كيف بدأ الاقتصاد الصيني عامه الجديد؟ زخم ضعيف وإشارات متضاربة
نشر المكتب الوطني للإحصاء في الصين بيانات النشاط الاقتصادي الرئيسة لشهري يناير وفبراير، متيحا أول نظرة على البيانات الموثقة الرئيسة لهذا العام، التي توضح كيف بدأ الاقتصاد عامه الجديد.
كانت هناك إشارات متضاربة من البيانات المبكرة، لكن يمكننا تأكيد عدد من الاتجاهات. أولا، ظل الزخم الاقتصادي العام ضعيفا في الشهرين الأولين من العام، ما استلزم حاجة إضافية إلى التحفيز. ثانيا، ستظل العقارات تشكل عائقا أمام الاقتصاد، وستحتاج الاستثمارات الأخرى إلى تعويض الركود. وأخيرا، أظهر التباطؤ في مبيعات التجزئة صعوبة الاعتماد على الاستهلاك وحده هذا العام لتحقيق النمو المستهدف عند 5 % بعدما كان المحرك الرئيس للنمو في 2023.
تباطأت مبيعات التجزئة إلى 5.5 % على أساس سنوي منذ بداية العام، أي أقل قليلا من السوق لكنها أعلى قليلا من توقعات "آي إن جي ثنك".
ارتفعت قطاعات خدمات الطعام 12.5 % على أساس سنوي منذ بداية العام، فيما ارتفع التبغ والكحول 13.7 %، وارتفعت السلع الرياضية والترفيهية 11.3 %. وكانت جميعها أعلى كثيرا من رقم النمو الرئيس.
شهدت مبيعات أجهزة الاتصالات والسيارات أيضا بداية قوية هذا العام، بارتفاعها 16.2 % و8.7 % على التوالي، حيث تفيد دورة الاستبدال الأولى، ويفيد استمرار دعم مركبات الطاقة الجديدة الأخيرة.
كذلك واصلت مبيعات التجزئة عبر الإنترنت نموها بشكل أسرع من الأرقام الرئيسة، مرتفعة 14.4 %. ومن المرجح أن تستمر هذه الفئة في التفوق في الأداء مع استمرار أشكال مختلفة من التجارة الإلكترونية في اكتساب شعبية.
في المقابل، سجلت مبيعات التجزئة للأجهزة المنزلية والأثاث بداية ضعيفة عند 5.7 % و4.6 % على التوالي، ويرجع ذلك على الأرجح إلى ضعف قطاع العقارات الذي يحد من الطلب. لكن مع توقع أن تشجع سياسة هذا العام على استبدال المنتجات الجديدة بالقديمة، من المتوقع أن تعاود هاتان الفئتان الارتفاع في وقت لاحق من العام.
من غير المستغرب أن تكون بداية الاستثمار العقاري ضعيفة للغاية، بعد أن أشارت بيانات عن أسعار المساكن في 70 مدينة، نشرت في وقت سابق، إلى أن وصول سوق العقارات إلى أدنى مستوياتها لم يتأكد بعد.
انخفض الاستثمار العقاري -9.0 % على أساس سنوي منذ بداية العام، وهو انكماش أقل من - 9.6 % في 2023، لكنه لا يزال أضعف من التوقعات. بالنسبة إلى العقارات السكنية الجديدة زاد الانكماش إلى - 30.6 %.
وانكمشت قيمة مبيعات العقارات السكنية الجديدة -32.7 %. وكان أداء العقارات المكتبية والتجارية أفضل، ارتفعت 9.9 % و12.5 % على التوالي.
ولم يتوقف مؤشر المعنويات عن الانخفاض بعدما تراجع من 93.34 في نهاية 2023 إلى 92.13 في فبراير، وهو أدنى مستوى على الإطلاق. ومع وجود علامات قليلة على حدوث تحول في المعنويات حتى الآن، من المتوقع أن تظل العقارات عائقا كبيرا أمام النمو هذا العام.
رغم التراجع الأكبر من المتوقع في قطاع العقارات، جاءت المفاجأة من الاستثمارات في الأصول الثابتة التي بدأت العام في الاتجاه الصعودي، مرتفعة 4.2 %. يمكن تفسير ذلك من خلال تفوق أداء فئتين رئيستين.
وكما كان متوقعا، استمر الاستثمار في البنية التحتية في التفوق على نمو الاستثمار الرئيس في الأصول الثابتة في الشهرين الأولين من العام، مرتفعا 6.3 %. ويتوقع أن يكون الاستثمار في البنية التحتية محور تركيز دعم السياسة المالية هذا العام، لأن نمو الناتج المحلي الإجمالي المستهدف عند 5 % سيكون صعبا دون زيادة الاستثمار، وتظل البنية التحتية مجالا يمكن أن يكون الاستثمار فيه منتجا. شهد الاستثمار في الأصول الثابتة في مجال التصنيع أيضا نموا قويا، مرتفعا 9.4 % - أعلى مستوى منذ أكتوبر 2022.
كذلك ارتفعت استثمارات الحكومة والشركات المملوكة للدولة 7.3 % في أول شهرين من العام، ما يؤكد التأثير المستمر لحزمة التحفيز المالي للعام الماضي. ومع بقاء الموقف المالي داعما هذا العام، يتوقع أن يعني ذلك مزيدا من النشاط الاقتصادي مع استمرار العام.
شهدت القيمة المضافة في الصناعة بداية أقوى كثيرا من المتوقع، بارتفاعها 7.0 %، مواصلة بذلك انتعاشا بدأ في الربع الرابع من 2023. وكانت فئة الحواسيب والاتصالات والمعدات الإلكترونية الأخرى أكثر المجالات قوة بارتفاعها 14.6 %. وكان أداء تصنيع معدات النقل قويا أيضا، بتحقيقه ارتفاعا بلغ 11.0 %.
وسط بيانات الإنتاج الصناعي المشجعة والفرق الأكثر ملاءمة بين مؤشر أسعار المنتجين ومؤشر أسعار المستهلك، من المتوقع أن تصل الأرباح الصناعية إلى القاع وتعاود الانتعاش تدريجيا هذا العام.