تأليف ناجح المعموري (تأليف)
نبذة عن الكتاب
إن تاريخ أية أمة من الأمم قد لا يخلو عبر مسيرتها التاريخية الطويلة من أحداث تتصف بالعنف والقتل والظلم والدمويّة والسلوك العدواني لأن مثل هذا السلوك وما يرافقه من عنف وتطرّف ودمويّة لدى الإنسان يكاد يكون صفة ثابتة معروفة وموجودة في تاريخ المجتمعات البشرية كلها. إن ما نجده في تاريخ العراق منذ أقدم العصور وحتى الآن هو أمر مختلف، فهذا التاريخ لا يزدحم بأحداث العنف الدموي والظلم والقسوة الشريرة فحسب بل إن تلك الأحداث والوقائع التاريخية المشحونة بالعنف الدموي تميل على نحو ظاهر للاتصاف بالمبالغة والتطرّف والتصعيد اللامعقول في أداء هذه المعاني جميعاً والإيغال في تطبيقها وممارستها إلى الحد الأقصى، أي المبالغة بالعنف الدموي والمبالغة بالقسوة والظلم والمبالغة في الشراسة والدمويّة خلال التعامل مع القضايا والنشاطات الإنسانية بمختلف أشكالها ومستوياتها. قدمت الأساطير العراقية تفاصيل غزيرة جداً عن الاستبداد الذي مارسه جلجامش على سبيل المثال وصاغت شخصيته أنموذجاً أدبياً، ملحمياً رفيعاً، صاغ أصل الملحمة في التاريخ وتعاملنا مع ظواهر الظلم الاجتماعي والعنف كتمظهرات أولى لهذه الظاهرة المميزة لحضارة العراق القديم والتي كانت الآلهة وخصوصاً البانثيون العراقي هم مصدر الحروب والتدمير والتعسف والعنف، وهذا أمر مثير للدهشة لأن المقدس هو الحامي الروحي والمولّد للأمان النفسي، واستطاع من خلال طقوسه وشعائره وثقافته اللاهوتية، والكهنة الأكثر مهارة بدورهم المركزي في تكريس نظام الآلهة والاعتراف به