الثبات على الدين وأسبابه - منتديات احساس ناي

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 350
عدد  مرات الظهور : 10,091,609
عدد مرات النقر : 332
عدد  مرات الظهور : 10,091,606
عدد مرات النقر : 227
عدد  مرات الظهور : 10,091,645
عدد مرات النقر : 177
عدد  مرات الظهور : 10,091,645
عدد مرات النقر : 328
عدد  مرات الظهور : 10,091,645

عدد مرات النقر : 26
عدد  مرات الظهور : 3,609,764

عدد مرات النقر : 55
عدد  مرات الظهور : 3,604,353

عدد مرات النقر : 22
عدد  مرات الظهور : 3,604,877

العودة   منتديات احساس ناي > ๑۩۞۩๑{ القسم الاسلامي }๑۩۞۩๑ > › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪•

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 02-12-2024, 12:26 PM
حكاية ناي ♔ متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » يوم أمس (08:00 PM)
آبدآعاتي » 3,720,567
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2265
الاعجابات المُرسلة » 799
مَزآجِي   :  08
?? ??? ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
 آوسِمتي »
 
افتراضي الثبات على الدين وأسبابه

Facebook Twitter


الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ أحاطَ بكلِّ شيءٍ علمًا، ووسعَ كلَّ شيءٍ رحمةً وحلمًا، وقهرَ كلَّ مخلوقٍ عِزةً وحُكمًا، ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ [طه: 110]، سبحانهُ وبحمده، ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12]..

وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك لهُ، لا تدركهُ الأبصارُ، ولا تغيرهُ الأعصارُ، ولا تتوهمهُ الأفكارُ، ﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ﴾ [الرعد: 8]، ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴾ [ص: 66].

وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، أزكى النَّاسِ أخلاقًا، وأسهلُهم طِباعًا، وأرحبهم صدرًا، وأطولهم باعًا.. صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابهِ الأزكى عِلمًا، والأصوبَ فهمًا، والأحسنَ طباعًا، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعدُ:فيا أيُّها المسلمون اتقوا اللهَ حقَّ تقاتهِ، فإنَّ في تقواهُ عزَّ وجلَّ العِصمةُ من الضلالةِ، والسَّلامةُ من الغوايةِ، والأمنَ من المخاوفِ، والنجاةَ من المهالكِ.. ومن حقَّقَ التقوى آتاه اللهُ نورًا يفرِّقُ به بين الضلالةِ والهدى، والبصيرةِ والعمى، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].

معاشر المؤمنين الكرام: نِعَمُ اللهِ عَلَى خَلقِهِ كَثِيرَةٌ، وأفضالهُ عليهم جسيمةٌ عظيمة، غَيرَ أَنَّ أَعظَمَ مَا مَنَّ الله بِهِ عَلَى عِبَادِهِ وَأَكرمهم به، نِعمَةُ الهِدَايَةِ لِهَذَا الدِّينِ القَوِيمِ، قَالَ تَعَالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الحجرات: 17].. لذلك لم يَكُنْ غَرِيبًا أَن يُوجِبَ اللهُ عَلَى المُسلِمِينَ في كُلِّ رَكعَةٍ من الصلاة أَن يَسأَلُوهُ الهِدَايَةَ، وَأَن يُجَنِّبَهُم سُبُلَ الغَاوِينَ وَالمُنحَرِفِينَ، ويُبعدهم عن طريق المغضوب عليهم والضالين، قَالَ تَعَالى: ﴿ اِهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6-7].. فالتَّمَسُّكَ بِالإِسلامِ والثبات عليه، هُوَ الحَيَاةُ الحَقِيقِيَّةُ، وَهو السَّعَادَةُ الأَبَدِيَّةُ، قَالَ تَعَالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

