أحيت روسيا الذكرى الثمانين للنصر السوفياتي في معركة ستالينجراد التي شكّلت نقطة تحول رئيسية في الحرب العالمية الثانية ورمزًا للوطنية التي تمسّك بها أكثر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خضمّ هجوم قواته على أوكرانيا.
وجاءت مراسم الاحتفال في وقت تشتدّ المعارك الشرسة بين القوات الروسية والجنود الأوكرانيين في الجمهورية السوفياتية السابقة التي تشهد حربًا منذ قرابة عام جرّاء غزو بدأه الكرملين من أجل «نزع السلاح» و»اجتثاث النازية» من أوكرانيا.
وتُعدّ معركة ستالينجراد (1942-1943) واحدة من المعارك التي سقط فيها أكبر عدد من القتلى في التاريخ، إذ لقي مليونَي شخص تقريبًا من الجانبين حتفهم فيها. وغيّرت هذه المعركة مسار النزاع في الاتحاد السوفياتي الذي كان يشهد حتى ذاك الحين سلسلة من الهزائم، ولا تزال روسيا تمجّد ذكرى هذه المعركة، معتبرة أنها الحدث الذي أنقذ أوروبا من النازية.
ويرتدي النصر في هذه المعركة أهمية رمزية كبيرة، خصوصًا مع اقتراب حلول الذكرى الأولى لبدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير، إذ بدأت موسكو تكثّف تحرّكاتها بعد استيلائها مؤخرًا على مدينة سوليدار بشرق أوكرانيا في أول انتصار لقواتها منذ أشهر طويلة من الهزائم الميدانية.
ولطالما شبّه بوتين مقاومة النازية بالهجوم على أوكرانيا، وقال الجمعة في ذكرى إحياء ضحايا المحرقة: «إن نسيان دروس التاريخ يؤدي إلى تكرار المآسي الرهيبة»، مضيفًا: «تؤكد ذلك الجرائم بحق مدنيين والتطهير العرقي والإجراءات العقابية التي ينظّمها نازيون جدد في أوكرانيا»، وأثارت هذه التصريحات ردودًا قوية، بما فيها ردّ من وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا التي نددت بتصريحات اعتبرتها «مروّعة».
وفي مدينة فولغوغراد التي يقطن فيها نحو مليون شخص على ضفاف نهر فولغا، أُعلن الأربعاء والخميس الماضيين يوما عطلة، وعشية الذكرى الثمانين للنصر في ستالينجراد، دشّنت المدينة تمثالًا نصفيًا لستالين إلى جانب تمثالين لغورغي جوكوف والكسندر فاسيليفسكي القائدين العسكريين المشهورين لدورهما في المعركة.
ومنذ سقوط الاتحاد السوفياتي، كان للسلطات الروسية موقف متناقض تجاه ستالين: فرغم الشجب الرسمي لإرهاب الدولة الذي دبره في ثلاثينيات القرن الماضي حتى وفاته في 1953، لا يزال مدفونًا أمام الكرملين في الساحة الحمراء، ويبجّل كثير من الروس ستالين ويسلطون الضوء على دوره في هزيمة ألمانيا النازية ضد الاتحاد السوفياتي.
واستمرت معركة ستالينغراد، التي بدأت في يوليو 1942 مئتي يوم وليلة وكانت المدينة التي تحوّلت إلى خراب، مسرحًا لقصف جوي ألماني مدمر ولمعارك شوارع شديدة العنف.
وفي الثاني من فبراير، استسلمت قوات المارشال الألماني فريدريش بولوس، محاطة بالجيش الأحمر، وكان هذا الاستسلام الأول للجيش النازي منذ بداية الحرب.
وأُعيد بناء ستالينجراد بالكامل بأمر من السلطات السوفياتية، وتم تغيير اسمها ليصبح فولغوغراد في 1961، أي بعد ثمانية أعوام على وفاة جوزيف ستالين.