خاتم النبيين (19) - منتديات احساس ناي

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 342
عدد  مرات الظهور : 8,611,257
عدد مرات النقر : 322
عدد  مرات الظهور : 8,611,254
عدد مرات النقر : 215
عدد  مرات الظهور : 8,611,293
عدد مرات النقر : 172
عدد  مرات الظهور : 8,611,293
عدد مرات النقر : 303
عدد  مرات الظهور : 8,611,293

عدد مرات النقر : 17
عدد  مرات الظهور : 2,129,412

عدد مرات النقر : 40
عدد  مرات الظهور : 2,124,001

عدد مرات النقر : 15
عدد  مرات الظهور : 2,124,525


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 12-19-2022, 12:08 PM
حكاية ناي ♔ متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » اليوم (06:16 PM)
آبدآعاتي » 3,699,300
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2249
الاعجابات المُرسلة » 787
مَزآجِي   :  08
?? ??? ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
 آوسِمتي »
 
افتراضي خاتم النبيين (19)

Facebook Twitter


تكميل لأحداث غزوة أُحُد


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، وبعد:
فقد ذكرنا في الحلقة الماضية شيئًا من أحداث غزوة أُحُد وتاريخها، وسبب حدوثها، وكيف بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خروج قريش، وماذا عمل حينها، وأيضًا كذلك ذكرنا استشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الخروج من عدمه، وأيضًا ذكرنا كيف بدأ القتال وكيف كان النصر للمسلمين، ثم بخطأ حدث عند المسلمين حصلت أضرار جِسام، وأيضًا ذكرنا كيف تصرَّف النبي صلى الله عليه وسلم حيال ذلك، إلى غير ذلك من الأحداث، ونستكمل في هذه الحلقة أحداث تلك الغزوة التي هي غزوة أُحُد، فمن أحداثها ما يلي:
مقتل عبدالله بن عمرو بن حرام والد جابر رضي الله عنهما، فهو من الذين أبلَوا بلاءً حسنًا، فقد أخرج البخاري عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: جيء بأبي مسجى، فأردتُ أن أرفعَ الثوب عنه، فنهاني قومي، فرفعه النبي صلى الله عليه وسلم فسمع صوت باكية، وهي أخته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لمَ تبكي؟ فما زالت الملائكة تظِلُّه بأجنحتها حتى رُفِع))؛ رواه البخاري، وكان عبدالله قد أوصى ابنه جابر، فقد روى البخاري أن جابرًا قال: دعاني أبي من الليل في أُحُد، وقال: ما أراني إلا مقتولًا، فإنَّ عليَّ دَينًا فاقضه واستوصِ بأخواتك خيرًا؛ رواه البخاري.

ومن الأحداث في تلك الغزوة ما وقع لحنظلة بن أبي عامر رضي الله عنه، وكان أبوه أبو عامر عدوًّا لدودًا للإسلام، وتأمَّل كيف يُخرج الله الحيَّ من الميت! وقد كان حنظلة رضي الله عنه لما سمع بتلك الغزوة خرج إليها، فالتقى بأبي سفيان قائد قريش، فعلاه بسيفه ليقتله؛ ولكن رآه شداد بن الأسود فقتله قبل أن يقتل حنظلة أبا سفيان، فلما قتل حنظلة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ صاحبَكم حنظلة تُغسِّله الملائكة، فسَلُوا صاحِبَته))، فقالت: خرج وهو جُنُب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فذاك قد غسَّلته الملائكةُ))؛ أخرجه ابن حبان والحاكم، وكان حنظلة رضي الله عنه يُلقَّب بغسيل الملائكة.

ومن الأحداث في تلك الغزوة ما وقع للأصيرم، وهو عمرو بن ثابت المعروف بالأصيرم، وهو من بني عبد الأشهل، وكان يأبى الإسلام حين قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ولما حدثت تلك الغزوة التي هي غزوة أُحُد قذف الله الإسلام في قلبه، فأسلم ولحِق بالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته بعدما ذهبوا، فلما هدأت المعركة أخذ بنو عبد الأشهل يتفقدون قتلاهم، فرأوا الأصيرم ولم يعلموا بإسلامه، وهو في آخر رمق، فقالوا: ما الذي جاء بك؟ آشفقتَ على قومك أم أسلمتَ؟ فقال: بل أسلمتُ وآمنتُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّه مِن أهلِ الجنةِ))، قال أبو هريرة رضي الله عنه: ولم يُصلِّ للهِ صلاةً قَطُّ؛ أخرجه أحمد، وإسناده حسن.

