وإنك لعلى خلق عظيم - منتديات احساس ناي

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 340
عدد  مرات الظهور : 7,878,161
عدد مرات النقر : 320
عدد  مرات الظهور : 7,878,158
عدد مرات النقر : 214
عدد  مرات الظهور : 7,878,197
عدد مرات النقر : 172
عدد  مرات الظهور : 7,878,197
عدد مرات النقر : 293
عدد  مرات الظهور : 7,878,197

عدد مرات النقر : 16
عدد  مرات الظهور : 1,396,316

عدد مرات النقر : 39
عدد  مرات الظهور : 1,390,905

عدد مرات النقر : 14
عدد  مرات الظهور : 1,391,429


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 05-08-2024, 08:27 PM
حكاية ناي ♔ متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » يوم أمس (07:33 PM)
آبدآعاتي » 3,699,292
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2249
الاعجابات المُرسلة » 783
مَزآجِي   :  08
?? ??? ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
 آوسِمتي »
 
افتراضي وإنك لعلى خلق عظيم

Facebook Twitter


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].



أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.



أيها المسلمون، قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].

هذه جملة ثناء من رب السماوات والأرض، فعلى من يثني الملك الديان؟ وبماذا أثنى؟

لقد أثنى الله تعالى على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالخلق العظيم، ومدحه في هذه الآية بهذا العمل الكريم.

وتأملوا أيها الفضلاء في هذه الجملة القرآنية الأنيقة في لفظها ومعناها - في أي قالب جاءت، وأي ثوب بلاغي اكتست.



إن هذه الجملة البليغة تفيد بلوغ رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام أعلى درجات الخلق الحسن؛ فقد صَدَرت هذه التزكية من الله تعالى الذي شهادته أكبر شهادة، وقوله أصدق قول؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ ﴾ [الأنعام: 19]، وقال: ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾ [النساء: 122].



وأُكِّدت هذه الجملة بـ(إن) واللام، وهما تفيدان التوكيد الذي يُشعِر برسوخ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض الأخلاق النبيلة.



كما أنها لما جاءت للإعلام بتمكن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخلق العظيم، فإنها صُدِّرت بحرف الجر (على) الدال على الاستعلاء والتمكن، فلم يقل الله تعالى: "وإنك لذو خلق"، وإنما قال: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ ﴾، فجاء بحرف الجر (على) الذي يفيد الاستعلاء، فدل هذا اللفظ على أنه مستعلٍ على هذه الأخلاق ومستولٍ عليها، وأنه بالنسبة إلى هذه الأخلاق الجميلة كالسيد بالنسبة إلى العبد، وكالأمير بالنسبة إلى المأمور"[2] يوجهه حيثما يريد.



وكذلك ذكر الله تعالى صفة المدح بلفظ التنكير فقال: ﴿ خُلُقٍ ﴾ ولم يقل: الخلق، والسبب أن التنكير هنا يفيد التعظيم؛ لبيان عظمة ما بلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم من كمال الخلق الكريم.



ولم يُكتفَ بهذا، بل نعت هذا الخلق الحسن بالعظمة الكبيرة الدالة على قوة تمكنه صلى الله عليه وسلم من الأخلاق الحسنة؛ ولذلك جاء الوصف بالعظمة على صيغة (فعيل) التي هي من صيغ المبالغة.



أرأيتم ما أعظم هذا الثناء من رب الأرض والسماء على سيد الأنبياء عليه الصلاة والسلام!
صلى وسلم ذو الجلالِ عليكَ يا
مَن نورُ طلعته يشقُّ الغيهبا
صلى وسلم ذو الجلال عليك ما
أحلاك ذكرًا في القلوبِ وأعذبا
صلى وسلم ذو الجلال عليك ما
أوفاك للمتذممين وأحسبا
صلى وسلم ذو الجلال عليك ما
أزكاك في الرسل الكرام وأطيبا
صلى وسلم ذو الجلال عليك ما
برقت خلائقك الكريمة في الرُّبا



عباد الله، إذا أثنى الله تعالى على نبينا صلى الله عليه وسلم في كتابه الكريم بعموم خلقه العظيم في قوله: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، فإنه قد أثنى عليه أيضًا في القرآن في مواضع أخرى ببعض أنواع هذا الخلق؛ ففي سورة التوبة أثنى عليه بكثرة الرأفة والرحمة بالأمة، والحرص على ألَّا يصيبها عنت ولا مشقة؛ فقال تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].



