الاقتصاد الأمريكي ينقلب من الاعتدال إلى الركود التضخمي .. فرصة للذهب والسلع والعملات
ينزلق الاقتصاد الأمريكي في معضلة تشابه ما حدث في السبعينيات، حيث يستمر التضخم بينما يهدأ الاقتصاد، ويتجاهل المستثمرون ذلك على مسؤوليتهم، وفقا لأحد كبار استراتيجيي الأسهم في بنك أوف أمريكا.
تضاعفت في الآونة الأخيرة الدلائل التي تشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي "ينقلب من الاعتدال إلى الركود التضخمي"، وفقا لمايكل هارتنت، استراتيجي الأسهم العالمية في بنك أوف أمريكا، قد يكون لهذا التحول تداعيات خطيرة على سوق الأوراق المالية لم يأخذها كثير من المستثمرين على محمل الجد بعد.
يشير الركود التضخمي إلى تضخم مرتفع ونمو اقتصادي ضعيف في الوقت نفسه، وهو ما عرقل الاقتصاد الأمريكي في معظم السبعينيات حتى أوائل الثمانينيات. يشير "الاعتدال" إلى الوقت الذي ينمو فيه الاقتصاد بوتيرة معتدلة وليست محمومة بما يكفي لتأجيج التضخم.
وبحسب "ماركت ووتش"، استوعب المستثمرون تقريرين عن التضخم محمومين أكثر من المتوقع. قال هارتنت إن أسعار المستهلك ارتفعت بمعدل 3.2 % خلال الـ12 شهرا الماضية، ومن الممكن أن يتسارع المعدل إلى 3.6 % بحلول يونيو.
يحتسب متداولون حاليا احتمالا يزيد على 50 % بأن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في يونيو ـ للمرة الأولى منذ أن بدأ رفعها في مارس 2022 ـ وفقا لأداة فيد ووتش التابعة لمجموعة سي إم إي.
قال هارتنت إن علامات انتعاش التضخم لا تقتصر على الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن ضغوط الأسعار المتسارعة في مختلف أنحاء العالم ألهمت بالفعل بعض البنوك المركزية في الأسواق الناشئة إيقاف خطط خفض الفائدة مؤقتا.
في الوقت نفسه، بدأت تظهر علامات أكثر على ضعف سوق العمل، ما يهدد ما كان يعد اتجاها لنمو اقتصادي قوي في الولايات المتحدة.
أكدت بيانات رسمية صادرة عن وزارة العمل الأسبوع قبل الماضي أن عدد العمال الذين لديهم وظائف بدوام كامل انخفض خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حتى مع إظهار بيانات الحكومة الأمريكية أن عدد الوظائف التي تم استحداثها ظل قويا في فبراير.
وبالنظر إلى ما هو أبعد من بيانات وزارة العمل الرسمية، أظهرت قراءة لفرص العمل في فبراير أن نسبة العمال الذين تركوا وظائفهم انخفضت إلى أدنى مستوى منذ بدء عمليات الإغلاق بسبب كورونا، وكذلك خطط التوظيف في الشركات الصغيرة، وفقا لبيانات صادرة عن الاتحاد الوطني للأعمال المستقلة.
كان عدد أقل من العمال يستقيلون حتى في الوقت الذي ارتفع فيه الإنفاق الحكومي الأمريكي 9 % عن العام السابق وحتى خمسة أشهر من السنة المالية 2024. ويهدد ارتفاع العجز في الميزانية بدفع عائد سندات الخزانة لأجل 10 أعوام مجددا إلى ما فوق 4.5 % للمرة الأولى منذ أواخر العام الماضي، وفقا لهارتنت.
قد يؤدي ارتفاع عوائد سندات الخزانة إلى زيادة الضغط على الأسهم الأمريكية. انخفض مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 0.7 % يوم الجمعة، وأنهى اليوم عند 5117، في حين انخفض مؤشر ناسداك المركب 1 % إلى 15973. وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي 0.5 % إلى 38714.
بالنسبة إلى الآثار المترتبة على الأسواق، من المرجح أن تؤدي عودة الركود التضخمي إلى تعزيز الطلب على السلع والذهب والعملات المشفرة والنقد، بينما تتسبب في انحدار منحنى عائد سندات الخزانة.
هارتنت ليس الخبير الاستراتيجي الوحيد في وول ستريت الذي يحذر من أن الخلفية الاقتصادية الحالية "المعتدلة" قد تفسح المجال قريبا لشيء أقرب إلى ركود تضخمي على غرار ما حدث في السبعينيات. صرح ماركو كولانوفيتش، من جيه بي مورجان تشيس آند كو، بذلك في تقرير نشر الشهر الماضي