والإِسلامُ هو الحَيَاة الطَيِّبَة، التي يَعِيشُهَا المُؤمِنُ بِقَلبِهِ وَإِنِ ابتُلِيَ في جَسَدِهِ أو أسباب معيشته، وَهو النَعِيمُ الذي يَملأُ صدرهُ رضًا وسكينهً وَإِن قَلَّ مَا في يَدِهِ من المال والمتاع، وَهو السَعَادَة التي تَغمرُ جوانحه وَإِن ساءت ظروفه وتكالب عليه الأعَداء، فَهُوَ يَحيَا مُطمَئِنَّ النَّفسِ مُنشَرِحَ الصَّدرِ، سَعِيدًا بِطَاعَةِ رَبِّهِ فَرِحًا بِعِبَادَتِهِ، مَسُرُورًا بِإِيمَانِهِ، مُستَغنِيًا بِذَلِكَ عَمَّا يَفرَحُ بِهِ النَّاسُ مِن حُطَامِ الدُّنيَا وَزَخَارِفِهَا وَزِينَتِهَا وترفها، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا في البِلادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأوَاهُم جَهَنَّمُ وَبِئسَ المِهَادُ ﴾ [آل عمران: 196]، وقَالَ صلى الله عليه وسلم: "عَجَبًا لأَمرِ المُؤمِنِ، إِنَّ أَمرَهُ كُلَّهُ خَيرٌ، وَلَيسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلمُؤمِنِ، إِن أَصَابَتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيرًا لَهُ، وَإِن أَصَابَتهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيرًا لَهُ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ..

والمتتبع لسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم يُلَاحَظُ ثباتًا عجيبًا على الدين، وَإِصْرَارًا قويًا عَلَى المضي قدمًا في نشر الدَعْوَةِ، وَعَدَمُ التَنَازُلِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الدِينِ؛ مهما تنوعت أساليب المشركين إغراءًا أو تهديدًا.. بل الملاحظُ إنَّ المشركينَ الذين كانوا يعرضون على الرسول صلى الله عليه وسلم تلك المغريات المتنوعة، كانوا هم الذين يتغيرون ويتراجعون، فزعيم الكفار عتبه بن ربيعة الذي حمل مَعَهُ حُزْمَةٌ مِنَ الْعُرُوضِ الْمُغْرِيَةِ يظنَّ أَنَّهُ يُثْنِي بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ دَعْوَتِهِ، رَجَعَ بِوَجْهٍ غير الذي ذهب به.. بل إنه أَشَارَ عَلَى قومه أَنْ يُخَلُّوا بَيْن الرسول صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ القبائل الأخرى.. مما يدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُوقِنَ بِالْحَقِّ، الثَّابِتَ عَلَيْهِ، الْمُتَمَسِّكَ بِهِ، يَخْضَعُ لَهُ النَّاسُ وَيَحْتَرِمُونَهُ وَلَوْ كَانُوا يُعَادُونَهُ، وَيَتَنَازَلُونَ هُمْ عَنْ مَبَادِئِهِمْ؛ لِأَنَّهَا بَاطِلٌ، فَيسَهُلَ عَلَيْهِمْ تَرْكُ شَيْءٍ مِنْهَا؛ رَجَاءَ أَنْ يَتَنَازَلَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ حَقِّهِ؛ وَلِذَا سَاوَمُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ يَعْبُدُوا إِلَهَهُ سَنَةً، وَيَعْبُدَ آلِهَتَهُمْ سَنَةً، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ سُورَةَ (الْكَافِرُونَ).. فالْبَاطِلُ هَزِيلٌ وَلَوْ كَانَ أَصْحَابُهُ يَمْلِكُونَ الْعَدَدَ وَالْعُدَّةَ، وَالْحَقُّ أَقْوَى وَلَوْ لَمْ يَحْمِلْهُ إِلَّا القليلُ من الناس.. يشهدُ لذلك قوةُ انتشارِ الإسلام، وعجزُ الْأَعْدَاءِ عن إيقافه، وما ذاك إِلَّا لأَنَّهُ حَقّ.. وَإِنَّ دِينًا ما أن يعرفه الناس على صورته الحقيقية، حتى يدخلوا فيه أفواجًا، لحري أن يَنْتَشِرَ فِي أَصْقَاعِ الْأَرْضِ كما انتشرَ أول مرة، وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ: ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الصافات:171- 173] فَهِيَ كَلِمَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ سُبْحَانَهُ.. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ ذُلِّ ذَلِيلٍ، إِمَّا يُعِزُّهُمُ اللَّهُ فَيَجْعَلُهُمْ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ يُذِلُّهُمْ فَيَدِينُونَ لَهَا».

