بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المولد والنشأة في غزة بفلسطين سنة 150 هـ، ولد محمد بن إدريس الشافعي في نفس العام الذي توفى فيه أبو حنيفة، ويلتقي الشافعي مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الجد الأعلى. نشأ يتيمًا، لكن أمه الطاهرة عوضته بحنانها عن فقدان أبيه، وانتقلت به إلى مكة وهو ابن سنتين، ففيها أهله وعشيرته وعلماء الإسلام، وظلت تربيه تربية صالحة، وترعاه، وتأمل أن يكون من العلماء الصالحين. حفظ الشافعي القرآن الكريم وسنه سبع سنين، ثم شرع في حفظ أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ،وكان الشافعي يجمع قطع الجلود وسعف النخيل وعظام الجمال ليكتب عليها، لأنه لم يكن لديه مال يشتري به الورق. وكان الشافعي يتقن الرمي، حتى كان يرمي عشرة سهام، فلا يخطئ في سهم واحد منها. ثم أرسلته أمه إلى قبيلة هذيل في البادية، فمكث بينهم سبع سنين يتعلم لغتهم، ويحفظ أشعارهم، حتى عاد إلى مكة فصيح اللسان. تلميذ مالك رحل الشافعي إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلتقي بعالم المدينة الإمام مالك، ولما التقى به قال له الإمام مالك: إن الله تعالى قد ألقى على قلبك نورًا، فلا تطفئه بالمعصية، واتق الله فإنه سيكون لك شأن. رحلة العلم وظل الشافعي يتتلمذ على يد الإمام مالك بن أنس – رحمه الله – حتى وفاته. ثم رحل الشافعي إلى العراق فأخذ العلم على يد محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة وغيره، ثم ترك بغداد إلى مكة حيث تعلم على يد مسلم بن خالد الزنجي، وسفيان بن عيينة. وفي الحرم المكي أخذ الشافعي يلقي دروسه، وحضر مجلسه أناس من جميع الأقطار والبلدان، والتقى به كبار العلماء وخاصة في مواسم الحج. ثم عاد مرة أخرى إلى بغداد سنة 195 هـ، وكان له بها مجلس علم يحضره العلماء يستزيدون من علمه، ويقصده الطلاب من كل مكان. الشافعي في مصر جاء الشافعي إلى مصر عام 198 هـ، لينشر مذهبه فيها، وليبتعد عن الاضطرابات السياسية في العراق. وألقى دروسه بجامع عمرو بن العاص وأحبه المصريون وأحبهم، وبقى في مصر خمس سنوات قضاها كلها في التأليف والتدريس والمناظرة والرد على الخصوم. ومن أشهر مؤلفاته: كتاب الأم في الفقه، وكتاب الرسالة في أصول الفقه وهو أول كتاب فيه هذا العلم. منزلته بين العلماء لقى الشافعي تقديرًا كبيرًا من فقهاء عصره ومن بعدهم، فقال أحمد بن حنبل لولده عن الشافعي: يا بني كان الشافعي كالشمس للدنيا والعافية للبدن. وقيل فيه ومن يك علم الشافعي إمامه فمرته في باحة العلم واسع وكان أحمد بن حنبل – أحد تلاميذه – يحرص على ألا يفوته درس الشافعي، ويقول لأحد أصحابه: يا أبا يعقوب، اقتبس من الرجل، فإنه ما رأت عيناي مثله. وكان سفيان بن عيينة أستاذ الشافعي يستفسر منه عن بعض الأحكام الفقهية التي لم يقف عليها. اجتهاد متصل كان الشافعي يقضي الساعات الطوال في دروس متصلة، ينتقل من علم إلى علم، يجلس في حلقته إذا صلى الفجر، فيأتيه من يريدون تعلم القرآن، فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء طلاب الحديث، فإذا انتهوا جاء بعدهم من يريدون تعلم العربية والعروض والنحو والشعر، ويستمر الشافعي في دروسه من بعد صلاة الفجر حتى صلاة الظهر !! وكان – رحمه الله – شاعرًا رقيقًا، فاض شعره بالتقرب إلى الله . وتوفى الشافعي ليلة الجمعة من آخر رجب 204هـ، وصلى عليه جمع غفير من الناس،وقد حزنوا عليه حزنًا عميقًا،بعد أن مات وقد خلف للأمة تراثًا نافعًا،فرحمة الله عليك يا شافعي