سعياً منهم للفرار من الحرب أو تلقي عناية طبية غير متوفرة في السودان أو مواصلة الدراسة في الخارج بعد تعطلها في البلد بسبب المعارك، ينتظر مئات السودانيين أياماً طويلة أحياناً أمام مكتب جوازات السفر الذي أعيد فتحه أخيراً في بورتسودان. وبعد قرابة خمسة شهور من التوقف، عاود المكتب العمل فبدأ الرجال والنساء والأطفال يتجمعون أمامه منذ الفجر في المدينة المطلة على البحر الأحمر بشرق السودان الذي لم تمتد إليه حرب أدت منذ اندلاعها في الخامس عشر من ابريل إلى سقوط آلاف القتلى ونزوح ولجوء الملايين. وتقول مروة عمر التي هربت من الخرطوم تحت القصف وتسعى الآن للحصول على جوازات سفر لأبنائها الأربعة «نريد السفر إلى إي مكان، فهنا ليس لنا أي حق، ليس لدينا ما يكفي للأكل ولا لتعليم أولادنا». ومنذ اندلاع الحرب بين قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو اللذين يتنازعان على السلطة، توقف عملت كل الإدارات الحكومية في الخرطوم حيث تدور معارك طاحنة. ويوضح فراس محمد، الذي جاء لطلب جواز سفر لطفله المولود حديثاً، لوكالة الأنباء الفرنسية أن موظفي الجوازات يخضعون لضغط شديد بسبب الطلب الكبير الذي لا يستطيعون تلبيته دفعة واحدة. وقال»بعض الناس ينتظرون هنا منذ الخميس ولم يتمكنوا بعد من تسجيل طلباتهم»، مضيفاً «التنظيم سيئ للغاية». وتبدي السيدة عمر أسفها لأنه «بدون واسطة، لا يمكن إنجاز أي شيء». في داخل المبنى، يخيم حرّ شديد رغم أجهزة التكييف والمراوح التي تعمل بكامل طاقتها محدثة جلبة كبيرة. ويقول محمد «إن الأعداد كبيرة جداً لدرجة أننا لا نستطيع التنفس». من جانبه، يقول شهاب محمد «القاعة ضيقة وليس فيها مقاعد، كبار السن يجلسون على الأرض». وهم مستعدون لسداد مبلغ 120 ألف جنيه سوداني (قرابة 190 يورو) للحصول على جواز السفر، وهو مبلغ يعادل متوسط الراتب في السودان، الدولة التي كانت قبل الحرب من أفقر دول العالم، وتواجه الآن كارثة حقيقة بحسب الأمم المتحدة.