السراج الوهاج في لطائف الإسراء والمعراج (1) - منتديات احساس ناي

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 349
عدد  مرات الظهور : 9,507,683
عدد مرات النقر : 329
عدد  مرات الظهور : 9,507,680
عدد مرات النقر : 223
عدد  مرات الظهور : 9,507,719
عدد مرات النقر : 176
عدد  مرات الظهور : 9,507,719
عدد مرات النقر : 324
عدد  مرات الظهور : 9,507,719

عدد مرات النقر : 23
عدد  مرات الظهور : 3,025,838

عدد مرات النقر : 47
عدد  مرات الظهور : 3,020,427

عدد مرات النقر : 20
عدد  مرات الظهور : 3,020,951

العودة   منتديات احساس ناي > ๑۩۞۩๑{ القسم الاسلامي }๑۩۞۩๑ > › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪•

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 12-31-2022, 07:13 PM
حكاية ناي ♔ متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » يوم أمس (08:15 PM)
آبدآعاتي » 3,719,868
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2253
الاعجابات المُرسلة » 791
مَزآجِي   :  08
?? ??? ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
 آوسِمتي »
 
افتراضي السراج الوهاج في لطائف الإسراء والمعراج (1)

Facebook Twitter


جاء الإسراء والمعراج زادًا لأصحاب الدعوات أن لهم ربًّا لطيفًا رحيمًا ودودًا يكلؤهم حين يجتمع عليهم الظلم، ودلالة على وجوب التزود بالتقوى، وتزكية النفوس والأرواح؛ استعدادًا لتبعات مراحل الدعوة التالية، وبرهانًا على معية الله تعالى لعبده حال تضييق أهل الأرض عليه، ومنه فليطئمن عبد إلى معية ربه، فإن الله معه، وعلى كل حين من أمره، وعلى سائر كل حال من أحواله، وكما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]، وكما أنه تعالى وتقدس وتبارك وتنـزه أيضًا: ﴿ قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾ [طه: 46].

وكما أن هذا الإسراء والمعراج إنما جاء إعجازًا ناطقًا بالتحدي، ولمن تساوره نفسه الأمارة أن يولغ فيما ليس له من طاقة، أو أنه يزعق صوته العالي! وإذ ينسى المسكين، ويكأنه في الصحراء ربعها الخالي! ولا يكاد يسمعه من أحد! وحين أطبقت سجلات التاريخ كله على صحة هذا المستند، صحيفة رسمية ناطقة أخرى، ومن صفحات هذا التاريخ الخالد التليد العتيق، المترامية أطرافه، وكما قد أطبقت سجلاته على هذا الحق الثابت، الذي لا يمكن قول من بعد قوله، وليجيء هذا مشككًا، وقد أيقن الناس عامتهم ومن قبل خواصهم، ولربما جاهلهم ومن قبل عالمهم، ولهذا الإطباق التاريخي، ولهذا الإجماع السرمدي الأبدي الأزلي أيضًا! أو غيره مضيقًا لما وسع الله تعالى على العباد، وأنه هذه نافذة من نوافذ التسلية والتسرية عن أولاء الدعاة العاملين، وحين تضيق بهم مجتمعاتهم وأهلوهم، وإذ ها هم يكلؤهم ربهم، وإن ناصبهم الناس أجمعون كيدًا كيدًا! وكما أنه لإظهار داعيتي التحدي والإعجاز، وإطلاق طاقات ينفذ بها العبد، ومنها إلى طلاقات هذه القدرة الربانية الكريمة المعجزة المبهرة والباهرة أيضًا! وبمثل حدث كهذا الذي بين أيدينا: الإسراء والمعراج!
وأكرسه في ثمانٍ وعشرين مسألة.

المسألة الأولى: آفاق خلابة وبيئة جذابة
وقد جاء الإسراء والمعراج كمحطة من محطات الدعوة؛ طمأنةً وتسلية، وتثبيتًا وتسريةً، ومنه فكان مطلب الترويح عن الدعاة العاملين أمرًا سائغًا مرغوبًا؛ بل إنه كان سبيلًا مأمولًا، وطريقًا مطلوبًا.