وأثنى عليه في سورة آل عمران بالرفق واللين، وأمره بمشاورة المؤمنين والاستغفار لهم والعفو عنهم، والتوكل عليه تعالى؛ فقال تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].



فامتثل رسول الله هذه الأوامر الخلقية من غير تردد؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان يعمل بأوامر القرآن؛ كما جاء في حديث سعد بن هشام بن عامر قال: ((أتيت عائشة، فقلت: يا أم المؤمنين، أخبريني بخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ألستَ تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: كان خلقه القرآن، أما تقرأ قول الله عز وجل: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4])) [3].



ومعنى كان خلقه القرآن: "أنَّه كان تأدَّب بآدابه، وتخلَّق بأخلاقه، فما مدحه القرآن كان فيه رضاه، وما ذمه القرآن كان فيه سخطه"[4].



"فكان كلامه مطابقًا للقرآن تفصيلًا له وتبيينًا، وعلومه علوم القرآن، وإرادته وأعماله ما أوجبه وندب إليه القرآن، وإعراضه وتركه لما منع منه القرآن، ورغبته فيما رغب فيه، وزهده فيما زهد فيه، وكراهته لما كرهه، ومحبته لما أحبه، وسعيه في تنفيذ أوامره وتبليغه والجهاد في إقامته، فترجمت أم المؤمنين - لكمال معرفتها بالقرآن وبالرسول صلى الله عليه وسلم وحسن تعبيرها - عن هذا كله بقولها: كان خلقه القرآن"[5].



أيها المسلمون، إن الأخلاق الحسنة كانت سجية نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم التي لا يفارقها، وسيرته العطرة التي عُرف بها قبل نبوته وبعدها، فلم يكن أحد يساويه أو يفوقه في تلك الشمائل العظيمة، والخِلال العذبة الكريمة.



حتى لقد كان خلقه الفاضل هو ما تميز به بين قومه قبل بعثته؛ وشُهِر به مع كل من خالطه؛ فلذلك غدوا يلقبونه بالصادق الأمين، وينزلونه في منازل التبجيل المنزل السامي المكين.



وبعد أن أرسله الله تعالى رسولًا للعالمين، ازداد بالوحي أخلاقًا إلى أخلاقه، وفضائل إلى فضائله، فكانت أخلاقه السامية طريقًا إلى إيمان بعض الناس به، والاستجابة إلى ما يدعوهم إليه، وصارت كذلك سببًا من أسباب ثبات من أسلم له على الدين الحق.



عباد الله، إننا لو قلبنا صفحات السيرة النضرة لسيد البشرية صلى الله عليه وسلم، لوجدنا أن أخلاقه المشرقة كانت عنوانه الدائم مع جميع الناس؛ قريبهم وبعيدهم، ومسلمهم وكافرهم، ووليِّهم وعدوهم.



كما أنها لم تكن شيمته في حال الرضا، وعازبة عنه في حال الغضب، ولكنها كانت صفته القائمة وحليته الدائمة في كل مقام، وعلى كل حال، ومع كل فئة.



إن الإنسان قد يكون حَسنَ الأخلاق خارج البيت مع الناس، لكن أخلاقه قد تضيق في بيته مع أهله وأولاده، أما نبينا صلى الله عليه وسلم فلم يكن كذلك، بل كان خلقه حسنًا في منزله وخارجه، كيف لا وهو القائل عليه الصلاة والسلام: ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)) [6].



وقد صدَّق عليه الصلاة والسلام هذا القول مع زوجاته رضي الله عنهن بتواضعه وحسن معاشرته، وطيب تعامله، وجميل أقواله؛ فعن عائشة أنها قالت: ((لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا متفحشًا، ولا صخَّابًا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح)) [7].