ثم إن المتأمل في سيرة النَّبِيُّ الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرى بوضوح كيف كان عليه الصلاة والسلام يهتمُ اهتمامًا كبيرًا بَغْرِس الْإِيمَانَ فِي القُلُوبِ وَكيف كان عليه الصلاة والسلام يَسْتَثْمِرُ كُلَّ فُرْصَةٍ لِيُعَلِّمَ أمتهُ الْإِيمَانَ، وَيُحَذِّرَهُم أشدَّ التحذير من فتن الشُبهات والشهوات، وكُلُّ ما قد يُضعِفُ أو يَسْلُبُ الْإِيمَانَ، بل وَيَذْكُرُ لَهُمْ مَا قَدْ يَرَوْنَهُ مستقبلًا مِنْ أنواع الفتن ولُصُوصِ الْإِيمَانِ.. فعن أبي هريرة رضي الله عنه حديثًا قال: قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.. قال تعالى: ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 43-44].. وقال تعالى: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود: 112]..

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ عِبَادَ اللهِ وَلنصَّبرَ، وَلنتَّمَسُّكَ بِهَذَا الدِّينِ العَظِيمِ، وَلنستقم عَلَى مَنهَجِه القَوِيمِ، فَهَذَا هو وَقتُ التَّمَسُّكِ بِالدِّينِ وَالاستِقَامَةِ عَلَيهِ، وَهَذَا أوان الإِكثَارِ مِن عِبَادَةِ اللهِ وَالإِقبَالِ علَيهِ، وَلْيُبشِرِ الصَّابِرُونَ المُستَقِيمُونَ عَلَى أَمرِ اللهِ كُلَّمَا تَأَخَّرَ الزَّمَانُ، وَكلما عَظُمَتِ الفِتَنُ وَضَعُفَ الإِيمَانُ، وَكُلَّمَا فَسَدَتِ الأَخلاقُ وَكَثُرَ المُحَارِبُونَ لِدِينِ اللهِ.. فقد قَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِن وَرَائِكُم أَيَّامَ الصَّبرِ، لِلمُتَمَسِّكِ فِيهِنَّ يَومَئِذٍ بِمَا أَنتُم عَلَيهِ أَجرُ خَمسِينَ مِنكُم"، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ أَو مِنهُم؟! قَالَ: "بَلْ مِنكُم " رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ صلى الله عليه وسلم أيضًا: "العِبَادَةُ في الهَرْجِ كَهِجرَةٍ إليَّ" رَوَاهُ مُسلِمٌ..

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ استَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ المَلَائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحزَنُوا وَأَبشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتِي كُنتُم تُوعَدُونَ * نَحنُ أَولِيَاؤُكُم في الحَيَاةِ الدُّنيَا وَفي الآخِرَةِ وَلَكُم فِيهَا مَا تَشتَهِي أَنفُسُكُم وَلَكُم فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِن غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30-32]..
أقول ما تسمعون...

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده اللذين اصطفى..

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ.. وَاعلَمُوا أَنَّ أَعظَمَ كَنزٍ يَكنِزُهُ المُسلِمُ في حَيَاتِهِ لِينَفعَهُ بَعدَ مَمَاتِهِ، هُوَ الثَّبَاتُ عَلَى الدِّينِ، وَالتَّمَسُّكُ بِهِ وَالعَضُّ عَلَيهِ بِالنَّوَاجِذِ، حَتَّى يَتَوَفَّاهُ اللهُ عَلَيهِ، وَيَلقَى رَبَّهُ بِهِ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].. وَإِلَى الثَّبَاتِ وَجَّهَ نَبِيُّنَا أُمَّتَهُ وَحَثَّهُم عَلَيهِ، فَعَن شَدَّادِ بنِ أُوسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَاَل لي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا شَدَّادُ بنَ أَوسٍ، إِذَا رَأَيتَ النَّاسَ قَدِ اكتَنَزُوا الذَّهبَ وَالفِضَّةَ فَاكنِزْ هَؤُلاءِ الكَلِمَاتِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ الثَّبَاتَ في الأَمرِ، وَالعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشدِ، وَأَسأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغفِرَتِكَ …"؛ رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.. وَعَنِ العِربَاضِ بنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "عَلَيكُم بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ المَهدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُم وَمُحدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحدَثَةٍ بِدعَةٌ، وَكُلَّ بِدعَةٍ ضَلالَةٌ"؛ رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبانيُّ..

