة على تمديد الهدنة»، مؤكدًا «جاهزيته التامة للتعامل مع أي خروقات».
كما أعلنت قوات الدعم السريع «تمديد أجل الهدنة الإنسانية لـ72 ساعة»، استجابة «لنداءات دولية وإقليمية ومحلية»، وقالت: إنها ستلتزم بوقف إطلاق النار، «على الرغم من الخروقات المستمرة» من قبل الجيش.
من جانبه قرر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أن يوفد «فورًا» إلى المنطقة المسؤول عن الشؤون الإنسانية في المنظمة مارتن غريفيث، في ضوء وضع «غير مسبوق».
وقال المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك في بيان: إن الأحداث في السودان تحصل بنطاق وسرعة غير مسبوقين، مبديًا «قلقه الكبير»، وداعيًا «جميع الأطراف» إلى حماية المدنيين والسماح لهم بمغادرة مناطق المعارك.
وغرق السودان في الفوضى منذ انفجر، في منتصف أبريل، الصراع الدامي على السلطة، وأوقعت الحرب ما لا يقل عن 528 قتيلاً و4599 جريحًا، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة «السبت»، لكن يرجح أن تكون الحصيلة أعلى.
ويتبادل طرفا النزاع بانتظام الاتهامات بانتهاك الهدنة، وأفاد شهود عيان وكالة الأنباء الفرنسية بوقوع اشتباكات الأحد قرب مقر الجيش في الخرطوم، وتعرض مدينة أم درمان غرب العاصمة لقصف جوي.
ومع دخول المعارك أسبوعها الثالث، لا تزال العائلات في العاصمة البالغ عدد سكانها حوالى 5 ملايين نسمة، وضواحيها، تعاني نقص الغذاء والمياه والكهرباء والسيولة النقدية، ويقبع الكثيرون منهم في المنازل، ونزح عشرات آلاف الأشخاص في الداخل أو إلى البلدان المجاورة، فيما تنظم عدة دول أجنبية وعربية عمليات إجلاء واسعة.
ووصلت إلى مدينة بورتسودان الأحد أول شحنة مساعدات إنسانية من الصليب الأحمر جوًا، أرسلت من عمان، وتزن ثمانية أطنان.
وقال المدير الإقليمي لمنطقة أفريقيا في اللجنة الدولية للصليب الأحمر باتريك يوسف، في مؤتمر صحافي افتراضي من جنيف: «تمكنا من الطيران إلى بورتسودان من عمان كطاقم طبي مع مستلزمات، للتعامل مع جرحى الحرب، تكفي لاستقرار 1500 جريح».
ودعت القوى الدولية والإقليمية إلى وضع حد للعنف المتصاعد بين القائدين العسكريين، لكنهما رفضا المحادثات المباشرة.
ولا يبدو أي حل دبلوماسي في الأفق، على الرغم من الجهود الدولية والإقليمية. لكن الجامعة العربية أعلنت عقد اجتماع أمس على مستوى السفراء، بناء على طلب مصر، للبحث مجددًا في الأوضاع في السودان.
وأعلنت الأمم المتحدة في بيان الإبقاء على عدد من موظفيها في السودان، على رأسهم المبعوث الخاص للأمين العام فولكر بيرتيس، فيما وصل 700 من موظفيها وموظفي السفارات والمنظمات غير الحكومية إلى ميناء بورتسودان تمهيدًا لإجلائهم.
وقالت الأمم المتحدة: إن نحو 75 ألف شخص نزحوا داخليًا خلال الأسبوع الأول من القتال بشكل رئيسي في ولايات الخرطوم والشمالية والنيل الأزرق وشمال كردفان وشمال وغرب وجنوب دارفور.
وفر أكثر من 30 ألف شخص إلى تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وأفريقيا الوسطى، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، التي حذرت من وصول عدد الفارين إلى 270 ألف شخص في حال تواصل القتال.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية الأحد تمكن نحو ألف مواطن أمريكي من مغادرة السودان بتسهيل من حكومة بلادهم، منذ بدء المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف أبريل.
القتال طال 12 ولاية من أصل 18
قالت وزارة الصحة السودانية: إن القتال طال 12 ولاية من أصل 18 في البلاد، وفي غرب دارفور، قتل 96 شخصًا على الأقل في مدينة الجنينة، بحسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التي وصفت الوضع بأنه «خطير».
