مراجعة لمقال تأثيرات الحُنفاء على الإسلام
الكاتب هو سنكلير تسدل وفى هذا المقال يؤكد الكاتب على أن خاتم النبيين(ص) سرق من الحنفاء كما سرق من اليهود كما سرق من النصارى كما سرق من المجوس وغيرهم
فى ابتداء المقال تناول ما روى عن بعض من تسموا بهذا الاسم حيث قال :
"قبل ظهور محمد وادعائه النبوة سئمت نفوس بعض العرب من عبادة الأصنام، فأخذوا يبحثون عن الدين الحقيقي ولما عرفوا من اليهود، وربما بعض أخبار وصلت إليهم بالتقاليد والتواتر من الأزمنة القديمة أن إبراهيم كان يعتقد بوجود الله الحي الحقيقي الوحيد، أخذ بعض العرب المقيمين في مكة والمدينة والطائف في البحث لمعرفة دين خليل الله، ونبذوا عبادة الأصنام فكانوا يسمون الذين وجَّهوا أنظارهم وأفكارهم إلى هذه القضية المهمة:
»الحُنفاء«
ومن هؤلاء أبو أمير وأصحابه في المدينة، وأمية بن زلط في الطائف، وأربعة من سكان مكة، هم:
ورقة وعبيد الله وعثمان وزيد"
وتناول الكاتب أن هؤلاء النفر أثروا فى محمد تأثيرا بالغا حيث نقل عنهم حيث قال :
" فقال المعترضون إن آراء هؤلاء الحنفاء وقدوتهم ومثالهم ومحادثتهم مع محمد، ولا سيما زيد بن عمرو أثَّر في أفكار محمد تأثيراً عظيماً وأثَّر في ديانته واستدلوا على تأييد أقوالهم بما ورد في القرآن ذاته ولكي يتأكد مطالعو كتابنا هذا من صحة هذا القول أو خطئه يجب عليهم أن يطالعوا ما قاله ابن إسحق وابن هشام بخصوص حُنفاء مكة "
بالطبع لم يبين تسدل ما هو التأثير ولا لماذا سرق من الحنفاء كما يزعم وهذا دليل كذبه فيما قال
وكعادته فى كتابه المصادر ألأصلية للقرآن يحاول أن ينسى القراء ما قاله عن اتهامه بالحديث عن أمور لا علاقة لها بالموضوع وها هو هنا يتناول أن اصل أدلة السرقة هو كتاب الزهرى المفقود الضائع وهذا أول شىء فى البراءة فالكتاب دليل السرقة ضاع ولكن ابن إسحاق وعنه ابن هشام أخذوا بعض منه فحكوه وها هو كلامه :
"ومع أن كثيرين ألفوا كتباً في سيرة محمد، إلا أن كتاب السيرة لابن هشام هو أجدر هذه الكتب بالاعتماد، لأنه أقدمها وأقربها إلى عصر محمد وأول من جمع أو قال محمد وأفعاله هو الزهري، الذي تُوفي سنة 124 هـ، فنقل أخباره من التواتر الذي أخذه عن الصحابة ولا سيما من »عروة« أحد أقرباء عائشة
ولا شك أنه مع مرور سنين عديدة عبث به العابثون فدخلت في أخبارهم الأغلاط والمبالغات ولو كان كتاب الزهري موجوداً اليوم لأفاد المحقِّقين الذين يودّون معرفة حقائق الأمور بخصوص محمد، لأن هذا الكتاب هو أقدم من غيره، فيكون جديراً بالاعتماد أكثر من أي كتاب آخر كُتب عن سيرة محمد ومع أن كتاب الزهري ضاع ولم يبق له أثر، إلا أن ابن إسحق (الذي تُوفي سنة 151 هـ) كان أحد تلاميذ الزهري فابن إسحق ألف كتاباً آخر في هذا الصدد، ونقل ابن هشام (الذي توفي سنة 213 هـ) في كتابه المسمى »سيرة الرسول« أجزاء كثيرة منه "
إذا دليل السرقة المزعومة ضائع فماذا ورد فيمن نقلوا عنه ؟
يحكى تسدل قائلا:
"فاعتمادنا إذاً في نقل أخبار الحُنفاء هو على كتاب »السيرة« لابن هشام، وقد ورد فيه:
»قال ابن إسحاق:
واجتمعت قريش يوماً في عيدٍ لهم عند صنم من أصنامهم كانوا يعظّمونه وينحرون له ويعكفون عنده ويديرون به وكان ذلك عيداً لهم، في كل سنة يوماً فخلص منهم أربعةُ نفرٍ نجياً ثم قال بعضهم لبعضٍ:
تصادقوا، وليكتم بعضكم على بعض
قالوا: أجَل