واعلموا يا عباد الله أن الثَّبَاتُ عَلَى الْحَقِّ لَا يَكُونُ إِلَّا بِقَنَاعَةٍ رَاسِخَةٍ.. فَإِنَّ الْمُوقِنَ بِأَنَّ الدِّينَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ، وَأَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ؛ لَنْ يُفَارِقَ دِينَهُ أَوْ يَتَنَازَلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ يَقِينَهُ يَغْلِبُ كل مَا يُلْقَى عَلَيْهِ مِنْ الشُبُهَاتٍ، وَمَا يُزَيَّنُ لَهُ مِنْ فتن الشبهات والشَهَوَات..

وَإِنَّ قَارِئَ الْقُرْآنِ لَيَعْجَبُ أَشَدَّ الْعَجَبِ مِنْ ثَبَاتِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، رغم طول الطريق وقلة الأتباع: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا ﴾ [العنكبوت: 14]، لا إله إلا الله، يمَكَثَ نُوحٌ عليه السلام ثَابِتًا عَلَى دِينِهِ، صَادِعًا بِالْحَقِّ.. أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، ثم تكون النَّتِيجَةُ: ﴿ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [هود: 40].. وكذلك مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ استمر صراعه مَعَ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ أربعون سنة، قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ﴾ [يونس: 83].. بَلْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: "عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ، فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلَانِ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ » رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.. فالنظر في سير الأنبياء عليهم السلام من أقوى أسباب الثبات.. كما أن من أعظم أسباب الثبات على الدين، الإقبال على كتاب رب العالمين.. قراءة وحفظًا.. وتدبرًا وفهمًا.. قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴾ [الفرقان: 32].. وقال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52]..

ومن أسباب الثبات على دين الله تعالى كثرة دعائه سبحانه وتعالى وسؤالِه الثبات، فقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يكثر في دعائه: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، وأهل الإيمان يقولون: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].. ومن أسباب الثبات على دين الله تعالى التزام الأعمال الصالحة والإكثار منها، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يثابر على الأعمال الصالحة، وكان أحبُّ العمل إليه أدومَه وإن قل.. وكان هو وأصحابُه رضي الله عنهم إذا عملوا عملًا أثبتوه..

ومن أسباب الثبات على دين الله تعالى لزومُ الصحبة الصالحة، واسمع لوصية الله تعالى لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].. نعم.. فالمرء لا بد أن يتأثر بمن حوله، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ).. وصدق من قال: عن المرء لا تسأل وسل عن قرينِه.. فكل قرينٍ بالمقارَن يقتدي.. ألا وإن من أصعب لحظات العمر، إن لم تكن أصعبها على الإطلاق.. لحظة مغادرة هذه الدنيا، ومعلوم أن الثبات حينها من أصعب ما يكون.. فمن أراد الثبات في تلك اللحظات العصيبة فليعمل لأجلها من الآن، وليثبت على دينه اليوم، فالله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.. قال تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27]..

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..
اللهم صل..



 توقيع : حكاية ناي ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الثبات على الدين (2) الطريق إلى الثبات حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 2 02-13-2024 05:37 PM
الثبات على الدين (1) عز ونصر وفوز حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 1 02-12-2024 12:26 PM
الثبات على الدين (4) التثبيت بالقرآن الكريم حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 1 02-12-2024 12:25 PM
الثبات على الدين (3) ثبات الرسل عليهم السلام حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 1 02-12-2024 12:25 PM
الثبات على الدين (5) التثبيت بالسيرة النبوية حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 1 02-12-2024 12:23 PM


الساعة الآن 04:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.