قصة النبي الذي تمنى الموت
مر سيدنا يوسف عليه السلام بالكثير من المواقف المؤلمة، والتي تحملها فقط بسبب تقربه المستمر وحبه الشديد لله سبحانه وتعالى، وعلى الرغم من تواجد هذه المواقف الصعبة والمؤلمة في حياته منذ صغره إلا أن سيدنا يوسف عليه السلام كان يتعامل بحكمة وصبر شديد مع كل موقف منها، مما يدل على شخصية نبي الله يوسف بن يعقوب عليه السلام.
كان سيدنا يوسف بن يعقوب عليه السلام من أحب الناس إلى والده سيدنا يعقوب، ولذلك بدأ يغار منه أخواته بطريقة واضحة وظاهرة أمام الجميع، وبسبب هذه الغيرة الشديدة فكر هؤلاء الإخوة في الانتقام من اخوهم الصغير يوسف حتى يحظوا بجانب من حب أبيهم
ولكن في يوم من الأيام ذهب سيدنا يوسف عليه السلام إلى أبيه وحكى له عن رؤية غريبة وأنه رأي أحد عشر كوكبا ورأي الشمس والقمر أيضًا وهم ساجدين له، ولكن تخوف أبيه كثيرًا من هذه الرؤية وأكد على ضرورة إخفاء هذه الرؤية وخاصة على أخواته.
دبر اخوة سيدنا يوسف عليه السلام مكيدة كبيرة له حتى يتخلصوا منه بشكل نهائي، وأقنع هؤلاء الإخوة سيدنا يعقوب بأخذ يوسف معهم حتى يلعب ويمرح، وعلى الرغم من رفض سيدنا يعقوب في بداية الأمر إلا أنه وافق أمام هذا الإصرار الشديد، قام هؤلاء الإخوة بترك سيدنا يوسف في البئر وذهبوا إلى أبيهم وقالوا له أن الذئب قد أكل يوسف عليه السلام.
مرت سيارة على هذا البئر وقامت بأخذ هذا الصغير أي سيدنا يوسف عليه السلام معهم، وقام أصحاب هذه السيارة ببيع سيدنا يوسف عليه السلام إلى عزيز مصر، وظهرت رحمة الله سبحانه وتعالى على سيدنا يوسف عندما قال عزيز مصر لامرأته “وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه والدا”، حيث أقام سيدنا يوسف عليه السلام مع عزيز مصر في القصر الخاص به وحاز على احترام جميع الأشخاص من حوله.
ترعرع سيدنا يوسف عليه السلام في منزل عزيز مصر ولكن أعجبت به امرأة العزيز ولذلك حاولت أن توقعه في الفاحشة وارتكاب المعاصي التي لا يرضى عنها الله سبحانه وتعالى، وعلى الرغم من جمال امرأة العزيز إلا أن سيدنا يوسف تذكر على الفور خوفه الشديد من الله سبحانه وتعالى وتذكر أيضًا إكرام عزيز مصر له وأنه لا يستحق ذلك منه
ولكن اشتكت امرأة العزيز من يوسف عليه السلام إلى زوجها وقالت له أنه هو من يحاول التقرب منها، ولذلك غضب عزيز مصر وقرر بترك يوسف عليه السلام في السجن عقابا له عن هذه الأفعال السيئة التي لا تليق به.
عرفت امرأة العزيز أن نسوة المدينة تتحدث عنها وعن أسلوبها في إغراء سيدنا يوسف عليه السلام، قررت امرأة العزيز دعوة جميع نسوة المدينة على الطعام وقامت بوضع سكينة لكل واحدة منهم، وقامت امرأة العزيز بدعوة سيدنا يوسف عليه السلام لكي يخرج ويتقابل مع هؤلاء النسوة
ولكن عندما ظهر أمامهم لم يصدق هؤلاء النسوة جماله ومن ثم قاموا بقطع أيديهم وجرحها من شدة جماله، وقامت امرأة العزيز بتوضيح سبب اغراء هذا الشاب والذي ظهر أمامهم في كامل هيئته.
تقابل سيدنا يوسف عليه السلام في السجن مع مجموعة كبيرة من البشر وقام بتفسير بعض من أحلامهم الغريبة، واشتهر سيدنا يوسف عليه السلام داخل السجن بأمانته وصدقه وحكمته وحسن تصرفه في جميع المواقف، وذلك بالإضافة إلى إيمانه الشديد وحبه لله سبحانه وتعالى، واهتم سيدنا يوسف بالدعاء طوال فترة تواجده داخل السجن إلا أن استجاب الله سبحانه وتعالى له وبالفعل خرج من السجن وعُين في أهم وأفضل مناصب الدولة.
ذكر القرآن الكريم قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة ولذلك سُميت هذه السورة بأحسن القصص، واحتاج عزيز مصر سيدنا يوسف عليه السلام حتى يقوم بتفسير رؤية عجز هو عن تفسيرها وعجز جميع الفقهاء أو الأشخاص الموجودين في المدينة، وعندما تمكن سيدنا يوسف عليه السلام من تفسير هذه الرؤية بالطريقة الصحيحة، طلب من عزيز مصر أن يتولى خزانه مصر ووافق عزيز مصر على ذلك الأمر بسبب حكمة سيدنا يوسف وعلمه الوفير.
ظهرت براءة سيدنا يوسف عندما قامت امرأة العزيز بذكر الحقيقة الكاملة لعزيز مصر، وقالت له أن سيدنا يوسف بريء وأنها هي المُذنبة أي أنها قامت بإغرائه ولكن رفض ذلك الأمر خوفا من الله سبحانه وتعالى، ومن ثم علمت المدينة كلها ببراءة سيدنا يوسف عليه السلام من التهمة المنسوبة إليه.
تقابل سيدنا يوسف عليه السلام باخواته وتحديدا بعد انتهاء سنين الجدب، وطلب منهم يوسف أن يعودوا إلى ارضهم ويقوموا بإحضار اخوهم بنيامين وبالفعل حدث ذلك وعادوا إلى يوسف مرة أخرى وعاد نظر سيدنا يعقوب عليه السلام إليه بعدما قام بوضع قميص سيدنا يوسف عليه السلام على عينيه، استمر إخوة يوسف عليه السلام ووالده يعقوب عليه السلام في الإقامة معه في مصر وعادت الأمور بينهم جيدة مرة أخرى، وتخلص هؤلاء الإخوة من صفات الغيرة والحقد التي لا يرضى عنها الله سبحانه وتعالى بأي حال أو شكل.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|