ينتخب الأرجنتينيون غدا رئيس البلاد المقبل في اقتراع لم تحسم نتيجته يتنافس فيه وزير الاقتصاد في بلاد تشهد أزمة عميقة ومرشحا ليبراليا جدا.
في شوارع بوينوس إيرس وضواحيها، تنتشر ملصقات لمرشح الكتلة الحكومية (يسار وسط) سيرخيو ماسا (51 عاما) خلافا لليبرالي خافيير ميلي (53 عاما) الذي يقوم بحملته إلى حد كبير على مواقع التواصل الاجتماعي. ولم يعقد ميلي إلا لقاء واحدا كبيرا بين جولتي التصويت، كان الخميس في قرطبة، ثاني كبرى مدن البلاد، خلال اختتام حملته.
وتظهر استطلاعات الرأي أن المرشحين متقاربان، حتى مع تقدم بسيط لميلي. وأفاد عديد من المعاهد أن نسبة الناخبين المترددين تبلغ نحو 10 في المائة أو أكثر.
وقال نيكولاس سالدياس، المحلل في وحدة "إيكونومست إنتليجنس يونيت" للبحوث التابعة لمجموعة "إيكونومست" البريطانية لـ"الفرنسية"، إن "الوضع يتسم بدرجة عالية من عدم اليقين. وعديد من الناخبين سيتخذون قرارهم في اليوم الأخير أو في الساعات الأخيرة حتى في مراكز التصويت".
وقالت سيرخيا ألايا وهي مصففة شعر تبلغ 63 عاما لدى مرورها في سوق صغيرة في ضاحية العاصمة "لا أعرف حتى الآن لمن سأصوت. نحن نخاف مما هو جديد لكننا لا نريد الاستمرار كما كنا".
وتشهد الأرجنتين واحدا من أعلى معدلات التضخم في العالم (143 في المائة خلال عام)، فيما قيمة عملتها الوطنية (البيزو) مستمرة في الانخفاض.
كذلك، يكافح ثالث أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية من أجل سداد قرض بقيمة 44 مليار دولار حصل عليه عام 2018 من صندوق النقد الدولي بسبب التراجع الحاد في احتياطيات النقد الأجنبي.
ومنذ 16 شهرا في حكومة ألبرتو فرنانديس المنتهية ولايته والذي لا يحظى بشعبية كبيرة، حاول ماسا خلال حملته الانتخابية أن ينأى بنفسه عن إدارة بلد يعيش أربعة من كل عشرة سكان فيه تحت خط الفقر، وأن يقنع الأرجنتينيين بأن التوجه سينعكس في المستقبل.
واستطاع ماسا الفوز في الجولة الأولى من الانتخابات في 22 أكتوبر (37 في المائة) متقدما على خافيير ميلي (30 في المائة) ومرشحة اليمين الوسط باتريسيا بولريتش (24 في المائة) التي انضمت منذ ذلك الحين إلى معسكر ميلي.
وخفف ميلي الذي كان المرشح الأوفر حظا للفوز في الجولة الأولى، من حدة خطابه مذاك بعد تصريحات مثيرة للجدل مثل إعلانه أنه ضد الإجهاض وأنه يريد تسهيل شراء الأسلحة وبيع الأعضاء البشرية.
وقال الطالب ماتياس إيسوكوريان البالغ 19 عاما "قد يكون هذا التغيير مفيدا" متأسفا لخطاب ميلي "المتطرف" أحيانا وافتقاره إلى الخبرة في السياسة.
وخلال المناظرة الأخيرة بين المرشحين، بدا ميلي أقل ارتياحا من ماسا الذي أحرجه في بعض مقترحاته المتطرفة.
وقال بنجامين خيدان، مدير الشؤون الأرجنتينية في "ويلسون سنتر" ومقره واشنطن إن ماسا "لا يستطيع أن يقدم نفسه على أساس سجله، نظرا إلى إدارته الكارثية للاقتصاد، ولا على أساس أفكاره لأنه لو كانت لديه أفكار جيدة لنفذها". وأضاف "لم يتبق له إلا بث الخوف والتحذير مما تعنيه رئاسة ميلي".