أيرلندا تودع «الخث» وقودها التقليدي .. فقدت 90 % من أراضي المستنقعات
يتمتع الخث بجاذبية لدى عديد من السكان في أيرلندا، بسبب ارتباطه بمشاعر الحنين إلى الماضي، كما أن درجة الحرارة المريحة والهادئة المنبعثة من حرق الخث، عندما تختمر العواصف في الخارج، جذابة للغاية لدرجة أن كثيرين يميلون إلى نسيان حقيقة أن الخث له بصمة كربونية عالية للغاية.
ويتعين استخراج هذا العشب يدويا، ويتم وضعه بعد ذلك ليجف، قبل أن يتم تكديسه على هيئة أهرامات، ثم نقله إلى أماكن أخرى. وثمة ميزة للخث هي أن استخدامه ليس معقدا مثل الغاز، ومع ذلك فإن هذا الوقود المستخدم في التدفئة ضار على البيئة وينتج عنه تلوث كبير للهواء.
ولأن هذه النوعية من الفحم النباتي تلحق الضرر بجودة الهواء، اضطرت دبلن إلى التخلي عن عملية التدفئة التقليدية هذه، رغم أزمة الطاقة في مختلف أنحاء أوروبا، وفقا لـ"الفرنسية".
وصار السكان في الوقت الحالي يحرقون الخث، في حالات استثنائية فقط، على الرغم من أن التعداد الذي أجري 2022، أشار إلى وجود 70 ألف منزل في أيرلندا، لا تزال تستخدم قوالب الخث الجافة في التدفئة.
لكن السياسيين الأيرلنديين والنشطاء المدافعين عن المناخ لا يمكنهم التخلي عن استخداماته بالسرعة الكافية، بسبب أهمية المستنقعات التي تتيح نمو الخث، التي رغم أنها لا تغطي إلا 3 في المائة من الأراضي، فهي تمتص ما لا يقل عن ضعف كمية ثاني أكسيد الكربون من الهواء، التي تمتصها جميع غابات العالم مجتمعة.
يشار إلى أن أراضي الخث تخزن الكربون تحت المياه، حيث يبقى في مكانه لآلاف الأعوام، وهذا يجعل أراضي الخث جزءا من الدورة، التي تساعد على تنظيم المناخ ودرجات الحرارة.
ويبلغ عمر مستنقعات أيرلندا المرتفعة أكثر من عشرة آلاف عام، وهي واحدة من أقدم النظم البيئية شبه الطبيعية في أوروبا.
من ناحية أخرى ينبعث من أراضي الخث، التي يتم تصريف مياهها بشكل مصطنع، 1.25 ميجاطن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي كل عام، و1.3 جيجاطن من ثاني أكسيد الكربون، في جميع أنحاء العالم كل عام، أي نحو 5.6 في المائة من إجمالي حجم انبعاثات الغازات، المسببة لارتفاع درجة الحرارة على كوكب الأرض.
وفقدت أيرلندا ما نسبته 90 في المائة من أراضي المستنقعات، جزئيا من خلال عمليات التصنيع. وكان هذا الذهب الأسود أيضا مفتاحا لتوليد الطاقة، فهو يزود ما نسبته 20 في المائة من إمدادات الكهرباء في هذه الدولة.
لكن بفضل الضغوط التي مارستها المفوضية الأوروبية وغيرها من جهات، على الحكومة الأيرلندية، لم تعد لديها أي محطات لتوليد الكهرباء تستخدم الخث، أصبحت عملية إعادة مناطق الخث إلى حالتها الأصلية الآن إلزامية، وهي عملية مدعومة بأموال من صندوق إعادة الإعمار التابع للاتحاد الأوروبي.