الدينار العراقي يفقد 10 % من قيمته منذ نوفمبر .. قلق من ارتفاع أسعار السلع المستوردة
يشهد سعر صرف الدينار العراقي منذ نحو شهرين تقلبات مقابل الدولار، يعزوه خبراء إلى بدء العراق الامتثال لإجراءات دولية على التحويلات المالية بالعملة الصعبة.
وفيما سعر الصرف الرسمي المثبت هو 1470 دينارا، مقابل الدولار الواحد، تراجع سعر الدينار في السوق منذ منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 1600 دينار مطلع الأسبوع، قبل أن يستقر عند نحو 1570، بحسب وكالة الأنباء الرسمية، أي أن العملة العراقية فقدت نحو 10 في المائة من قيمتها.
ولا يعد هذا التراجع ضخما، لكنه بدأ يثير قلق العراقيين من ارتفاع أسعار المواد المستوردة، كالغاز والحنطة على سبيل المثال.
يقول مظهر صالح مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية لـ"الفرنسية"، "إن السبب الجوهري والأساسي" لهذا التراجع "هو قيد خارجي". لكن بعض السياسيين العراقيين يعدون أن الولايات المتحدة تقف خلف هذا التقلب.
في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي أحمد طبقشلي أنه "على عكس الشائعات والمعلومات المغلوطة، لا دليل على وجود ضغط أمريكي على العراق".
في الواقع، يرتبط تقلب الدينار ببدء امتثال العراق لبعض معايير نظام التحويلات الدولي "سويفت" الذي بات ينبغي على المصارف العراقية تطبيقه منذ منتصف نوفمبر للوصول إلى احتياطيات العراق من الدولار الموجودة في الولايات المتحدة.
وليتمكن العراق من الوصول إلى تلك الاحتياطيات التي تبلغ 100 مليار دولار، عليه حاليا التماشي مع نظم "تتطلب الالتزام بأحكام مكافحة غسيل الأموال العالمية، وأحكام مكافحة تمويل الإرهاب، وتلك المرتبطة بالعقوبات، كتلك المطبقة على إيران وروسيا"، وفق طبقشلي. ويضيف أن الأمر يتعلق بدخول العراق "ضمن نظام تحويلات مالي عالمي يتطلب درجة عالية من الشفافية"، لكن ذلك "سبب صدمة" لعديد من المصارف العراقية "لأنها غير معتادة على هذا النظام".
وأوضح مظهر صالح أنه ينبغي على المصارف العراقية حاليا تسجيل "تحويلاتها بالدولار على منصة إلكترونية، وتدقق الطلبات ويقوم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بفحصها وإذا كانت لديه شكوك يقوم بتوقيف التحويل".
ورفض الاحتياطي الفيدرالي منذ بدء تنفيذ القيود، "80 في المائة من طلبات" التحويلات المالية للمصارف العراقية، بحسب صالح، على خلفية شكوك متعلقة بالوجهة النهائية لتلك المبالغ الذي يجري تحويلها، كما قال.
أثر هذا الرفض على عرض الدولار في السوق العراقية، في المقابل تراكم الطلب لكن العرض لم يكن متسقا معه، وبالتالي تراجع سعر الصرف مع تراجع تحويلات المصارف بالدولار.
تحدث البنك المركزي العراقي في بيان له الثلاثاء الماضي عن عودة سعر الصرف إلى ما كان عليه خلال أسبوعين، واصفا "اضطراب أسعار الدولار" بأنه "حالة مؤقتة".
في غضون ذلك، اتخذت السلطات العراقية إجراءات منها تسهيل تمويل تجارة القطاع الخاص بالدولار من خلال المصارف العراقية، وفتح منافذ لبيع العملة الأجنبية في المصارف الحكومية للجمهور لأغراض السفر.
وقرر مجلس الوزراء كذلك "إلزام الجهات الحكومية كافة ببيع جميع السلع والخدمات داخل العراق بالدينار وبسعر البنك المركزي، البالغ 1470 دينارا للدولار الواحد". ويرى مظهر صالح أن "هذه الإجراءات مهمة، لأنها تظهر أن الدولة موجودة لحماية السوق والمواطن"، وتساعد "على صد المشكلة".
على الرغم من تراجع الدينار لا تزال نسبة التضخم ضئيلة، حيث بلغت 5.3 في المائة بوتيرة سنوية في تشرين الأول (أكتوبر) 2022، وفق وزارة التخطيط، لكن المخاوف الفعلية تتعلق بالقدرة الشرائية للسكان.