هو دينٌ ثَنَوي منبثق عن المانوية، مؤسسُهُ الزعيم الديني الفارسي مَزْدَك المتوفى نحو 528 ميلادي.ولد مزدك بن موبذان في بلاد فارس واختلف في عام ولادته فقيل 467 وقيل 487 م. وقادَ حَركةً اشتراكيّة مناهضة للزَّرادشتية السائدة في عهده، وراح يناقش قضية الظلمة والنور حيث يرى أن امتزاجهما هو الذي تمخض عنه نشأة الدنيا صدفة وأسّس دينه التي دعت إلى المشاركة في الأموال والنساء. وانتشرت انتشاراً واسعاً في فارس في أواخر القرن الخامس للميلاد وبخاصة بعد أن اعتنقها ملك الفرس قُباذ الأول. لكن الكهان الزرادشتيين والنبلاء الفرس ما لبثوا أن ثاروا عليها، فما كان من قُباذ إلاّ أن ارتدّ عنها، وقتل مَزْدَك وأتباعه.ومن ما رأى مَزْدَك أن الناس سواسية، ولما كان المال والنساء من أهم ما يفّرق الناس كان ذلك مما تجب فيه المساواة والاشتراك. قال صاحب الملل والنحل: «أحل النساء وأباح الأموال وجعل الناس شركة فيه كاشتراكهم في الماء والنار والكلأ».
المزدكية
كان مزدَك الشخص الرئيسيّ في مجال التدريس الديني والفلسفي للديانة المزدكية، والتي تم اعتبارها على أنها نسخة مطوّرة ومنقّحة من الزرادشتية، على الرّغم من أنّه قد تم اعتبار أن تعاليم مزدَك مشتقّة من التعاليم المانوية أيضاً. كانت الديانة الزرادشتية هي الدّيانة السّائدة في بلاد فارس الساسانيّة، وكان مزدَك نفسه كاهناً زرادشتيّاً، مما جعل معظم رجال الدّين يعتبرون أن تعاليم مزدَك ليست إلا محض بدعة من اختراعه. المعلومات حول مزدَك نادرة والتّفاصيل غير واضحة، ولكن يمكن الحصول على بعض المعلومات من العقيدة الخرميّة التي يعتقد علماء الدّين أنّها امتداد للمزدكيّة.
الأصل
تدّعي بعض المصادر أنّ المؤسّسين الأوائل لهذه الطائفة عاشوا قبل مزدَك بكثير، ويقول البعض أن مؤسس المزدكيّة بالأصل ليس إلا زارادست خورجين المعروف بـ (متبّع الزرداشتيّة، أو زرادشت، أو زرادشت الشرق الفارسي،)؛ زارادست خورجين في الحقيقة هو فيلسوف زرادشتيّ عُرف باسم مزدَك الأكبر؛ قام مزدَك الأكبر بنشر تعاليم حول المتعة والإيثار، حيث أخرج أتباعه للاستمتاع بمتع الحياة وإشباع شهيّتهم من الأكل والشّرب بشكل متساوي من أجل صرف تركيزهم عن سفك الدّماء وإلحاق الأذى بالآخرين، ومن أجل دفعهم إلى التّصرّف بشكل صالح.
تم تطوير هذه التعاليم بواسطة مزدك الأصغر لاحقاً.
في مراحل لاحقة، اتّهمت المعارضة الزرادشتية المحافظة أتباع مزدَك بالهرطقة وممارسة القبائح مثل مشاركة النساء –بالرّغم من أنّ الباحثين لم يجدوا أي دليل على هذا-، يَعتبر أتباع مزدَك أول اشتراكيين حقيقيّين في تاريخ البشريّة من خلال تركيزهم على الملكيّة المجتمعيّة والعمل المجتمعي مع الفوائد المتراكمة للجميع.