وقد جاء الإسراء والمعراج آية على اختراق عاملي الزمان والمكان؛ ليعلم العباد أن الله على كل شيء قدير!

وجاء الإسراء والمعراج آية ومعجزة؛ لترد الظلم على عقبه، يوم أن يجابه فردًا أعزل، علم أن الله تعالى معه!

وجاء الإسراء والمعراج تذكيرًا للرسول صلى الله عليه وسلم بما أصاب إخوانه الأنبياء الذين رآهم؛ ليهون عليه أمره.

وجاء الإسراء والمعراج دلالة على أن معية الله تعالى وحده كافية، كان الناس معك، أو كانوا عليك! فقط كن عبدًا ربانيًّا!

وجاء الإسراء والمعراج مرحلة فاصلة في تاريخ الدعوة أجمعه؛ لأن فرض الصلاة كان فيها دلالة على عظمها، وهي رسالة لتارك الصلاة ليتدبر أمره.

وجاء الإسراء والمعراج طاقة ضافية، حين أضيفت عبودية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وحده، وهذا إكرام ضاف آخر.

وجاء الإسراء والمعراج آية ضافية أخرى أيضًا؛ لإثبات أن الرسول محمدًا صلى الله عليه وسلم عبد لربه، فأنت عبد، ومن باب الأولى؛ ولداعية الاتفاق في البشرية، وليقف بك أمرك عند هذا الحد عبدًا لمولاك؛ لأنه لا إطراء في ديننا! وكيما يقف أحدنا على عتبات هذه العبودية، وإذ لا يكاد يخرج عنها قيد شيء!

وجاء الإسراء والمعراج دلالة على التجديد في أطوار الدعوة، بما يلائم مراحلها؛ ليكون زادًا ضافيًا على زادها، فإن شأن الدعوات أنها ليست جامدة.

وجاء الإسراء والمعراج آية على وجوب الأخذ بالأسباب؛ لأن الرسول اتُّخِذَ له براق نقل، وكذا معراج، وكان يمكن ألا يكون!

المسألة الثانية: تحدٍّ وإعجاز
وجاء الإسراء والمعراج آية ضافية لإفحام قريش؛ لأنها رأت وصفًا أبهرها، حين سألوه صلى الله عليه وسلم عن أمارات المسجد الأقصى! لكنهم لم يؤمنوا! وهكذا الإعراض حين يستحكم جهلًا أو عنادًا، وهكذا إلواء الرؤوس عن الحق، كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المنافقون: 5]!

المسألة الثالثة: إزالة حدود وكسر قيود
وجاء الإسراء والمعراج آية على ربط المسجد الحرام بالمسجد الأقصى أمانة في أعناق هذه الأمة جيلًا من بعد جيل آخر لاحِقٍ له، وأن الدفاع عن حماهما شرف ودين ندين الله تعالى به.

وجاء الإسراء والمعراج ربطًا بين بقاع الأرض؛ وكأن لم تكن هنالك حدود فاصلة في وجه حرية التنقل؛ لأن الأرض لله تعالى وحده! وها قد رأينا كيف انتقل مهاجرو مكة- المسلمون والكفار- إلى الحبشة، ودون عوائق أو سواتر! وها قد كانتا رحلتا الشتاء والصيف، ولم يحدثنا التاريخ عن شيء من ذلكم!

المسألة الرابعة: اختبار البراء وصدق الولاء
وجاء الإسراج والمعراج آية ضافية للرسول صلى الله عليه وسلم؛ ليطمئن إلى صاحبه أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وقد أثبت التاريخ سلامة وصدق هذا الرجل النادر، ومنه فلقد كان دلالة واضحة على كشف حال الصديق مع صديقه في ابتلائه وامتحانه في الحق. وهي علامة فارقة في عالم العلاقات، كيما تبنى عليها الوشائج، وكيما تنمو على قاعدتها الروابط.

وجاء الإسراء والمعراج تأكيدًا على تلقيب أبي بكر رضي الله تعالى عنه بالصديق، دلالة على صدق الصديق لصديقه في مواقف تستلزم ذلك!

المسألة الخامسة: آية المساجد وتذكير الساجد
وجاء الإسراء والمعراج آية على أن المساجد من شعائره تعالى ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].

وجاء الإسراء والمعراج آية ضافية على اعتبار المساجد في الإسلام، وأن لها حرمة بالغة، وأنها منابر حق، يقال فيها ما هو تأكيد لعبودية الكون كله لله تعالى.

وذكر المسجدين في أمر الإسراء دلالة واضحة على أن المسجد هو بيته تعالى في الأرض، وكان حقًّا على المزور أن يكرم زائره، ألا فزوروها تكرموا! فقد روى سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن توضَّأَ في بيتِهِ فأحسنَ الوُضوءَ، ثُمَّ أتى المسجِدَ فَهوَ زائرُ اللَّهِ، وحقٌّ علَى المزورِ أن يُكْرِمَ الزَّائرَ))[1].

وذكر المسجدين في أمر الإسراء دلالة على أن المسجد هو نقطة الانطلاق الأولى لقوافل الخير والهدى للناس.

إن تأهيل المساجد كيما تكون بيئة جاذبة مسؤولية يقع عاتقها على مجتمع يرنو إلى العلا، ويبتغي التوفيق والسداد والإلهام.

إن تحول المسجد كبيئة طاردة لرواده، يجعل المجتمع بأسره عرضة لانهياره في قيمه وآدابه وأخلاقه وإرثه الإسلامي السامق العريق.

لا يحسن أن تكون نوادي الشباب والملاعب بديلًا عن المسجد؛ لأنه قل الانحراف في أهله، ولأنه يكثر الانحراف من غيره.

إن لكل أمة بيتها الذي تزكو نفوسها عنده، وبيتنا الذي تزكو نفوسنا فيه هو المسجد، ألا فهلموا بإعماره، صلاة فيه وقيامًا، وركوعًا، وسجودًا، وذكرًا، وتسبيحًا.

إن أمة تجد سلواها في غير بيت ربها، إن هي إلا أمة فاتها قطار محمل بأنواع الخيرات ونوادر الصالحات.

المسألة السادسة: آية الإسراء وبرهان التسبيح
قال الله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].

فسبح الله تعالى نفسه لمناسبة الإسراء دلالة على قدرة رب قادر، لا يعجزه شيء، وهو قادر على كل شيء أيضًا!

وسبح الله تعالى نفسه لمناسبة الإسراء؛ لأن آياته التي عُرضت أمام رسوله صلى الله عليه وسلم، لتدل على مدى قدرة له تعالى، تخر له الجباه ساجدة ومسبحة، تعظيمًا وتقديرًا.

وسبح الله تعالى نفسه لمناسبة الإسراء؛ لأن رحلة بهذه الترتيبات ليحال على غيره فعلها أو قريبًا منها!

المسألة السابعة: نسبية الزمن والإسراء والمعراج!
إن الإسراء والمعراج آية ضافية على قدرة الرب القدير العزيز، ولست أقول باختزال عامل الزمان، وبقدر ما هو قانون يحكم العلاقات النسبية بين الزمن والسرعة، وعلى اختلاف الأماكن، وهذا الذي اكتشف العلم الحديث منه جانبًا، وليس يفتح منه جوانبه كلها أو جلها؛ بل قليلها! ولأن الله تعالى قال: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85]، وكما دل عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فرج سقفي وأنا بمكة، فنـزل جبريل عليه السلام، ففرج صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب، ممتلئ حكمة وإيمانًا، فأفرغها في صدري ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي، فعرج إلى السماء الدنيا، قال جبريل لخازن السماء الدنيا: افتح قال: من هذا؟ قال: جبريل))[2].

وإذا قلنا قولنا هذا، وإذ يمكن صياغة ذلك توافقًا مع سبق هذا الدين في بيان ما قالوا عنه من بعد الثورة الصناعية الكبرى، وحين أفرزت شيئًا مما سبق به هذا الدين الإسلامي الحنيف الخالد! ومن يوم الإسراء والمعراج بهذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وحين رأوا أن الزمن يتباطأ، وبالنسبة لراصد ثابت، ومع زيادة السرعة، وبرهنوا على ذلك بأنه وعند حساب الزمن بالنسبة لصاروخ منطلق وبسرعة الصاروخ المعروفة تزايدًا، فإنهم لاحظوا أن الزمن يتباطأ عند ذلك، ودلالة تحرك عقارب ساعة وضعت على جسم الصاروخ المنطلق هذا، وإذ كانت أكثر تباطؤًا، وحين كان الصاروخ أكثر تسارعًا! وفي الوقت نفسه ولو راقبنا ساعة على سطح الأرض، ولقياس الزمن، والعلاقة بينه وبين سرعة الصاروخ المنطلق، وبهذه السرعة العظيمة إلا أنهم لاحظوا أن قياس الساعة الأرضية لهذه السرعة إنما تسير بسرعة أيضًا، وبأكثر معدلًا عن هذه الساعة الموضوعة على جسم الصاروخ المنطلق!

والأمر أيسر، ويكأنه أبهر! وحين كانت مقاييس الزمن يوم القيامة، وخارج مناطق القياس البشري المحدود، وحين قال الله تعالى: ﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [المعارج: 4]، ويكأن يومًا واحدًا عند الله تعالى كألف سنة مما يعد الناس من أيامهم! وبغير مقاييس الناس يومهم هذا! ولما قال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾ [الحج: 47].

ومنه فإنه مقاييس الزمان عنده تعالى، وفي مثل رحلتي الإسراء والمعراج؛ ليحكمها عوامل أخر، ولتندرج تحت الإعجاز والتحدي، ومن نوع ما توصل إليه أينشتاين؛ ولكنه على حسبة خالق أينشتاين وقانون أينشتاين! وعلى غير قانونه أيضًا! وبقانون آخر يعلمه الله تعالى وحده، يحكم هذه العلاقة اللامتناهية سرعة، والمتباطئة زمنًا أيضًا!

المسألة الثامنة: زكاء مَلَكٍ ونبل نبيٍّ
وهاك " أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي بالبراق ليلة أسري به، ملجمًا مسرجًا، فاستصعب عليه، فقال له جبريل: أبمحمد تفعل هذا؟! فما ركبك أحد أكرم على الله منه، قال: فارفض عرقًا"[3].

فهذا قول مَلَكٍ! نعرف منه قدر الرسول صلى الله عليه وسلم، في الملأ الأعلى! ثم نقوِّم مدى تبعيتنا له، تأسيسًا على ذلك!

وحمل الملك جبريل عليه السلام الرسول صلى الله عليه وسلم على البراق فيه بيان قيمة الرسول صلى الله عليه وسلم في السماء، وهذه قيمته في الأرض أيضًا! ودلك عليها أن حدثًا بين الفينة والفينة يحدث، وإذ بك ترى الأرض ثائرة؛ لثائرة الناس؛ حبًّا لرسولهم صلى الله عليه وسلم، وانتصارًا له، طائعهم وعاصيهم معًا!

وحمل الملك جبريل عليه السلام الرسول صلى الله عليه وسلم على البراق فيه أدب ملك، كان من وصف جنسه أنهم ﴿ مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

وكان من حمل الملك جبريل الرسول صلى الله عليه وسلم على البراق، وانطلاق موكب الإسراء، فلا يفوت أحدهما الآخر! دلالة على قدرة ربنا سبحانه، أن يخلق ملكًا وبراقًا، فتخترق أمام سرعتهما عوامل الزمن! ﴿ آيَةً أُخْرَى ﴾ [طه: 22]!

ودلك على انبهارنا أن القوم كانوا يقطعون هذه المسافة يومها في شهر ذهابًا، ويعودون منها في شهر آخر إيابًا!

أما براق خلقه ربنا، فقد قطعها في جزء ليلة، ذهابًا وإيابًا، ولسنا ندري كم هو ذلكم الجزء؟! لأن الرحلة كانت قائمتها عديدة، ومهامها كثيرة، ولعل الذهاب والإياب كانا قدرًا ضئيلًا منها، أمام ضخامة المهام، وعظم المسؤوليات الجسام!

المسألة التاسعة: نداء الإيمان ووازع البيان
وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم بالإسراء إلى قومه عزيمة نافذة؛ لأنه يعلم نتائجها، ومن حيث تكذيبه؛ ولكنه نداء الإيمان، ولكنه وازع البيان، عن الله تعالى الرحيم الرحمن.

وقال الله تعالى: ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ [النجم: 17]، وهذا وصف ضاف لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فما زاغ بصره يمينًا أو شمالًا، ولا ارتفع عن المكان الذي حدَّ له النظر إليه، وهذا هو أدبه، وهذا هو معينه، الذي به نقتدي، وهذا هو دأبه الذي به نحتذي، وقوفًا على النصوص إخباتًا، لا تعديًا ولا تغييرًا، ولا تعديلًا، ولا تبديلًا!

المسألة العاشرة: أمارات الإسراء ودلالات الصدق
إن ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أمارات إسرائه، كمروره على بعير لبني فلان، وإناء مغطى شرب منه، ونوم القوم، وأن العير تقبل الآن، ويقدمها جمل أورق![4]. إن كل ذلك لدليل صدقه، وإنه لبرهان أمانته، خاصة وأنها أمارات وعلامات، ما كانت لتقبل ريبًا، وليست تبرهن شكًّا؛ ولأنها قد جاءت أمامهم كفلق الصبح! ورغم ذلك فإنهم كذبوه! وزاد من تكذيبهم، أنهم كانوا "بين مصفق، وبين مصفر، تكذيبًا له، واستبعادًا لخبره"[5].

فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس أخبرهم فعجبوا، وقالوا: ما آية ذلك يا محمد؟ فإنا لم نسمع بمثل هذا قط! قال: ((آية ذلك أني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا، فأنفرهم حس الدابة، فند لهم بعير، فدللتهم عليه! وأنا متوجه إلى الشام، ثم أقبلت حتى إذا كنت بضجنان، مررت بعير بني فلان، فوجدت القوم نيامًا، ولهم إناء فيه ماء، قد غطوا عليه بشيء، فكشفت غطاءه، وشربت ما فيه، ثم غطيت عليه كما كان!))، وآية ذلك أن عيرهم الآن يصوب من البيضاء ثنية التنعيم! يقدمها جمل أورق! عليه غرارتان؛ إحداهما: سوداء، والأخرى: برقاء! قالت: فابتدر القوم الثنية، فلم يلقهم أول من الجمل كما وصف لهم، وسألوهم عن الإناء، فأخبروهم أنهم وضعوه مملوءًا ماء، ثم غطوه، وإنهم هبوا فوجدوه مغطى كما غطوه، ولم يجدوا فيه ماء! وسألوا الآخرين، وهم بمكة، فقالوا: صدق والله! لقد أنفرنا في الوادي الذي ذكر، وند لنا بعير، فسمعنا صوت رجل يدعونا إليه حتى أخذناه[6].

بل إن الإعجاز أنه أحاط بذلك كله، من أمارات، ومن علامات، ويكأن الله تعالى له حكمته البالغة في ذلك، أن القوم سوف يسألونه؛ إحراجًا وتعجيزًا، وإلا فليس كل أحد يرمق ما مر عليه حين سفره أو تجواله، وخاصة على هذا الوجه الدقيق وصفًا! وكأنما كانت أمامه صلى الله عليه وسلم كتابًا مفتوحًا!

إن تصديق أم هانئ، زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم نبأه عن الإسراء، لَسببُ إلف، وموجب اطمئنان، ودليل تسلية، وبرهان تسرية عنه صلى الله عليه وسلم، وحين يكون هذا الإلف من داخل بيته عونًا وأزرًا وشدًّا وتصديقًا.

لكن قومًا أبوا إلا تكذيبًا! فماذا أنت فاعل؟! وماذا أنت قائل! وقد رأوا وصفًا للمسجد الأقصى! وليس يختلف بل هو صورة طبق الأصل! ويكأنها ليست صورة بل حقيقة! وليس يحكم ذلك ويبينه ويوضحه إلا قوله تعالى: ﴿ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [يونس: 101]!

وعن جابر بن عبد الله، أنه قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ((لما كذبتني قريش، قمت في الحجر، فجلا الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه))[7].

وفي الصحيح: أن المشركين هم الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك قال: فجعلت أخبرهم عن آياته فالتبس عليَّ بعض الشيء، فجلا الله لي بيت المقدس حتى جعلت أنظر إليه دون دار عقيل وأنعته لهم، فقال: أما الصفة فقد أصاب[8].

وإن قريشًا سألت عن الإناء والعير، فجاءهم الخبر على قول الرسول صلى الله عليه وسلم!

المسألة الحادية عشرة: أثر الحجة وموجب المحجة
إن إقامة الحجة القاطعة أمر إيجابي، قمن بتصديق القوم إذا أرادوا، وبحيث ينقلهم إلى أمر إيجابي أيضًا، يكون لهم، ويحسب لجانبهم، ومنه فتقديم دليلك على صدق منهجك، يكون أثبت لك، وأدعى لحجاج قومك.

وقال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 60]؛ وإنما كان الإسراء رؤيا ابتداءً، إلا أنه دربة على ما سوف يلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم عنتًا من قريش! فقد عودتنا صلفًا!

المسألة الثانية عشرة: إثبات النداء والتسليم لغير البشر!
وقول المَلَكِ جبريل عليه السلام: ألا تستحي يا براق مما تصنع، فو الله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم عليه منه، قال: فاستحيا حتى ارفض عرقًا، ثم قر حتى ركبته"[9]، وفيه إمكان مخاطبة غير الإنس! لا سيما إذا كان دابة، ولأن البراق استحى من المَلَكِ جبريل عليه السلام! ولأن من ذلك رجفة الجبل به، حين قال له المَلَكُ جبريلُ عليه السلام أيضًا: اثبت فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدًا، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم، فقال: اثبت أحد؛ فإنما عليك نبي، وصديق، وشهيدان[10].

ولأن الله تعالى أثبت نداء لأرضه، ولأنه تعالى أثبت نداء لسمائه، ولأنه سبحانه أثبت طاعة منهما لأمره تنجيزًا، وحين قال سبحانه ﴿ وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 44].

ولأن الله تعالى أمر أرضه وسماءه، فلبتا وسلمتا تسليمًا! وذلك حين قال سبحانه: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11].

المسألة الثالثة عشرة: إثبات حياء الدابة البراق!
وإنما استحى البراق لبعد عهد الأنبياء ركوبه! وفيه تنويه بالبراق حامل الأنبياء، ولئن كان هذا حياء دابة! فحري أن يكون الحياء خلقًا وأدبًا ونظامًا؛ لأنه باعث على كل حسن جميل، ولأنه ناهٍ عن كل مذموم سقيم، ولأنه داعٍ إلى كل نبيل شميل، والحياء دأب سامٍ عالٍ، حاث على كل خلق حميد، ويتأبى على كل شين دنيء!

ولقد بلغ من قيمة الحياء أن الله تعالى قد وُصف به؛ لأنه تعالى حيي يحب الحياء، ولحديث: ((إنَّ اللهَ تعالى حييٌّ كريمٌ، يستَحي إذا رفَع الرَّجلُ إليه يدَيهِ أن يردَّهُما صِفرًا خائبتَينِ))[11].

إن ضعف قيمة الحياء في النفوس، أو التحلل منها، يجعل صاحبه وكأنما هو ألعوبة في يد الشيطان يقلبه كيف يشاء! والحياء خلق سامق يمنح صاحبه علوًّا وارتفاعًا وشموخًا وعزةً وكرامةً وإباءً.

إن وقوع المعاصي كلها إنما كان راجعًا في جله إلى ضعف خلق الحياء أو تحلل منه!



 توقيع : حكاية ناي ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإسراء والمعراج: تسرية وتكليف وريادة حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 1 12-23-2023 11:46 AM
معجزة الإسراء والمعراج: العبر والدلالات حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 1 12-05-2023 04:07 PM
معجزة الإسراء والمعراج: العبر والدلالات حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 2 08-08-2023 08:13 AM
السراج الوهاج في لطائف الإسراء والمعراج (3) حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 2 01-02-2023 07:20 AM
السراج الوهاج في لطائف الإسراء والمعراج (2) حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 2 01-02-2023 07:20 AM


الساعة الآن 02:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.