قصّة يوسف عليه السلام
تضمّنت قصة يوسف -عليه السلام- العديد من الأحداث والوقائع، فيما يأتي بيانها بشكلٍ مُجمَلٍ:[٢٤] الرؤيا وكَيْد الإخوة: حاز يوسف -عليه السلام- على قَدْر كبيرٍ من الجمال وحُسن الهيئة، والمكانة الرفيعة في قلب أبيه يعقوب -عليه السلام-، كما أنّ الله -تعالى- اصطفاه وأوحى إليه في المنام؛ فرأى الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً ساجدين له، وأخبر أباه بالرُّؤيا، فأمره بالسكوت، وعدم إخبار إخوته بها، والذين أضمروا في أنفسهم الانتقام منه؛ بسبب إيثار أبيهم له عليهم، فأجمعوا أمرهم على إلقاء يوسف في البئر، فطلبوا من أبيهم أن يأذن لهم في أخذه معهم، وألقوه في البئر بالفِعل، وأخبروا أباهم بأنّ الذئب أكله، وأتَوْا بقميصه وقد جعلوا عليه دماً؛ إشارةً إلى أَكْل الذئب له. يوسف في قصر العزيز: بِيِع يوسف -عليه السلام في سوق مصر بثمن قليلٍ لعزيز مصر بعد أن التقطته إحدى القوافل من البئر حين أرادوا الشُّرب منه، وقد فُتِنت زوجة العزيز بيوسف -عليه السلام-، ممّا أدّى بها إلى مراودته عن نفسه، ودعوته إلى نفسها، إلّا أنّه لم يلتفت إلى ما بَدَرَ منها، وأعرض مؤمناً بالله وحده، أميناً على سيّده، وهرب منها، فإذا به بالعزيز الذي لقيَه عند الباب، فأخبرته امرأته بأنّ يوسف مَن راودها عن نفسها، إلّا أنّ الحَقّ ظهر بأنّها هي مَن راودته؛ استدلالاً بأنّ قميص يوسف قد مُزِّق من الخلف، وقد تكلّمت النسوة عن امرأة العزيز، فأرسلت إليهنّ؛ ليجتمعن عندها، وأعطت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّيناً، ثمّ أمرت يوسف بالخروج عليهنّ، فقطّعنّ أيديهنّ؛ بسبب ما رأينه من حُسن يوسف -عليه السلام-، وجماله، فظهر لهنّ سبب مراودتها إيّاه عن نفسه. يوسف في السجن: مكث يوسف -عليه السلام- في السجن صابراً مُحتسِباً، وكان قد دخل معه إلى السجن غلامان كانا يعملان عند الملك؛ أحدهما في طعامه، والآخر في شرابه؛ وكان الذي يعمل في شراب الملك قد رأى في منامه أنّه يعصر الخمر للمَلك، أمّا الذي كان يعمل في الطعام، فقد رأى أنّه يحمل فوق رأسه طعاماً يأكل الطير منه، وكانا قد قصّا مناميهما على يوسف؛ ليُفسّرهما لهما، فانتهز يوسف -عليه السلام- الفرصة للدعوة إلى دين الله، وتوحيده، وعدم الإشراك به، وبيان نعمة الله عليه بقدرته على تفسير الرؤى، والعلم بالطعام قبل مجيئه، ثمّ فسّر رؤيا عَصْر الخَمْر بالخروج من السجن وسقاية الملك، أمّا رؤيا أكل الطير؛ فقد فسّرها بالصَّلْب وأَكْل الطير من الرأس، وكان يوسف قد طلب ممّن سيخرج من السجن أن يذكره أمام الملك، إلّا أنّه نسي ذلك، فمكث في السجن مدّةً لا تقلّ عن ثلاث سنواتٍ. تفسير يوسف لرُؤيا الملك: رأى الملك في منامه أنّ سبع بقرات هزيلاتٍ يأكلنَ سبعاً سميناتٍ، ورأى سبع سنابل خضراء ومثلهنّ يابساتٍ، فأخبر الملك الملأ عنده بما رأى، إلّا أنّهم لم يستطيعوا تفسير رؤياه، فتذكّر ساقي الملك الذي نجا من السجن يوسف -عليه السلام-، فأخبر الملك بعِلمه في تفسير الرُّؤى، وأُخبِر يوسف برؤيا الملك، وطُلِب منه تفسيرها، وفسّرها، ثمّ طلب المِلك لقاءه، إلّا أنّه رفض إلى حين ثبوت عِفّته وطهارته، فأرسل المِلك إلى النسوة اللواتي اعترفن مع امرأة العزيز بما بَدَرَ منهنّ، ثمّ فسّر يوسف -عليه السلام- رُؤيا الملك بالخِصب الذي يصيب مصر سبع سنواتٍ، ثمّ مثلهنّ من الجدب، ثمّ الرخاء الذي يَعمّ بعد الجدب، وبيّن لهم أنّ عليهم تخزين الفاضل عن حاجتهم إلى سنوات الجدب والقحط. التمكين ليوسف في الأرض ولقاؤه بإخوته وأبيه: جعل ملك مصر يوسف -عليه الصلاة والسلام- وزيراً على خزائن الأرض، وكان أهل مصر قد أعدّوا العدّة لسنوات الجَدب، فكان أهل البلاد يأتون غلى مصر؛ ليحصلوا على ما يكفيهم من الطعام، وكان من الذين أَتَوا إلى مصر إخوة يوسف الذين عَرَفهم، إلّا أنّهم لم يعرفوه، وطلب منهم مقابل الطعام أخاً لهم، ومنحهم الطعام بلا ثمنٍ على أن يأتوا بأخيهم، فعادوا وأخبروا أباهم بأنّ الوزير لن يمنحهم الطعام ثانيةً إلّا إذا أحضروا إليه أخاهم، وأخذوا على أنفسهم عهداً بأن يُعيدوا أخاهم إليه مرة أخرى، فأوصاهم والدهم بالدخول على الملك من أبواب مُتفرّقةٍ، وذهبوا إلى يوسف مرّةً أخرى ومعهم أخوهم، ثمّ جعل يوسف كأس الملك في رِحالهم؛ كي يستطيع إبقاء أخيه عنده، فاتُّهِموا بالسرقة، وادّعوا هم بدورهم براءتهم، إلّا أنّ كأس الملك كان في رِحال أخيهم، فأخذه يوسف، وطلب منه إخوته أن يأخذ غيره، إلّا أنّه رفض، ورجع الإخوة إلى أبيهم، وأعلموه بما جرى معهم، وعادوا إلى يوسف مرّةً أخرى؛ راجين منه التصدُّق عليهم؛ بإطلاق سراح أخيهم، فذكّرهم بما كان من فِعلهم معه، فعرفوه، وطلب منهم العودة وإحضار والدَيه، وأعطاهم قميصاً له؛ ليُلقوه على أبيهم؛ فيستعيدَ بَصَره، ثمّ أتى والداه وإخوته إليه، وخرّوا ساجدين له، وبذلك تحقّقت رُؤيا يوسف -عليه السلام- التي رآها وهو صغيرٌ.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|