هو عيب خلقي يصيب القلب عند بعض المواليد حيث تظل القناة الشريانية التي تربط بين الشريان الرئوي والشريان الأبهر مفتوحة ولا تغلق تلقائياً.
مقدمة
تعريف بالقناة الشريانية
تتخلق القناة الشريانية بشكل طبيعي عند الأجنة، وتنشأ تشريحياً من القوس الغلصمي (الخيشومي) السادس في الجنين، يعد وجود القناة الشريانية أمراً حيوياً في الدوران الدموي الطبيعي عند الأجنة حيث ينتقل الدم المؤكسج القادم من المشيمة إلى الشريان الرئوي ثم يجري عبر هذه القناة الشريانية لتغذية الرأس والأطراف بالدم الغني بالأكسجين. يفترض بهذه القناة الشريانية أن تنغلق تلقائياً في غضون ساعات إلى أيام معدودة نتيجة للتغيرات الفسيولوجية التي تحصل في الدورة الدموية بعد الولادة (انظر الدورة الدموية الجنينية). يحدث المرض القلبي الخلقي الموصوف ب«القناة الشريانية السالكة» عندما تفشل هذه القناة في الانغلاق، وما لم يكن الطفل مصاباً بداء زراقي وخيم في القلب، فإن وجود قناة شريانية سالكة قد يؤدي إلى فرط الضغط على الجريان الدموي الرئوي، وفرط الحمل على الجهة اليسرى من القلب، وزيادة اختطار حدوث التهاب شغاف القلب الخمجي.
الوبائيات
يعتبر وجود القناة الشريانية السالكة بعد الولادة مباشرة أمراً طبيعياً عند المواليد. تنقبض هذه القناة الشريانية تدريجياً استجابة لازدياد محتوى الدم من الأكسجين، بالإضافة لعوامل وعائية أخرى. يفترض أن يؤدي الانقباض الوعائي في القناة إلى الانغلاق الوظيفي ثم التشريحي، لكن ذلك لا يحصل بشكل كامل في بعض الأحيان، مما يؤدي لنشوء قناة شريانية سالكة. تقدر الاحصائيات المسجلة لحدوث القناة الشريانية السالكة المعزولة (أي غير المصاحبة لآفات أخرى) ب 0.05% من المواليد الأحياء (أي بمعدل واحد لكل ألفي مولود حي)، وذلك يشكل ما نسبته 5 إلى 10% من إجمالي آفات القلب الخلقية.
تشير المراجع إلى أن هذه النسبة تمثل في أغلب الظن الآفات «الأعراضية»؛ أي التي تظهر على المريض بصورة نفحة أو أعراض زيادة الجريان الدموي الرئوي أو فرط الحمل على القلب الأيسر أو غير ذلك، وأن نسبة الآفات «الصامتة» قد تكون قريبة من 0.5% أي بمعدل واحد لكل مئتي شخص. على أية حال، مع تقدم تقنيات التصوير الصدوي (الإيكو) للقلب، صار من الشائع اكتشاف الآفات الصامتة أكثر من ذي قبل. تصاب الإناث بآفة القناة الشريانية السالكة أكثر من الذكور، بنسبة اثنين إلى واحد، وأسباب هذا التباين الجنسي غير معروفة حتى الآن.
الأسباب
مثل معظم أمراض القلب الخلقية ليس هناك سبب محدد لحدوث هذه الآفة في كثير من الأحيان. لكن بعض الحالات تنشأ بسبب
الولادة المبكرة كالأطفال الخدج، أو
متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية التي تنجم عن إصابة الأم بمرض الحميراء، أو ما يسمى الحصبة الألمانية أثناء الفترة الأولى من الحمل، أو
إصابة الجنين بالمتلازمات الصبغية أو الآفات الوراثية.
