هو حالة مرضية تتميز بعدم قدرة البالغين على هضم اللاكتوز وهو سكر موجود في الحليب وبكمية أقل في منتجات الألبان، مما يتسبب في آثار جانبية بسبب نقص انزيم اللاكتاز، مثل الانتفاخ أو الإسهال أو وجع في البطن. نقص انزيم اللاكتاز الخلقي أي منذ الولادة يجعل الأطفال لا يتحملون شرب الحليب حتى حليب الأم؛ فيعانون الانتفاخ ومغص في الأمعاء أو إسهال.
علم المصطلحات
عدم تحمل اللاكتوز يشير إلى متلازمة لديها عرَض واحد أو أكثر تظهر عند هضم مواد غذائية تحتوي على اللاكتوز (سكر اللبن).يعاني الأفراد من عدم القدرة على تحمل سكر اللبن بدرجات متفاوتة اعتمادا على معدل افراز انزيم اللاكتاز ونقصه. سوء امتصاص اللاكتوز يرجع إلى مصاحبة فسيولوجية لنقص انزيم اللاكتاز (أي الجسم ليس لديه قدرة كافية ليقوم بهضم كمية اللاكتوز التي يتم تناولها
).هناك حالة طبية ذات أعراض مشابهة وتسمى سوء هضم الفركتوز.
هنالك العديد من أسباب نقص انزيم اللاكتاز ويصنف كواحد من ثلاثة أنواع:
نقص اللاكتاز الأساسي وهو وراثي، وهو يؤثر فقط على البالغين، وينتج عن عدم وجود أليل استمرار إنتاج اللاكتاز،
وهو العامل الأكثر شيوعا المسبب لمرض عدم تحمل اللاكتوز وأغلبية سكان العالم تفتقر إلى هذا الأليل، ومعظمهم من الآسيويين؛ بسبب أنهم بدؤا متأخرين في تربية المواشي الماعز من وجهة تطور التاريخ البشري. ولقد قدر أن نقص اللاكتاز الأساسي موجود في حوالي 60% من سكان العالم.
ولا ينتمي سكان الشرق الأوسط وأوروبا بهذا النقص الوراثي حيث أنهم عبر التاريخ كانوا من أوائل من قام باستئناس الأبقار والخراف والماعز، فتعود أيضهم على هضم سكر الللبن.
نقص اللاكتاز الثانوي أو المكتسب أو العابر، وينتج عن إصابة للأمعاء الدقيقة، وعادة ما يصيب الرضع، وذلك نتيجة لالتهاب المعدة والأمعاء الحاد والإسهال والعلاج الكيميائي والطفيليات المعوية أو نتيجة لأسباب بيئية أخرى
يعتبر نقص اللاكتاز الخلقي نادر جدا، وهو خلل متنح في الكروموسومات الجسدية، ويمنع هذا الخلل إنتاج إنزيم اللاكتاز منذ الولادة، وهذه الحالة سائدة –خصوصا- في فنلندا. الأشخاص الذين يعانون من نقص اللاكتاز الخلقي لا يستطيعون هضم اللاكتوز منذ الولادة لذلك لا يمكنهم هضم حليب الام (الثدي). وهو النوع الأكثر شيوعا عند الرضع الفنلنديين، وهذا النوع يحدث لكل 1 من أصل 60000 من السكان.
عدم تحمل اللاكتوز ليس مرضا حساسية؛ لأنه ليس استجابة مناعية، بل هو مشكلة في تقبل منتجات الألبان ناشئ عن نقص إنزيم اللاكتاز. الحساسية ضد الحليب – والتي تصيب حوالي 4% من السكان -هي حالة منفصلة مع أعراض مميزة تظهر عند ما يثير وجود بروتينات الحليب استجابة الجهاز المناعي.