وفي نهاية تلك الغزوة أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على القتلى والشهداء، ثم قال: ((أنا شهيدٌ على هؤلاءِ يومَ القيامةِ))؛ رواه البخاري، وأيضًا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُدفَن الشهداء بدمائهم، ولم يُغسِّلْهم؛ كما عند البخاري، وقال الإمام البغوي: اتفق العلماء على أن شهيد المعركة مع الكُفَّار لا يُغسَّل، وأما الصلاة عليهم فقد اختلف أهل العلم بذلك؛ لورود نصوص تثبت ونصوص أخرى تنفي؛ ففي البخاري في كتاب المغازي أمر بدفنهم بدمائهم، ولم يُصلَّ عليهم ولم يُغسَّلوا، وجاءت نصوص أخرى تثبت الصلاة عليهم، وقد جمع بينها أهل العلم؛ كابن القيم رحمه الله؛ حيث قال: والصواب في المسألة أنه مُخيَّر بين الصلاة عليهم وتركها؛ لمجيء الآثار بكلا الأمرين، وكانوا يدفنون الاثنين والثلاثة في قبر واحد؛ وذلك لما حصل عليهم من الجراح والتعب رضي الله عنهم وأرضاهم، فقد شكوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: كيف تأمرنا بقتلانا، فقال: ((احفروا وأوسعوا وأحسنوا وادفنوا في القبرِ الاثنينِ والثلاثةَ))، قالوا: يا رسول الله، مَن نُقدِّم؟ قال: ((أكثرهم جَمْعًا وأخْذًا للقرآنِ))؛ أخرجه أحمد.

واستشهد في تلك الغزوة من المسلمين سبعون شهيدًا، وكان أناس من المسلمين قد احتملوا قتلاهم لدفنهم في المدينة، فناداهم منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ردُّوا القتلى إلى مصارعهم، فردوهم إلى مكانهم في أُحُد، وقد أكرم الله عز وجل هؤلاء الشهداء؛ فقد روى البخاري في صحيحه أن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: كان أبي أول قتيل ودُفِن معه آخر في قبر واحد، ثم لم تطِبْ نفسي أن أتركه مع الآخر، فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته غير أذنه؛ رواه البخاري، وفي لفظ آخر، قال جابر: دخل السيل قبر أبي فحفرتُه، فرأيتُه كأنه نائم ولم يتغيَّر منه إلا اليسير، وكان ذلك بعد ستة وأربعين عامًا من دفنه وحده، وأما قتل المشركين فبلغوا ثلاثة وعشرين رجلًا، ولما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة إلى المدينة بعد أُحُد فاستقبلهم أهل المدينة، وكان منهم حَمْنة بنت جحش، فنُعي لها أخوها عبدالله بن جحش، فاسترجعت واستغفرت، ونُعي لها خالها حمزة بن عبد المطلب فاسترجعت واستغفرت، ثم لما نُعي لها زوجُها مصعب بن عمير صاحت وولولَتْ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ زوجَ المرأة منها لبمكان))، وخرجت امرأة من بني دينار وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها فقتلوا، فلما نُعُوا لها قالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: هو بخير يا أم فلان، وهو كما تحبين والحمد لله، فقالت: أرونيه حتى أنظر إليه، فأُشير إليه، فلما رأتْه قالت: كل مصيبة بعدك يسيرة هيِّنة؛ ذكره ابن إسحاق والبيهقي.

وبات المسلمون تلك الليلة يحرسون المدينة من العدوِّ بعد غزوة أُحُد مباشرة، وبات بعض الأنصار يحرسون الرسول عليه الصلاة والسلام في بيته، ثم بعد غزوة أحد بيوم واحد فقط حدث ما يسمى بغزوة حمراء الأسد؛ حيث كانت أُحُد في يوم السبت، وكانت حمراء الأسد في يوم الأحد لسِتَّ عشرةَ ليلة مضت من شوال، فقد كان سببها أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن أبا سفيان بن حرب يريد الرجوع بقريش إلى المدينة ليستأصلوا المسلمين، فقد أخرج النسائي بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما لما انصرف جيش المشركين عن أُحُد وبلغوا الروحاء، وهو مكان يبعد عن المدينة خمسين كيلو مترًا تقريبًا، قال بعضهم لبعض: لم تقتلوا محمدًا ولا أسرتم أسرى، ارجعوا إليهم فلنقاتلهم في المدينة، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب الناس حتى خرجوا فبلغوا حمراء الأسد، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبح في المدينة أمر بلالًا أن يُنادي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم بطلب العدوِّ، ولا يخرج معنا إلا مَن شهد القتال بالأمس في أُحُد إلا جابر بن عبدالله، فقد قال: يا رسول الله، إن أبي قد قُتِل بالأمس في أُحُد، وقد خلفني على أخوات لي سبع، ولا أحب أن تتوجَّه يا رسول الله وجهة إلا وأنا معك، فأذن لي أن أخرج إلى حمراء الأسد، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يخرج أحد لم يشهد القتال في أُحُد غير جابر.

