في معرض الدفاع العالمي.. التقنية "رصاصة" القرن الواحد والعشرين
خليط سريع الاشتعال يستخدم في الرصاصة والصاروخ: البارود. وبالمقابل خطوات رياضية حسابية ومتسلسلة ومنطقية لحل مشكلة ما، باختصار: "الخوارزميات". معادلتان مختلفتان كليا، فالأولى كيمائية، والأخرى رياضية، إلا أنهما يجتمعان في أن "إصابة الهدف" بـ "نقرة واحدة".
السؤال: هل التقنية اليوم رصاصة القرن الحادي والعشرين؟ تتجلى الصورة والإجابة بوضوح في معرض الدفاع العالمي 2024 في ملهم (شمال غرب الرياض)، حيث لا صوت يعلو على إشارات ومؤثرات الخوارزميات في أجنحة أكثر من 750 جهة عارضة تمثل أكثر من 45 دولة.
ويرى خبراء تقنيون كانت أعينهم ترصد مشهد المعرض العالمي، أن "البارود حسم معركتين عالميتين في القرن الماضي، لكن القرن الحالي هو معركة عالمية مستمرة بفعل ملايين الخوارزميات من العمليات الرياضية وجيوش المبرمجين في كل مكان من العالم.. عاشت الرصاصة وتغير البارود".
ورسم المعرض صورة البارود التقني عبر برامج ومنتجات عسكرية تتسم بالتقنية العالية في كل شيء، من خلال برنامج "رحلة إلى المستقبل" حيث أطلع زواره والعارضين على التقنيات والابتكارات التي ستحدث ثورة في مشهد صناعة الدفاع والأمن، كما تعرف الزوار على أحدث المعدات المستخدمة في مجال الفضاء، والتقنيات المستخدمة في مجال الجو، وأول روبوت يستخدم في تعزيز تطبيقات الدرونز.
الشاهد أن رحلة البارود في التاريخ قديمة جدا، ومثل الكثير من الابتكارات والاختراعات التي تطورت، بدأت فصولها من حيث يبدأ كل شيء في التاريخ البشري: الصين. وبالتحديد خلال فترة حكم أسرة تانغ في القرن التاسع الميلادي، وتواصل استخدامه بمرور الوقت حتى اكتسب شهرة واسعة كمادة متفجرة في القرون الوسطى، وكان حكرا على المدافع الحربية، وانتقل بعدها للبنادق. وبلغ ذروته في القرن الـ19 باختراع كولت للمسدس الذي ساوى بين الشجاع والجبان كما تقول المرويات الأدبية.
في أجنحة معرض الدفاع العالمي ترى أن الخوارزميات المنسوبة اسما ومبدأ إلى عالم الرياضيات المسلم محمد بن موسى الخوارزمي، باتت تحرك الطائرات بطيار - ومن دون طيار، ورجل الأمن - الواقع المختلط (نظارة يرتديها رجل الأمن تمنحه مسح معلوماتي كامل للمحيط الذي يغطيه) والمحركات الصاروخية، وأنظمة التوجيه والتحكم.
ولعل في رأي أحد الزوار، ممن يبدو أنه يتمتع بحس أدبي ما يختصر الحكاية حين علق على دور التقنية في صناعة السلاح، بالقول: "ربما لو عاش الشاعر العربي المتنبي في القرن الـ21، لحور صدر بيته الشهير المتواتر في الصدور والأوراق من: "الخيل والليل والبيداء تعرفني" – ليصبح "الخوارزميات والشبكات والنقرات تعرفني".