(19 يناير 1798م - 5 سبتمبر 1857م) عالم اجتماع وفيلسوف اجتماعي فرنسي، أعطى لعلم الاجتماع الاسم الذي يعرف به الآن، وهو من أكد ضرورة بناء النظريات العلمية المبنية على الملاحظة، إلا أن كتاباته كانت على جانب عظيم من التأمل الفلسفي، ويعد هو نفسه الأب الشرعي والمؤسس للفلسفة الوضعية، وهو يعتبر تلميذاً هنري دو سان سيمون وهو فيلسوف فرنسي.
حياته
ولد في مدينة مونبلييه في إقليم إيرو في 19 يناير 1798م. تخرج من مدرسة البوليتكنيك، ثم عمل سكرتيراً عند الفيلسوف سان سيمون الذي كان لأفكاره أثر كبير على نظرياته التي عرضها فيما بعد في أهم مؤلفاته وهي: محاضرات في الفلسفة الوضعية ونظام في السياسة الوضعية.
نظرية كومت في السياسة لا يمكن عزلها عن نظريته العامة في الإنسان والمجتمع ولا عن الظروف التي أحاطت بظهورها في النصف الأول من القرن التاسع عشر، إذ اتسمت هذه الفترة بحروب واضطرابات سياسية واجتماعية متعددة: من الحروب النابليونية إلى حرب القرم إلى الصراع بين الملكيين والجمهوريين وبين الليبراليين والمحافظين فضلاً عن الصراع بين العمال وأرباب العمل. كل ذلك قاد كومت إلى التفكير بوضع علم للمجتمع أو دين للإنسانية يجنبها النزاعات السياسية ويحقق لها السلام الاجتماعي، وإشارته إلى هذا واضحة في الدرس الأول من «محاضرات في الفلسفة الوضعية» إذ يقول «إن هدف الفلسفة هي إعادة تنظيم المجتمع».
يرى كومت أن الفكر البشري قد مر خلال تطوره التاريخي في حالات ثلاث: المرحلة اللاهوتية الت تعلل الأشياء والظواهر بكائنات وقوى غيبية، والمرحلة الميتافيزيقية التي تعتمد على الإدراك المجرد، والمرحلة الوضعية التي يتوقف فيها الفكر عن تعليل الظواهر بالرجوع إلى المبادئ الأولى ويكتفي باكتشاف قوانين علاقات الأشياء عن طريق الملاحظة والتجربة الحسية. ويعتبر كومت أن العلم الذي يتفق مع المرحلة الوضعية ويساعد على فهم الإنسان ويستوعب جميع العلوم التي سبقته هو «علم الاجتماع».
و يرى كومت أن إذا كانت الغاية هي تنظيم المجتمعات الحديثة على قاعدة العلم فإن علم الاجتماع هو الذي يسهم في ذلك لأنه علم كلي، يدرس المجتمع برمته في جميع مظاهره ومقوماته.
و الحقيقة الوضعية تنطلق من إعطاء الأولوية للكل على الجزء لأن «الوحدة هي النمط الطبيعي للوجود الإنساني»، وإن كل جزء من النظام الاجتماعي يؤثر على غيره من الأجزاء. وإن هناك حالة من الترابط بين النظام السياسي والمؤسسات السياسية من جهة وبين الحالة العامة للحضارة. لهذا فإن كومت يخضع السياسة للأخلاق. فالأخلاق الوضعية تقوم على «تقديم الاجتماعي على الفردي» أي على انتصار الإنسانية ودمج الفرد في المجتمع. فلا شيء أكثر غرابة على فكر كومت من الحقوق الفردية