واستأذن عبدالله بن أبي بن سلول بأن يذهب إلى القتال، فلم يأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحمل لواء المسلمين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، واستعمل الرسول عليه الصلاة والسلام على المدينة ابن أم مكتوم، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم بالصحابة، وفيهم الجراح والقرح والتعب، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فقد خرج وهو مجروح في وجهه ومشجوجٌ في جبهته ومكسور في رَباعيَتِه، وبجنبه الأيمن ضربة، وركبتاه مجروحتان، ونزل قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 172].

ومضى الرسول صلى الله عليه وسلم حتى عسكروا بحمراء الأسد، وهي موضع يبعد عن المدينة خمسة عشر كيلو مترًا تقريبًا، وأقاموا ثلاثة أيام ولقَوا بحمراء الأسد معبد بن أبي معبد الخزاعي، وكان معبد يومئذٍ مشركًا، فقال: يا محمد، لقد عظُم علينا ما أصابك وأصاب أصحابك، ثم خرج معبد إلى أبي سفيان في الروحاء وهو يريد الرجوع بقريش إلى المدينة، فقال أبو سفيان: ما وراءك يا معبد؟ فقال معبد: إن محمدًا قد خرج يريدكم ويطلبكم بجيش لم أرَ مثلَه قَطُّ، وإني أرى أن ترتحلوا وإني أنهاك أن تلقى محمدًا بجيشك، فلما سمِع أبو سفيان ذلك الكلام رجع إلى مكة بجيشه خائفًا وجلًا، ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما أراد أبو سفيان قال: ((حَسْبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ))، وفي ذلك نزل قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آل عمران: 173- 174].

وفي هذا الخروج إلى حمراء الأسد استردَّ المسلمون قوَّتهم وهيبتهم التي كادت أن تضعف في غزوة أُحُد، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل رجوعه إلى المدينة من حمراء الأسد أبا عزة الجمحي، وكان أسيرًا عند المسلمين في بدر، فمَنَّ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأطلقه وعاهده على ألا يقاتل ضده، ولا يعين عليه أحدًا؛ ولكنه نقض العهد وخرج مع قريش ينصرهم ويحرضهم، فلما أُسِر قال: يا محمد، أقلني وامنُنْ عليَّ وأعطيك عهدًا على ألَّا أعودَ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((واللهِ لا تمسح عارضيك بمكة بعدها، وتقول: خدعتُ محمدًا مرتينِ)) وفي رواية: ((لا يُلدَغ المؤمِنُ مِن جُحْرٍ مرتينِ))، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الزبير فضرب عنقه.

إخواني الكرام، إن الحديث في سرد السيرة النبوية شيق ولطيف وخفيف، وسنختم حلقتنا هذه ببعض الدروس والعِبر مما سبق ذكره، وهذه الدروس نذكر منها ما يلي:
الدرس الأول: في وصية عبدالله والد جابر رضي الله عنهما لابنه جابر بقضاء دينه درسٌ عظيم في التعامل مع الديون من حيث كتابتها وحفظها والوصية بها والحرص على المبادرة في قضائها وعدم المماطلة في تأخيرها؛ حيث نرى بعض المدينين يهمل كتابتها فيقع الخلل في مقدارها مع مضي الوقت، فيقع الاختلاف أو يسري عليها النسيان، فتكون في الذمة، والله تعالى يقول: ﴿ إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ [البقرة: 282]، وربما أن البعض لم يوصِ بها بنيه ونحوهم؛ لأنه قد يؤتى على غِرَّة، وربما أن البعض يسوِّف في قضائها، وقد يُقدِّم عليها كثيرًا من النوافل، وهذا من الجهل العميق ولا شك، ألم يعلم هذا وأمثاله أن الشهيد وهو شهيد قد غفر له كل شيء إلا الدين، فهو من حقوق العباد، وأشير إلى إشارة تقع عند بعض الناس أنهم يقترضون أحيانًا مبالغَ يسيرةً؛ كالمئة والمائتين والثلاث ونحوها، ثم يسري عليها النسيان لقلتها، فلنحرص جميعًا أن يكون قدومنا على الله تعالى خاليًا من حقوق العباد في مال أو عرض.