وهم: ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العُزّى بن قصي بن كلاب بن مِرّة بن كعب بن لؤي؛ وعبيد الله بن جحش بن رئاب بن عامر بن صيرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، وكانت أمُّه أميمة بنت عبد المطلب؛ وعثمان بن الحويرث بن عبد العزى بن قصي؛ وزيد بن عمرو بن نُفيل بن عبد العُزى بن عبد الله بن قرط بن رياح بن رزاح بن عُدي بن كعب بن لؤي
فقال بعضهم لبعض:
»تعلموا واللهِ ما قومكم على شيء لقد أخطأوا دين أبيهم إبراهيم ما حجر نطيِّف به، لا يسمع ولا يبصر ولا يضرُّ ولا ينفع؟ يا قوم، التمسوا لأنفسكم فإنكم واللهِ ما أنتم على شيء«
فتفرَّقوا في البلدان يلتمسون الحنيفية دين إبراهيم فأما ورقة بن نوفل فاستحكم في النصرانية واتَّبع الكتب من أهلها حتى علم علماً من أهل الكتاب"
هل فى الحكاية ذكر لمحمد (ص) السارق ؟
لا ولا يوجد أى شىء يشير حتى للسرقة
وتناول بالكلام أقربهم للرسول وهو عبيد الله بن حجش حيث قال:
"وأما عبيد الله بن جحش فأقام على ما هو عليه من الالتباس حتى أسلم ثم هاجر مع المسلمين إلى الحبشة ومعه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان مسلمة فلما قَدِمَها تنصَّر وفارق الإسلام حتى هلك هنالك نصرانياً
قال ابن إسحق:
فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، قال: كان عبيد الله بن جحش حين تنصَّر يمر بأصحاب رسول الله، وهم هنالك من أرض الحبشة، فيقول: »فقحنا وصأصأتم« (أي أبصرنا وأنتم تلتمسون البصر ولم تبصروا بعد، لأن الكلب الوليد إذا أراد أن يفتح عينيه لينظر صأصأ لينظر وقوله فقح عينيه تعني فتح عينيه)
قال ابن إسحق: »
وخلف رسول الله بعده على امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب« (أي تزوج بها بعده)
قال ابن إسحق: وحدثني محمد بن علي بن حسين أن رسول الله بعث فيها إلى النجاشي عمرو بن الضمري فخطبها عليه النجاشي فزوَّجه إياها، وأصدقها عن الرسول أربعمائة دينار، فقال محمد بن علي عبد الملك بن مروان »وقف صداق النساء على أربعمائة دينار، إلا عن ذلك« وكان الذي أملكها للنبي خالد بن سعيد بن العاص"
هل يوجد أى كلام على السرقة المزعومة ؟
هل يوجد دليل على أن عبيد الله علم محمد(ص) شىء ؟
كل ما فى الحكاية أن الرسول(ص) تزوج طليقة عبيد الله بن حجش الذى كفر بعد إسلامه
هل يمكن استنتاج أى شىء من الحكاية عن التأثير المزعوم ؟
كلا
بالطبع زواج الرسول (ص) من حبيبة وحتى إسلامها شىء يعتبر محال لأن أبو سفيان وهو زعيم لقريش لن يترك ابنته تسلم مع زوجها وحتى إن سلمنا باسلامهم فهو لن يتركه يهرب بها لبلد أخر
هذه هى عادة الكفار الكبار لو أن أحد منهم غير دينه فمصيره القتل أو السجن فى احسن الأحوال
وتناول بالكلام حنيف أخر حيث قال حاكيا:
قال ابن إسحق: »
"وأما عثمان بن الحويرث فقدم على قيصر ملك الروم فتنصَّر وحسُنت منزلته عنده« قال ابن هشام: »ولعثمان بن الحويرث عند قيصر حديث يمنعني من ذكره ما ذكرت في حديث الفجار"
هل فى الكلام ذكر لمحمد(ص) ؟
لا
إذا كيف أخذ منه وهو ام يقل عنه كامة واحدة
وتناول بالكلام حنيف أخر وهو زيد بن عمرو حيث قال حاكيا :
« قال ابن إسحق: »
وأما زيد بن عمرو بن نفيل فوقف فلم يدخل في يهودية ولا نصرانية وفارق دين قومه فاعتزل الأوثان والميتة والدم والذبائح التي تُذبح على الأوثان، ونهى عن قتل الموؤودة، وقال:
أعبد رب إبراهيم وبادى قومه بعيب ما هم عليه
« قال ابن إسحق: »
وحدثني هشام بن عروة عن أبيه عن أمه أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما) قالت: لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل شيخاً كبيراً مسنداً ظهره إلى الكعبة وهو يقول:
يا معشر قريش، والذي نفس زيد بن عمرو بيده ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيري
ثم يقول:
اللهم لو أني أعلم أي الوجوه أحب إليك لعَبَدْتُك به، ولكني لا أعلمه ثم يسجد على راحته
« قال ابن إسحق: »وحدثت أن ابنة سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعمر بن الخطاب وهو ابن عمه قالا لرسول الله:
»استغفِر لزيد بن عمرو« قال: »نعم، فإنه يُبعث أمة وحده«"
الغريب فى الحكاية أن زيد أعلن أنه لا يعرف الحنيفية الحقة بالقول "اللهم لو أني أعلم أي الوجوه أحب إليك لعَبَدْتُك به، ولكني لا أعلمه" فكيف سيوثر جاهل على أخر وهو لا يعرف ما يقوله ؟
كلام لا يقوله إلا المضلين أو المجانين واقصد بالطبع الضال المضل تسدل ؟
ونقل الكلام التالى :
"قال زيد بن عمرو بن نفيل في فراق دين قومه، وما كان لقي منهم في ذلك:
أرباً واحداً أم ألف رب أدين إذا تقسمت الأمور
عزلت اللات والعزى جميعاً كذلك يفعل الجلد الصبور
فلا عزى أدين ولا ابنتيها ولا صنمَي بني عمرو أزور
ولا غنماً أدين وكان رباً لنا في الدهر إذ حلمي يسير
عجبت وفي الليالي معجبات وفي الأيام يعرفها البصير
بأن الله قد أفنى رجالاً كثيراً كان شأنهم الفجور
وأبقى آخرين بسير قوم فيربل منهم الطفل الصغير
وبينا المرء يعثر ثاب يوماً كما يتروح الغصن المطير
ولكن أعبد الرحمن ربي ليغفر ذنبي الرب الغفور
فتقوى الله ربكم احفظوها متى لا تحفظوها لا تبور
ترى الأبرار دارهم جنان وللكفار حامية سعير
وخزي في الحياة وإن يموتوا يلاقوا ما تضيق به الصدور
(الجزء الأول من سيرة الرسول« صفحة 76 و77)
فأفادنا ابن هشام أن خطاباً (عمّ زيد) طرده من مكة وألزمه أن يقيم على جبل حراء أمام تلك المدينة، ولم يأذن له بالدخول إلى مكة »سيرة الرسول« (جزء 1 ص 79)"
هل يوجد فى القرآن شىء من هذا الكلام سوى ما يعرف عن الجنة والنار وهو أمر كان معروف للكل فى كل الديانات التى تعلن وجود حساب وعقاب وليس خاص بزيد وحده؟
بالطبع لا يوجد أى دليل على السرقة التى لم يحددها أصلا الكاذب تسدل والذى يستنتج من فعل الخلاء وهو الذهاب للخلاء والبعد عن الناس وجود تأثير حيث قال :
"وكذلك نستفيد من هذا الكتاب أن محمداً كان معتاداً أن يقيم في غار جبل حراء في صيف كل سنة للتحنُّث حسب عادة العرب فالأرجح أنه كان يجتمع بزيد بن عمرو، لأنه أحد أقربائه وأقوال ابن إسحق تؤيد هذا القول، لأنه قال إنه لما كان محمد في ذات هذا الغار »جاءه جبريل بما جاءه من كرامة الله وهو بحراء في شهر رمضان كان رسول الله يجاور في حراء من كل سنة شهراً، وكان ذلك مما تحنث به قريش في الجاهلية والتحنث التبرر قال ابن هشام تقول العرب التحنث والتحنف يريدون الحنيفية فيبدلون الفاء من الثاء« (جزء 1 ص 80 و81)"
الكاتب يرجح اجتماع محمد مع زيد بقوله " فالأرجح أنه كان يجتمع بزيد بن عمرو" والسؤال أين دليلك من كتاب ابن إسحاق أو ابن هشام ؟
بالطبع لا يوجد شىء
ومع هذا يقرر السرقة وهى التأثير فيقول :
"فكل من له اطلاع على القرآن والأحاديث يرى مما تقدم أن آراء زيد بن عمرو أثرت تأثيراً مهماً جداً في تعاليم محمد"
بالطبع الكاتب يقين من نفسه خصما وقاضيا فى نفس الوقت فيحكم بدون أى دليل
ولو كان صادقا لحدد المسروق بالضبط ولكن يقول كلمة عامة بدون تحديد وهذا دليل كذبه
ولو كان صادقا لحدد بالضبط أدلة الإدانة وهى السرقات النص كذا هو كذا والنص كذا هو كذا ولكن لم يجلب أى شىء وهذا دليل كذبه