هذا ديننا أهل الإسلام (خطبة) - منتديات احساس ناي

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 351
عدد  مرات الظهور : 10,192,069
عدد مرات النقر : 332
عدد  مرات الظهور : 10,192,066
عدد مرات النقر : 227
عدد  مرات الظهور : 10,192,105
عدد مرات النقر : 177
عدد  مرات الظهور : 10,192,105
عدد مرات النقر : 328
عدد  مرات الظهور : 10,192,105

عدد مرات النقر : 26
عدد  مرات الظهور : 3,710,224

عدد مرات النقر : 55
عدد  مرات الظهور : 3,704,813

عدد مرات النقر : 22
عدد  مرات الظهور : 3,705,337

العودة   منتديات احساس ناي > ๑۩۞۩๑{ القسم الاسلامي }๑۩۞۩๑ > › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪•

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 01-10-2023, 09:29 AM
حكاية ناي ♔ متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » يوم أمس (08:00 PM)
آبدآعاتي » 3,720,567
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2265
الاعجابات المُرسلة » 799
مَزآجِي   :  08
?? ??? ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
 آوسِمتي »
 
افتراضي هذا ديننا أهل الإسلام (خطبة)

Facebook Twitter



الحمد لله الذي أتَمَّ علينا نعمته، ورضي لنا الإسلام دينًا، وأكمَله لنا على لسان رسوله وحبيبه محمد - صلى الله عليه وسلم - حقًّا وصدقًا ويقينًا، وجعلنا من خير أمة إن أمرنا بما يأمرنا به من المعروف، وعن المنكر نهينا، قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، أحمده سبحانه أن هدانا للإسلام، وأشكره على ما حبانا به من الفضل والإنعام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من قال: ربي الله ثم استقام، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله خاتم الأنبياء وأفضل رسله الكرام، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه هداة الأنام ومصابيح الظلام؛ أما بعد:
فيا أيها الكرماء الأجلاء عباد الله، كم مِن تُهمٍ ألصقوها بالإسلام، والإسلام منها بريء، يخرج علينا أعداؤنا عند كل واقعة، فيدعون أن الإسلام دين يدعو أبناءه وأتباعه إلى الإرهاب! وأن الإسلام دين قتل وسفك للدماء وترويع للآمنين، يزعمون أنه دين همجي يعلِّم معتنقيه الشراسة والوحشية، هكذا أعداؤنا دومًا، يرمون التُّهم جزافًا، ويلصقونها بدين الإسلام اعتباطًا! ولو فهموا ولو عقلوا، ولو أعطوا لأنفسهم الفرصة للتفكير والتدبر في تعاليم الإسلام وأوامره، لأيقنوا أن الإسلام مشتق من الاستسلام والسلام، لو فقهوا لعلموا أن الإسلام يعادي ويحرم كل أذى أو اعتداء على الآمنين، لذا كانت هذه الكلمات تحت عنوان هذا ديننا أهل الإسلام لنتساءل: هل هذا دين إرهاب؛ ليجب كل منصف، وودتُ لو أني أسمعت كل الغربيين، بل العالم بأسره هذه الحقائق أيها العقلاء، يا عقلاء العالم هذا ديننا أهل الإسلام.

دين يأمر بالإحسان إلى الحيوان والرحمة به، فهل هذا دين إرهاب؟! عند أبي داود أن النبي دخل بستانًا لرجل من الأنصار، فإذا فيه جَمَل، فلما رأى الجملُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمسح عليه حتى سكن، فقال: (لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار، فقال: لي يا رسول الله، فقال له: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا لي أنك تجيعه، وتُدْئبُهُ: (تتعبه)).

دين ينهي عن لعن الحيوان، فهل هذا دين إرهاب؟!
يروي الإمام أحمد عن أبي برزة ـ رضي الله عنه ـ قال: كانت ‏راحلة ‏أو ناقة أو بعير ‏عليها بعض متاع القوم وعليها ‏جارية، ‏فأخذوا بين جبلين، فتضايق بهم الطريق، فأبصرت رسول الله ـ ‏صلى الله عليه وسلم ـ، ‏فقالت: ‏حَلْ،‏ ‏حَلْ، ‏‏اللهم الْعَنْها، فقال النبي ـ ‏‏صلى الله عليه وسلم ـ: (‏من صاحب هذه ‏الجارية؟‏ ‏لا تصحبنا ‏‏راحلة ‏أو ناقة أو بعير عليها مِن لعنة الله تبارك وتعالى).

دين ينهي عن المُثْلة بالحيوان، وهو قطع قطعة من أطرافه وهو حي، ولعَن من فعل ذلك فهل هذا دين إرهاب؛ عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن من مَثَّل بالحيوان)؛ (البخاري).

وعن جابر - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر عليه حمار قد وُسِمَ (كوي) في وجهه، فقال: لعن الله الذي وسمه)؛ (مسلم).

هذا ديننا أهل الإسلام دين يدعو إلى الإحسان إلى الحيوان، حتى عند ذبحه لأكله، فعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله كتب الإحسان على كلِّ شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، ولْيُحِدْ أحدُكم شفرته، ولْيُرِحْ ذبيحته)؛ رواه مسلم.

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رَجل واضع رِجله على صفحة شاة، وهو يُحدُّ شفرته، وهي تلحظ إليه ببصرها، قال: أفلا قبل هذا؟ أوَ تريد أن تميتها موتتين؛ رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجاله رجال الصحاح، ورواه الحاكم إلا أنَّه قال: أتريد أن تميتها موتات، هلَّا أحددت شفرتك، هلَّا أحددتَ شفرتك قبل أن تضجعها، فهل هذا دين إرهاب؟!

وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحَدِّ الشفار، وأن تُوارى عن البهائم؛ (أي: وأن تُخفى عن بصرهم)، وقال: (إذا ذبح أحدُكم فَلْيُجْهِزْ)؛ رواه ابن ماجه، والشفار: جمع شفرة، وهي السكين، وقوله: (فَلْيُجْهِزْ) أي: فَلْيُسْرِعْ ذبحها ويُتمَّه.

ويروي معاوية بن قرة، عن أبيه، أن رجلًا قال: يا رسول الله، إني لأذبح الشاة، وأنا أرحمها - أو قال: إني أرحم الشاة أن أذبحها - فقال: والشاة إن رحمتها، رحمك الله؛ (رواه أحمد)… دين يرحم من رحم عصفورًا من الذبح، عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رحم ولو ذبيحة عصفور، رحمه الله يوم القيامة؛ (الطبراني في الكبير).

وعن أبي عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من إنسان يقتل عصفورًا فما فوقها بغير حقها، إلا سأله الله عز وجل عنها)، قيل: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: (أن يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها ويرمي بها)؛ رواه النسائي والحاكم وصحَّحه.

ومرَّ ابن عمر رضي الله عنهما بفتيان من قريش قد نصبوا طيرًا وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا عمر تفرَّقوا، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غرضًا.

قال ابن مسعود رضي الله عنه: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجة، فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تعرش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها"، فهل هذا دين إرهاب؟!

دين يغفر فيه لمن رحم كلبًا وأشفق عليه مهما بلغت ذنوبه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما رجل يمشي بطريق اشتدَّ عليه الحرُّ، فوجد بئرًا فنزل فيها فشرب، ثمَّ خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلبَ من العطش مثلُ الذي كان منِّي، فنزل البئر فملأ خُفَّه ماء ثمَّ أمسكه بفيه حتى رقيَ، فسقى الكلبَ فشكر اللهُ له، فغفر له، قالوا: يا رسول الله، إنَّ لنا في البهائم أجرًا؟ فقال: (في كلِّ كَبِد رطبة أجرٌ)؛ رواه مالك والبخاري ومسلم، وأبو داود وابن حبَّان في صحيحه، إلا أنَّه قال: (فشكر اللهُ له، فأدخله الجنة)، فهل هذا دين إرهاب؟!

وفي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ امرأة بغيًّا (تمتهن الزنا من بغايا بني إسرائيل)، رأت كلبًا في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش، (فنزلت البئر)، فنزعت له (الماء) (بخفها فسقته)، فغُفِرَ لها، فهل هذا دين إرهاب؟!

وفي المقابل أوضح لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الإساءة إلى البهائم ربما أودت بالعبد إلى النار، فقال - صلى الله عليه وسلم - فيما أخرجه مسلم: دخلت امرأة النار في هِرَّة (قطة)، ربطتها، فلا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت هزلا، فهل هذا دين إرهاب؟!

دين يحرِّم على أتباعه أن يعرضوا الناس للأذى، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مر أحدكم في مسجدنا، أو في سوقنا، ومعه نبل، فليمسك على نصالها بكفه، أن يصيب أحدًا من المسلمين منها بشيء… فهل هذا دين إرهاب؟!

دين يحرِّم على أتباعه حتى مجرد المزاح بما يُفزِع، يروي الإمام أحمد عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنهم كانوا يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير، فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى نبل معه فأخذها، فلما استيقظ الرجل فزع، فضحك القوم، فقال: ما يضحككم؟، فقالوا: لا، إلا أنا أخذنا نبل هذا ففزع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يَحل لمسلم أن يروع مسلمًا، فهل هذا دين إرهاب؟!

دين يعتبر مجرد الإشارة بالسلاح إلى إنسان بسلاح أو بحديدة عمل محرم يأثم فاعله، فعن أبي هريرة يقول: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه، حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه؛ (مسلم)، وفي لفظ: لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري، لعل الشيطان ينزع في يده، فيقع في حفرة من النار؛ (متفق عليه)، فهل هذا دين إرهاب؟!

دين جاءت العقوبة فيه مغلظة لمن أرهب الناس وأخافهم، مثل عصابات قطَّاع الطرق، ومن يفعل مثل فعلهم، وهؤلاء هم الذين يسعون في الأرض فسادًا، وقد حكم الله عليهم بأشد العقوبات كفًّا لشرهم، وحفظًا لأموال الناس ودمائهم وأعراضهم؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 33]، فهل هذا دين إرهاب؟!

دين يجعل زوال الكعبة أيسر من سفك دم مسلم بغير حق، فعبد الله بن عمر، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة، ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله، ودمه، وأن نظن به إلا خيرًا؛ (ابن ماجه)، فهل هذا دين إرهاب؟!

دين يأمر أتباعه حتى أثناء الحرب ألا يقتلوا طفلًا وألا يمثلوا بجثة، فعن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميرًا على جيش، أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا…؛ (مسلم)، فهل هذا دين إرهاب؟!

دين يأتي نبيه صلى الله عليه وسلـم يوم القيامة خصيمًا لمسلم موحد ظلم ذميًّا، فرُوِيَ عنه: مَن آذى ذِمِّيًا فأنا خصمه، ومن كنتُ خصمه خصمته يوم القيامة؛ (رواه الخطيب بإسناد حسن)، وعنه أيضًا: مَن آذى ذميًّا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله؛ (رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن).

وعن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا من ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة؛ (أبو داود)، ويحرم الجنة على مَن قتل معاهدًا، فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا؛ (البخاري)، فهل هذا دين إرهاب؟!

دين جعل للجار حقوقًا كائنًا من يكون، مسلمًا أو غير مسلم، فعن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنَّه سيورثه)؛ رواه الشيخان وأبو داود والترمذي، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جارُه بوائقَه)؛ رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وعنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ((إنَّ فلانة تقوم الليل وتصوم النَّهار، وتفعل وتصَّدَّق، وتؤذي جيرانها بلسانها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا خير فيها، هي من أهل النار، قالوا: وفلانة تصلي المكتوبة وتَصَّدَّق بأثوار (قطع من الأقط، وهو لبن جامد)، ولا تؤذي أحدًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي من أهل الجنة))؛ رواه أحمد وابن حبان، وصححه الألباني.

وعن مجاهد أنَّ عبدالله بن عمرو ذُبحت له شاة في أهله، فلمَّا جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودي؟ أهديتم لجارنا اليهودي؟ سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننتُ أنَّه سيورثه)؛ رواه الترمذي. فهل هذا دين إرهاب؟!

وكان لسهل بن عبدالله التستري (رحمه الله) جارٌ ذمي، وكان قد انبثق من كنيفه (مرحاضه) إلى بيت سهل ثقب، فكان سهل يضع كل يوم الجفنة (الوعاء) تحت ذلك البثق، فيجتمع ما يسقط فيه من كنيف المجوسي ويطرحه بالليل؛ حيث لا يراه أحد، فمكث رحمه الله على هذه الحال زمانًا طويلًا إلى أن حضرت سهلًا الوفاة، فاستدعى جاره المجوسي، وقال له: ادخُل ذلك البيت وانظر ما فيه، فدخل فرأى ذلك ثقب، والقذر يسقط منه في الجَفنة، فقال: ما هذا الذي أرى! قال سهل: هذا منذ زمان طويل يسقط من دارك إلى هذا البيت وأنا أتلقاه بالنهار وأُلقيه بالليل ولولا أنه حضرني أجلي وأنا أخاف ألا تتسع أخلاق غيري لذلك، وإلا لم أخبرك، فافعل ما ترى، فقال المجوسي: أيها الشيخ أنت تعاملني بهذه المعاملة منذ زمان طويل، وأنا مقيم على كفري؟ مدَّ يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ثم مات سهل رحمه الله؛ (الكبائر للذهبي)، فهل هذا دين إرهاب؟!

دين يأمر بالوفاء بالعهود التي أخذها المؤمنون على أنفسهم أو على غيرهم، وعدم الإخلال بها؛ قال تعالى: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل: 91]، وقال سبحانه: ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 34].

وفى صحيح مسلم: قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: ما منعني أن أشهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبي حسيل رضي الله عنه، إلا أننا خرجنا فأخذنا المشركون، فقالوا لنا: أتريدون محمدًا؟ قلنا: لا بل نريد المدينة، فأخذ المشركون علينا عهد الله وميثاقه أن ننصرف إلى المدينة، ولا نقاتل مع رسول الله، فقال حذيفة: وانطلقت أنا وأبي حسيل إلى رسول الله فأخبرناه بما قاله لنا المشركون، وبما قلنا نحن للمشركين، اسمع ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال حرب قال لحذيفة وأبي حسيل: "انصرفا - أي لا تشهدا معنا المعركة - نفي لهم بعهدهم، ونستعين بالله عليهم"، فهل هذا دين إرهاب؟

وهذا جندي ولا أقول هذا قائد من قادة المسلمين، بل جندي يعطي عهدًا بالأمان لقرية في العراق بقيادة أبى عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وأخبر الجندي قائدة أبا عبيدة، فأرسل أبو عبيدة بن الجراح كتابًا لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الفور ليخبره، وليتلقى منه الأوامر، اسمع ماذا قال عمر رضي الله عنه، أرسل عمر رسالة إلى أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وقال فيها بعد حمد الله والثناء عليه: إن الله عز وجل عظيم الوفاء، ولا تكونوا أوفياءَ، حتى توفوا لهم بعهدهم، وتستعينوا بالله عليهم، فهل هذا دين إرهاب؟

دين يدعو إلى العفو؛ قال تعالى: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ﴾، وقال: ﴿ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التغابن: 14]، وقال: ﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء: 149].

وروى البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌ فَجَبَذَ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً – قَالَ أَنَسٌ فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ – ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ)، فهل هذا دين إرهاب؟!


وعند الإمام أحمد قَالَ جابِرٌ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللِّهِ ﷺ بذاتِ الرِّقاعِ، فإذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجرةٍ ظَلِيلَةٍ تركْنَاهَا لرسول اللَّه ﷺ، فَجاء رجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِين، وَسَيفُ رَسُول اللَّه ﷺ مُعَلَّقٌ بالشَّجرةِ، فاخْترطهُ فَقَالَ: تَخَافُنِي؟ قَالَ: لا قَالَ: فمَنْ يمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: اللَّه، قَالَ: فسقَطَ السَّيْفُ مِنْ يدِهِ، فَأخَذَ رسَول اللَّه ﷺ السَّيْفَ فَقال: منْ يمنعُكَ مِنِّي؟ فَقال: كُن خَيْرَ آخِذٍ، فَقَالَ: تَشهدُ أنْ لا إلَه إلاَّ اللَّهُ، وأنِّي رسولُ اللَّه؟ قَالَ: لاَ، ولكِنِّي أعاهِدُك أنْ لا أقَاتِلَكَ، وَلاَ أكُونَ مَعَ قَومٍ يُقَاتِلُونَكَ، فَخلَّى سبِيلهُ، فَأتى أصحابَه فقَالَ: جِئتكُمْ مِنْ عِندِ خيرِ النَّاسِ، فهل هذا دين إرهاب؟!


وعفوه صلى الله عليه وسلم عن اليهودية التي أهدتْه الشاةَ المسمومة، فقد روى مسلم في صحيحه (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ أَرَدْتُ لأَقْتُلَكَ، قَالَ: «مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ»، قَالَ أَوْ قَالَ: «عَلَيَّ»، قَالَ: قَالُوا: أَلاَ نَقْتُلُهَا؟ قَالَ: «لاَ»، فهل هذا دين إرهاب؟!
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: "هَلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟"، قَالَ: ((لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ أشَدُّ مَا لَقيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيْلَ بْنِ عَبْد ِكُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْني إِلَى مَا أرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأنا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إِلاَّ وأنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، وَإِذَا أنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإذَا فِيهَا جِبريلُ - عليه السلام - فَنَادَاني، فَقَالَ: إنَّ الله - تَعَالَى - قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَد بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأنا مَلَكُ الجِبال، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبِّي إلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ، إنْ شئْتَ أطْبَقْتُ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: ((بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا))؛ متَّفقٌ عَلَيْهِ، فهل هذا دين إرهاب؟!


عفوَه عن أبي سفيان الذي فعل ما فعل، وأدمى كبد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أُحُد، وحزَّب الأحزاب يوم الخندق ضد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وناصر القبائلَ ضده، وعلى الرغم من كل ذلك يعفو عنه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة، بل يمنُّ عليه بما يفخر به، وما كان يطمع في أكثر من أن يَهَب له حياته، ولا يضرب عنقه، جزاء ما آذى به المسلمين، ولكن الرسول الأكرم - صلى الله عليه وسلم - يمنحه العفوَ وزيادة؛ إذ يقول عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم من حديث أبي هريرة: ((من دخل دار أبي سفيان فهو آمِن))، فهل هذا دين إرهاب؟


ويتجلَّى العفوُ عند المقدرة في أروع صوره يوم فتح مكة، حينما دخلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منتصرًا، وجلس في المسجد والناس حوله والعيون شاخصة إليه ينتظرون ما هو فاعل اليوم بمشركي قريش الذين آذَوْه وأخرجوه من بلده وقاتلوه، والآن هم أمامه لا ملجأ لهم ولا منجى؛ فتظهر مكارمُ أخلاقه، ويظهر عفوه؛ حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: ((اذهبوا فأنتم الطُّلَقاء)).

دين يدعو إلى العدل قال الله: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8]، وقد أقام النبي الكريم صلى الله عليه وسلم موازين العدلِ في جميع أحكامه وشؤونه حتى لو خالف الناس ولوْ على نفسِه أو أحبِّ الناس إليه.

روى ابن إسحاق وغيره، وصححه الألباني أَن رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَدَّلَ صُفُوفَ أَصْحَابِهِ يَوْمَ بَدْرٍ وَفِي يَدِهِ قِدْحٌ يُعَدِّلُ بِهِ الْقَوْمَ، فَمَرَّ بِسَوَادِ بْنِ غَزِيَّةَ رضي الله عنه وَهُوَ مُسْتَنْتِلٌ مِنْ الصَّفِّ، فطَعَنَ في بَطْنِهِ بالقِدْحِ - أي ضربه بعصا السهم بلطف - وَقَالَ: "اسْتَوِ يَا سَوَادُ"، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَوْجَعْتنِي، وَقَدْ بَعَثَك اللهُ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ، فَأَقِدْنِي، فَكَشَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَطْنِهِ وَقَالَ: "اسْتَقِدْ"، قَالَ: فَاعْتَنَقَ سَوَادٌ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَبّلَ بَطْنَهُ، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا حَمَلَك عَلَى هَذَا يَا سَوَادُ؟"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، حَضَرَ مَا تَرَى، فَأَرَدْت أَنْ يَكُونَ آخِرَ الْعَهْدِ بِك أَنْ يَمَسَّ جِلْدِي جِلْدَك، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِخَيْرِ، فهل هذا دين إرهاب؟


وعن أمِّ المؤمنين عائشةَ رضي الله تعالى عنها قالت: إنَّ قريشًا أهمَّهم شأنُ المرأةِ المَخزومِيَّةِ التي سرقَتْ، فقالوا: ومَن يُكَلِّمُ فيها رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ فقالوا: ومَن يَجتَرِئُ عليه إلا أسامةُ بنُ زيدٍ، حِبُّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكلَّمه أسامةُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أتَشفَعُ في حَدٍّ من حُدودِ اللهِ"، ثم قام فاختَطَب، ثم قال: "إنما أَهلَك الذين قبلَكم، أنهم كانوا إذا سرَق فيهمُ الشريفُ ترَكوه، وإذا سرَق فيهمُ الضعيفُ أقاموا عليه الحَدَّ، وايمُ اللهِ لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمدٍ سَرقَتْ لقطَعتُ يدَها"؛ (صحيح البخاري)، فهل هذا دين إرهاب؟!


وعن الفضل بن العباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صعدا المنبر في مرض وفاته فقال: «أيها الناس من كنت جلدت له ظهرًا، فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالًا فهذا مالي فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضًا، فهذا عرض فليستقد منه، لا يقولن رجل: أنى أخشى الشحناء من قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتي ولا من شأني، ألا وإن أحبكم إلي مَن أخذ حقًّا، كان له أو حللني، فلقيت الله وأنا طيب النفس»، فهل هذا دين إرهاب؟! أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفي وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
فيا أيها الكرماء الأجلاء عباد الله، هذا ديننا أهل الإسلام.
لما استخلف عمر بن عبدالعزيز رحمه الله، وفد عليه قوم من أهل سمرقند، فرفعوا إليه أن قتيبة دخل مدينتهم وأسكنها المسلمين على غدر، وكان قد فتحها قتيبة في عهد الوليد بن عبدالملك سنة ثلاث وتسعين هجرية - أي قبل تولي عمر رحمه الله - الخلافة بست سنين، فكتب عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - إلى عامله عليها يأمره أن يُنصب لهم قاضيًا ينظر فيما ذكروا! فإن قضى بإخراج المسلمين أخرجوا، فنصب لهم القاضي جُمَيْعَ بنَ حاضرٍ الناجي، فقال: قضينا بإخراج جميع المسلمين من أرض سمرقند، من حكام وجيوش ورجال وأطفال ونساء، وأن تترك الدكاكين والدور، وألا يبق في سمرقندَ أحدٌ من المسلمين على أنْ ينذر المسلمون أهل سمرقند بعد ذلك، وبعد ساعات قليلة، سمع أهل سمرقند بجلبة تعلو، وأصواتٍ ترتفع، وغبارٍ يعم الجنبات، وراياتٍ تلوح خلال الغبار، فسألوا، فقيل لهم: إن الحُكم قد نُفِّذَ، وإن الجيش قد انسحب في مشهدٍ تقشعر منه جلود الذين شاهدوه أو سمعوا به! وما إنْ غَرُبت شمس ذلك اليوم، إلا والكلاب تتجول بطرق سمرقند الخالية، وصوت بكاءٍ يُسمع في كل بيتٍ على خروج تلك الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم! ولم يتمالك الكهنةُ وأهلُ سمرقندَ أنفسَهم لساعاتٍ أكثر حتى خرجوا أفواجًا، وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين وهم يرددون شهادة أنْ لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله! فقد كَرِهَ أهل مدينة سمرقند حرب من عدل فيهم، وأنصفهم من أنفسهم، فقد حكم قاضيهم عليهم دون حيف أو ميل، وأقر أهل سمرقند المسلمين، فأقاموا بين أظهرهم أرأيتم جيشًا يفتح مدينة، ثم يشتكي أهل المدينة للدولة المنتصرة، فيحكم قضاؤها على الجيش الظافر بالخروج؟ والله لا نعلم شبهًا لهذا الموقف لأمة من الأمم! فهل هذا دين إرهاب؟!


ولما فتح الجيش الإسلامي حمص والعراق والشام، وعلم القادة بقيادة أبي عبيدة أن هرقل قد جمع لهم جيشًا جرارًا، خرج القادة يخاطبون أهل دمشق وأهل حمص وقالوا لهم: لقد سمعنا أن هرقل قد جمع لنا جموعًا، وإننا لا نستطيع أن نَحميَكم، وأن ندافع عنكم، وهذه جزيتكم التي دفعتموها لنا في مقابل حمايتكم، فلما رأى الناس ذلك من أهل حمص ومن أهل دمشق، طارت عقولهم وخرجوا بين يدي الجيش المسلم يقولون: والله لعدلكم أحبُّ إلينا من جور الروم وظلمهم، مع أنهم على دين واحد، فهل هذا دين إرهاب؟ هذا ديننا أهل الإسلام.


دين مكارم الأخلاق، فما من حُكم شرعي في دين الإسلام إلا ويلبِّي مقصدًا خُلُقيًّا حميدًا للإنسان، ولهذا كان قول نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -: «إِنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صالِحَ الأخْلاقِ»، حتى العبادات التي أمر الله بها تدعو إلى حسن الخلق: الصلاة: قال تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45].

الصيام: قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

"الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ"؛ (البخاري ومسلم).

الحج: قال تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [البقرة: 197].

الصدقات: قال تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 103].

وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ، وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الْخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ"؛ (صحيح الترمذي).

وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ يَحْسُنُ خُلُقُهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ حُسْنُ خُلُقِهِ الْجَنَّةَ، وَيَسُوءُ خُلُقُهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ سُوءُ خُلُقِهِ النَّارَ"؛ شعب الإيمان للبيهقي.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا)؛ رواه الترمذي.

وقال صلى الله عليه وسلم: "أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا"؛ سنن أبى داود، صحيح الألباني، وقال: لا تَحاسدوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدَابَرُوا، ولا يَبِعْ بعضُكم على بيعِ بعضٍ، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، المسلمُ أَخو المسلمِ، لا يَظلِمُه، وَلا يَخْذِلُه، ولا يَحْقِرُه، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسبِ امرئ مِنَ الشرِّ أَن يَحقِرَ أَخاهُ المسلمَ، كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ: دَمُه، وَمالُه، وعِرْضُه؛ (رواه مسلم).

وقال: يا أيها الناس، أفْشُوا السلامَ، وأطعِمُوا الطعامَ، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام؛ (رواه أحمد، والترمذي والحاكم، وصححه الترمذي والحاكم ووافقه الذهبي)؛ الخطاب للناس كافة، فهل هذا دين إرهاب؟!

وأخيرًا يا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم في كل مكان من الأرض، يجب أن تعتزوا بالإسلام فلا عزة لكم بسواه، نَعَمْ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَأَنْتَ مُسْلِمٌ، ارْفَعْ رَأْسَكَ مُفْتَخِرًا بِهَذَا الدينِ الذِي شَرَّفَكَ اللهُ بِالاِنْتِسابِ إِلَيهِ وَرَدِّدْ دَائِمًا:
وَمِما زَادَنِي شَرَفًا وَتِيهًا
وَكِدْتُ بِأَخْمُصِي أَطَأُ الثُّرَيَّا
دُخُولِي تَحْتَ قَوْلِكَ: يا عِبَادِي
وَأَنْ صَيَّرْتَ أَحْمَدَ لِي نَبِيًّا


يقول أمير المؤمنين عمر بن الحطاب رضي الله عنه: "نحن قومٌ أذلاء أعزنا الله بالإسلام فمتى طلبنا العزة بغيره أذلنا الله"، تمسكوا بالإسلام بكل معانيه يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بالإسلام، يعيد الله لكم مجدكم وعزتكم، وتقودون العالم كما فعل أجدادكم من قبل وصدق الله العظيم؛ حيث يقول: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].

فيا أيها المؤمنون، لقد شرع الله عز وجل لنا الدين؛ ليصلح لنا حياتنا ونسعد في الدارين، فديننا هو الدين الوحيد الذي يحقِّق السعادة للفرد والمجتمع؛ لأنه الدين الشامل الذي يتلاءم مع الفطرة البشرية؛ لأن الله تعالى هو الذي خلق الكون ويعلم ما يصلحه وما يفسده ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14]، فهل لنا في عودة صادقة إلى هذا الدين؟ هل لنا أن نتمثل هذه المواقف أو هذه المبادئ الموجودة في هذا الدين؟ هل لنا أن نكون دعاة إليه؟ فإن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من الدنيا وما عليها، اللهم أحينا مسلمين، وتوفَّنا مسلمين، واجعلنا من الدعاة إلى سبيلك القويم.

اللهم اهدِنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرِف عنا سيئها لا يصرِف عنا سيئها إلا أنت، اللهم حسِّن أخلاقنا وأعمالنا يا رب العالمين.

اللهم أدِّبنا جميعًا بآداب نبيك، وأعنَّا على ذلك، يا رب العالمين.



 توقيع : حكاية ناي ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
"الشؤون الاسلامية": خطبة الجمعة المقبلة عن أهمية بناء الأسرة في الإسلام حكاية ناي ♔ › ~•₪• الاخبـار العربيـه والعـالميه ~•ـ₪• 1 11-23-2023 02:11 PM
الإسلام دين الأنبياء جميعا (خطبة) حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 1 11-20-2023 10:52 AM
خطبة المسلم على خطبة أخيه عطيه الدماطى › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 1 09-01-2023 10:02 AM
فن وأسلوب التعامل مع الآخرين في ديننا عازف الناي › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 5 12-04-2022 06:57 PM
خطبة الجمعة عرفات وتنزل الرحمات ودروس من خطبة حجة الوداع الشيخ ثروت سويف عازف الناي › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 6 11-17-2022 09:22 PM


الساعة الآن 09:19 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.