الدرس الثاني: في وصية عبدالله رضي الله عنه لابنه جابر رضي الله عنه في رعاية أخواته وهن سبع، وقيل: تسع، ففي هذا درس عظيم في رعاية النساء صغرن أم كبرن، فهن بحاجة إلى رعاية من حيث الدين والدنيا؛ ففي الدين رعاية الحشمة والستر والحياء وتعليمهن أحكام شرع الله عز وجل وتزويجهن الأكفأ من الرجال، ووصيتهن بتقوى الله تبارك وتعالى، وأيضًا في الدنيا قضاء حوائجهن التي لا يقضيها إلا الرجال، ومحاولة بعدهن عن الرجال والنظر في معيشتهن ولباسهن ونحو ذلك، فالمرأة بحكم قرارها في البيت هي بحاجة إلى رعاية في أمور دينها ودُنْياها.

الدرس الثالث: في قصة الأصيرم وهو عمرو بن ثابت رضي الله عنه، فهو لم يسلم إلا في أثناء الغزوة، فلما قذف الله تعالى في قلبه الإيمان سارع إلى العمل الصالح فاستشهد، ففي هذا درس عظيم في استشعار أن القلوب بيد علَّام الغيوب يُقلِّبها كيف يشاء، فلا ييأس العاصي ولا يعجب المطيع؛ بل على الجميع أن يدعو بقوله: ((يا مُقلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قلبي على دِينكَ))، وإن من وسائل الثبات البعد عن مواطن الفتن، فإن الإنسان قد يتعرض لها في أحد مواطنها، وهو يظن أن لا فتنة، فتقع الفتنة، فالابتعاد عنها وقاية وعلاج، وعلى المسلم أن يكون خائفًا من سوء الخاتمة؛ لأنه إذا استشعر هذا، أكثرَ مِن الدعاء بالثبات، وأكثرَ من عبادة الخلوات التي هي من أهم أسباب الثبات.

الدرس الرابع: في دفن شهداء أُحُد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقدم الأكثر أخذًا للقرآن، وفي هذا تحقيق جزء من الخيرية في قوله عليه الصلاة والسلام: ((خيرُكم مَن تعلَّم القرآنَ وعلَّمه))، وفي هذا حَثٌّ لكثرة التلاوة ومتابعة الحفظ للقرآن أو بعضه، وإنه ميسر كل التيسير، فحاول أخي الكريم حفظ شيء منه لتلحق بركب الحفظة، وإن الحفظ ولو كان يسيرًا فسيدفعك إلى المزيد، وكثير من كبار السن الذين لم يحفظوا حصل لهم ظروف؛ كضعف البصر أو كف البصر أو الضعف العام، ندموا على أن لم يبادروا أيام نشاطهم إلى حفظ القرآن أو بعضه، فأنت الآن في زمن الأمنية، فحاول تحقيقها، وإنك عندما تبدأ الآن في حفظه أو حفظ بعضه، فإنك بعد سنتين أو نحوهما ستكون حافظًا لكتاب الله عز وجل، وتدخل قبرك ومعك القرآن، فما أسعدك! فمن هو الحصيف العالي الهِمَّة منكم إخواني الكرام الذي يقول: أنا لها ويشق طريقه، فهو مشروع لا يعرف الفشل.

الدرس الخامس: إن الدين يسر، وإن المشقَّة تجلب التيسير، ويظهر ذلك من خلال دفن شهداء أُحُد، فلما شق عليهم ذلك لجراحهم وتعبهم أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يدفنوا الاثنين والثلاثة جميعًا في قبر واحدٍ، وهكذا الأمر إذا حصلت المشقة جاء التيسير، فالمسافر يجمع ويقصر، وعادم الماء يتيمَّم، والمريض يُصلي حسب طاقته وجهده ونحو ذلك، وهذا من لُطْف الله تعالى بعباده ورحمته بهم، فاللهم لك الحمد على ذلك كثيرًا.

