الدولار في سباق الصعود المتسارع مع تباين توقعات رفع أسعار الفائدة
يواصل الدولار الأمريكي صعوده المتسارع، مع زيادة التضخم العنيد الذي ألقى بظلال من الشك على رهانات خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة هذا العام مقارنة بالبنوك المركزية الأخرى. وارتفع مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسة، بنسبة 4.6 % هذا العام ويقف بالقرب من أعلى مستوياته منذ أوائل نوفمبر. يتقدم الدولار مع تزايد اقتناع المستثمرين في السوق بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيحتاج إلى ترك أسعار الفائدة عند المستويات الحالية فترة أطول لتجنب احتمال عودة التضخم. عززت بيانات أسعار المستهلك التي جاءت أقوى من المتوقع الأسبوع الماضي هذا الرأي، حيث أظهرت أسواق العقود الآجلة أن المستثمرين في وقت متأخر من يوم الجمعة يراهنون على خفض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس فقط في 2024، مقارنة بـ 150 نقطة أساس في بداية العام. وعلى النقيض من ذلك، يعتقد المستثمرون أن بعض البنوك المركزية العالمية - بما في ذلك البنك المركزي الأوروبي وبنك كندا والبنك المركزي السويدي - يمكن أن تتمتع بحرية أكبر لتخفيف السياسة النقدية. وهذا تحول عما كان عليه الحال قبل بضعة أشهر، عندما كان كثيرون يعتقدون أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون من بين أول من يخفض أسعار الفائدة.
اتسعت فروق العائد بين الولايات المتحدة والاقتصادات الأخرى في الأسابيع الأخيرة، ما أسهم في ارتفاع العملة الأمريكية حيث عزز ارتفاع العائدات جاذبية الأصول المقومة بالدولار. أظهرت بيانات lseg أن السندات الأمريكية الألمانية لأجل عامين سجل أعلى مستوياته منذ 2022 في وقت متأخر من يوم الجمعة، بعد يوم من إشارة البنك المركزي الأوروبي إلى أنه قد يخفض أسعار الفائدة في أقرب وقت من يونيو. وزاد المستثمرون المتفائلون من رهاناتهم على الدولار، في حين تردد الدببة - المتداولون الذين، يثقون في أن سعر الأوراق المالية سينخفض، وأن السوق ستنهار، لذا يبيعون تلك الأصول. وأظهرت بيانات من لجنة تداول العقود الآجلة للسلع، أن صافي الرهانات على الدولار في أسواق العقود الآجلة بلغ 17.74 مليار دولار في الأسبوع الأخير، وهو أعلى مستوى منذ أغسطس 2022. وقد تباينت سياسة البنك المركزي في الأشهر الأخيرة، ما يوضح الجهود المتفاوتة التي تواجهها الاقتصادات لاحتواء التضخم.
ومن ناحية أخرى، تبدو البنوك المركزية في أستراليا وبريطانيا والنرويج أقل رغبة في تخفيف السياسة النقدية. وفي الوقت نفسه، ارتفع الين الياباني من أدنى مستوى له منذ 34 عاما تقريبا مقابل الدولار رغم أن البلاد أنهت أخيرا ثمانية أعوام من أسعار الفائدة السلبية. استبعد بنك اليابان استخدام رفع أسعار الفائدة لدعم العملة. يعتقد إريك ميرليس، العضو المنتدب والرئيس المشارك للأسواق العالمية في سيتيزنز، أن الدولار يمكن أن يستمر في الارتفاع على نطاق واسع على خلفية سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأكثر تشددا مقارنة بالبنك المركزي الأوروبي. وانخفض اليورو بنسبة 3.6 % مقابل الدولار هذا العام.
يمكن أن تكون قوة الدولار أيضا بمنزلة رياح معاكسة للشركات الأمريكية متعددة الجنسيات، لأنها تجعل تحويل أرباحها الأجنبية إلى دولارات أكثر تكلفة، وتجعل منتجات المصدرين أقل قدرة على المنافسة في الخارج. وقد تكون هناك عوامل أخرى تدفع الدولار أيضا. وتعد العملة الأمريكية وجهة شهيرة للمستثمرين خلال أوقات عدم اليقين الجيوسياسي، وزادت حدتها في الأيام الأخيرة بسبب المخاوف من اتساع نطاق الصراع في الشرق الأوسط.
ويعتقد بريان ليبوفيتش، كبير المتعاملين في سوق العملات الأجنبية العالمية في نورثرن ترست، أن الدولار قد يتلقى دفعة من بنك الاحتياطي الفيدرالي، ما يسمح للأصول بالخروج من ميزانيته العمومية، وهي عملية تعرف باسم التشديد الكمي. وقال إن أسعار الفائدة وفروق الأسعار في مصلحة الدولار، ما يعني أن "الاتجاه في الوقت الحالي يشير إلى أن الدولار سيظل مدعوما بشكل أفضل".