قيل لها رضي الله عنها: ((ماذا كان يعمل رسول الله في بيته؟ قالت: كان بشرًا من البشر؛ يَفْلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه)) [8]، وفي رواية: ((يخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجل في بيته)).



ويقول خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه: ((لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا لعَّانًا ولا سبَّابًا، كان يقول عند المعتبة: ما له ترِبَ جبينه)) [9].



عباد الله، وأما أخلاقه صلى الله عليه وسلم مع الناس، فإنه كان فيها على أسمى الدرجات، حتى أصبح بها مضرب المثل وقدوة الأواخر والأُوَل.



فمن سأل عن حلمه، فسيجيبه عفوه عن المسيء إليه، وصبره على الجافي معه، وتركه الانتصار لنفسه، وبُعدُه عن الانتقام ممن آذاه؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: ((كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك، ثم أمر له بعطاء)) [10].



ومن سأل عن صبره صلى الله عليه وسلم، فسيحدثه عن بعض أمثلته صبره على ما لقي من المشركين في مكة والطائف من الضرر والعناء، وصبره على ما ناله من المنافقين واليهود في المدينة من الطعن والأذى، وصبره على ما وجده الأعراب من الشدة والجفاء، وصبره على ما أصابه يوم أُحُد من آلام الجراح وسيلان الدماء.



ومن سأل عن تواضعه ولين جانبه، فسيخبر عنه أكله كما يأكل الناس، وجلوسه كما يجلسون، وركوبه ما يركبون من غير تميز عنهم في ذلك، وإجابته دعوة الداعين من أصحابه من غير انتقاء، وشفاعته للموالي والجواري عند أسيادهم، ومشاركته أصحابه في الأعمال العامة كما في بناء المسجد وحفر الخندق، وعيادته مرضاهم، وتشييعه جنائزهم ومواساته لهم، ومداعبته للأطفال وسلامه عليهم، وتحنيكهم عند ولادتهم.



ومن سأل عن رحمته، فسيجيبه حزنه على إعراض قومه المشركين وعدم دعائه عليهم، وترك الموافقة على استئصالهم وقد فعلوا به ما فعلوا من الأذى؛ فإنه لما ناداه ملك الجبال قائلًا: ((يا محمد، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين - يعني: الجبلين - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يُخرِج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئًا)) [11].



أرأيتم إلى أي مدى وصلت رحمته وحلمه صلى الله عليه وسلم؟

وكذلك ستحدث عن رحمته التشريعاتُ التي لم يوجبها شفقة بأمته؛ كالسواك مع كل صلاة.



وسيخبر عن رحمته أيضًا تخفيفه صلاته متى ما سمع بكاء صبي في المسجد؛ حتى لا يشق على أمه. وسيحدث عن رحمته كذلك إقباله وفرحه بأولاد بناته في المسجد وخارجه.



وسيخبر عن رحمته أيضًا بكاؤه على من مات من أبنائه.

فصلاة ربي وسلامه على نبينا الرؤوف الرحيم.



أيها المسلمون، وأما أخلاقه مع أعدائه، فقد كانت هي الطريق إلى تعامله معهم تعاملًا حسنًا، فإنه لم يخرج عن الخلق الكريم معهم، ما أثَّر ذلك على بعضهم حتى ازدادوا له تعظيمًا، وأقبل بعضهم إليه منقادًا مسلمًا.



فقد كان صلى الله عليه وسلم يسلك معهم مسلك الصفح والعفو والصبر وضبط النفس، حتى إذا لم تجد هذه الأخلاق موقعًا فيهم، تعامل معهم بما يأمر به العدل والعزة.



ففي مكة كم أساء إليه المشركون، وتعدوا في معاملته حدود الخلق الكريم الذي يأمر به الجوار والقرابة وعادات العرب الكريمة في ذلك الوقت، ومع ذلك كله ترفع عن الانتصار لنفسه، حتى توَّج ذلك الخلق السامي يوم فتح مكة وأطلقهم، ولما مد بساط العفو عنهم أقبل المئات منهم على اعتناق دين الإسلام.