الدرس السادس: إن للزوج مكانًا ليس لأحد غيره، وهذا على سبيل العموم، ويظهر هذا من خلال حالة حَمْنة بنت جحش رضي الله عنها، عندما جاءها خبر وفاة أخيها وخالها فاسترجعت، وعندما نُعي لها زوجها صاحت وولوَلَتْ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن مكان الزوج عند زوجته رفيع وعالٍ، وهكذا الأزواج والزوجات يتعين عليهم جميعًا أن يكونوا متحابِّين فيما بينهم متعاطفين متفاهمين، وأيضًا كذلك متغافلين عن أخطاء بعضهم فيما يمكن التغافل فيه؛ لأن الزوج كما في الحديث هو جنتها ونارها، فهما في جنة إن تفاهموا وتحابوا وتعاونوا، وهم أيضًا كأنهم في نار إذا تشاقوا واختلفوا، وعلى كل منهما أن يحتمل من الآخر ما يجعله يعيش عيشة هنيئة، ويصعب أن يأخذ كل منهم حقَّه كاملًا من دون أي خلل؛ لأن الخلل والنقص من طبيعة البشر، فلا بُدَّ من العفو والتغافل وإدراك عواقب الأمور ومآلاتها، وهذا قد ينعكس إيجابًا على الأولاد والأحفاد، فتكون الأسرة متماسكة ومترابطة.

الدرس السابع: في قوة إيمان تلك المرأة من بني دينار درس جليل حيث نُعِي لها عددٌ من أقاربها المقربين جدًّا في الغزوة حيث ماتوا، فسألت أول ما سألت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف حاله؟ فلما اطمأنَّتْ عليه ارتاح ضميرها، فإن كانت هي اطمأنت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين يديها، فلنحافظ نحن على سُنَّته عليه الصلاة والسلام، فسُنَّته ترجمة لحياته عليه الصلاة والسلام، فلنحرص على حفظها والعمل بها وتربية أولادنا عليها، وأنفسنا؛ لتسلم أنفسنا بسلام تلك السُّنَّة، وعلينا نشرها وتعليمها للآخرين، وهذا كله يعكس الاهتمام بسُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم كما اهتمت تلك المرأة الدينارية بالنبي صلى الله عليه وسلم.

الدرس الثامن: إن خروج الصحابة إلى حمراء الأسد مع جراحهم وتعبهم هو يعكس الاستجابة القوية لله ورسوله عليه الصلاة والسلام، وذلك دليل على قوة الإيمان، ونحن تقرع أسماعنا ليلًا ونهارًا النداءات الربانية والنبوية، فمنا من استجاب وأفلح، وربما يوجد من تأخَّر، فليُسارع ذلك المتأخر؛ لأن الحياة لا تدوم على حال، وقد يأتي الموت على غِرَّة فلينتبه المتهاون والمسوِّف، فاستجيبوا يا عباد الله لما يحييكم فهو خير وأبقى في سلوككم وجوارحكم وأعمال قلوبكم، وادعوا إلى ذلك تفلحوا وتسعدوا دنيا وأخرى.

الدرس التاسع: في قصة أبي عزة الجمحي الذي أطلق النبي صلى الله عليه وسلم أسْرَه وعاهد على عدم القتال، ثم غدر بعد ذلك فقاتل مع قريش، فطلب العفو مرة أخرى، أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن ((المؤمن لا يُلدَغ مع جُحْرِ مرتينِ)) وأنه يجب أن يكون كيِّسًا فَطنًا لا يُخدَع، فإنَّ العفو يتبع المصلحة والإصلاح، وعلى المسلم إذا لُدِغ مرة أن يحترز في الثانية حتى لا يُلدَغ مرة أخرى، وليس ذلك من باب الإساءة للآخرين؛ ولكنه من باب حفظ النفس وحقها.

اللهم وفِّقْنا لهُداك، واجعل عملنا في رِضاك، وأوصلنا دار السلام بسلام، وبارك لنا في أعمالنا وأعمارنا، وأصلح نيَّاتنا وذريَّاتنا، وصلى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



 توقيع : حكاية ناي ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خاتم النبيين (30) حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 3 12-23-2022 09:15 AM
خاتم النبيين (20) حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 2 12-21-2022 09:16 AM
خاتم النبيين (18) حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 2 12-21-2022 09:16 AM
خاتم النبيين (17) حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 2 12-21-2022 09:13 AM
خاتم النبيين (16) حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 2 12-21-2022 09:13 AM


الساعة الآن 10:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.