ابن مليك الحموي (840 - 917 هـ) هو علاء الدين علي بن محمد بن علي بن عبد الله الدمشقي الفقاعي الحنفي، شاعر من العصر المملوكي. ولد بحماة سنة أربعين وثمانمائة، وأخذ الأدب عن الفخر عثمان بن العبد التنوخي وغيره، وأخذ النحو والعروض عن الشيخ بهاء الدين بن سالم، قدم دمشق، فتسبب ببيع الفقاع عند قناة العوني خارج باب الفراديس، ثم تركه، وصار يتردد إلى دروس الشيخ برهان الدين بن عون، وأخذ عنه فقه الحنفية، وصارت له فيه يد طولى، وشارك في اللغة والنحو والصرف، وكان له معرفة بكلام العرب، وبرع في الشعر حتى لم يكن له نظير في فنونه، وجمع لنفسه ديواناً في نحو خمس عشرة كراسة، وخمس المنفرجة، ومدح النبي صلى الله عليه وسلم بعدة قصائد
شعر ابن مليك الحموي
ومن لطائفة قوله:
لم أجعل الفقاع لي حرفة إلا لمعنى حسنك الشاهد
أقابل الواشي بالحد والعا ذل أسقيه من البارد
ومن مشاهير قصائده النبوية :
هل لصب قد غير السقم حاله زورة منكم على كل حاله
يا لقومي من للفتى من فتاة مزجت كأس صدها بالملاله
قلت: إذ مد شعرها لي ظلالاً أسبغ الله لي عليها ظلاله
ليت شعري مع الهوى كيف مالت ولها القد شاهد بالعداله
لست أنسى، وقولها أنت سال قلت: روحي ومهجتي لا محاله
كم محب بدمعه قد أتاها سائلاً، وهي لا تجيب سؤاله
حين أضحى لخدها المسك خالاً قلت: رفقاً بمهجة الصب خاله
رشقتني من لحظها بسهام بعد ما جردت علي نصاله
سالم القلب في الهوى مقلتيها فانثنى قدها يروم قتاله
آه من قدها أما لفؤادي شافع من حديث واش أما له
يا لقومي ما للعذول ومضنى بذل الروح في هواها وماله
إن أنا أحسنت وإن هي أساءت ليس دمعي يرقى على من أساله
عاذل الصب خل عنك ودمعي فعلى الخذ قد كفى ما جرى له
فهي شمس تطلعت من خباها وعليها من البراقع هاله
رأت البدر في الكمال، فأبدت واضحاً بالسنا تريه كماله
حاولت زورتي، فنم عليها قرطها في الدجى ومسك الغلاله
ثم لما أن سلمت اذكرتني عهد من سلمت عليه الغزاله
خاتم الأنبياء والرسل حقاً من أتى بالهدى وأدى الرسالة
لا تقسه بالبحر يوم نوال يعجز البحر أن يضاهي نواله
وإذا ما شكا له الفقر راج قال: لا فقر يختشى وأنا له
يا إمام الهدى، ويا من عليه من طراز الوقار أبهى جلاله
كن شفيعي مما جنيت قديماً زمن اللهو والصبا والجهاله
فعليك الصلاة في كل وقت وزمان مضى، وفي كل حاله
وعلى آلك الكرام وصحب قد سموا بالوفا وصدق المقاله
ما حدا في العراق بالركب حاد ولنحو الحجاز شد رحاله
وله:
رب بدر بات يجلو جهرة نشر راح من لماه معتصر
وعجيب تحت أذيال الدجى اجتماع الشمس عندي والقمر
ومن لطائفه:
يا من به رق شعري وزاد بالنعت وصفه
قد مزق الشعر شاشي والقصد شيء الفه
وكان له صوف عتيق، فقلبه وقال:
قد كان لي صوف عتيق طالما قد كنت ألبسه بغير تكلف
والآن لي قد قال حين قلبته قلبي يحدثني بأنك متلفي
وحكي أنه مر بالمرجة على قوم شرب، وكانوا يعرفونه، فدعوه إلى الزاد، فقعد عندهم يذاكرهم، فبينما هم كذلك إذ جاءهم جماعة الوالي، فأخذوهم وأخذوه معهم، فلما وصلوا إلى القاضي للتسجيل عليهم عرفه القاضي فلامه فقال:
والله ما كنت رفيقاً لهم ولا دعتني للهوى داعيه
وإنما بالشعر نادمتهم لأجل ذا ضمتني القافيه
فخلوا عنه وله:
الطرف يقول: قد رماني القلب والقلب لناظري يقول الذنب
والله لقد عجبت من حالهما هذا دنف ودمع هذا صب
وشعره كله جيد، وكانت وفاته في شوال سنة سبع عشرة وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب الفراديس.