الحالة المرضية
الأفراد الذين يعانون من عدم تحمل اللاكتوز لديهم مستويات غير كافية من اللاكتاز، وهو الإنزيم الذي يحفز تحلل اللاكتوز إلى غلوكوز وغلاكتوز في الجهاز الهضمي. وفي معظم الحالات يتسبب نقص الإنزيم بعدة أعراض والتي قد تشمل الانتفاخ في البطن وتقلصات والاسهال والغثيان وقرقرة المعدة أو القئ بعد تناولهم كميات كبيرة من اللاكتوز. يحدث عدم تحمل اللاكتوز بشكل بدئي وقد يحدث بشكل ثانوي بعد بعض الأمراض كداء كرون والتهاب المعدة والأمعاء الفيروسي، وقد يكون خلقيا نتيجة عيب وراثي يظهر في فترة الطفولة. ومن الشائع بالنسبة للمرضى الذين يعانون من مرض التهاب الامعاء المعاناة من أعراض الجهاز الهضمي بعد تناول اللاكتوز. على الرغم من ان معدل انتشار نقص اللاكتاز في هذه الفئة من المرضى (مرض التهاب الأمعاء) لم يدرس بشكل جيد بعد. معظم الثدييات تتوقف عادة عن إنتاج اللاكتاز لتعاني فيما بعد من الحساسية المفرطة من اللاكتوز وذلك بعد الفطام. لكن هناك بعض المجتمعات البشرية تميزت باستمرار وجود إنزيم اللاكتاز؛ حيث يستمر إنتاج اللاكتاز حتى سن الرشد.و اشار الباحثون ان نقص اللاكتاز أكثر انتشارا بين الافراد من استمرار وجوده كما في تلك المجتمعات، ولقد ربط هذا الاختلاف باختلاف التركيب الجيني بين الأفراد، لكن المصدر الأكبر لهذا الاختلاف مبني على التعرض لعوامل تتطلب استمرار وجود إنزيم اللاكتاز (مثل ثقافة استهلاك منتجات الالبان). مع ذلك فانه ليس واضحا ما إذا كانت عملية الهضم تحتاج لان تكون كاملة لتجنب الأعراض. يتراوح عدد الأفراد المصابين بداء الحساسية المفرطة تجاه اللاكتوز في أوروبا الشمالية بين 5% إلى 95% في بعض المناطق الآسيوية والأفريقية. . ومن هذا المنطلق ربط بعض الناس عدم تحمل اللاكتوز بظاهرة الانتقاء الطبيعي (natural selection) والتي تخدم بقاء الافراد الذين يتميزون باستمرار إنتاج اللاكتوز في مثل تلك المجتمعات التي تستهلك منتجات الألبان. ولكن على الصعيد الآخر فإن هذا الاختلاف مرتبط أيضا مع استجابة الجسم الفيسيولوجية بانخفاض إنتاج اللاكتاز لعدم الحاجة إليه في بعض الثقافات التي لا تتوافر فيها منتجات الألبان كمصدر للغذاء. . لكن هذه التفسيرات احتير في صحتها بشكل كبير بسبب الحقيقة التي تقر بأن تعدد الأشكال (مبلمرات polymorphisms) مرتبط مع الاختلاف الطبيعي الغير انتقائي في الجينوم البشري. أشارت دراسات عديدة أن الأفراد ذوي الخلفية الجينية المتشابهة يمكن أن يكون لديهم ردود فعل مختلفة تجاه اللاكتوز وذلك حسب التعرض له (بمعنى مدى تناول الشخص للأطعمة المحتوية على اللاكتوز) حيث يعد تأثير التعرض للاكتوز أكبر من تأثير التركيب الجيني للفرد، ويمكن للشخص أن يكتسب القدرة على تحمل اللاكتوز نتيجة للتعرض المتكرر له ، ان الأطفال الذين يهاجرون إلى البيئات الغنية بالألبان ومنتجاتها يميلون لاستهلاك الالبان بمعدل قريب من المتوسط الكلي لتلك المنطقة. وعلى الرغم من الآراء التي سادت في البداية أن سكان أوروبا والهند والجزيرة العربية وافريقيا لديهم نسبة عالية من استمرارية وجود اللاكتوز وذلك بسبب وجود طفرة جينية واحدة؛ فقد وجد أن استمرارية بقاء إنزيم اللاكتاز يحدث نتيجة لعدد من الطفرات التي حدثت بشكل مستقل. من المهم أن ندرك أن التعريف الجيني لعدم تحمل اللاكتوز ليس مثل التعريف المنطوق وذلك من ناحية ظهور الأعراض (بمعنى أنه يمكن أن يوجد أشخاص لديهم نقص جيني لأنزيم اللاكتاز ولكن لا تظهر عليهم الأعراض لان استهلاكهم لمنتجات الألبان قليل، وذلك حسب التعريف الجيني لعدم تحمل اللاكتوز).
الأعراض والعلامات
تحدث الأعراض بعد تناول الحليب ومنتجات اللبن الحاوية على اللاكتوز، وتعتمد شدة الأعراض على شدة عوز اللاكتاز وعلى مقدار المتناول من اللاكتوز. إن العلامة الرئيسية لعدم تحمل اللاكتوز هو ردة الفعل العكسية للمنتجات التي تحتوي اللاكتوز (الحليب في المقام الأول)، ويتضمن ذلك الانتفاخ في البطن والتقلصات والإسهال التناضحي والمغص البطني والغثيان وقرقرة البطن وقئ (وخاصة عند المراهقين)، وتظهر هذه الأعراض لمدة ساعة ونصف إلى ساعتين بعد استهلاك منتجات تحتوي اللاكتوز. شدة هذه الأعراض عادة تزداد مع كمية اللاكتوز المستهلكة، معظم الاشخاص الذين يعانون من عدم تحمل اللاكتوز يستطيعون تحمل كمية معينة من اللاكتوز في وجباتهم الغذائية دون الإصابة بالأعراض المصاحبة.