الطيران المدني يمدد إغلاق المجال الجوي حتى 31 مايو الجاري
قررت هيئة الطيران المدني السوداني تمديد إغلاق المجال الجوي للبلاد أمام حركة الطيران حتى 31 مايو باستثناء رحلات المساعدات الإنسانية ورحلات الإجلاء شريطة الحصول على تصريح من قبل الجهات المختصة.
يأتي ذلك وسط استمرار القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع رغم اتفاقات الهدنة السابقة.
وأغلق المجال الجوي السوداني أمام حركة الطيران العادية بعد اندلاع صراع عسكري بين جيش البلاد وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في منتصف أبريل.
وأدى الصراع الذي اندلع منذ شهر تقريباً إلى مقتل المئات وفرار أكثر من 200 ألف إلى دول مجاورة وكذلك نزوح 700 ألف آخرين داخلياً، كما أثار خطر تدخل قوى خارجية وزعزعة استقرار المنطقة.
بدورها أعلنت نقابة أطباء السودان ارتفاع حصيلة الضحايا المدنيين منذ بدء الاشتباكات بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، منتصف الشهر الماضي، إلى 530 قتيلًا و2948 مصابًا.
وقالت النقابة، في بيان: «ما زالت الاشتباكات جارية بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع لليوم الثامن والعشرين على التوالي، والتي أسفرت عن مزيد من الضحايا يجري حصرهم حتى لحظة إصدار التقرير في العاصمة والأقاليم».
وتوصل وفدا الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في المفاوضات بينهما، التي تستضيفها مدينة جدة، الخميس الماضي، إلى اتفاق مبدئي لحماية المدنيين في السودان من الاشتباكات المسلحة، وهو الأمر الذي لاقى ترحيباً واسعاً على المستويين الداخلي والدولي.
وبحسب الاتفاق المبدئي، يتعهد الطرفان بالامتناع عن أي هجمات قد تلحق الضرر بالسكان المدنيين، كما يلتزمان باتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لتجنب إلحاق الضرر بالمدنيين؛ والسماح لجميع المدنيين في السودان بمغادرة مناطق الأعمال القتالية والمناطق المحاصرة، والالتزام بحماية العاملين في القطاع الصحي والمؤسسات العامة في السودان.
ويعتبر هذا الاتفاق هو الأول بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ بداية النزاع في 15 أبريل الماضي.
وتدور منذ 15 أبريل اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة في أنحاء السودان.
ويحاول كل من الطرفين السيطرة على مقار حيوية، بينها القصر الجمهوري في الخرطوم ومقر القيادة العامة للقوات المسلحة وقيادة قوات الدعم السريع، وعدد من المطارات العسكرية والمدنية.
ويواصل كل من الطرفين، القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، نشر البيانات عن الانتصارات التي يحرزها والخسائر التي يوقعها في صفوف الطرف الآخر.
وفي ميدان القتال في السودان، لا يكتفي الطرفان المتحاربان بالقوات التابعة لكل منهما بل يتحلق حولهما مرتزقة وحراس خاصون ومقاتلون قبليون أو مدربون أجانب يجذبهم الربح الكبير و.... الذهب.
ومنذ عقود، تشكل الاستعانة بالمليشيات في السودان نشاطاً مربحاً. فالخرطوم لجأت إليهم من قبل إما لتوكل لهم قمع الأقليات الاثنية وحركات التمرد المسلحة أو لإرسالهم للمشاركة في حروب في الخارج.
ويقول قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، إن «مرتزقة جاءوا من تشاد و(جمهورية) أفريقيا الوسطى والنيجر» يقاتلون مع قوات الدعم السريع. وأكد الجيش أخيراً أنه قتل «قناصاً أجنبياً».
والأمر نفسه أورده موفد الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتيس. فقد صرح أن «عدد المرتزقة الذين جاءوا من مالي وتشاد والنيجر بدعم من قوات الدعم السريع لا يستهان به».
وأكد شهود في الخرطوم أنهم سمعوا مقاتلين من قوات الدعم السريع يتحدثون الفرنسية وهي لغة لا يتحدث بها السودانيون، ما يشير إلى أنهم قد قد يكونون تشاديين.
ومعظم قادة المجموعات المسلحة، لهم أصول تشادية. وعلى امتداد الأجيال جندوا رجالاً ثم أبناءهم ومنحوهم جميعاً «جوازات سفر سودانية وأراضي هجرها أصحابها من القبائل غير العربية الذين اضطروا للنزوح» بسبب الحرب في الإقليم، بحسب ما أكد منذ 2017 مركز أبحاث «سمول أرمز سيرفاي».
ومنذ أن لجأت أفريقيا الوسطى في العام 2018 إلى هؤلاء المقاتلين الروس لقمع تمرد لديها، يقول دبلوماسيون غربيون إنهم كانوا يرون قوافل من المرتزقة الروس في مطار الخرطوم وفي فنادق العاصمة السودانية.
وجاء أجانب آخرون إلى السودان وسط الفوضى التي عمت بسبب مغادرة الدبلوماسيين وموظفي الأمم المتحدة والأجانب الآخرين.
ويقول ألكس دوفال الخبير في الشؤون السودانية، إن «المال والقتال قابلان للتبادل في السوق السياسية السودانية».