علم التشكل
تصنيف القناة الشريانية السالكة
رسم توضيحي يوضح تصنيف القناة الشريانية السالكة بحسب التشكل. النوع أ: الشكل النموذجي للقناة الشريانية، بشكل قمع أو مخروط، تظهر أنبورة بارزة من الجهة الأبهرية ثم تستدق تدريجياً وتتضيق من الجهة الرئوية. وهذا الشكل هو الأكثر شيوعاً، حيث وجد في ثُلُثَي الحالات (65%) كما أظهرته دراسة تورنتو. النوع ب: شكل النافذة، قناة شريانية قصيرة متضيقة من الجهة الأبهرية. يوجد في 18% من الحالات. النوع ج: قناة شريانية أنبوبية الشكل تمتد دون تضيق معتبر. النوع د: قناة شريانية ذات تضيقات متعددة. النوع هـ: قناة شريانية طويلة مع تضيق من جهة الشريان الرئوي متباعد للأمام عن الرغامى. أظهرت دراسة تورنتو أن الأنواع الثلاثة الأخيرة تشكل ما نسبته أقل من العُشْر (10%) بين حالات القناة الشريانية السالكة.
الفسيولوجية
تعتمد الأهمية السريرية للقناة الشريانية على حجم الدم الذي يمر عبرها وعلى تأثيره مع مرور الزمن على الجريان الدموي المتحول من الجريان الجهازي إلى الجريان الرئوي، عبر هذه التحويلة الفرعية. وهذا الجريان بدوره يعتمد على نسبة المقاومة الوعائية الرئوية مقارنة بالمقاومة الوعائية الجهازية. كما يعتمد على مقاومة القناة الداخلية نفسها، ممثلة في القطر الحسابي. عندما تكون القناة الشريانية كبيرة الحجم، تكون مقاومتها الداخلية شبه معدومة، وفي تلك الحالة يعتمد الجريان الدموي عبرها بشكل أساسي على نسبة المقاومة الرئوية إلى المقاومة الجهازية، ويمكن تمثيل ذلك بالمعادلة الحسابية التالية: قانون أوم المعدّل: Pp = Qp × Rp Ps = Qs × Rs حيث أن P يرمز للضغط وQ يرمز للجريان الدموي وR ترمز للمقاومة والحروف الصغيرة s للجريان الجهازي (المجموعي) وp للجريان الرئوي.
فإذا كانت القناة الشريانية كبيرة وافترضنا أن الضغط الجهازي والرئوي متساويان Pp = Ps فعندئذ: Qp × Rp = Qs × Rs أو ببساطة: Qp/Qs = Rs/Rp ومن هذه الخلاصة نستنتج أن أي زيادة في مقاومة أحد المنظومتين الوعائيتين، سواء الجهازية أو الرئوية، سيؤدي بالنتيجة إلى تناقص متناسب في الجريان الدموي في تلك المنظومة. ولأن المقاومة الوعائية الرئوية تثبت عادة عند الربع 25% من المقاومة الجهازية بعد الشهور الأولى من العمر، فإن وجود قناة شريانية كبيرة الحجم غير مقيدة لجريان الدم ستؤدي إلى جريان دموي رئوي يفوق الجهازي بأربعة أضعاف: َQp/Qs = 4:1 ولك أن تتخيل مقدار ما سيسببه هذا الازدياد الهائل في الجريان الرئوي على الخصائص الدورانية والوعائية في الجريان الرئوي، لكن لحسن الحظ فإنه في معظم الحالات لا تصل الزيادة الجريانية إلى هذا القدر لوجود شيء من التضيق في القناة الشريانية يحد من الجريان نوعاً ما. يؤدي ازدياد الجريان الدموي الرئوي الموضحة آليته أعلاه إلى فرط حمل الحجم وتوسع حجرات القلب والأوعية الدموية التي يمر منها الجريان الفائض: الشبكة الوعائية الرئوية، والأذين الأيسر، والبطين الأيسر، ويزداد التوسع بمرور الوقت إذا لم يتم إغلاق القناة السالكة، وقد يؤدي بمرور الوقت لحصول قصور احتقاني في القلب وتوذم رئوي. وقد يسبب الجريان الرئوي الزائد في نهاية الأمر في حصول داء وعائي رئوي لاعكوس لا يمكن علاجه، يسمى متلازمة آيزِنمِنغَر.