وتتزايد أعمال النهب والتدمير وإضرام الحرائق، بما في ذلك داخل مخيمات النازحين، بحسب منظمة أطباء بلا حدود، التي اضطرت إلى «وقف كل أعمالها تقريبًا في غرب دارفور» بسبب العنف، بحسب ما قال نائب مدير المنظمة في السودان سيلفان بيرون.
وحذر بيرون في بيان من أن منظمته «قلقة جدًا من تأثير أعمال العنف على الذين سبق أن عانوا موجات من العنف»، وأشارت وزارة الصحة إلى «تسبب الصراع القبلي المسلح في تدمير لمستشفى الجنينة الرئيسي، ولوزارة الصحة، وإتلاف ما بها من ممتلكات وعربات وأجهزة»، ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس القتال في دارفور بأنه «مروع»، وقال: إن المجتمع ينهار، ونرى القبائل تحاول الآن تسليح نفسها.
البرلمان العربي يثمن دور 4 دول عربية
دعا البرلمان العربي إلى الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في السودان؛ حقنًا لدماء السودانيين وعودة الأمن والاستقرار إلى البلد الذي يعاني فراغًا سياسيًا منذ سنوات، وأكد البرلمان حرصه على دعم أمن واستقرار وسيادة السودان وسلامة أراضيه الذي يمثل جزءًا رئيسًا من الأمن القومي العربي.
ودعا المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى سرعة تقديم جميع المساعدات الطبية والاقتصادية الممكنة للسودان لمساعدته على الخروج من الوضع الصحي المأساوي الحالي.
وثمن البرلمان العربي دور السعودية في إجلاء مواطنيها والعرب والأجانب من السودان، ودور مصر من خلال فتح حدودها أمام اللاجئين وتيسير دخولهم للأراضي المصرية، كما أشاد بدور دولة الإمارات والجزائر في إجلاء رعايا عدد من الدول العربية والصديقة من السودان.
الجيش السوداني تقليص قدرات الدعم السريع 45-55 %
أعلن الجيش السوداني أمس أنه تمكن من تخفيض القدرات القتالية لقوات الدعم السريع بنسبة 45-55% خلال الاشتباكات التي شهدتها البلاد على مدار الأسبوعين الماضيين، بداية من يوم 15 أبريل الماضي.
وقال الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني: «تمكنت قواتنا خلال 15 يوم قتال من تخفيض قدرات العدو القتالية بنسبة 45- 55% من قدراته القتالية التي حشدها لاختطاف الدولة السودانية ومصادرة قرارها وتدمير قواتها المسلحة».
وأضاف البيان: إن قوات الدعم السريع حشدت بالعاصمة «لتنفيذ المؤامرة حتى صبيحة يوم 15 أبريل قواتٍ ضخمة بتجهيزات كبيرة بلغت حشد 27135 مقاتلاً و39490 مستجدًا و1950 مركبة مقاتلة و104 ناقلات جنود مدرعة و171 عربة بوكس دبل كاب مسلح بالمدافع الرشاشة».
تجدد حديث الأرض المحروقة ونهب البنوك
اتهم الجيش السوداني قوات «الدعم السريع» باللجوء إلى «سياسة الأرض المحروقة» عبر «حرق ونهب المزيد من البنوك والمحلات التجارية» بعدما «فشلت مخططاتها في الاستيلاء على السلطة بالقوة»، ولم يصدر تعليق فوري من قبل قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو «حميدتي» حول ما أورده الجيش.
وقال الجيش السوداني في بيان بعد وقت قصير من إعلانه الموافقة على هدنة جديدة لثلاثة أيام: «رصدنا مستمر لتحركات العدو واستدعائه لقوات منحدرة من خارج العاصمة لتعزيز موقفه العملياتي المرتبك مع تأكيدنا على تمام الجاهزية لصد وتدمير أي محاولة للهجوم على أي موقع بالعاصمة ينوي العدو مهاجمته غدا»، وأضاف: «إنه وافق على طلب تجديد الهدنة المعلنة «على الرغم من رصدنا الدقيق لتحركات ونوايا العدو».