مناقشة لخطبة تفسير سورة الكافرون
مناقشة لخطبة تفسير سورة الكافرون
وقد ابتدأ الخطيب بالمقدمة التقليدية ثم دخل فى الموضوع فابتدأ بذكر سبب نزول السورة على عادة المفسرين مبينا ان الكفار عرضوا على الرسول (ص) أن يعبد ألهتهم سنة ويعبدوا الله هم السنة التالية معه حيث قال :
"عباد الله:
نقف اليوم مع سورة عظيمة نكررها في كل يوم، ألا وهي سورة الكافرون، نقف مع معانيها وبعض الفوائد منها. وسبب نزول هذه السورة أن مشركي مكة طلبوا من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يعبد آلهتهم سنة على أن يعبدوا الله سنة أيضا، فجاءت هذه السورة لتكون فاصلا بل جدارا بين أهل الإيمان السائرين في ركاب الله، وأهل الكفر والشرك السائرين في ركاب الشيطان."
والسورة تدل على أن هناك عرض فعلى بنفس المعنى وهو ما رفضه الله تعالى طالبا من رسوله(ص) بابلاغهم به وحاول الخطيب تعليل سبب طلب الكفار هذا الطلب حيث قال :
"ولعل سبب طلبهم الغريب ألا وهو تبادل أدوار العبادة هو اختلاط تصوراتهم، واعترافهم بالله مع عبادة آلهة أخرى معه .. لعل هذا كان يشعرهم أن المسافة بينهم وبين محمد قريبة، يمكن التفاهم عليها، بقسمة البلد بلدين، والالتقاء في منتصف الطريق، مع بعض الترضيات الشخصية!
ولحسم هذه الشبهة، وقطع الطريق على المحاولة، والمفاصلة الحاسمة بين عبادة وعبادة، ومنهج ومنهج، وتصور وتصور، وطريق وطريق .. نزلت هذه السورة. بهذا الجزم. وبهذا التوكيد. لتنهي كل قول، وتقطع كل مساومة وتفرق نهائيا بين التوحيد والشرك، وتقيم المعالم واضحة، لا تقبل المساومة والجدل في قليل ولا كثير"
بالطبع العرض لم يكن الغرض منه كما قال الخطيب وهو تقريب المسافات وإنما عرضه الخبيث جر الرسول(ص) ومن معه للكفر فلو قبل العرض لانتهى الإسلام تماما ومن ثم لن يقدر على مطالبتهم بعبادة الله وحده مرة أخرى لأنهم عبد غيره
وتناول اختلاف منهج الله ومناهج الكفر حيث قال :
"إن التوحيد منهج، والشرك منهج آخر .. ولا يلتقيان .. التوحيد منهج يتجه بالإنسان مع الوجود كله إلى الله وحده لا شريك له بكل أنواع العبادات البدنية والقلبية. ويحدد الجهة التي يتلقى منها الإنسان، عقيدته وشريعته، وقيمه وموازينه، وآدابه وأخلاقه، وتصوراته كلها عن الحياة وعن الوجود. هذه الجهة التي يتلقى المؤمن عنها هي الله، الله وحده بلا شريك.
ومن ثم تقوم الحياة كلها على هذا الأساس. غير متلبسة بالشرك في أية صورة من صوره الظاهرة والخفية .. وهي تسير ..
وهذه المفاصلة بهذا الوضوح ضرورية للداعية. وضرورية للمدعوين ..
إن تصورات الجاهلية تتلبس بتصورات الإيمان. وبخاصة في الجماعات التي عرفت العقيدة من قبل ثم انحرفت عنها. وهذه الجماعات هي أعصى الجماعات على الإيمان في صورته المجردة من الغبش والالتواء والانحراف. أعصى من الجماعات التي لا تعرف العقيدة أصلا. ذلك أنها تظن بنفسها الهدى في الوقت الذي تتعقد انحرافاتها وتتلوى! واختلاط عقائدها وأعمالها وخلط الصالح بالفاسد فيها، قد يغري الداعية نفسه بالأمل في اجتذابها إذا أقر الجانب الصالح وحاول تعديل الجانب الفاسد .. وهذا الإغراء في منتهى الخطورة!"
وتناول أن الفوارق كثيرة لا يمكن التقاء الاثنين فيها فاٍلاسلام هو العدل بينما شرائع الكفر كلها تم اختراعها لتكريس الظلم وهو تمييز فئة من المجتمع على بقيته حيث قال :
"إن الجاهلية جاهلية. والإسلام إسلام. والفارق بينهما بعيد. والسبيل هو الخروج عن الجاهلية بجملتها إلى الإسلام بجملته. هو الانسلاخ من الجاهلية بكل ما فيها والهجرة إلى الإسلام بكل ما فيه."
وتناول اختلاف الداعية للاسٍلام عن غيره اختلافا تاما حيث قال :
"وأول خطوة في الطريق هي تميز الداعية بعقيدته والبراءة التامة من الجاهلية وأهلها: تصورا ومنهجا وعملا. الانعزال الذي لا يسمح بالالتقاء في منتصف الطريق. والانفصال الذي يستحيل معه التوافق إلا إذا انتقل أهل الجاهلية من جاهليتهم بكليتهم إلى الإسلام.
لا ترقيع. ولا أنصاف حلول. ولا التقاء في منتصف الطريق .. مهما تزيت الجاهلية بزي الإسلام، أو ادعت هذا العنوان!
وتميز هذه الصورة في شعور الداعية هو حجر الأساس. شعوره بأنه شيء آخر غير هؤلاء. لهم دينهم وله دينه، لهم طريقهم وله طريقه. لا يملك أن يسايرهم خطوة واحدة في طريقهم. ووظيفته أن يسيرهم في طريقه هو، بلا مداهنة ولا نزول عن قليل من دينه أو كثير!"
