التعليم في دائرة الخطر .. المدارس تئن تحت وطأة الاضطراب الاقتصادي
على غرار قطاعات عدة، يرزح القطاع التعليمي عموما في لبنان، والرسمي خصوصا، تحت وطأة انهيار اقتصادي ممتد منذ أربعة أعوام، أثقلته أزمات متلاحقة أنهكت المعلمين والطلاب وأهاليهم على حد سواء.
وطغت على الأعوام الدراسية الماضية إضرابات متكررة لمعلمين يطالبون بتحسين رواتبهم، التي باتت بعد زيادات عدة تراوح بين 150 و300 دولار تقريبا.
وجاءت الإضرابات في خضم انهيار اقتصادي، فقدت معه العملة الوطنية أكثر من 98 في المائة من قيمتها، وتآكلت القدرة الشرائية للسكان حتى بات كثر عاجزون عن توفير احتياجاتهم الأساسية.
وتقول رنا الحريري، الأم لأربعة أطفال، "بقي أولادي في البيت ثلاثة أشهر خلال العام الماضي جراء الإضرابات"، فيما تدق وزارة التربية والتعليم ناقوس الخطر جراء الحاجة الملحة لتمويل.
تحلم رنا في أن تحمل ابنتها منة (14 عاما) شهادة في الطب، لكنها تخشى اليوم ألا يتحقق حلمها. وتقول "لا أعرف ما سيكون عليه مستقبل أطفالي. نحن في حالة القلق هذه منذ أربعة أعوام، لا المدرسين أخذوا حقوقهم، ولا أولادنا يدرسون كامل مناهجهم الضرورية".
وتوضح أن ما تطالب به اليوم هو "الحد الأدنى. أمنوا لنا الكتاب والمعلمة فقط، هذا مطلبنا وهذا حقنا".
أمام تدهور الوضع المعيشي وخلال فترات الإضراب الطويلة، بدأ ولدا رنا مرافقة والدهم إلى العمل لمساعدته بعدما بات عاجزا عن استقدام عمال.
أما آية ومنة فتلازمان المنزل في حالة انتظار. وتقول الحريري "أريدهما أن تحملا شهادة تواجهان بها الزمن لكن هذا البلد قاتل للمستقبل".
بحسب مكتب لبنان لدى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، واجه أطفال لبنان "خلال الأعوام الدراسية الأربعة الأخيرة، انقطاعا في تعليمهم بعد أزمات عدة، بينها كوفيد - 19 وانفجار مرفأ بيروت والأزمة الاقتصادية وإقفال المدارس جراء إضرابات المدرسين".
وازداد عدد العائلات، التي حالت الأزمة الاقتصادية دون قدرتها على تحمل أعباء المدرسة من نقل وقرطاسية وكتب وثياب.
وتقول رنا "لن نشتري هذا العام سوى كتب مستخدمة، لا بل مهترئة من كثرة استخدامها. ولن نشتري (من القرطاسية) إلا ما هو ضروري جدا ومن الأنواع الأبخس ثمنا".
وأظهر تقرير لليونيسف في يونيو أن 15 في المائة من العائلات توقفت عن تعليم أبنائها، مقارنة بـ10 في المائة قبل عام. كما أن عائلة من أصل عشر اضطرت إلى إرسال أطفالها، بينهم من هم في السادسة من العمر، إلى العمل في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة.