خطبة الجمعة السلام مع النفس والكون والبيئة للشيخ ثروت سويف - منتديات احساس ناي

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 346
عدد  مرات الظهور : 9,134,766
عدد مرات النقر : 327
عدد  مرات الظهور : 9,134,763
عدد مرات النقر : 221
عدد  مرات الظهور : 9,134,802
عدد مرات النقر : 175
عدد  مرات الظهور : 9,134,802
عدد مرات النقر : 309
عدد  مرات الظهور : 9,134,802

عدد مرات النقر : 22
عدد  مرات الظهور : 2,652,921

عدد مرات النقر : 44
عدد  مرات الظهور : 2,647,510

عدد مرات النقر : 19
عدد  مرات الظهور : 2,648,034

العودة   منتديات احساس ناي > ๑۩۞۩๑{ القسم الاسلامي }๑۩۞۩๑ > › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪•

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 11-01-2022, 09:59 AM
عازف الناي متواجد حالياً
    Male
Awards Showcase
 
 عضويتي » 1
 جيت فيذا » May 2022
 آخر حضور » اليوم (01:55 PM)
آبدآعاتي » 937,119
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » عازف الناي تم تعطيل التقييم
الاعجابات المتلقاة : 241
الاعجابات المُرسلة » 265
مَزآجِي   :  1
 آوسِمتي »
 
خطبة الجمعة السلام مع النفس والكون والبيئة للشيخ ثروت سويف

Facebook Twitter


خطبة الجمعة تحت عنوان
النفوس الطيبة ( السلام مع النفس والمجتمع والبيئةوالكون )
بتاريخ 4 نوفمبر/2022 م الموافق 9 ربيع الآخر / 1444 هجرية
اقرأ في هذه الخطبة
اولا : تعريف السلام
ثانيا : الاسلام دين السلام
ثالثا : السلام مع النفس والمجتمع والكون والبيئة
الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين شرع السلام لأهل الإسلام وجعله تحية أهل الجنة دار السلام فقال {تحيتهم فيها سلام ) فجعله لنا طمأنينة وامان وسلام نحمدُك ربَّنا ونستعينُك ونستغفِرُك ونتوبُ إليك، ونُثنِي عليك الخيرَ كلَّه، اللهم لك الحمدُ ربَّنا أنت السلام، ومنك السلام، تبارَكتَ يا ذا الجلال والإكرام.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملِكُ القُدُّوسُ السلام، سبحانه هو المبدئ المعيد الملك ملكه والخلق خلقه والأمر أمره يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد ذو الجلال والاكرام أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وأؤمن به وأتوكل عليه وأسأله من فضله المزيد وهو على كل شيء شهيد بين يديه يوم البعث والقيام
وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدَنا مُحمدًا عبدُ الله ورسولُه المبعُوثُ بأزكَى القِيَم للأنام رسول الملك العلام ونبي الهدي والسلام صلَّى الله عليه وعلى آله البَرَرة الكرام، وصحبِه الأئمة الأعلام، والتابعِين أهلِ الوُدِّ والوِئام، ومن تبِعَهم بإحسانٍ يرجُو مِن المَولَى الجِنان، وسلَّم تسليمًا كثيرًا يبقَى على الدَّوام.
اما بعد
فإن ديننا الإسلامي هو دين التسامح والمحبة والسلام، وهو عقيدة قوية تضم جميع الفضائل الاجتماعية والمحاسن الإنسانية، والسلام مبدأ من المبادئ التي عمق الإسلام جذورها في نفوس المسلمين، وأصبحت جزءاً من كيانهم، وهو غاية الإسلام في الأرض.
الإسلام والسلام يجتمعان في توفير السكينة والطمأنينة ولا غرابة في أن كلمة الاسلام تجمع نفس حروف السلم والسلام، وذلك يعكس تناسب المبدأ والمنهج والحكم والموضوع.
فالسلام جوهر الرسالة المحمدية وروح الإسلام .. عقيدة وعبادة وأخلاقا ومعاملة يقول ربنا جل وعلا ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)البقرة وفيها دعوة المسلمين لتحقيق منهج السلام والمسامحة والمصالحة فيما بينهم و التزام الإسلام ولزوم جميع فرائضه وشرائعه.
اولا : تعريف السلام
السلام مصدر سلم وهو الأمن والأمان والحصانة والاطمئنان، والبراءة من كل آفة ظاهرة وباطنة، ومادة السلام تدل على الخلاص والنجاة من كل مكروه وعيب والسلام بمعناه العام يشمل مجالات الحياة كافة فهو بمعنى السلامة و الأمن والنجاة من الآفات والبراءة من العيوب والبعد عن أسباب وآثار الفتن والنزاعات والحروب
فمن فضائل السلام أنَّه من خير الإسلام، ففي الصحيحين عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما: "أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ قَالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ ".
الله عز وجل هو السلام
قال سبحانه ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ [الحشر:22-23].
والمعنى أنه السالم من العيب فليس مشابها لخلقه وليس كمثله شيء وهو السميع البصير
روى البيهقي عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ قَالَ عَبْدُ اللهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ: " إِنَّ السَّلَامَ هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى وَضَعَهُ اللهُ فِي الْأَرْضِ، فَأَفْشُوهُ بَيْنَكُمْ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَرَّ عَلَى الْقَوْمِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَرَدُّوا عَلَيْهِ كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ فَضْلُ دَرَجَةٍ بِأَنَّهُ أَذْكَرَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ رَدَّ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَأَطْيَبُ " هَكَذَا جَاءَ مَوْقُوفًا، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ
ومن الله السلام كما قال سبحانه: ( سَلاَمٌ قَوْلاً مّن رَّبّ رَّحِيمٍ ) يس: 58
والتلفظ بذكره سـلام حيث قال سيد الأنام «اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلالِ وَالإكْرَامِ» أخرجه مسلم
وهو السَّلامُ على الحَقيقَةِ سَالِمٌ *** مِن كلِّ تَمثِيلٍ ومِن نُقصَانِ
فيا له من مغنم وفير، وخير جمّ كثير أن يذكر المسلم اسم الله تعلى وأن يذكّر به الناس، فيذكرهم بالله تعالى الذي بذكره تطمئن القلوب وتنشرح الصدور
فلتفخروا أيها المسلمون بهذه الشعيرة العظيمة، ولتعتزوا بها، فإن اليهود يحسدونكم عليها عن عائشة قالت: قال رسول الله : ((إن اليهود ليحسدونكم على السلام والتأمين))ابن ماجة وفي رواية: ((ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين)).
نبينا رسول السلام
قال الحسين بن علي رضي الله عنهما: سألت أبي عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في جلسائه، فقال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب ولا فحاش، ولا عياب ولا مشاح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يؤيس منه راجيه ولا يخيب فيه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحداً ولا يعيبه، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه، وإذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا لا يتنازعون عنده الحديث، ومن تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام».
نبي الهدي يا رسول السَّلام … ويا مرسلاً رحمة ً للأنام
عليك الصَّلاة عليك السلام … وصحبك والتابعين الكرام
فكم هو جميل يا عباد الله، كم هو جميل أن نقتدي بخير خلق الله، نبي الله وصحابته الكرام، فنكون على قلب رجل الصادقين، الأخلاق الفاضلة النبيلة والخلال الحميدة.
قال عبد الله بن سلام لما قدم النبي المدينة انجفل الناس قِبله، وقيل: قد قدم رسول الله، قد قدم رسول الله، قد قدم رسول الله. فجئت في الناس لأنظر، فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذّاب، فكان أول شيء سمعته تكلم به أن قال: ((يا أيها الناس أفشوا بالسلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)).
الله أكبر، ما أصدق فراسته، يقول هذا وهو لما يٌسلم.
يقول هذا الكلام بمجرّد أن رأى وجهه الأبهر وجبينه الأنور، رأى فيه الصدق باديا، والتواضع ظاهرا، والزهد مرتسِما، ورأى غير ذلك من الأخلاق الفاضلة والآداب الكريمة التي لا تكون إلا في الصادقين.
ثم قال : فكان أول شيء سمعته تكلم به أن قال: ((يا أيها الناس أفشوا السلام)).
أمرنا في هذا الحديث بأمر عظيم، ولعظمته بدأ به، ولأهميته بادر إليه، ألا وهو إفشاء السلام
تحية أهل الإسلام السلام
قال تعالى ( فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61) النور
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ، أَوْ حَجَرٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ أَيْضًا» رواه أبو داود
والسلام تحيَّة الملائكة، وتحيَّة آدم وذريته.
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "خَلَقَ اللهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ؛ طُولُهُ سِتًّونَ ذِرَاعاً، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَفَرِ مِنَ المَلاَئِكَةِ جُلُوسٌ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذرِيَّتِكَ. فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ. فَقَالُوا: السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللهِ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآنَ" البخاري
وتحية أهل الجنة، وتحية المؤمنين يوم يلقون ربهم تحيِّيهم بها الملائكة الكرام، وذلك عندما يُساق أهل الجنَّة إلى الجنَّة زُمَراً، وتفتح لهم أبوابها الثمانية، فيتلقَّاهم خزنتُها فالتحيَّة بالسلام ، قال الله تعالى (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد/23، 24
والسلام تحيَّة أهل الجنَّة بينهم، كما قال تعالى: { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23) ابراهيم
والسلام التحية عند اللقاء وهو للخروج من الصلاة بعد التمام
ثانيا : الاسلام دين السلام
ان الاسلام دين السلام ولهذا أيضًا كان إفشاء السلام من الدعائم التي أرسى عليها النبي بنيان المجتمع المسلم
إن الله سمي نفسه السلام واشتق من الاسم اسما لأمة محمد وسماهم المسلمين
روي بن ابي شيبة في مصنفه والبزار في مسنده عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: كَانَ لِعُمَرَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ حَقٌّ فَأَتَاهُ يَطْلُبُهُ فَلَقِيَهُ , فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْبَشَرِ , لَا أُفَارِقُكَ وَأَنَا أَطْلُبُكَ بِشَيْءٍ " , فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: مَا اصْطَفَى اللَّهُ مُحَمَّدًا عَلَى الْبَشَرِ , فَلَطَمَهُ عُمَرُ فَقَالَ: " بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَبُو الْقَاسِمِ , فَقَالَ: إِنَّ عُمَرَ قَالَ: لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْبَشَرِ قُلْتُ لَهُ: مَا اصْطَفَى اللَّهُ مُحَمَّدًا عَلَى الْبَشَرِ , فَلَطَمَنِي , فَقَالَ: «أَمَّا أَنْتَ يَا عُمَرُ , فَأَرْضِهِ مِنْ لَطْمَتِهِ , بَلَى يَا يَهُودِيُّ , سُمِّيَ اللَّهُ بِاسْمَيْنِ سَمَّى بِهِمَا أُمَّتِي هُوَ السَّلَامُ وَسَمَّى أُمَّتِي الْمُسْلِمِينَ , وَهُوَ الْمُؤْمِنُ وَسَمَّى أُمَّتِي الْمُؤْمِنِينَ , بَلَى يَا يَهُودِيُّ , طَلَبْتُمْ يَوْمًا وَذُخِرَ لَنَا , الْيَوْمَ لَنَا وَغَدًا لَكُمْ , وَبَعْدَ ذَلِكَ لِلنَّصَارَى , بَلَى يَا يَهُودِيُّ , أَنْتُمُ الْأَوَّلُونَ وَنَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , بَلَى إِنَّ الْجَنَّةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى أَدْخُلَهَا , وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْأُمَمِ حَتَّى يَدْخُلَهَا أُمَّتِي»
وفي البخاري عن عمار رضي الله عنه قال: (ثلاثة من جمعهن فقد استكمل الإيمان: الإنصاف من النفس، وبذل السلام للعالم، والانفاق من الإقتار).
إنها قضيَّةُ "السِّلم والسلام"، ونَمِيرُ الأمنِ والأمانِ بين الأنام التي جلَّاها دينُ الإسلام في وَرِيفِ أحكامِه ومقاصِدِه العِظام، التي شمِلَت المعانِيَ الإنسانيَّةَ الرائِقة، والخُلُقيَّة الرائِعة، لاسيَّما في زمنٍ رفَعَت فيه الفِتنُ أجيادَها، وجمَعَت للشرِّ أجنادَها، وتنامَى الغلُوُّ والإرهابُ، والقتلُ والطائفيَّةُ والإرعابُ.
دِينِي هو الإسلامُ دينُ محبَّةٍ *** دِينُ السلامَةِ سَالِمُ البُنيَانِ
دِينُ المَودَّةِ والتسامُحِ والهُدَى *** شَتَّانَ بين الحَقِّ والبُهتَانِ
فاعبدوا ربكم على الدوام وخذوا بكل خصلة تنشر بينكم المودة والوئام وتورثكم الجنة دار السلام وكل ذلك موجود فيما هداكم الله له من ملة الإسلام.
أمة الإسلام والسلام : لقد دلَّت وقائِعُ السيرة النبوية والفُتُوحات الإسلاميَّة على أن الدِّعامةَ الأُولى والأساسَ لانتِشار الإسلام: الدعوةُ بالحُسنَى، والموعِظة البلِيغَة، والكلمةِ الطيِّبة، والمُعاملةِ الحسنة حتى في أوقاتِ الحربِ والقتالِ.
روى الإمامُ مُسلمٌ في "صحيحه" مِن حديثِ بُريدة بن الحُصَيب - رضي الله عنه - قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمَّرَ أميرًا على جيشٍ أو سرِيَّة، أوصَاه في خاصَّتِه بتقوَى الله ومَن معَه مِن المُسلمين خيرًا، ثم قال: "اغزُوا ولا تغُلُّوا، ولا تَغدِرُوا، ولا تُمثِّلُوا، ولا تَقتُلُوا وَلِيدًا ولا امرأة".
وفِي رِوايةٍ: "ولا تُحرِقُوا كَنِيسةً، ولا تَعقِرُوا نَخلًا".
الله أكبر! بهذه الألفاظ مِن دُرر الخُلُود، وهذه الحَبَّات مِن نفَحَات القُدس الشُّهُود، فاضَت الوصايَا المُحمديَّة العِظام بمجامِعِ الرحمة، وزخِرَت بمعاطِف الرَّأفَة. فأيُّ سلامٍ أعَمُّ وأشمَلُ وأجمَلُ، وأروَعُ وأبهَى وأكمَلُ مِن هذا السلام الذي يعُمُّ الكَونَ بكائِناتِه وجَماداتِه ونباتاتِه؟
فهل رأَت الدنيا، وسمِعَ التأريخُ بمبادِئ ومُثُلٍ أخلاقيَّةٍ وسُلوكيَّةٍ أشمَلَ وأكمَلَ مِمَّا جاءَ به الإسلام؟! فهل يعِي ذلك دُعاةُ العُنف والإرهاب؟!
بل إنَّ دَعوَتَهُ السَّلامُ ودِينُهُ *** رِفقٌ ولَمْ يَثلِمْ تُقَاهُ خِصَامُ
فوُعُودُه دارُ السَّلامِ، وربُّه *** مِنهُ السَّلامُ، ودِينُهُ الإسلامُ
ثالثا : السلام مع النفس والكون والمجتمع والبيئة
السلام مع النفس : هو الطُّمَأْنِينَة والثقة وعدم القلق
و السلام مع النفس هو انسجام ذاتي وشعور بطمأنينة وسعادة وراحة بال وطمأنينة النفس راحتها وسكونها وثباتها.
والسلام أولا وفي الأصل تصالح وتسامح مع النفس بتزكيتها وتحريرها من أمراض و أغلال النفوس كالشح واللامبالاة السلبية والطمع والأنانية.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: " قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مُؤْمِنٌ مَخْمُومُ الْقَلْبِ، صَدُوقُ اللِّسَانِ»، قِيلَ لَهُ: وَمَا الْمَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: «التَّقِيُّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، النَّقِيُّ الَّذِي لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ»، قَالُوا: فَمَنْ يَلِيهِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَشْنَأُ الدُّنْيَا، وَيُحِبُّ الْآخِرَةَ»، قَالُوا: مَا يُعْرَفُ هَذَا فِينَا إِلَّا رَافِعًا مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: فَمَنْ يَلِيهِ؟ قَالَ: «مُؤْمِنٌ فِي خُلُقٍ حَسَنٍ» حلية الأولياء وطبقات الأصفياء
وجاء في حديث الرجل الذي بشره الرسول بالجنة ثلاثا أنه كان ينام في سلام مطمئن النفس سليم الصدر
روي الامام احمد في مسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنَّا جلوسًا مع الرَّسول صلى الله عليه وسلم فقال: ((يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنَّة، فطلع رجل من الأنصار، تَنْطِفُ لحيته من وضوئه، قد تَعَلَّق نَعْلَيه في يده الشِّمال، فلمَّا كان الغد، قال النَّبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرَّجل مثل المرَّة الأولى، فلمَّا كان اليوم الثَّالث، قال النَّبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضًا، فطلع ذلك الرَّجل على مثل حاله الأولى، فلمَّا قام النَّبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إنِّي لَاحَيْت أبي فأقسمت ألَّا أدخل عليه ثلاثًا، فإن رأيت أن تُـؤْوِيَني إليك حتَّى تمضي، فَعلتَ. فقال: نعم. قال أنس: وكان عبد الله يحدِّث أنَّه بات معه تلك الليالي الثَّلاث، فلم يره يقوم من اللَّيل شيئًا، غير أنَّه إذا تعارَّ وتقلَّب على فراشه، ذَكَر الله عزَّ وجلَّ وكبَّر حتَّى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله: غير أنِّي لم أسمعه يقول إلَّا خيرًا. فلمَّا مضت الثَّلاث ليال، وكدت أن أحتقر عمله، قلت: يا عبد الله، إنِّي لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هَجْرٌ، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مِرَار: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنَّة، فطلعت أنت الثَّلاث مِرَار، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك، فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عملٍ، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أنِّي لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غِشًّا، ولا أحسد أحدًا على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق)) إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وعن زيد بن أسلم، أنَّه دخل على ابن أبي دُجانة، وهو مريض، وكان وجهه يتهلَّل، فقال له: ما لك يتهلَّل وجهك؟ قال: ما من عملِ شيءٍ أوثق عندي من اثنين: أمَّا أحدهما، فكنت لا أتكلَّم بما لا يعنيني، وأما الأُخْرى: فكان قلبي للمسلمين سليمًا .
وأُثِر عن أبي الدَّرداء رضي الله عنه أنَّه كان يدعو لسبعين من أصحابه، يسمِّيهم بأسمائهم، وهذا العمل علامة على سَلَامة الصَّدر . [ شرح البخاري لـ ابن بطال ٢ / ٤٥٠
وقد كان أبو موسى الأشعري صوَّامًا قوَّامًا، ربَّانيًّا، زاهدًا، عابدًا، ممَّن جمع العلم والعمل والجهاد وسَلَامة الصَّدر، لم تغيره الإمارة، ولا اغترَّ بالدُّنيا
ولأجل ترسيخ هذه السجية في شخصية المؤمن لابد من التعود على الرفق، والسكينة، والاتزان، والوقار، ولهذا قال النبي ﷺ:”السكينة والوقار
قال تعالي ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) الفرقان
ان السلام النفسي هو احساس الانسان بأن الآخرين جزءٌ منه، يشعرُ بهم، يفرح لفرحهم يحبُ لنفسه ما يحبُ لهم، ويساعدهم ليكون لهم مثل ما لديه، ويسعى ليكون له مثل ما لديهمْ.
والأسس الأربعة لقيام السلام النفسي هي الحياة والحب والتعلم والذكرى الطيبة كل ذلك مع استخدام الملكات الأساسية وهي ادراك الذات والوعي والارادة المستقلة.
انه شعور الطمأنينة وراحة البال وهو أعلى المراتب الروحية التي تجعل الانسان متصالحا مع نفسه ومع المحيطين من حوله
روي الامام احمد في مسنده والترمذي واللفظ له عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أَوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ»؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّ خَمْسًا وَقَالَ: «اتَّقِ المَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَلَا تُكْثِرِ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ القَلْبَ»
السلام مع الكون والبيئة
فقد جاء الإسلام بالسلم والسلام وجاء الإيمان بالأمن والأمان. فمن حقق الجانب الرئيسي من معني هذين الاسمين أي حقق الاستسلام والتسليم إذ إن الإسلام استسلام لله, والإيمان تسليم لله فمن حقق الاستسلام والتسليم لله وحده لا شريك له يتحقق له السلام والأمن.
فمن حق المجتمع ان يعيش في سلام فلا يكدر سلمه سواء بسفك الدماء، او بانتهاك الأعراض، او بأكل الأموال، وكل ذلك حرمه النبي عليه الصلاة والسلام قائلاً: (إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا).
ان أول ما يغشى السلام والأمن نفس الإنسان ثم بتضافر أفراد المجتمع وتكاتفهم على تطبيق معني الإسلام والسلام يسود معني الإسلام والسلام والأمن سائر المجتمع فإذا بكل فرد من أفراده سلام في نفسه وسلام على غيره, أمن في نفسه ومصدر أمن على غيره. الأمن الفكري والأمن الديني والأمن الاجتماعي والأمن الاقتصادي والأمن السياسي والأمن العسكري الأمن وحدة واحدة مترابطة بسائر حلقاته هذه فإذا ما اختلت حلقة منها أو سقطت جرت معها سائر الحلقات.
عن عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّه سيكون بعدي اختلاف أو أمر، فإن استطعت أن تكون السّلم فافعل» أحمد
لابد ان يسلم المجتمع من كل حواس الانسان وافعاله واقواله حتى يكون مسلما وتحقيق معنى الإسلام
وبتطبيق المعنى الحقيقي للإسلام يسود السلام سائر المجتمع لأن كل فرد من أفراد المجتمع الإسلامي السليم كل فرد حين إذ يتمثل قول المصطفى صلى الله عليه وسلم روي البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ»
فحبس الشر عن الناس سلام وامان للنفس والكون فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أنه قال: سأل رجل رسول الله : أيّ الأعمال أفضل؟ قال: ((الإيمان بالله، والجهاد في سبيل الله))، قال: فإن لم أستطع؟ قال: ((تعين صانعًا أو تصنع لأخرق))، قال: فإن لم أفعل؟ قال: ((فاحبس نفسك عن الشر، فإنها صدقة تصدقتَ بها على نفسك))، وفي رواية: ((احبس شرَّك عن الناس، فأنها صدقة منك على نفسك)).
لا تؤذي جيرانك ودعهم يعيشون في سلام لان تقويض امنهم وسلامهم تقويض لامن وسلامة المجتمع ولعنة من الله وقلة ايمان فلا تنظر في رزقه ولا الي اهله انما اعطه حقه وامنه وسلامه
ويتمثل ذلك في قول المصطفي صلى الله عليه وسلم: فيما روي الامام احمد والبيهقي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ، كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إِلَّا لِمَنْ أَحَبَّ، فَمَنْ أَعْطَاهُ اللهُ الدِّينَ، فَقَدْ أَحَبَّهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يَسْلَمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ، وَلَا يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ "، قَالُوا: وَمَا بَوَائِقُهُ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قَالَ: " غَشْمُهُ وَظُلْمُهُ، وَلَا يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالًا مِنْ حَرَامٍ، فَيُنْفِقَ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ، وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُقْبَلَ مِنْهُ، وَلَا يَتْرُكُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلَّا كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ، وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ، إِنَّ الْخَبِيثَ لَا يَمْحُو الْخَبِيثَ " رواه احمد في مسنده
وما حديث اطرح متاعك في الطريق عنا بغريب او بعيد فقد جاء الخبر بلعن من يؤذي جاره
ففي حديث أبي جُحيفة قال: جاء رجل إلى النبي يشكو جاره، فقال له: ((اطرح متاعك في الطريق))، قال: فجعل الناس يمرون به فيلعنونه ـ أي: يلعنون من كان يؤذي جاره ـ فجاء إلى النبي فقال: يا رسول الله، ما لقيتُ من الناس، قال: ((وما لقيتَ منهم؟)) قال: يلعنوني، قال: ((فقد لعنك الله قبل الناس))، قال: يا رسول الله، فإني لا أعود. أخرجه البخاري في الأدب المفرد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي
ان من أعظم وأخطر صور الأذية للجار الخيانةُ والغدر به، كالتجسس عليه، والوشايةِ به عند أعدائه، وتتبع عوراته وتحويل امنه وسلامه الي تنغيص في العيش فلا يفعل ذلك الا جار السوء الذي استعاذ منه الانبياء
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَارِ السُّوءِ، وَمِنْ زَوْجٍ تُشَيِّبُنِي قَبْلَ الْمَشِيبِ، وَمِنْ وَلَدٍ يَكُونُ عَلَيَّ رِبًا، وَمِنْ مَالٍ يَكُونُ عَلَيَّ عَذَابًا، وَمِنْ خَلِيلٍ مَاكِرٍ عَيْنَهُ تَرَانِي وَقَلْبُهُ تَرْعَانِي إِنْ رَأَى حَسَنَةً دَفَنَهَا، وَإِذَا رَأَى سَيِّئَةً أَذَاعَهَا ) اهـ. أخرجه الطبراني في الدعاء
وفي رواية عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد قال:
" كان من دعاء داود عليه السلام اللهم إني أعوذ بك من جار السوء ومن زوج تشيبني قبل المشيب ومن ولد يكون علي ربا ومن مال يكون علي عذاباً ومن خليل ماكرٍ عيناه ترياني وقلبه يرعاني إذا رأى حسنة دفنها وإن رأى سيئة أذاعها ". اهـ. ابن عساكر في تاريخ دمشق
السلام مع البيئة
في ظل مؤتمر المناخ الذي ينعقد بمصر بعد ايام ونحن نعلم أن الجنس البشري في صراع بالفعل مع العالم الطبيعي - صراع يمكن أن نكون فيه ضحايا فقط ، وليس منتصرين. تبين التجربة أنه لم يعد من المرغوب فيه ببساطة أن تدمج تدخلات بناء السلام التهديدات البيئية ؛ من الضروري الآن بشكل مطلق أن نقوم بتعميم سياسة وممارسات بناء السلام البيئي المتكامل والفعال والمستدام لضمان سلام دائم لمستقبل كوكبنا
ان الحفاظ على البيئة من التلوث هي مسؤولية جماعية، فكل انسان على وجه الأرض مكلف بالحفاظ على البيئة من كل أنواع التلوث، ولكن يجهل البعض هذه المسؤولية، على الرغم أن الدين الإسلامي الحنيف حثنا الحفاظ على البيئة، ونهانا على التلوث والفساد في الأرض.
وأيضا الرسول الكريم ،صلى الله عليه وسلم نهانا عن التلوث، وأمرنا بالحفاظ على بيئتنا نظيفة ، والدليل على ذلك الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة
دعانا الحبيب النبي للاهتمام بالزراعة وهي الموارد الأساسية التي تحمي بيئة الأرض، وقد أولاها الإسلام عناية متميزة، وجعل الاهتمام بها عبادة.
روى الشيخان عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من مسلم يغرس غرسًا ، أو يزرع زرعا ، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة”.
وكذلك نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الراكد فقال صلى الله عليه وسلم : ((لا يبولنَّ أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه)). لأن هذا العمل ينشرُ الأمراضَ الخبيثةَ بين أفرادِ الأمةِ، وكذلك نهانا عن البول في ظل شجرة مثمرة، والبول في قارعة الطريق، ولعن من يفعل ذلك، لأنه يضر بالناس ضرراً كبيراً، ومن باب أولى حرم علينا إلقاء النجاسات والقاذورات في الشارع أو في الأماكن القريبة من المساكن.
وأوصانا أن نحرص على الشجر حرصاً كبيراً فقال صلى الله عليه وسلم : ((إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن يغرسَها قبل أن تقوم الساعة فليفعل)).
– قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار)).
يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)) ( رواه مسلم في: كتاب [الإيمان]، باب (الإيمان شُعبُه وفضيلة الحياء)، حديث رقم (35).
– منع الإسلام تلويث الماء الراكد أو الجاري حتى من قبل الأفراد، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُبال في الماء الراكد (رواه مسلم كتاب [الطهارة]، باب (النهي عن البول في الماء الراكد).
وعن جابر أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الماء الجاري (أخرجه الطبراني في الأوسط عن جابر [كنز العمال ج9/353] وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، وفي الظل (رواه الطبراني عن معاذ[كنز العمال ج9/365 ].
أمر الإسلام بالحفاظ على الصحة العامة، وحَرَّمَ كُلّ ما يؤذي صحة الفرد؛ العقلية والجسمية والنفسية، فحرّم الخمر والمخدرات، وكُلّ الخبائث، ودعا إلى أكل الطيبات من الرزق، والاهتمام بالنظافة الجسدية، والعنصر الجمالي، قال تعالى: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد}( سورة الأعراف:[الآية:31].
عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته؛ فرأينا حُمَّرة معها فَرْخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحُمَّرة فجعلت تفرش، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من فجع هذه بولدها ؟ ردوا ولدها إليها)) رواه أبو داود في سننه، كتاب [الجهاد]، رقم (2675) وفي كتاب [الأدب] رقم (5268).حُمَّرة: طائر صغير كالعصفور. تفرش: ترفرف بأجنحتها.
