حرب الرقائق بين بكين وواشنطن تطفو على السطح .. تحرك صيني تجاه إنتل وamd ينذر باتساع
طلقة مؤلمة أطلقتها الصين ضد الولايات المتحدة في حربهما الضروس في صناعة الرقائق الالكترونية، فبكين تكثف جهودها لاستبدال التكنولوجيا الغربية بأخرى محلية، ووجهت أكبر شركات الاتصالات لديها للتخلص من الرقائق الالكترونية الأجنبية بحلول 2027، الضربة الصينية استهدفت بالأساس شركة إنتل وإيه إم دي الأمريكيتين.
التحرك الصيني الأخير خطوة نوعية في سياق تبادل الاتهامات بين الطرفين بشأن دعمهما لصناعة الرقائق الالكترونية المحلية، فالصين أكبر سوق لأشباه الموصلات في العالم، والعام الماضي استوردت ما قيمته 350 مليار دولار، وأنفقت نحو 30 مليار دولار لشراء معدات أشباه الموصلات، ولا تخفي تقديم 150 مليار دولار عام 2022 لدعم الصناعة، ورفعت مستوى الائتمان الضريبي للاستثمارات في هذا المجال 20 في المائة.
في المقابل، ردت الولايات المتحدة بضوابط للتصدير وحواجز للحماية، فحظرت على صانعي الرقائق المتلقين للإعانات الأمريكية التوسع في الصين لمدة 10 سنوات، وأصدرت قانون "chips" ويتضمن 39 مليار دولار من الإعانات لتشجيع الشركات الأمريكية والأجنبية لبناء مصانع للرقائق الإلكترونية في الولايات المتحدة.
والآن جرى تخصيص 23 مليار دولار لعدد من الشركات المنافسة للصين، فدعمت شركة تي إس إم سي التايوانية بـ 6.6 مليار دولار لتوسيع عملياتها في الولايات المتحدة، ومنحت اليوم شركة سامسونج 6.4 مليار دولار لبناء مصنع للرقائق الالكترونية في تكساس.
وفي هذا الإطار، اعتبرت الدكتورة مارجريت لورنس أستاذة هندسة الاتصالات في جامعة كامبريدج، أن الصراع الصيني الأمريكي في صناعة الرقائق بات مفتوحا على جميع الاحتمالات السلبية، والخطوة الصينية لا يمكن أن تمر مرور الكرام أمريكيا.
وقالت لـ"الاقتصادية": إن "الشركات الأمريكية مثل إنتل ونفيديا تصمم الرقائق الأكثر تقدما، لكنها تصنع في عدد محدود من المصانع المتطورة في تايوان وكوريا الجنوبية، وشركة تي إس إم سي التايوانية تصنع الغالبية العظمى من الرقائق الأكثر تقدما، وهذا أحد الأسباب الرئيسة التي تجعل واشنطن ترتاب من كل تحرك صيني بشأن تايوان، لأن صناعة الرقائق الالكترونية عقل الصناعة الحديثة".
وتضيف الخطوة الصينية تحمل عديدا من الدلالات، أولا: ضرب صناعة استراتيجية أمريكية، فالسوق الصينية أكبر سوق لشركة إنتل ومسؤول عن 27 % من إيرادات الشركة، ثانيا: مدلول القرار أن الصين قطعت شوطا كبيرا في الصناعة ولم تعد في حاجة للشركات الأمريكية ولهذا تداعيات على صناعات استراتيجية أخرى.
بدوره، يرى الدكتور نايجل ديفيد أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة كامبريدج، أن الصين تسعى لزيادة حصتها الدولية في صناعة الرقائق.
وقال لـ"الاقتصادية": إن "الولايات المتحدة تمثل 25 % من الطلب العالمي على الرقائق الإلكترونية، وتراجع إجمالي قدرتها التصنيعية من 36 % من الإنتاج العالمي في تسعينيات القرن الماضي الى 12 % حاليا، والتقديرات أن تكلفة تصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة ستزيد بنسبة تصل الى 50 % مقارنة بتايوان بسبب تكاليف وثقافة العمل ".
مع هذا يعتقد الباحث الاقتصادي إس. إل. دوف، أن الخطوة الصينية تشير لاتساع نطاق الصراع مستقبلا.
وقال لـ"االاقتصادية": إن "القرار الصيني يتضمن تحذيرا لحلفاء الولايات المتحدة، تحديدا اليابان وهولندا وكوريا الجنوبية التي يعتمد اقتصادها كثيرا على الصادرات لتحقيق النمو، وتشكل أشباه الموصلات الجزء الأكبر من تجارتها، والصين أحد أكبر شركائها التجاريين".
وأضاف، الرسالة الصينية باختصار: "لدينا القدرة على الإضرار بمصالح أكبر اقتصاد في العالم، ونحن قادرون على إلحاق كثير من الأذى بكم، فتوخوا غضب التنين".