ولذا أمر الله الداعية الأول بالفصل بين دينه وأديان غيره حيث قال :
"وإلا فهي البراءة الكاملة، والمفاصلة التامة، والحسم الصريح .. {لكم دينكم ولي دين} ..
وما أحوج الداعين إلى الإسلام اليوم إلى هذه البراءة وهذه المفاصلة وهذا الحسم .. ما أحوجهم إلى الشعور بأنهم ينشئون الإسلام من جديد في بيئة جاهلية منحرفة، وفي أناس سبق لهم أن عرفوا العقيدة، ثم طال عليهم الأمد {فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون} وأنه ليس هناك أنصاف حلول، ولا التقاء في منتصف الطريق، ولا إصلاح عيوب، ولا ترقيع مناهج .. إنما هي الدعوة إلى الإسلام كالدعوة إليه أول ما كان، الدعوة بين الجاهلية. والتميز الكامل عن الجاهلية .. {لكم دينكم ولي دين} .. وهذا هو ديني: التوحيد الخالص الذي يتلقى تصوراته وقيمه، وعقيدته وشريعته .. كلها من الله .. دون شريك .. كلها .. في كل نواحي الحياة والسلوك.
وبغير هذه المفاصلة. سيبقى الغبش وتبقى المداهنة ويبقى اللبس ويبقى الترقيع .. والدعوة إلى الإسلام لا تقوم على هذه الأسس المدخولة الواهنة الضعيفة. إنها لا تقوم إلا على الحسم والصراحة والشجاعة والوضوح ..
وهذا هو طريق الدعوة الأول: {لكم دينكم ولي دين} .."
وتناول مسألة خارجة عن الموضوع وهى بناء الكنائس فى بلاد المسلمين حيث قال :
"عباد الله:
كم نحن بحاجة لهذه المعاني السامية خاصة مع تزايد دعوات الحوار والتعايش بين الأديان، بل لقد بلغ الأمر إلى بناء الكنائس في بلاد المسلمين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن قوله (قل يا أيها الكافرون) خطاب لكل كافر"
بالطبع المسألة لا يمكن التعرض فى تفسير هذه الصورة لأن المسلمون كانوا فى مجتمع معظمه كافر وهم يحتاجون لبناء مساجد وهو ما لم يقدروا على عمله فى ظل هذا المجتمع ومن ثم الحديث عن موضوع الكنائس مختلف لأنه يتحدث عن مجتمع أغلبيته مسلمة ومن ثم هو عكس مجتمع الكافرون
بالطبع منع الكفار من بناء معابد جديدة بسبب تكاثرهم يؤدى بالتالى لمنع المسلمين فى المجتمعات المعاهدة من بناء مساجدهم وهو أمر لا يعقل فى ظل التكاثر الذى قد يؤدى إلى كارثة وهى ايذاء من فى المعبد نتيجة التزاحم أو سقوط المعبد عليهم وبذلك نكون قد خرجنا عن حد العدل وهو الإحسان للمعاهدين وهو ما يمكن حدوثه مع المسلمين فى بلاد المعاهدين أيضا وتناول تسمية السورة بالمقشقشة لأنه تبرى المسلم من الكفر حيث قال :
"وروى قتادة عن زرارة بن أوفى: كانت تسمى المقشقشة، فهي تبرئ صاحبها من الشرك.
وقوله: (لكم دينكم و لي دين) خطاب لكل كافر و إن اسلم فيما بعد فدينه قبل الإسلام له كان و المؤمنون بريئون منه و إن غفره الله له بالتوبة منه كما قال لنبيه فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون فإنه بريء من معاصي أصحابه و إن تابوا منها
وقد أمر الله نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - بالبراءة من كل معبود سواه و هذه ملة إبراهيم الخليل و هو مبعوث بملته قال الله تعالى ((وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون *إلا الذي فطرني فإنه سيهدين *وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون)) [الزخرف 26:28]
وقال الطاهر ابن عاشور: ونفي عبادته آلهتهم في المستقبل يفيد نفي أن يعبدها في الحال بدلالة فحوى الخطاب، ولأنهم ما عرضوا عليه إلا أن يعبد آلهتهم بعد سنة مستقبلة.
ولذلك جاء في جانب نفي عبادتهم لله بنفي اسم الفاعل الذي هو حقيقة في الحال بقوله: {ولا أنتم عابدون}، أي ما أنتم بمغيرين إشراككم الآن لأنهم عرضوا عليه أن يبتدئوا هم فيعبدوا الرب الذي يعبده النبي صلى الله عليه وسلم سنة. وبهذا تعلم وجه المخالفة بين نظم الجملتين في أسلوب الاستعمال البليغ.
هذه تعليقات يسير واشارات سريعة لم أقصد فيها تفسير هذه السورة العظيمة بل مجرد التنويه بفضلها العظيم."
بالطبع الخطبة اقتصرت على التالى :
بيان المعنى العام للسورة فلم تتناولها آية آية
ولذا قال الخطيب أن ما عمله هو :
"هذه تعليقات يسير واشارات سريعة"
وأن الغرض من الخطبة كان هو :
"مجرد التنويه بفضلها العظيم"
وليس غرضه هو :
تفسير السورة وهو قوله حيث قال :
"لم أقصد فيها تفسير هذه السورة العظيمة"
وبقية الخطبة ليس لها علاقة بسورة الكافرون وإنما كانت فى موضوع أخر وهو :
تحريم سفر الشباب إلى العراق ولبنان للجهاد ضد الأمريكان والصهاينة
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|