قالإسراف والتبذير في الموارد يزيد في تضخم مشكلة تدهور البيئة، لذلك وضع الإسلام قواعد تمنع أي هدر في أي مورد، قال تعالى: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً}(سورة الفرقان: [ الآية: 67 ].). وقال: {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}(سورة الأنعام: [ الآية: 141 ].)، وقال: {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين}(سورة الإسراء: [ الآية: 27 ].).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعدٍ وهو يتوضأ: ((ما هذا السرف يا سعد؟))، فقال أفي الوضوء سرف؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((نعم، وإن كنت على نهر جار))( رواه الحاكم في الكنى، وابن عساكر، عن الزهري مرسلاً (كنز العمال ج9/327).
من فوائد ( السلام)
(1) السّلام من أسماء الله تعالى وهو المسلّم لعباده المسلّم على أوليائه.
(2) والجنّة دار السّلام فهي دار السّلامة من الآفات.
(3) والسّلام أمان الله في الأرض وهو تحيّة المؤمنين في الجنّة وتحيّة أهل الإسلام في الدّنيا.
(4) والسلام طريق المحبّة والتّعارف بين المسلمين وهو من جملة الأسباب لدخول الجنة، قال : ((يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام )) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
(5) وفي إشاعة السّلام بين المسلمين تنشأ المودّة والمحبّة ويشعر كلّ مسلم بالاطمئنان تجاه الآخرين فهو يورث المحبة في القلوب، قال : ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم )) رواه مسلم.
(6) البخل بالسّلام أشدّ من البخل بالمال روي البيهقي في شعب الايمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أَعْجَزَ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ فِي الدُّعَاءِ، وَإِنَّ أَبْخَلَ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ "
(7) قد يزيل العداوة وينهي الخصومة ويسلّ؟ سخيمة الصّدور.
( 8 ) في المداومة علي السلام تمييز للمسلمين وكيد لأعداء الدّين.
(9) من حافظ عليه حاز فضل الاتّباع وجزاء الطّاعة.
(10) كلّما زادت كلمات السّلام زادت حسناته والسلام والمصافحة يسببان مغفرة الذنوب، قال : ((ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا )) رواه أبو داود والترمذي، سوقال الترمذي: حديث حسن غريب
ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه وكن كما شئت فكما تدين تدان ثم صلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين النبي العدنان فصلُّوا وسلِّمُوا عليه رحِمَكم الله - سِرًّا وجَهرًا علي خَيرِ الورَى طُرًّا، وأفضَلِهم شَرَفًا وقَدرًا نبيِّنا مُحمدِ بن عبدِ الله القُرشيِّ الهاشِميِّ فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال عز من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما [الأحزاب:56].
فلا تنس كثرة السلام على نبيك الكريم صلوات الله وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أحد يسلم علي ّ إلا رد الله علي ّ روحي حتى أرد عليه السلام)) [رواه أبو داود واللفظ له، وأحمد في المسند
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن صلَّى علَيَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عَشرًا".
مِنِّي علَيه سَلامٌ نَشرُهُ عَطِرُ *** ما سَارَ بَدرُ الدُّجَى في الأُفْقِ مُنتَقِلَا
فاللهم صل وسلم عليه تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
وارضَ اللهم عن الخُلفاء الراشِدين، والأئمةِ المهديِّين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائِرِ الصحابةِ والتابِعِين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، واحشرنا معَهم برحمتِك يا أرحم الراحِمِين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين واجعَل هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا وسائِرَ بلادِ المُسلمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا ووُلاةَ أمورِنا
جمع وترتيب / ثروت سويف – امام وخطيب بوزارة الاوقاف المصرية



 توقيع : عازف الناي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خطبة لا اقسم بيوم القيامة للشيخ ثروت سويف عازف الناي › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 4 11-17-2022 09:38 PM
خطبة أسماء يوم القيامة ودلالتها في القرآن العظيم للشيخ ثروت سويف عازف الناي › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 4 11-17-2022 09:36 PM
خطبة الجمعة عرفات وتنزل الرحمات ودروس من خطبة حجة الوداع الشيخ ثروت سويف عازف الناي › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 6 11-17-2022 09:22 PM
خطبة وانك لعلي خلق عظيم للشيخ ثروت سويف عازف الناي › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 4 11-17-2022 09:06 PM
خطبة النبي كأنك تراه أخلاقه وشمائله للشيخ ثروت سويف عازف الناي › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 4 11-17-2022 09:05 PM


الساعة الآن 03:35 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.