صلَّى عليك اللهُ يا علَمَ الهدى *** عددَ الحصى والرمل والأوراقِ



ومن خلقه الكريم مع أعدائه: وفاؤه بعهده معهم، فلم يخلف وعدًا وعده، ولم ينقض معهم عقدًا عقده؛ فعن أبي رافع رضي الله عنه قال: ((بعثتني قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أُلقي في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله، إني والله لا أرجع إليهم أبدًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لا أَخِيس بالعهد، ولا أحبس البُرُد، ولكن ارجع، فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن، فارجع قال: فذهبت، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلمت)) [12].



أيها الأحبة الفضلاء، يقول الإمام ابن القيم ملخصًا أخلاق رسول الله عليه الصلاة والسلام: "ومما يحمد عليه صلى الله عليه وسلم ما جبله الله عليه من مكارم الأخلاق وكرائم الشيم، فإن من نظر في أخلاقه وشيمه صلى الله عليه وسلم علم أنها خير أخلاق؛ فإنه صلى الله عليه وسلم كان أعلم الخلق، وأعظمهم أمانة، وأصدقهم حديثًا، وأجودهم وأسخاهم، وأشدهم احتمالًا، وأعظمهم عفوًا ومغفرة، وكان لا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا ... وكان أرحم الخلق وأرأفهم بهم، وأعظم الخلق نفعًا لهم في دينهم ودنياهم ... وأصبرهم في مواطن الصبر، وأصدقهم في مواطن اللقاء، وأوفاهم بالعهد والذمة، وأعظمهم مكافأة على الجميل بأضعافه، وأشدهم تواضعًا، وأعظمهم إيثارًا على نفسه، وأشد الخلق ذبًّا عن أصحابه وحماية لهم ودفاعًا عنهم، وأقوم الخلق بما يأمر به، وأتركهم لما ينهي عنه، وأوصل الخلق لرحمه"[13].



فنسأل الله تعالى أن يجعلنا برسولنا مقتدين، وبأخلاقه الكريمة متخلقين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.



الخطبة الثانية

الحمد لله الواحد الأحد، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

أيها المسلمون، ها أنتم سمعتم فصولًا يسيرة من أخلاق نبينا صلى الله عليه وسلم، وركبتم على صهوات الخيال فمضيتم إلى زمنه عليه الصلاة والسلام، فتأملتم في تلك المواقف البهيجة التي أنبأت عن سمو أخلاقه الكريمة، وسموق شمائله العظيمة.



ولا ريب أنكم على يقين جازم بأنه قدوتنا وهادينا، فما يسعنا إذًا والأمر كذلك إلا أن نعمل بقوله تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7]، وبقوله: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21]، فأخلاقه صلى الله عليه وسلم تدعونا إلى أن نقتدي به فيها، فنكون به متأسين، وعلى طريقه فيها سالكين.



إن تلك الخلائق الكريمة لنبينا صلى الله عليه وسلم تأمرنا أن نتبعه في صدقه وأمانته، وصبره ووفائه، وحلمه وعفوه، وإحسانه وإيثاره، وتواضعه ورحمته، وورعه وزهده، وغير ذلك من خلائقه السامية، وشمائله العالية، فنكون صادقين أمناء، صابرين أوفياء، عافين حلماء، محسنين مؤثِرِين، رحماء متواضعين، ورِعين زاهدين.



فالله الله عباد الله في التمسك بالأخلاق الحسنة في بيوتنا وخارجها، في حال رضانا وفي حال سخطنا، في أفراحنا وفي أحزاننا.



ولنستعِنْ في ذلك بتذكر الجزاء العظيم على حسن الخلق يوم لقاء الله تعالى؛ ومن ذلك أن حسن الخلق أثقل ما يوضع في ميزان المؤمن يوم القيامة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله يبغض الفاحش البذيء)) [14].



ومن ذلك أيضًا: أن منزل ذي الخلق الحسن من المؤمنين في أعلى الجنة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((... وأنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه)) [15].



نسأل الله أن يهدينا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يصرف عنا سيئ الأخلاق لا يصرف عنا سيئها إلا هو.

هذا وصلوا وسلموا على خير البريه



 توقيع : حكاية ناي ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:57 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.