الأقمار الاصطناعية عيون من الفضاء على ركام الزلزال
تعمل فرق الإنقاذ في تركيا وسوريا بلا كلل لإسعاف من هم في حاجة للعون أو العثور على ناجين رغم تضاؤل الآمال بعد مضي أسبوع على الزلزال الذي أوقع أكثر من 37 ألف ضحية، وفي السماء وظّفت 17 وكالة فضاء من مختلف دول العالم 257 قمرًا اصطناعيًا للمساهمة في جهود الإغاثة الميدانية خصوصًا من خلال الخرائط، لفهم هذه المهمة، حاورنا ليندا توماسيني خبيرة التطبيقات الفضائية الدولية في المركز الوطني للدراسات الفضائية بفرنسا (CNES).
ورغم تضاؤل الآمال في العثور على ناجين بعد مرور أسبوع على الكارثة التي أودت بحياة أكثر من 37 ألف شخص، وفق آخر إحصائية لوكالة رويترز الثلاثاء، لا تزال فرق الإنقاذ تتمسك بالأمل.
وعلى غرار الجهود الميدانية التي تقوم بها الفرق العاملة على الأرض والتي تلقت دعمًا دوليًا كبيرًا، يعمل العلماء من 17 وكالة فضاء من مختلف دول العالم على جمع البيانات المتعلقة بالزلزال وتقديمها للمنقذين خصوصًا صور الأقمار الاصطناعية وأيضًا الخرائط.
ولتسليط عيون تلك الأقمار على المناطق المنكوبة، قامت هيئة إدارة الكوارث والمخاطر التركية صبيحة الاثنين الماضي عند الساعة 7:04 بالتوقيت المحلي بتفعيل الميثاق الدولي «الفضاء والكوارث الكبرى» حتى يتسنى استغلال تلك الأقمار لإدارة الكارثة، وفق ما هو معمول به حسب ما قال المركز الوطني للدراسات الفضائية بفرنسا (CNES)، وبالنسبة إلى سوريا يضيف نفس المصدر، فقد قامت الأمم المتحدة من جانبها بتفعيل الميثاق عند الساعة 11:29 بالتوقيت المحلي من خلال معهدها للتدريب والبحث (UNITAR).
من جهته، نشر مرصد كوبرنيكوس لمراقبة الأرض والغلاف الجوي التابع للاتحاد الأوروبي الاثنين بعد أسبوع على الزلزال، آخر البيانات التي جمعها حول زلزال تركيا وسوريا بما في ذلك الصور، والخرائط التفصيلية لتصنيف الأضرار.
وقال المركز في بيان على موقعه: إن هذا الزلزال كان قويًا لدرجة أنه تسبب في إحداث تشوهات أرضية ضخمة، وأعلن عن إنشاء مخطط توضيحي باستخدام بيانات الرادار التي حصل عليها القمر الصناعي Copernicus Sentinel-1 في مدار تصاعدي ما بين 28 يناير و9 فبراير، وأوضح بأن «المناطق ذات الإزاحة الأكبر هي تلك القريبة من صدع الأناضول حيث يشير تحليل بيانات الرادار إلى إزاحة على طول خط رؤية القمر الصناعي بحوالى 4 أمتار».
وشكّل زلزال تركيا وسوريا محطة جديدة من محطات التضافر الإنساني لمواجهة الأزمات والكوارث الكبرى، مع تهافت أكثر من دولة على المنطقة للمساهمة بجهود الإغاثة والإنقاذ ومد يد العون للمنكوبين، حتى إن القوى الكبرى المتناطحة في أكثر من بؤرة في العالم، أي الدول الغربية من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى، تناست على ما يبدو لوهلة ما يفرقها ولم تتوان عن الكشف عن صور أقمارها الاصطناعية الخاصة بالكارثة لتميط اللثام عن المزيد حول ما حدث في ذلك اليوم، مثل صور الصدع الذي نجم عن الزلزال.
وفي هذا السياق، نشرت وكالة الفضاء الروسية روسكوزموس في 9 فبرايرة على قناتها في تلغرام، صور أقمارها الاصطناعية لتداعيات الزلزال الذي ضرب تركيا في مدينة إسكندرون، بدورها نشرت وكالة الفضاء الصينية صور قمرها الاصطناعي «تشاوهو-1» وهي تنشر بشكل مستمر المزيد من تلك الصور على حسابها في تويتر.
وتقول ليندا توماسيني: «في الحقيقة، أعتقد أن أهمية الأقمار الاصطناعية تتجسد من خلال تقديمها لرؤية شاملة للكارثة وتأثيراتها، وتكمن قوتها في قدرتها على تقديم معلومات متنوعة لإرشاد خدمات الطوارئ إلى المناطق المتضررة من خلال رسم خرائط الأضرار بسرعة، إجمالا فالأقمار الاصطناعية تقدم لنا بيانات لم نكن لنتمكن من الحصول عليها بوسائط أخرى بما في ذلك الطائرات بدون طيار مثلاً والتي هي محدودة للغاية في هذا المجال، ويمكن استغلال الأقمار الاصطناعية لإدارة مثل هذه الأزمات من خلال الميثاق الدولي للفضاء والكوارث الكبرى، الذي سمح بتوظيف أسطول هائل من الأقمار بلغ 257 قمرًا اصطناعيًا من 17 وكالة فضاء والتي كان في الإمكان استغلالها بسرعة كبيرة لالتقاط الصور، وتوضيح المعلومات المتعلقة بسبل تقديم الدعم والإغاثة».
تضيف: «على الصعيد العلمي وعلى سبيل المثال في حالة زلزال تركيا، لدينا فريق من العلماء الذي تمكنوا من قياس الصدع الذي تسبب في الهزة الأرضية، أود إضافة أن الأقمار الاصطناعية لها دور في مرحلة إعادة الإعمار خلال الأشهر أو السنوات التي تلي الكارثة وليس فقط خلال مرحلة الأزمة، كما توفر الأقمار الاصطناعية معلومات ثمينة حول الاحتياجات المحتملة في مجال إعادة الإعمار والتي ستحتاجها الأطراف المانحة لتحديد الميزانية اللازمة لتنفيذ مشاريعها».